الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الرابع عشر
409 -
عَنْ عَبْدِ اللَّه بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: أَجْرَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا ضُمِّرَ مِنَ الخَيْلِ مِنَ الحَفْيَاءَ إِلَى ثَنِيَّةِ الوَدَاعِ، وَأَجْرَى مَا لَمْ يُضَمَّرْ مِنَ الثَّنِيَّةِ إِلَى مَسْجدِ بَنِي زُريقٍ. قَالَ ابنُ عُمَرَ: وَكُنْتُ فِيمَنْ أَجْرَى.
قَالَ سُفْيَانُ: مِنَ الحَفْيَاءَ إِلى ثَنِيَّةِ الوَدَاعِ خَمْسَةُ أَمْيَالٍ أَوْ سِتَّةٌ، وَمِنْ ثَنِتةِ الوَدَاعِ إِلَى مَسْجدِ بَنِي زُرَيْقٍ مِيلٌ (1).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (410)، كتاب: المساجد، باب: هل يقال: مسجد بني فلان، و (2713)، كتاب: الجهاد والسير، باب: السبق بين الخيل، واللفظ له، و (2715)، باب: غاية السبق للخيل المضمرة، و (6905)، كتاب: الاعتصام بالكتاب والسنة، باب: ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحض على إنفاق أهل العلم، ومسلم (1870)، كتاب: الإمارة، باب: المسابقة بين الخيل وتضميرها، وأبو داود (2575)، كتاب: الجهاد، باب: في السبق، والنسائي (3583)، كتاب: الخيل، باب: غاية السبق التي لم تضمر، و (3584)، باب: إضمار الخيل للسبق، والترمذي (1699)، كتاب: الجهاد، باب: ما جاء في الرهان والسبق، وابن ماجه (2877)، كتاب: الجهاد، باب: السبق والرهان. =
* الشرح:
المرادُ بالإجراء هنا: المُسَابَقَةُ بين الخيل.
وتضميرُ الفرس: أن يعلفَه (1) حتى يسمَنَ، ثم يردّه إلى القوت (2)، وذلك في أربعين يومًا، وهذه المدة تسمَّى: المِضْمار (3)، والموضعُ الذي تُضَمَّر فيه يسمى أيضًا: مضمارا (4) وهو بيتٌ كَنِينٌ تُجَلَّلُ فيه لتعرقَ، ويجفَّ (5) عرقها فيخفَّ لحمُها، وتقوَى على الجري، هكذا قاله أهل اللغة (6).
= * مصَادر شرح الحَدِيث:
"معالم السنن" للخطابي (2/ 254)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (5/ 137)، و"عارضة الأحوذي" لابن العربي (7/ 188)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (6/ 284)، و"المفهم" للقرطبي (3/ 700)، و"شرح مسلم" للنووي (13/ 14)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 239)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1702)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: 361)، و"التوضيح" لابن الملقن (17/ 552)، و"فتح الباري" لابن حجر (6/ 71)، و"عمدة القاري" للعيني (4/ 158)، و"كشف اللثام" للسفاريني (7/ 224)، و"سبل السلام" للصنعاني (4/ 70)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (8/ 238).
(1)
في "ت" زيادة: "لا".
(2)
في "ت": "القوة".
(3)
في "ت": "الضمار".
(4)
انظر: "الصحاح" للجوهري (2/ 722)، (مادة: ضمر).
(5)
في "خ": "يخف".
(6)
انظر: "النهاية في غريب الحديث" لابن الأثير (3/ 99).
والحَفْياء: بفتح الحاء المهملة وسكون الفاء بعدها المثناة تحت بعدها همزة ممدودة، وحُكي فيها القصر، والحاء مفتوحة بلا خلاف.
قال صاحب "المطالع": وضبطَهُ بَعْضُهم بضم الحاء، وهو خطأ.
ح: قال الحازميُّ في "المؤتلف": ويقال فيها أيضًا: الحَيْفاء -بتقديم الياء على الفاء-، والمشهورُ المعروفُ في كتب الحديث وغيرها (1): الحفياء.
وثَنِيَّةُ الوداع: بفتح المثلثة بعدها نون مكسورة بعدها المثناة تحت المشددة، والوَداع: بفتح الواو.
وزُرَيْق: بتقديم الزاي المعجمة المضمومة، وفتح الراء المهملة، مصغَّر، مثل: حجير.
فيه: دليلٌ على قول: مسجد فلان، ومسجد بني فلان، وقد ترجم له البخاري بهذه الترجمة (2).
وهذا الحديث أصلٌ في مشروعية المسابقة بين الخيل من حيثُ الجملة.
وقد اختلف العلماء: هل هي مباحة، أم (3) مستحبة؟
والشافعيُّ يقول (4) باستحبابها، ولم أر لأصحابنا في ذلك نصًّا
(1) في "خ": "وغيره".
(2)
انظر: "شرح مسلم" للنووي (13/ 14).
(3)
في "ت": "أو".
(4)
في "ت": "والشافعية يقولون".
صريحًا، أعني: الاستحباب.
وأمّا أحكامُها، فنحن نبين مذهبَنَا في ذلك، فنقول: المسابقة من العقود الملازمة (1)؛ كالإجارة، يشترط فيها ما يُشترط في عِوَضِ الإجارة، وليس من شرط العِوَضِ الاستواءُ من الجانبين، وإنْ كانت جائزة بغير عوض بلا خلاف، ولها صور ثلاث:
الأولى: أن يجعل الوالي أو غيرُه مالًا للسابق، فهذه جائزة مباحةٌ (2) بلا خلاف.
والثانية: أن يخرجه أحدُ المتسابقين، فإن كان المخرِجُ لا يعود إليه المخرَج، بل إن سبق، أخذه السابقُ، وإن سُبق، كان لمن يليه، أو للحاضرين إن لم يكن معهما غيرهما، فذلك جائز أيضًا.
والثالثة (3): أن يُخرج كلَّ واحد منهما (4) شيئًا، فمن سبق منهم، أخَذَهُ، فإن لم يكن معهما غيرُهما، فلا يجوز، قولًا واحدًا، وإن كان معهما (5) مَنْ لا يأمنان أن يسبقهما، فإن سبقَ، غنمَ، وإن سُبق، لا يَغْرم، فالمشهورُ عن مالك: منعُ ذلك، وأجازه سعيدُ بنُ المسيب، وابنُ شهاب.
(1) في "ت": "اللازمة".
(2)
في "ت": "مباح".
(3)
في "ت": "والثالث".
(4)
في "خ": "منها".
(5)
في "خ": "معهم".
قال ابنُ المواز: وهو الذي يختاره، وهو قياسُ قولِ مالك الآخر: أنه يحوزُ سبقَه.
ولها شروط: وهي إعلام الغاية، وتبيين (1) الموقف، إلا أن يكون لأهل المكان سنّة في ذلك، فيعمل عليها (2)، ولا ينبغي أن يتعدَّى الغاية المذكورة في الحديث، ومعرفةُ أعيانِ الخيل، ولا يُشترط معرفةُ جَرْيها، ولا مَنْ يركب عليها، ولكن لا يُحمل عليها إلا مُحتلم، وكره مالكٌ حملَ الصبيان عليها (3).
إذا ثبت هذا، فكلُّ ما تقدَّمَ من أحكام المسابقة فهو بين الخيل والركاب، أو بينهما، وهو المراد بقوله عليه الصلاة والسلام:"في عِوَضٍ"، فيجوز فيه المسابقةُ (4) إذا كان مما يُنتفع به في نكاية العدو، ونفعِ المسلمين، فيدخل في ذلك المسابقةُ بين السّفن، وبين (5) الطير إذا كان الخبر لا يصل بسُرْعة؛ للنفع به، وأما لطلب المغالبة، فقمارٌ، ومِنْ فِعْلِ أهلِ الفسق.
وتجوز المسابقةُ على الأقدام، وفي رمي الحجار (6)، ويجوز
(1) في "خ": "وتبين".
(2)
في "ت": "سنة فيعمل على ذلك".
(3)
"عليها" ليس في "ت".
(4)
"في عوض. فيجوز فيه المسابقة" ليس في "ت".
(5)
"بين" ليست في "ت".
(6)
في "ت": "الحجارة".
الصِّراعُ، كلُّ ذلك إذا قُصد به الانتفاعُ، والارتياضُ للحرب، جاز بغير عوض في جميعه (1)، واللَّه الموفق.
وقولُ سفيان: خمسةُ أميال، أو ستةٌ.
ح: وقال موسى بنُ عقبةَ: ستةُ أميال، أو سبعة (2).
قلت: والمِيلُ: عشرُ غِلاء، والغَلْوَةُ: طلقُ الفرس، وهو مئتا ذراع، ففي الميل ألفُ باع، قيل: من أبواع الدواب، وقيل: ألفا ذراع، وهذا قولُ ابنِ حبيب من أصحابنا.
وقال غيره: الميلُ: ثلاثةُ آلافِ ذراع، وخمسُ مئة ذراع.
قال ابنُ عبدِ البرّ: وهو أصحُّ ما قيل فيه، قاله ع.
وأما الفَرْسَخ، فثلاثة أميال، والبَرِيد: اثنا عشر ميلًا (3)، واللَّه أعلم.
* * *
(1) وانظر: "الذخيرة" للقرافي (3/ 465).
(2)
انظر: "شرح مسلم" للنووي (13/ 14).
(3)
وانظر: "الذخيرة" للقرافي (2/ 359).