الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثاني
366 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، (1) قَالَتْ: دَخَلَتْ هِنْدٌ بِنْتُ عُتْبَةَ امْرَأَةُ أَبِي سُفْيَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ شَحِيحٌ، لَا يُعْطِيني مِنَ النَّفَقَةِ مَا يَكْفِيني وَيَكْفِي بَنِيَّ، إِلَّا مَا أَخَذْتُ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ، فَهَلْ عَلَيَّ في ذَلِكَ مِنْ (2) جُنَاحٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:"خُذِي مِنْ مَالِهِ بِالمَعْرُوفِ مَا يَكْفِيكِ وَيَكْفِي بَنِيكِ"(3).
(1) في "ت" زيادة: "أنها".
(2)
"من" ليس في "ت".
(3)
* تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (2097)، كتاب: البيوع، باب: من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون بينهم، و (2328)، كتاب: المظالم، باب: قصاص المظلوم إذا وجد مال ظالمه، و (3613)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: ذكر هند بنت عتبة بن ربيعة رضي الله عنها، و (5044)، كتاب: النفقات، باب: نفقة المرأة إذا غاب عنها زوجها، ونفقة الولد، و (5049)، كتاب: النفقات، باب: إذا لم ينفق الرجل، فللمرأة أن تأخذ بغير علمه ما يكفيها وولدها بالمعروف، و (5055)، باب: نفقة المعسر على أهله، و (6265)، كتاب: الأيمان والنذور، باب: كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم، و (6742)، كتاب: الأحكام، باب: من رأى للقاضي أن يحكم =
* الشرح:
فيه: ما تقدم من جواز سماع المفتي كلامَ المرأة.
وفيه: جوازُ ذكرِ بعض الأوصاف المذمومة في الغائب عن المجلسِ للضرورة، على ما تقدم تقريرُه في (1) كتاب: النكاح، في حديث:"لَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ".
وقولها: "رجل شحيح": يقال: شَحِيحٌ، وشَحَاحٌ، بفتح الشين.
قال الجوهري: والشُّحُّ (2): البُخْلُ مع حرصٍ.
= بعلمه في أمر الناس إذا لم يخف الظنون والتهمة، و (6758)، باب: القضاء على الغائب، ومسلم (1714/ 7)، واللفظ له، و (1714/ 8، 9)، كتاب: الأقضية، باب: قضية هند، وأبو داود (3532، 3533)، كتاب: الإجارة، باب: في الرجل يأخذ حقه من تحت يده، والنسائي (5420)، كتاب: آداب القضاة، باب: قضاء الحاكم على الغائب إذا عرفه، وابن ماجه (2293)، كتاب: التجارات، باب: ما للمرأة من مال زوجها.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"إكمال المعلم" للقاضي عياض (4/ 564)، و"المفهم" للقرطبي (5/ 159)، و"شرح مسلم" للنووي (12/ 7)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 164)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1554)، و"التوضيح" لابن الملقن (26/ 37)، و"فتح الباري" لابن حجر (9/ 508)، و"عمدة القاري" للعيني (12/ 17)، و"كشف اللثام" للسفاريني (6/ 450)، و"سبل السلام" للصنعاني (3/ 218)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (7/ 131).
(1)
في "ز" زيادة: "في بعض الكلام".
(2)
في "ز" زيادة: "هو".
ع: والشحُّ عندهم في كل شيء، وهو أَعَمُّ من البخل، وقيل: الشحُّ لازمٌ كالطبع (1).
قال الجوهري: يقال: شَحِحْتَ -بالكسر- تشَحُّ، وشَحَحْتَ -بالفتح (2) - تَشُحُّ وتَشِحُّ (3).
وقوله عليه الصلاة والسلام: "خذي من ماله" إلى آخره: استدل به بعضُهم على جواز الحكم على الغائب (4)، ووُهِّمَ؛ لأن هذا من باب الفتوى، لا من باب الحكم؛ إذ الحكم يشترط فيه إثباتُ السببِ المسلط على الأخذ من مال الغريم، ولا يحتاج إلى ذلك في الفتوى.
ق: وربما قيل: إن أبا سفيان كان حاضرًا في البلد، ولا يُقضى على الغائب الحاضرِ في البلد مع إمكان إحضاره، وسماعِه للدعوى (5) عليه، في المشهور من مذهب الفقهاء، فإن ثبت أنه كان حاضرًا، فهو وجهٌ يبعد الاستدلالَ عند الأكثرين من الفقهاء، وهذا يبعُد ثبوته، إلا أن يؤخذ بطريق الاستصحاب لحال حضوره فيه (6).
(1) انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 567).
(2)
"بالفتح" ليس في "ز".
(3)
انظر: "الصحاح" للجوهري (1/ 378)، (مادة: شحح).
(4)
من قوله: "عن المجلس ضرورة. . . " إلى هنا ليس في "ت".
(5)
في "ت": "الدعوى".
(6)
"فيه" ليس في "ز" و"ت".
وفيه: دليلٌ على مسألة الظفرِ بالحقِّ وأخذِه من مراجعة مَنْ هو عليه، ولم يدل (1) الحديث على كونها من جنس الحق، ولا من غيره (2).
وهو أحدُ الأقوال عندنا؛ فإنه قد رُوي عن مالك: أن له أخذَ مقدار دَينه من الجنس، إن كان الغريمُ غيرَ مِدْيان، أو مقدارَ ما يخصُّه لو حاصَصَ بدَينه إن كان مِدْيانًا.
ورُوي: ليس له ذلك، لا من الجنس، ولا من غيره، على أَيِّ تقديرٍ كان.
قلت: ووجهُه (3): قوله عليه الصلاة والسلام: "أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ"(4)، وأظنه المشهورَ من المذهب.
وروي: أن له ذلك، وإن كان من غير جنسه، يتحرَّى فيه، ويأخذ مقدارَ ما يستحق.
قلت: ووجْهُهُ (5) حديثُ هندٍ هذا على ما تقدم (6)، وفيه نظر، فإن
(1) في "ت": "يؤول".
(2)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 164).
(3)
في "ت": "ووجه".
(4)
رواه أبو داود (3535)، كتاب: الإجارة، باب: في الرجل يأخذ حقه من تحت يده، والترمذي (1264)، كتاب: البيوع، باب:(38)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وقال: حسن غريب. وانظر: "التلخيص الحبير" لابن حجر (3/ 97).
(5)
في "ت": "ووجه".
(6)
في "ت": "ما نعلم".
حقَّها وحقَّ بنيها غيرُ متعينِ (1) الجنس ولابدَّ، فلا يحسُن الاستدلالُ به على ذلك، واللَّه أعلم، واختاره القاضيان: أبو الحسن، وأبو بكر.
قال أصحابنا: ولو جحدَ مَنْ عليه الحقُّ، وله على المستحق مثلُه، والحقان حالَّان، جاز له أن يجحدَ على الرواية الأولى و (2) الأخيرة، ويحصل التقاصُّ.
وفيه: دليلٌ لما نقوله من عدم تقدير النفقة بمقدار معينٍ، وإنما هي على قدر الكفاية، خلافًا لمن جعلها مقدَّرةً؛ لقوله عليه الصلاة والسلام:"خُذِي (3) (4) بالمعروفِ" الحديث.
ق: وفيه: دليلٌ على تصرُّف (5) المرأةِ في نفقة ولدِها في الجملة.
وقد يستدل به مَنْ يرى (6) أن للمرأة ولايةً على ولدها من حيثُ إن صرفَ المال إلى المحجور (7) عليه، أو تمليكَه له (8) يحتاجُ إلى ولاية.
قال: وفيه نظر؛ لوجود الأب، فيحتاج إلى الجواب عن هذا
(1) في "ز": "معين".
(2)
الواو ليست في "ت".
(3)
في "ت": "فخذي".
(4)
في "ت" زيادة: "من ماله".
(5)
في "ت": "تصديق".
(6)
في "ت": "يقول".
(7)
في "ت": "المجحود".
(8)
"أو تمليكه له" ليس في "ت".
التوجيه المذكور، فقد (1) يقال: إن تعذر استيفاء الحقِّ من الأب، أو غيره (2) مع تكرر الحاجة دائمًا يجعلُه كالمعدوم، وفيه نظر أيضًا (3)، واللَّه أعلم.
* * *
(1) في "ت": "وقد".
(2)
في "خ": "عسره".
(3)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 164).