الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث العاشر
405 -
عَنْ عبد اللَّه بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إِذَا جَمَعَ اللَّهُ الأَوَّلينَ وَالآخِرِينَ، يُرْفَعُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ، فَيُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ"(1).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (3016)، كتاب: الجزية، باب: إثم الغادر للبر والفاجر، و (5823، 5824)، كتاب: الأدب، باب: ما يدعى الناس بآبائهم، و (6565)، كتاب: الحيل، باب: إذا غصب جارية، فزعم أنها ماتت. .، و (6694)، كتاب: الفتن، باب: إذا قال عند قوم شيئًا، ثم خرج فقال بخلافه، ومسلم (1735/ 9)، واللفظ له، و (1735/ 10، 11)، كتاب: الجهاد والسير، باب: تحريم الغدر، وأبو داود (2756)، كتاب: الجهاد، باب: في الوفاء بالعهد، والترمذي (1581)، كتاب: السير، باب: ما جاء أن لكل غادر لواء يوم القيامة.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"إكمال المعلم" للقاضي عياض (6/ 39)، و"المفهم" للقرطبي (3/ 520)، و"شرح مسلم" للنووي (12/ 43)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 235)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1694)، و"التوضيح" لابن الملقن (18/ 662)، و"فتح الباري" لابن حجر (6/ 284)، و"عمدة القاري" للعيني (15/ 106)، و"كشف اللثام" للسفاريني (7/ 198).
* الشرح:
الغدر في اللغة: تركُ الوَفاء، يقال: غدرَ به، فهو (1) غادِرٌ (2).
واللواءُ: بالمد، جمعه أَلْوِيَة.
قال الجوهريُّ: وهي المَطَارِدُ، وهي دونَ الأَعلامِ والبُنود (3).
فيه: تعظيمُ أمرِ الغَدْر في الحروب وغيرِها، هذا ظاهره، أما في الحرب، فَبِأَن يتقدمها أمانٌ ونحوُه، أو حيث يجب [تقدم] الدعوةُ، أو حيث يُقال بوجوبها، قاله ق (4)(5).
وفيه نظر، أعني: إطلاقَ الغدر على ترك الدعوة من حيثُ العُرف، أو من حيثُ اللغةُ إذا (6) فسّرناه بترك الوفاء؛ كما تقدم نقلُه عن أهل اللغة، إذ الوفاءُ -في الغالب- فرعٌ عن (7) ثبوتِ المعاهدة، قال اللَّه تعالى:{وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّه} [التوبة: 111]، ويقال: أوفى (8) له بعهده، وما وفى له بعهده (9)، فهذا كله يعطي تقدُّمَ عهدٍ، أو معاهدةٍ بين
(1) في "ت" زيادة: "من".
(2)
انظر: "الصحاح" للجوهري (2/ 766)، (مادة: غدر).
(3)
المرجع السابق، (6/ 2486)، (مادة: لوى).
(4)
"ق": بياض في "ت".
(5)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 235).
(6)
"اللغة إذا" ليس في "ت".
(7)
"عن" ليست في "خ".
(8)
في "ت": "وفى".
(9)
"وما وفى له بعهده" ليس في "ت".
العدوّ وبين من دهمهم حتى يقال فيهم (1): إنهم تركوا (2) الوفاء لهم.
وقد اصطلح جماعةٌ من المصنفين على تخصيص الغدر في مثل هذا بالحرب، وليس هو عندي أيضًا كذلك، بل يكون في الحرب وغيرِه بالنسبة إلى كل معاهد لم يُوَفَّ له بعهده، فإنه يقال فيه: غَدَرَه (3)؛ لأن ذلك ترك الوفاء بعينه المفسّر به الغدر، وهو -أيضًا- ظاهرُ الحديث من حيث العموم، فمن ادَّعى تخصيصَه، احتاج إلى دليل يدلُّ عليه.
ق: وقد عوقب الغادر بالفضيحة العُظمى، وقد يكون ذلك من باب مقابَلَة الذنب بما يثاسب ضدَّه في العقوبة؛ فإن الغادرَ أخفى غدرَه، فعوقب بنقيضه، وهو شهرتُه على رؤوس الأشهاد.
وفي هذا اللفظ المرويِّ هاهنا ما يدل على شهرة الناس، والتعريف بهم يوم القيامة، بالنسبة إلى آبائهم، خلاف ما حكي أن الناس يُدْعون في القيامة بالنسبة إلى أمهاتهم (4).
قلت: ليس في هذا الحديث ما يدلُّ على تعريف جملةِ الناسِ بآبائهم حتى يكون معارِضًا لذلك الحديث الآخَر، وأنهى ما فيه: أن يكون عامًا مخصوصًا، مع أن هؤلاء المخصوصين بالنسبة إلى آبائهم،
(1)"فيهم" ليس في "ت".
(2)
"تركوا" ليس في "خ".
(3)
في "ت": "غادر".
(4)
المرجع السابق، الموضع نفسه.
لم ينادَوْا (1)، وإنما أُضيف الغدرُ إليهم، فلعلَّ الحديث العامَّ مخصوصٌ بالنداء؛ كما هو ظاهرُه، أو نصُّه، واللَّه أعلم.
* * *
(1)"لم ينادوا" ليس في "ت".