الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث السابع
(1)
376 -
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَخَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْتَ مَيْمُونَةَ، فَأُتِيَ بِضَبٍّ مَحْنُوذٍ، فَأَهْوَى إِلَيْهِ
(1) كذا في "خ": "الحديث السابع"، وفي "ت":"الحديث السادس"، وهو خطأ؛ والصواب ما في النسخة "خ"؛ إذ إنه سقط شرح الحديث السادس وهو ما ساقه المصنف رحمه الله قبل هذا عن أبي ثعلبة رضي الله عنه قال: حرَّم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لحومَ الحُمَرَ الأهليَّة.
قلت: ولم ينبه إليه ابن الملقن في "الإعلام بفوائد عمدة الأحكام"، كما هي عادته رحمه اللَّه تعالى.
قلت: وقد روى حديث أبي ثعلبة رضي الله عنه: البخاري (2506)، كتاب: الذبائح والصيد، باب: لحوم الحمر الإنسية، ومسلم (1936)، كتاب: الصيد والذبائح، باب: تحريم أكل لحوم الحمر الإنسية، والنسائي (4342)، كتاب: الصيد والذبائح، باب: تحريم أكل لحوم الحمر الأهلية.
قال السفاريني رحمه الله في "كشف اللثام"(6/ 538) في قوله أبي ثعلبة: "حرم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لحوم الحمر الأهلية": هذا تصريح بما أفهمه كل واحد من حديث جابر، وعبد اللَّه بن أبي أوفى رضي الله عنهما؛ لأن النهي المطلق، وإن كان يفيد التحريم عند الأئمة الأربعة وغيرهم، إلا أن بعض العلماء زعم أنها تكون بين التحريم والكراهة، فتكون من المجمل، وقيل: تكون للقدر المشترك بين التحريم والكراهة، فتكون حقيقة في كلٍّ منهما.
وقيل بالوقف؛ لتعارض الأدلة. =
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ، فَقَالَ بَعْضُ النِّسْوَةِ (1) الَّلاتِي فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ: أَخْبِرُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا يُرِيدُ أَنْ يَأْكُلَ، فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ، فَقُلْتُ: أَحَرَامٌ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لَا، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِي، فَأَجِدُنِي أَعَافُهُ"، قَالَ خَالِدٌ: فَاجْتَرَرْتُهُ فَأَكْلُتُهُ، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَنْظُرُ (2).
المحنوذ: المشويُّ بالرَّضْف، وهي الحجارة المُحمَّاة.
= وانظر في مصادر شرح حديث أبي ثعلبة: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (6/ 379)، و"المفهم" للقرطبي (5/ 224)، و"فتح الباري" لابن حجر (9/ 654)، و"عمدة القاري" للعيني (21/ 129)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (8/ 289)، و"كشف اللثام" للسفاريني (6/ 537).
(1)
في "ت": "النساء".
(2)
* تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (5076)، كتاب: الأطعمة، باب: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يأكل حتى يسمَّى له، فيعلم ما هو، و (5085)، باب: الشواء، و (5217)، كتاب: الذبائح والصيد، باب: الضب، ومسلم (1945)، كتاب: الصيد والذبائح، باب: إباحة الضب، وأبو داود (3794)، كتاب: الأطعمة، باب: في أكل الضب، والنسائي (4316، 4317)، كتاب: الصيد والذبائح، باب: الضب، وابن ماجه (3241)، كتاب: الصيد، باب: الضب.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"معالم السنن" للخطابي (4/ 246)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (8/ 490)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (6/ 386)، و"المفهم" للقرطبي (5/ 231)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 189)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1600)، و"فتح الباري" لابن حجر (9/ 663)، و"عمدة القاري" للعيني (21/ 45)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (8/ 293).
* الشرح:
الحديثُ نصٌّ في إباحة أكل الضَّبِّ من غير كراهة من وجهين:
أحدهما: قوله عليه الصلاة والسلام: "لا" في جواب: "أحرام هو؟ ".
والثاني: تقريرُه عليه الصلاة والسلام على أكله، وهو عليه الصلاة والسلام (1) - لا يُقِرُّ على حرام، ولا مكروهٍ.
ولا خلافَ فيه، إلا ما حُكي عن أصحاب أبي حنيفة من كراهته، وإلا ما حكاه ع عن قوم: أنهم قالوا بتحريمه (2).
ح: ولا أظنه يصح (3)، وإن صح، فهو محجوجٌ بالنصوص والإجماع قبلَه (4).
ومعنى: "أَعافُه": أكرهه تَقَذُّرًا، هكذا قال أهلُ اللغة.
وأكلُ خالدٍ له من غيرِ استئذانٍ من باب الإدلالِ، والأكلِ من بيت القريب والصديق الذي لا يكرهُ ذلك (5)؛ لأن ميمونةَ هي خالةُ خالد، والبيتُ بيتُ صديقِه رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلا (6) يفتقر إلى استئذانٍ، لاسيما
(1)"على أكله، وهو عليه الصلاة والسلام" ليس في "ت".
(2)
انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (6/ 387).
(3)
"يصح" ليس في "ت".
(4)
انظر: "شرح مسلم" للنووي (13/ 99).
(5)
"ذلك" ليس في "ت".
(6)
في "ت": "فلم".
والمُهدِيَةُ خالتُه (1).
بل ذلك في مقتضى العادة؛ جبرًا لقلب المُهدِي، وتطييب له، وتركُه كسرٌ له، وتشويشٌ لخاطره.
وفيه: دليل على الإعلام بما يُشك في أمره، والبحثِ عنه حتى يتضحَ الحكمُ (2) فيه، فإن كان يمكن أَلَّا يعلمَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عينَ ذلك الحيوان، وأنه ضبٌّ، فقصدوا الإعلامَ بذلك؛ ليكونوا على يقين من إباحته إن أكلَه، أو أقرَّ على أكله.
ق: وفيه: دليلٌ على أن ليس مطلقُ النُّفرةِ، وعدم الاستطابة دليلًا على التحريم، بل أمر مخصوص من ذلك، إن قيل بأن (3) ذلك من أسباب التحريم؛ أعني: الاستحبابَ كما يقوله الشافعي رحمه الله (4).
* * *
(1) المرجع السابق، (13/ 97، 99).
(2)
"الحكم" ليس في "ت".
(3)
في "ت": "بل".
(4)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 189).