الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثامن
339 -
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلًا عَضَّ يَدَ رَجُلٍ، فَنَزَعَ يَدَهُ مِنْ فِيهِ، فَوَقَعَتْ ثَنِيَّتَاهُ، فَاخْتَصَمُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"يَعَضُّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ كَمَا يَعَضُّ الفَحْلُ؟! لَا دِيَةَ لَكَ"(1).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (6497)، كتاب: الديات، باب: إذا عضَّ فوقعت ثناياه، ومسلم (1673/ 18)، كتاب: القسامة، باب: الصائل على نفس الإنسان أو عضوه، والنسائي (4758 - 4762)، كتاب: القسامة، باب: القود من العضة، والترمذي (1416)، كتاب: الديات، باب: ما جاء في القصاص، وابن ماجه (2657)، كتاب: الديات، باب: من عض رجلًا فنزع يده فندر ثناياه.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 470)، و"المفهم" للقرطبي (5/ 31)، و"شرح مسلم" للنووي (11/ 160)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 153)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1439)، و"التوضيح" لابن الملقن (31/ 377)، و"فتح الباري" لابن ججر (12/ 220)، و"عمدة القاري" للعيني (24/ 52)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (10/ 58)، و"كشف اللثام" للسفاريني (6/ 1730)، و"سبل السلام" للصنعاني (3/ 262)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (7/ 171).
* الشرح:
اختُلف في المعضوض إذا نزعَ يدَه من فم العاضِّ، فانتشر (1) بعضُ أسنانه:
فالمشهورُ عندنا: أنه ضامنٌ.
وقال بعضُ أصحابنا: لا ضمانَ عليه.
وبالتضمين (2) قالَ الشافعيُّ رحمه الله فيما نقلَ عنه الإمامُ.
قال الإمام: وبعض (3) المحققين من شيوخنا: إنما (4) ضمَّنَه مَنْ ضَمَّنه من أصحابنا؛ لأنه يمكنهُ النزعُ بالرفق حتى لا تنقلعَ أسنانُ العاضِّ، فإذا زادَ على ذلك، صار متعديًا في الزيادة، فضمنَ، وحملوا الحديث (5) على مَنْ لم يمكنه النزعُ إلا بذلك النزعِ الذي أَدَّى إلى سقوط الأسنان.
وقال بعضهم: لعلَّ أسنانه كانت متحركة عقبَ (6) النزع.
وهذا التأويل بعيدٌ من ظاهر الحديث.
وكذلك اختلفوا في الجَمَل إذا صالَ على رجل، فدفعه عن نفسه، فقتلَه، هل يضمنُ، أم لا؟
(1) في "ت": "فانتثر".
(2)
في "ت": "وبالضمان".
(3)
في "خ": "وقال بعض".
(4)
في "ت": "إنه".
(5)
"الحديث" ليس في "ت".
(6)
في "ت": "عند".
وبنفي التضمين قلنا نحن، والشافعيُّ.
وبإثباته قال أبو حنيفة.
والحجةُ لنفي التضمين: أنه مأمورٌ بالدفع عن نفسه، ومن فعلَ ما أُمر به، لم يكن متعدِّيًا ومَنْ ليسَ بمتعدٍّ، فلا يضمن في مثل هذا، وقياسًا على ما لو قتلَ عبدًا في مدافعته إياه عن نفسه.
ومن (1) أثبتَ الضمانَ رأى أنه أحيا نفسه بإتلاف مالِ غيره، فأشبهَ منِ اضطُرَّ لطعام غيره، فأكل منه خوفَ الموت، فإنه يضمن.
والفرق بين السؤالين: أن الآكلَ (2) لطعام غيره ابتدأ ذلك من قِبَلِ نفسه، ولا جناية من ربِّ الطعام، ولا من الطعام عليه؛ فلهذا لم يضمن، يعني (3): في مسألة الصائل.
وأيضًا: فإن الطعام ينوبُ غيرُه منابَه في إحياء نفسِه، فكأن الضرورة (4) فيه لم تتحقق، فصار كمن أكل اختيارًا، ولا مندوحةَ له في الجَمَل، ولا تنفعه (5) مدافعةُ غيره، ولا تنجيه، فتحققت الضرورةُ، فهذان فرقان (6) بينهما.
(1) في "ت": "فمن".
(2)
في "ت": "الأصل".
(3)
"يعني" ليس في "ت".
(4)
في "خ": "الصورة".
(5)
في "ت": "ولا ينفعه".
(6)
في "ت": "فرقتان".
ومن هذا المعنى سؤالٌ ثالث، وهو: لو (1) رمى إنسانٌ أحدًا ينظر إليه في بيته، فأصاب عينَه، فاختلف أصحابنا -أيضًا- في ذلك، فالأكثرُ منهم: على إثبات الضمان، والأقلُّ: على نفيه.
وبالأول قال أبو حنيفة.
وبالثاني: قال الشافعي.
فأما نفيُ الضمان؛ فلقوله صلى الله عليه وسلم: "لَوْ أَنَّ امْرَأً اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ، فَخذَفْتَهُ بِحَصَاةٍ، فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ، لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ جُنَاحٌ"(2).
وأما إثباتُ الضمان؛ فلأنه لو نظر إنسانٌ إلى عورة إنسانٍ آخرَ بغير إذنه، لم يستبح بذلك فَقْءَ عينه، فالنظرُ إلى الإنسانِ في بيته أولى أن لا يُستباح به ذلك.
ومحملُ الحديث عندهم على أنه رماه لينبهه على أنه نظرَ إليه، أو ليدفعَه عن ذلك غيرَ قاصد لفقء، فانفقأت عينه خطأ، فالجناح منتفٍ، وهذا الذي نفي في الحديث، والدِّيةُ لا ذِكْرَ لها (3).
فائدة: جملةُ الأسنان: اثنانِ وثلاثون: أربعٌ ثنايا، وأربعٌ
(1)"لو" ليس في "خ".
(2)
رواه البخاري (6506)، كتاب: الديات، باب: من اطلع في بيت قوم ففقؤوا عينه فلا دية له، ومسلم (2158)، كتاب: الآداب، باب: تحريم النظر في بيت غيره، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
انظر: "المعلم" للمازري (2/ 378).
رَبَاعِيَات، وأربعةُ أنيابِ، وأربعةُ ضواحكَ، وأربعةُ نواجذ، وفي كل شق بعد الأرحاء ضرسٌ من النواجذ، وهو الذي يسمى: ضرس الحلم؛ أي: العقل، فذلك (1) عشرون ضرسًا.
واثنتا عشرة رحًا، وهي التي يقول (2) لها العامة: المطاحين (3)، في كل شق ثلاثةُ أَرْحاءِ، فذلك اثنان وثلاثون ضرسًا (4)، وأظنُّ هذا قد (5) تقدم، واللَّه أعلم.
* * *
(1) في "ت": "وذلك".
(2)
في "ت": "تقول".
(3)
في "ت": "طواحين".
(4)
في "ت": "سنًا".
(5)
في "ت": "أن هذا".