الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الصيد
الحديث الأول
380 -
عَنْ أَبِي (1) ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا بِأَرْضِ قَومٍ (2) أَهْلِ كِتَابٍ، أَفَنَأْكُلُ في آنِيَتِهِم؟ وَفِي أَرْضٍ أَصِيدُ بِقَوْسِي وَبِكَلْبِي الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ، وَبِكَلْبِيَ المُعَلَّمِ، فَمَا يَصْلُحُ لِي؟ قَالَ:"أَمَّا مَا ذَكَرْتَ (3) مِنْ آنِيَةِ أَهْلِ الكِتَابِ، فَإِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَهَا، فَلَا تَأْكُلُوا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا، فَاغْسِلُوهَا، وَكُلُوا فِيهَا، وَمَا صِدْتَ بِقَوْسِكَ، فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ المُعَلَّمِ، فَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلبِكَ غَيْرِ المُعَلَّمِ، فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ، فَكُلْ"(4).
(1)"أبي" ليس في "ت".
(2)
"قوم" ليس في "خ".
(3)
في "ت" زيادة: "يعني".
(4)
* تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (5161)، كتاب: الذبائح والصيد، باب: ما أصاب المعراض بعرضه، و (5170)، باب: ما جاء في التصيد، =
* التعريف:
أبو ثَعْلَبَة: اسمُه جُرثومُ بنُ ناشبِ، والخُشَنِيُّ -بضم الخاء المعجمة وفتح الشين المعجمة بعدها نون- منسوبٌ إلى بني خُشَين قضاعة، وهو وائلُ بنُ نمرِ بن وبرةَ بن تغلب -بالغين المعجمة- بنِ علوانَ بنِ عمرانَ بنِ الحافِ (1) بنِ قضاعة، وخُشين تصغيرُ أخشن مُرَخَّمًا (2).
= و (5177)، باب: آنية المجوس والميتة، ومسلم (1930)، كتاب: الذبائح والصيد، باب: الصيد بالكلاب المعلمة، وأبو داود (2855، 2856)، كتاب: الصيد، باب: في الصيد، والنسائي (4266)، كتاب: الصيد والذبائح، باب: صيد الكلب الذي ليس له بمعلم، والترمذي (1464)، كتاب: الصيد، باب: ما جاء: ما يؤكل من صيد الكلب وما لا يؤكل، وابن ماجه (3207)، كتاب: الصيد، باب: صيد الكلب.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"معالم السنن" للخطابي (4/ 291)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (6/ 364)، و"المفهم" للقرطبي (5/ 213)، و"شرح مسلم" للنووي (13/ 81)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 194)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1606)، و"التوضيح" لابن الملقن (26/ 341)، و"فتح الباري" لابن حجر (9/ 605)، و"عمدة القاري" للعيني (21/ 95)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (8/ 258)، و"كشف اللثام" للسفاريني (6/ 592)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (9/ 4).
(1)
في "ت": "إسحاق".
(2)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 194). =
* الشرح:
قال أهل اللغة: الصيدُ مصدرُ صادَه يَصيدُه ويَصادُه؛ أي: اصطاده، والصيدُ أيضًا: المَصِيدُ، قال اللَّه تعالى:{أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ} [المائدة: 96]؛ أي: مَصِيدُ البحر (1).
و (2) الحديث يشتمل على مسائل (3):
الأولى: ظاهرُه توقفُ استعمال أواني (4) الكتابيين على الغَسْل، وإن كان قد اختُلف في ذلك، وكأنَّ منشأ الخلاف يرجع (5) إلى مسألة [تعارض] الأصل والغالب.
ق: والحديثُ جارٍ على مقتضى ترجيحِ غلبةِ الظن؛ فإن الظنَّ
= وانظر ترجمته في: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (7/ 416)، و"حلية الأولياء" لأبي نعيم (2/ 29)، و"الاستيعاب" لابن عبد البر (4/ 1618)، و"تاريخ دمشق" لابن عساكر (66/ 84)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (6/ 43)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (2/ 487)، و"تهذيب الكمال" للمزي (33/ 167)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (2/ 567)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (7/ 58).
وكان قد توفي رضي الله عنه في خلافة معاوية رضي الله عنه على الأرجح.
(1)
انظر: "الصحاح" للجوهري (2/ 499)، (مادة: صيد).
(2)
الواو ليست في "ت".
(3)
في "ت": "فوائد".
(4)
"أواني" ليس في "ت".
(5)
في "ت": "يرفع".
المستفادَ من الغالب راجحٌ على الظن المستفادِ من الأصل.
الثانية: فيه: دليل على جواز الاصطياد بالقوس، والكلب المعلَّم (1)، وتحريم ما صِيدَ بغير المعلم إلا بشرط الذكاة؛ لقوله عليه الصلاة والسلام في غير المعلَّم:"فأدركتَ ذكاته، فكلْ"، فجعل حل الأكل متوقفًا على الذكاة الشرعية.
قال الفقهاء: والتعليمُ المعتبر: أن ينزجِرَ بالانزِجار، وينبعث بالإشارة (2)، وليس في الحديث ما يدلُّ على ذلك تعيينًا، إنما فيه مطلَقُ التعليم، وكأنهم رجعوا في ذلك إلى العُرْف، واللَّه أعلم (3).
ومن عبارة بعض شيوخنا رحمهم الله: كلُّ أمرٍ لم يردْ فيه تحديدٌ من الشارع، فالرجوعُ فيه إلى تعارف العقلاء (4).
الثالثة: قوله عليه الصلاة والسلام: "وذكرتَ اسمَ اللَّه عليه": ظاهرُه: وجوبُ التسمية، فيحتج به مَنْ يشترط التسميةَ عند الإرسال؛ لوقفِهِ عليه الصلاة والسلام إباحةَ الأكل عليها.
ومذهبنا: إن تركَها عامدًا، لم يؤكل، وإن تركها ناسيًا، أكل، كالذبيحة عندنا -أيضًا-، هذا هو المعروف من مذهبنا.
(1)"المعلم" ليس في "ت".
(2)
في "خ": "بالإشلاء".
(3)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 194).
(4)
في "ت": "العقلية".
وقال الشافعي في الوجهين: لا يحرم؛ لأن التسميةَ عنده مسنونةٌ لا واجبة.
وعن أحمدَ روايات ثلاث، أظهرها (1): اشتراطُ التسمية مطلَقًا.
وفَرَّقَ أبو حنيفة بين العَمْد والنسيان؛ كما نقوله نحن، واللَّه أعلم (2).
الرابعة: الحديثُ يدل دلالةً ظاهرة على أن ما صِيد بالكلب المعلَّم لا يفتقر إلى ذكاة؛ كما هو مذهبُ العلماء على تفصيل في قتل الكلب إياه، ولا أعلم خلافًا أنه إذا أنفذ مقاتلَه، أو أثر فيه بجرح من تَنْييب أو تَخْليب: أن ذلك ذكاةٌ له، أما لو صَدَمَه، أو نَطَحَه (3)، ونحو ذلك مما لا يكون جرحًا، فهذا فيه خلافٌ عندنا، وأما إن تلف الصيدُ عند مشاهدة الكلبِ، أو غيرِه طالبًا له؛ فَزَعًا، أو دَهَشًا، فلا يجوز أكلُه (4).
وهذا الباب مستوعَب في كتب الفقه.
* * *
(1)"أظهرها" ليس في "ت".
(2)
انظر: "الإفصاح" لابن هبيرة (2/ 304).
(3)
في "ت": "بطحه".
(4)
انظر: "التلقين" للقاضي عبد الوهاب (1/ 273).