المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الحديث الرابع 384 - عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رضي الله عنه، - رياض الأفهام في شرح عمدة الأحكام - جـ ٥

[تاج الدين الفاكهاني]

فهرس الكتاب

- ‌باب العدة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌كِتْابُ اللعَانِ

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌كِتْابُ الرَّضَاع

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌كِتْابُ الْقَصَاص

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌كِتْابُ الْحُدُودِ

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌باب حد السرقة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌باب حد الخمر

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌كِتْابُ الْأَيْمَان وَالنُّذُورِ

- ‌الحديث الأول

- ‌ باب:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌الحديث السابع

- ‌باب النذور

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌باب القضاء

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌كِتْابُ الْأَطْعِمَة

- ‌الحديث الأول

- ‌ باب:

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث والرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌باب الصيد

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌باب الأضاحي

- ‌كِتْابُ الْأَشْرِبَة

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌كِتْابُ اللبَاسِ

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس

- ‌الحديث السادس

- ‌كِتْابُ الْجِهَاد

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

- ‌الحديث الرابع

- ‌الحديث الخامس والسادس

- ‌الحديث السابع

- ‌الحديث الثامن

- ‌الحديث التاسع

- ‌الحديث العاشر

- ‌الحديث الحادي عشر

- ‌الحديث الثاني عشر

- ‌الحديث الثالث عشر

- ‌الحديث الرابع عشر

- ‌الحديث الخامس عشر

- ‌الحديث السادس عشر

- ‌الحديث السابع عشر

- ‌الحديث الثامن عشر

- ‌الحديث التاسع عشر

- ‌كِتْابُ الْعِتْقِ

- ‌الحديث الأول

- ‌الحديث الثاني

- ‌الحديث الثالث

الفصل: ‌ ‌الحديث الرابع 384 - عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رضي الله عنه،

‌الحديث الرابع

384 -

عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِذِي الحُلَيْفَةِ مِنْ تِهَامَةَ، فَأَصَابَ (1) النَّاسَ جُوعٌ، فَأَصَابُوا إبِلًا وَغَنَمًا، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي أُخْرَيَاتِ القَوْمِ، فَعَجِلُوا وَذَبَحُوا وَنَصَبُوا القُدُورَ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالقُدُورِ فَأُكْفِئَتْ، ثُمَّ قَسَمَ، فَعَدَلَ عَشْرَةً مِنَ الغَنَم بِبَعيِرٍ، فَنَدَّ مِنْهَا بَعِيرٌ، فَطَلَبُوهُ فَأَعْيَاهُمْ، وَكَانَ فِي القَوْمِ خَيْلٌ يَسِيرَةٌ، فَأَهْوَى رَجُلٌ مِنْهُمْ بِسَهْمٍ، فَحَبَسَهُ اللَّهُ، فَقَالَ:"إِنَّ لِهَذِهِ البَهَائِم أَوَابِدَ كَأَوَابِدِ الوَحْشِ، فَمَا غَلَبَكُمْ مِنْهَا، فَاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا"، قَالَ: فَقُلْتُ (2): يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِنَّا لَاقُو العَدُوِّ غَدًا، وَلَيْسَت (3) مَعَنَا مُدًى، أفنَذْبَحُ بِالقَصَبِ؟

قَالَ: "مَا أنهَرَ الدَّمَ، وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَكُلُوهُ، لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ، وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ: أَمَّا السِّنُّ، فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ، فَمُدَى الحَبَشَةِ"(4).

(1) في "خ": "وأصاب".

(2)

في "ت": "قلت".

(3)

في "خ": "وليس".

(4)

* تَخْرِيج الحَدِيث:

رواه البخاري (2356)، كتاب: الشركة، باب: عدل =

ص: 447

* التعريف:

رافعُ بنُ خَديجٍ -بفتح الخاء المعجمة وكسر الدال المهملة بعدها

= عشرًا في القسم، و (2910)، كتاب: الجهاد والسير، باب: ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم، و (5179)، كتاب: الذبائح والصيد، باب: التسمية على الذبيحة، و (5184)، باب: ما أنهر الدم من القصب والمروة والحديد، و (5187)، باب: لا يذكى بالسن والعظم والظفر، و (5190)، باب: ما ندَّ من البهائم فهو بمنزلة الوحش، و (5223) باب: إذا أصاب قوم غنيمة، فذبح بعضهم غنمًا أو إبلًا بغير أمر أصحابهم، لم تؤكل، و (5224)، باب: إذا نَدَّ بعير لقوم، فرماه بعضهم بسهم فقتله، فأراد إصلاحه، فهو جائز.

ورواه مسلم (1968/ 20 - 23)، كتاب: الأضاحي، باب: جواز الذبح بكل ما أنهر الدم إلا السن والظفر وسائر العظام، وأبو داود (2821)، كتاب: الضحايا، باب: في الذبيحة بالمروة، والنسائي (4403)، كتاب: الضحايا، باب: النهي عن الذبح بالظفر، و (4404)، باب؛ الذبح بالسن، و (4409، 4410)، باب: ذكر المنفلتة التي لا يقدر على أخذها، والترمذي (1491)، كتاب: الأحكام، باب: ما جاء في الذكاة بالقصب وغيره، وابن ماجه (3178)، كتاب: الذبائح، باب: ما يذكى به.

* مصَادر شرح الحَدِيث:

"معالم السنن" للخطابي (4/ 278)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (6/ 415)، و"المفهم" للقرطبي (5/ 367)، و"شرح مسلم" للنووي (13/ 122)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 203)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1627)، و"النكت على العمدة" للزركشي (ص: 344)، و"التوضيح" لابن الملقن (26/ 424)، و"فتح الباري" لابن حجر (9/ 625)، و"عمدة القاري" للعيني (21/ 112)، و"كشف اللثام" للسفاريني (7/ 10)، و"سبل السلام" للصنعاني (4/ 87)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (9/ 18).

ص: 448

المثناة تحت بعدها جيم-: ابنُ رافعِ بنِ عَدِيِّ بنِ زيدِ بنِ جُشَمَ بنِ حارثةَ بنِ الحارثِ بنِ الخزرجِ، الأنصاريُّ، الحارثيُّ، المدني، كنيته أبو عبد اللَّه، ويقال: أبو رافع.

كان يخضِبُ بالصُّفرة، ويُحفي شاربَه، وكان يُعد من الرماةِ، أُصيب بسهمٍ يومَ أُحد في ترقوتة، فبقيت الحديدةُ في ترقوته، فقال له النبي (1) صلى الله عليه وسلم:"إِنْ شِئْتَ نَزَعْتُ السَّهْمَ (2)، وَتَرَكْتُ القُطْبَةَ (3)، وَشَهِدْتُ لَكَ يَوْمَ القِيَامَةِ أَنَّكَ شَهِيدٌ"، فتركها (4)، وكان إذا ضحك فاستغربَ، بدا ذلك السهمُ.

قلت: قال الجوهري: القُطْبةُ (5): أصل الهدف (6).

استُصغر يومَ بدر، وأُجيز يومَ أحد.

روي له عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثمانية وسبعون حديثًا، اتفقا منها على خمسة أحاديث، وانفرد مسلم بثلاثة.

(1)"له النبي" ليس في "ت".

(2)

"السهم" ليس في "ت".

(3)

في "ت": "القطنة".

(4)

رواه الإمام أحمد في "المسند"(6/ 378)، والطبراني في "المعجم الكبير"(4242)، والحاكم في "المستدرك"(6379).

(5)

في "ت": "القصبة".

(6)

انظر: "الصحاح" للجوهري (1/ 204)، (مادة: قطب). وعنده: نصل الهدف.

ص: 449

روى عنه: عبدُ اللَّه بنُ عمرَ، والسائبُ بنُ يزيدَ، وحنظلةُ بنُ قيسٍ، وغيرُهم.

قال الحافظ ابن زيدان: رافعُ بنُ خديج (1) هذا تُوفي سنة أربع وسبعين.

ثم قال: ومما يبين لنا أن ابنَ عمرَ مات في هذه السنة، وأنَّ أبا نعيم قد أخطأ في ذكره في سنة ثلاث: أن رافعَ بنَ خديجٍ مات سنة أربع وسبعين، وابنُ عمرَ حيٌّ، وحضرَ جنازتَه.

قلت: وكذا ذكره الحافظ (2) أبو عليِّ بنُ السَّكَن في كتاب (3)"الصحابة" له، في سنة أربع وسبعين، وكذلك ذكره الحافظُ عبدُ الغنيِّ المقدسيُّ (4) في كتابه "الكمال" في سنة أربع أيضًا، واللَّه أعلم (5).

* الكلام على الحديث من وجوه:

الأول: "أُخُريات القوم"؛ أي: في أواخرهم.

(1)"بن خديح" ليس في "ت".

(2)

"الحافظ" ليس في "ت".

(3)

في "ت": "كتب".

(4)

"المقدسي" ليس في "ت".

(5)

وانظر ترجمته في: "الاستيعاب" لابن عبد البر (2/ 479)، و"أسد الغابة" لابن الأثير (2/ 232)، و"تهذيب الأسماء واللغات" للنووي (1/ 186)، و"تهذيب الكمال" للمزي (9/ 22)، و"سير أعلام النبلاء" للذهبي (3/ 181)، و"الإصابة في تمييز الصحابة" لابن حجر (2/ 436).

ص: 450

فيه: سَوْقُ الإمام رعاياه حفظًا لهم، وحياطةً (1) عليهم من عدوٍّ يكون (2) وراءهم، ونحو ذلك، وكذا قيل: إنه كان يفعل ذلك في الحضر -أيضًا- يسوقُ أصحابَه صلى الله عليه وسلم، وهذا خلافُ ما يفعله بعضُ جهلةِ مشايخِ هذا الزمان، وربما ركبَ وأصحابُه مشاةٌ زهوًا وتكبرًا، وإظهارًا لتعظيم لنفسه، ومعاندةً للسنة، نعوذ باللَّه من ذلك.

الثاني: قوله: "وأمر النبيُّ صلى الله عليه وسلم بالقُدورِ فكُفئت"؛ أي: فرغت.

ظاهره: إتلافُ ما فيها، وعدم الانتفاع به، فانظرِ السببَ الموجبَ لذلك، فإني لم أرَ فيه شيئا، ويبعُد عندي أن يكون سببُه استعجالهم بالذبحِ ونصب القدور قبلَ مشاورته عليه الصلاة والسلام، وأن يكون (3) ذلك من باب العقوبة بالمال، واللَّه أعلم.

الثالث: قوله: "ثم قسمَ، فعدلَ عشرةً من الغنم ببعيرٍ":

ق: قد يُحمل (4) على أنه قسمة تعديل بالقيمة، وليس من طريق التعديل الشرعي؛ كما جاء في البَدَنَة: أنها عن سبعة، ومن الناس من حملَه على ذلك.

وقوله: "فنَّد منها بعيرٌ"؛ أي: شَرَدَ.

(1) في "ت": "حياطته".

(2)

في "ت": "ويكون".

(3)

في "ت": "ويكون".

(4)

في "ت": "يحتمل".

ص: 451

والأَوابِدُ: جمعُ آبِدَة بوزن ضارِبة، تَأَبَّدَتِ الوحشُ: نَفَرَتْ من الإنسِ، وتَوَحَّشَتْ، وتأبَّدَتِ الديارُ: خَلَتْ من قُطَّانها (1)، وتَوَحَّشَتْ، ويقال: أَبَدَتْ -بفتح الباء- تأبِدُ وتأبُدُ -بالكسر والضم- أُبودًا (2)، وجاء فلان بآبدةٍ؛ أي: كلمةٍ غريبة، أو خصلةٍ تنفر منها النفوسُ.

ومعنى الحديث: أن من البهائم ما فيه نِفارٌ كنِفار الوحش (3).

الرابع: اختُلف في الإنسيِّ إذا توحَّشَ؛ هل يكون حكمُه حكمَ الوحش، أو لا؟ والمشهورُ من مذهبنا: لا يؤكل إلا بذكاة، وهو خلافُ ظاهرِ الحديث، إن قلنا: إنهم استغنوا (4) بالسهم عن الذكاة، وإن قلنا: إنه ذُكِّي بعدَ حبسه بالسهم، وهو محتمل، فلا يكون في الحديث دليلٌ على أن المتوحش فزعًا يؤكل بما يؤكل به الصيد، بل يكون قوله عليه الصلاة والسلام:"فاصنعوا به هكذا"، معناه: ليمسَكْ، ثم هو باقٍ على أصله من كونِه لا يؤكَلُ إلا بالنحر، أو الذبح؛ كغيره.

وأجازَ ابنُ حبيب أكلَه بما يؤكل به الصيدُ، الأصلُ في البقر

(1) في "ت": "وطانها".

(2)

"أبودًا" ليس في "ت".

(3)

انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 203)، وانظر:"المعلم" للمازري (3/ 96).

(4)

في "ت": "أنه استغنى".

ص: 452

خاصةً، قال: لأن لها أصلًا في التوحُّش.

وأما أبو حنيفة، والشافعيُّ، فإنهما أخرجاه عن أصله، ورأيا تذكيتَه بما يُذَكَّى به الوحشُ؛ اعتبارًا بالحالة التي هو عليها، ووجودِ العلة التي من أجلها أُبيح العَقْر في الوحش؛ وهي عدمُ القدرة عليه، وكذا هذا المتوحشُ قد صار غيرَ مقدور عليه، واعتمدا على هذا الحديث (1). وقد قررنا بالاحتمال (2) المذكور ما (3) يمنعُ تعلُّقَهما.

ثم يقول (4): استيحاشُه وشرودُه لا يُخرجه عن أصله في باب الذكاة؛ كما لا ينقلُه عن أصله في سائر الأحكام، ألا ترى أنه باقٍ على ملك ربه، وأنه ليس حكمُهُ حكمَ الوحش في الجزاء إذا قتلَه محرمٌ، وفي جواز التضحية به، والعقيقة والهدي به؟!

قال الإمام: وقد يتعلَّق المخالفُ بما خرَّج الترمذيُّ عن رجل ذكره: قلت: يا رسول اللَّه! أما (5) تكون الذكاة إلا (6) في الحلق واللَّبَّة؟ قال (7): "لَوْ طَعَنْتَ في فَخِذِهَا، لأَجْزَأَ عَنْكَ"، قال يزيدُ بنُ هارونَ:

(1) انظر: "المعلم" للمازري (3/ 94).

(2)

في "ت": "الاحتمال".

(3)

في "ت": "بما".

(4)

في "خ": "يقول".

(5)

في "ت": "إنما".

(6)

"إلا" ليس في "ت".

(7)

في "ت": "فقال".

ص: 453

هذا في الضرورة (1).

قلت: وهي في كتاب الدارمي (2) أيضًا (3).

وهذا الحديث لم يسلِّم بعض أصحابنا ثبوتَه (4)، وقال بعضهم: يمكن أن يُراد به الصيدُ الذي لا يُقدر عليه، فكأنه صلى الله عليه وسلم فهمَ عن السائل بقرينة حالٍ: أنه سأله عن صيدٍ أرادَ أن يتصيده، هل لا يُذَكَّى إلا في الحلق واللبة؟ فأجابه صلى الله عليه وسلم بما قال، انتهى (5).

قلت: وأما المتوحش يتأنس فلا يؤكل إلا بما يؤكل به المتأنس، لا أعلم فيه خلافًا، إلا أنه (6) صار مقدورًا عليه، فانتفت العلةُ [التي]

(1) رواه الترمذي (1481)، كتاب: الأطعمة، باب: ما جاء في الذكاة في الحلق واللبة، وقال: حديث غريب.

(2)

في "ت": "الراوي".

(3)

رواه الدارمي (1972)، وكذا رواه أبو داود (2825)، كتاب: الضحايا، باب: ما جاء في ذبيحة المتردية، والنسائي (4408)، كتاب: الضحايا، باب: ذكر المتردية التي لا يوصل إلى حلقها، وابن ماجه (3184)، كتاب: الذبائح، باب: ذكاة النَّادّ من البهائم، من حديث أبي العشراء، عن أبيه.

قال الحافظ في "التلخيص الحبير"(4/ 134): وأبو العشراء مختلف في اسمه وفي اسم أبيه، وقد تفرد حماد بن سلمة بالرواية عنه على الصحيح، ولا يعرف حاله.

(4)

في "ت": "بثبوته".

(5)

انظر: "المعلم" للمازري (3/ 95).

(6)

قوله: "وأما المتوحش يتأنس فلا يؤكل إلَّا بما يؤكل به المتأنس لا أعلم فيه خلافًا إلَّا أنه" ليس في "خ".

ص: 454

من أجلها أُكل بالعقر، وهو عدمُ القدرة عليه.

وقوله صلى الله عليه وسلم: "ليسَ السنَّ"، رويناه بالنصب، ويجوز فيه الرفعُ على أن يكون اسمَ ليس، والخبر محذوف، و (1) تقديره ليسَ السنُّ والظفرُ من ذلك، والأولُ أظهر، ونصبُه على الاستثناء.

قال الإمام: وقد اضطرب العلماءُ في ذلك، والذي وقع في مذهبنا منصوصًا: التفرقةُ بين المتصل والمنفصل، فيمنع حصولُ التذكية بالسنِّ والظفرِ المتصلَين بالإنسان، وتحصل التذكيةُ بالمنفصلين عنه (2) إذا تَأَتَّتْ بهما التذكيةُ.

وقد وقع في بعض ما نُقل عن مالك: المنعُ مطلقًا، ووقع لبعض أصحابنا: ما يُشير إلى صحة التذكية مطلقًا إذا أمكنتْ.

فمن منعَ على الإطلاق، أخذَ الحديثَ على عمومه، لا سيما والإشارة بالتعليل فيه بالعظم تدلُّ على المساواة بين المتصل والمنفصل؛ لكون السنِّ عظمًا في الحالين.

وأما الإجازةُ على الإطلاق، فيحمل الحديث على أن المراد به: سنٌّ يصغرُ (3) عن التذكية، ولا نسلِّم القولَ بالعموم فيه، وكذلك يدَّعى على (4)

(1) الواو ليست في "ت".

(2)

"عنه" ليس في "ت".

(3)

في "خ": "تصغر".

(4)

في "خ": "يدَّعي".

ص: 455

التخصيصَ في التعليل، فنقول (1): لما علم أن العظم لا تتأتى به الذكاة (2)، وأن ذلك مما يعلمونه، أحالَ (3) التعليلَ عليه.

وأما (4) المنصوصُ من المذهب؛ وهو التفرقةُ، فكأنه يرجع إلى هذا القول الآخرَ الذي هو [الإجازة على الإطلاق؛ لأن المجيز على الإطلاق يشترط كون التذكية متأتية بهما، ولكنه](5) لم يعين وجه الثاني، وعينه في المنصوص، فرأى أن كونه متصلًا يمنع من الثاني، ومنفصلًا لا يمنع منه، فلهذا فَرَّق بينهما.

وأما العظمُ فتجوزُ التذكيةُ به إذا أمكنَ ذلك.

قال: فيه ما قيل في السن، وقد كان بعض شيوخنا يشير إلى هذا، ويجريه مجرى السن، ويعتل بما ذكرناه حين التعليل به في الحديث (6).

وقوله: "وذُكر اسمُ اللَّه عليه" دليلٌ على التسمية أيضًا؛ لتعليقه الإباحة بشيئين، والمعلَّقُ على شيئين ينتفي بانتفاء أحدهما.

والمدى: جمعُ مُدْيَة -بضم الميم وكسرها-، وهي الشَّفرة،

(1) في "خ": "فيقول".

(2)

في "ت": "أن العظم لما علم أنه لا يتأتى الذكاة به".

(3)

"أحال": بياض في "ت".

(4)

في "ت": "فأما".

(5)

ما بين معكوفتين من "المعلم" للمازري.

(6)

انظر: "المعلم" للمازري (3/ 92).

ص: 456

ويجمع -أيضًا- مُدْيات، بإسكان الدال (1).

والحبشةُ والحبشُ جنسٌ من السودان، والجمع الحُبْشان؛ مثل حَمَل وحُمْلان (2)، واللَّه أعلم.

* * *

(1) انظر: "الصحاح" للجوهري (6/ 2490)، (مادة: مدى).

(2)

المرجع السابق (3/ 999)، (مادة: حبش).

ص: 457