الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثالث
319 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ رَجُل مِنْ بَنِي فَزَارَةَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"هَلْ لَكَ إبلٌ؟ "، قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "فَمَا أَلْوَانُها؟ "، قَالَ: حُمْرٌ. قَالَ: "فَهَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ؟ " قَالَ: إِنَّ فِيهَا لَوُرْقًا، قَالَ:"فَأَنَّى أتَاهَا ذَلِكَ؟ "، قَالَ: عَسَى أَنْ يَكُونَ نزَعَه عِرْقٌ، قَالَ:"وَهَذَا عَسَى أَنْ يَكُونَ نزَعَهُ عِرْقٌ"(1).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (4999)، كتاب: الطلاق، باب: إذا عَرَّض بنفي الولد، و (6455)، كتاب: المحاربين، باب: ما جاء في التعريض، و (6884)، كتاب: الاعتصام بالكتاب والسنة، باب: من شَبَّه أصلًا معلومًا بأصل مبين، ومسلم (1500/ 18)، واللفظ له، و (1500/ 19، 20)، كتاب: اللعان، وأبو داود (2260)، كتاب: الطلاق، باب: إذا شك في الولد، والنسائي (3478 - 3480)، كتاب: الطلاق، باب: إذا عرض بامرأته، وشك في ولده، وأراد الانتفاء منه، والترمذي (2128)، كتاب: الولاء والهبة، باب: ما جاء في الرجل ينتفي من ولده، وابن ماجه (2002)، كتاب: الطلاق، باب: الرجل يشك في ولده.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"معالم السنن" للخطابي (3/ 272)، و"عارضة الأحوذي" لابن العربي (8/ 289)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض =
* الشرح:
فيه: حسنُ تأنِّي المستفتي، وتنبيهُه (1)، وعدمُ تصريحه.
وفيه: حجةٌ للقول بالقياس على ما قيل (2)؛ لتشبيهه عليه الصلاة والسلام ولدَ هذا الرجل المخالفَ للونه بولد الإبل المخالفِ لألوانها، والعلةُ الجامعةُ هي نزعُ العرق، والعرقُ هنا: الأصلُ من النسب، شُبِّه بعرقِ (3) الثمرة، يقال: فلانٌ مُعْرِق في الحَسَب، وفي اللُّؤْمِ والكَرَم. ومعنى نزع: جَذَبَ، هذا أصلُه، وكأنه في الحديث بمعنى: أشبهَه، وأظهرَ لونَه، يقال: منه نزَعَ الولدُ لأبيه، ونزَعَ إليه، ونزَعَهُ أبوه (4).
= (5/ 95)، و"المفهم" للقرطبي (4/ 307)، و"شرح مسلم" للنووي (10/ 133)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 69)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1362)، و"التوضيح" لابن الملقن (25/ 432)، و"طرح التثريب" للعراقي (7/ 118)، و"فتح الباري" لابن حجر (9/ 442)، و"عمدة القاري" للعيني (20/ 294)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (8/ 172)، و"كشف اللثام" للسفاريني (5/ 560)، و"سبل السلام" للصنعاني (3/ 195)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (7/ 74).
(1)
في "ت": "المفتي وتثبته".
(2)
"على ما قيل" ليس في "ت".
(3)
في "ت": "بالعرق".
(4)
انظر: "شرح مسلم" للنووي (10/ 133).
وفيه: ضربُ الأمثالِ والأشباهِ تقريبًا للأفهام (1)، وعرضُ الغامضِ المشكلِ على الظاهر البَيِّنِ.
ع (2): وفي هذا الحديث: أن التعريضَ اللطيف إذا لم يُقصد به المشاتمة (3)، وكان لمعنًى وضرورة، أو شكوى، أو استفتاء، فلا حدَّ فيه، وقد استدلَّ به من لا يرى الحدَّ في التعريض والكناية، وهو مذهب الشافعي.
قلت: وفي الاستدلال به نظر؛ لما ذُكر من أنه جاء على طريق الاستفتاء، والضرورةُ داعية إلى ذكره ذلك، وسؤالِه عنه، وهو بخلاف ما جاء على طريق المشاتمة والتشفِّي، واللَّه أعلم.
وأبعدُ من هذا استدلالُ (4) الخطابي به (5) على نفي الحدِّ عَمَّنْ قال: ليس الولدُ مني؛ إذ ليس فيه شيءٌ من ذلك، وإنما فيه إنكارهُ اللونَ دونَ الولد، ونفيه له (6).
والأَوْرَقُ من الإبل: الذي فيه بياضٌ وسواد، وهو أطيبُ (7) الإبل
(1) في "ت": "لأفهام".
(2)
"ع" ليس في "ت".
(3)
في "ت": "المشابهة".
(4)
في "ت": "الاستدلال".
(5)
"به" ليس في "ت".
(6)
انظر: "معالم السنن" للخطابي (3/ 272)، وانظر:"إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 96).
(7)
في "ت": "لطيف".
لحمًا، وليس بمحمودٍ عند العرب في عملِه (1) وسيره (2)، ومنه قيل للرماد: أورق، وللحمامة: ورقاء، وللذئبة: ورقاء.
وقال أبو زيد: هو الذي يضربُ لونُه إلى خضرة (3).
والمعروفُ الأول، وجمعه وُرْقٌ؛ مثل: أَحْمَر، وحُمْر، واللَّه أعلم.
* * *
(1) في "ت": "عقله".
(2)
انظر: "غريب الحديث" لأبي عبيد (4/ 81).
(3)
انظر: "الصحاح" للجوهري (4/ 1565)، (مادة: ورق).