الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبو قابوس: كنية النعمان بن المنذر، وكنة الشيء: مقداره، قال الأصمعي: أي: جائني وعيده في قدر الوعيد، أي لم أكن بلغت ما يغضب علي فيه، وراكس: اسم واد، والضواجع جمع ضاجعة وهو نحنى الوادي، أي: اتاني وعيده وبيني وبينه الأودية والجبا، ثم وصف الحية بقوله:
يسهد في ليل التمام سليمها
…
لحلى النساء في يديه قعاقع
ليل التمام بكسر التاء: أطول ليلة في السنة، والسليم: اللديغ، سمي به تفاؤلا، وكان اللديغ يجعل حلي النساء في يديه، وخلاخليهن في رجليه حتى لا ينام من قعقعتها، أي صوتها.
تناذرها الراقون من سوء سمها
…
تطلقه حينا وحينا تراجع
الحيات، وتطلقه: تخف عنه مرة وتشتد عليه مرة، قال المبرد في "الكامل": ومن التشبيه الصحيح هذه الابيات، وهذه صفة الخائف المهموم. وقد شرحنا هذه القصيدة جميعا في الشاهد الخامس والخمسين بعد المائة من شواهد الرضي وترجمة النابغة تقدمت في الانشاد الثالث والعشرين
وأنشد بعده، وهو الانشاد الرابع بعد الثمانمائة:
(804)
ولست بالأكثر منهم حصا
…
وإنما العزة للكاثر
صوابه في الرواية: "ولست بالأكثر منه حصا".
والبيت من قصيدة للأعشى، ميمون البكري، يهجو بها علقمة بن علاثة، وينفر عليه عامر بن الطفيل، وكان علقمة بن علاثة نافر ابن عمه عامر بن الطفيل العامريين، وكان علقمه كريما رئيسا، وكان عامر عاهرا سفيها، وساقا إبلا جمة لينحر لهما المنفر له، فهابت حكام العرب أن يحكموا بينهما بشيء، إلى أن جاء الأعشى إلى علقمة مستجيرا به، فقال: أجيرك من الاسود والأحمر، قال: ومن الموت، قال: لا. فأتى عامرا، فقال له مثل ذلك، فقال: ومن الموت؟ فقال: نعم، قال: وكيف ذلك؟ قال: إن مت في جواري ودينك، فقال علقمة: لو علمت أن ذلك مراده، لهان علي، ثم أن الأعشى ركب ناقته، ووقف في نادي القوم، وانشدهم هذه القصيدة، ومطلعها:
شاقك من قيلة أطلالاها
…
بالشط فالجزع إلى حاجر
وقيلة: امرأة، والشط: جانب النهر، وحاجر: موضع، ثم بعد أن نسب باثنى عشر بيتا قال:
دعها فقد أعذرت في ذكرها
…
واذكر خني علقمة الحائر
الحي: الفحش، والحائر: الغادر.
اسفها توعدني جاهلا
…
لست على الأعداء بالقادر
بحلف بالله لئن جاءه
…
عني نبأ من سامع خابر
ليجعلني ضحكة بعدها
…
خدعت يا علقم من ناذر
آليت بالله على فتكه
…
فلم أقله عثرة العاثر
ليأتنه منطق فاحش
…
مستوسق للسامع الآثر
لا تحسبني عنكم غافلا
…
فلست بالواني ولا الفاتر
لي أن قال:
فاقن حياء أنت في هذه
…
مالك بعد الجهل من عاذر
إن الذي فيه تماريتما
…
بين للسامع والناظر
ما جعل الجد الظنون الذي
…
جنب صوت اللجب الماطر
مثل الفراتي إذا ما جرى
…
يقذف بالبوصي والماهر
الجد، بضم الجيم: الئر القديمة التي لا يدرى فيها ماء أم لا، والصوب: المطر، واللجب: السحاب، والفراتي: الفرات المعروف، أو الماء العذب، والبوصي: نوع من السفن، والماهر: السابح.
أقول لما جاءني فخره
…
سبحان من علقمه الفاخر
أي: سبحان الله على معنى التعجب، كما جرت به عادة العرب.
علقم لا تسفه ولا تجعلن
…
عرضك للوارد والصادر
وأول الحكم على وجهه
…
ليس قضائي بالهوى الجائر
حكمتموه فقضي بينكم
…
أبلج مثل القمر الباهر
لا يأخذ الرشوة في حكمه
…
ولا يبالي غبن الخاسر
كم قد مضى شعري في مثله
…
فلست بالمدى ولا النائر
ولست في السلم بذي نائل
…
ولست في الهيجاء بالجاسر
ولست بالأكثر منه حصا
…
وإنما العزة للكاثر
ولست في الأثرين من مالك
…
ولا إلى بكر اولي الناصر
هم هامة الحي إذا ما دعوا
…
ومالك في السؤؤد القاهر
ساد وألفى قومه سادة
…
وكابرا سادوك ععن كابر
فاصبر على حظك مما ترى
…
فإنما الفلج مع الصابر
علقم ما انت إلى عامر
…
الناقم الاوتار والواتر
واللبيب الخيل بخيل إذا
…
ثار غبار الكبسة المسائر
اللبس: خلط الشيء بعضه ببعض، والكبة بالفتح هنا: الجماعة، والكبة: الزحام.
سددت بني الأحوص لم تعدهم
…
وعامر ساد بني عامر
قد قتلت شعري فمضى فيكما
…
فاعترف المنفور للنافر
وبعد هذه الابيات قال جامع ديوان الاعشي: لما قال الأعشي هذه القصيدة، نذر علقمه دمه وجعل على كل طريق رصدا، فاتفق أن الأعشى خرج يريد وجها ومعه دليل، فأخطأ به الطريق، فألقاه في ديار بني عامر، فأخذه رهط علقمة، فأتوه به، فقال له علقمة: الحمد لله الذي أمكن منك، فقال الأعشي:
أعلقم قد صبرتني الأمور
…
إليك وما أنت لي مقنص
فهب لي نفسي فدتك النفوس
…
ولا زلت تنمي ولا تنقص
فقال قوم علقمة: أقتله وارحنا منه والعرب من شر لسانه، فقال علقمة: إذا تطلبوا بدمه، ولا ينغسل على ما قاله، ولا يعرف فضلى عنده القدرة، فأمر به فحل وثاقه، وألقى عليه حلة، وحمله على ناقة، واحسن عطاءه، ثم قال له: اذهب حيث شئت، واخرج معه من بني كلاب من يبلغه مأمنه، فقال الأعشى بعد ذلك:
علقم يا خير بني عامر
…
للضيف والصاحب والزائر
والضاحك السن على همه
…
والغاافر العثرة للعائر