الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المدح، لأنه كان يصير التقدير: وما جميت شيئاً مستباحاً، أي: حميت شيئاً محمياً، وليس فيه مدح. وقوله: أبحث حمى تهامة، أي: قتلت أميرها ومن كان يمنع منها، يعنى عبد الله بن الزبير، وقوله:"بعد نجد" يريد أن بعد أن استبحت نجداً بقتلك أميرها، يعني: مصعب بن الزبير، وما شيء تحميه أنت يمكن أحد أن يستبيحه، يخاطب عبد الملك بن مروان. قال المبرد: يقال: حميت المكان، أي: منعت منه، وأحميته، أي: جعلته حمى لا يقرب. انتهى.
والبيت من قصيدة لجرير مدح بها عبد الملك، تقدم ابيات منها في الإنشاد الحادي عشر من أول الكتاب. ولم يصب العيني في قوله: يمدح بالبيت يزيد بن مروان.
قال ابن الأنباري في "أماليه": حدثنا أبي قال: ثنا أبو محمد عبد الله بن رسم، قال: قال يعقوب بن السكيت: حدثني عمارة بن عقيل، عن بعض أشياخهم، ن جرؤير قال: أوفدني الحجاج إلى عبد الملك بن مروان، عاشر عشرة، فدخلت عليه، وعنده الأخطل، فأنشدته:
أتصحو أم فؤادك غير صاح
…
عشية هم صحبك بالرواح
فقال: لا بل فؤادك، وأورد القصيدة بتمامها، فقال: من كان مادحنا فليمدحنا هكذا، وأمر لي بمثابة ناقة، وثمانية من الأرقاء، وجام فضة. انتهى.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث والأربعون بعد السبعمائة:
(743)
ويوماً شهدناه سليماً وعامراً
تمامه:
قليلاً سوى الطعن النهال نوافله
على أن الأصل: شهدنا فيه فحذف "في" وكذا استشهد به سيبويه قال الأعلم: الشاهد فيه نصب ضمير اليوم بالفعل تشبيهاً بالمفعول به اتساعاً ومجازاً، والمعنى: شهدنا فيه، وسليم وعامر: قبيلتان من قيس عيلان، والنوافل هنا: الغنائم، يقول لهم: لم تغنم فيه إلا النفوس لما أوليناهم من كثرة الطعن. والنهال: الروية بالدم، وأصل النهل: أول الشرب، والعلل: الشرب بعد الشرب، والطعن هنا جمع طعنة. انتهى.
وقال ابن خلف: الشاهد فيه أنه جعل ضمير اليوم كضمير المفعول به على سعة الكلام، ولم يضمر كما تضمر الظروف، وأصله أن يقول: ويوم شهدنا فيه سليماً وعامراً. قال أبو الحسن: الناهل: الذي قد روى، يعني: أن الرمح قد روي من الدم، قال: والناهل أيضاً: العطشان، والنهل أول الشرب، والنوافل: الغنائم وما يصيبه الجيشز يقول: هذا الذي شهدناه سليماً وعامراً قليلة نوافله إلا الطعن، والطعن ليس من النوافل، وهذا كقول الآخر:
ليس بيني وبين قيس عتاب
…
غير طعن الكلى وضرب الرقاب
المعنى: أن هذا اليوم لا غنائم فيه، بل فيه طعن، وهم يصفون الرماح بالنهال، بعنون أنها عطاش إلى شرب الدم، وهذا على طريق المثل يريد: أن أصحابها حراص على الطعن والقتل. انتهى.
واستشهد به صاحب "الكشاف" عند قوله تعالى: (وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوب)[هود: 65] على أن المراد: مكذوب فيه، فاتسع في الظروف بحذف الحرف وأجراه مجرى المفعول به كما في "شهدناه" أي: شهدنا فيه. قوله: ويوماً شهدناه، أي: شهدنا فيه يوماً منصوبا بفعل محذوف تقديره: واذكر يوماً، وروي بالجر على أن