الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث والخمسون بعد الثمانمائة:
(853)
وقد جعلنى من حزيمة إصبعا
على أن فيه حذف مضافين، والتقدير: ذا مسافة إصبع، والمسافة: معناها البعد، وهكذا قدره جماعة منهم أبو على الفارسى في "الإيضاح الشعرى"، ومنهم الزمخشرى في "مفصله" وفي "كشافه"، وهذا عجز وصدره:
فأدرك إبقاء العرادة ظلعها
والبيت من أبيات للكلحبة العرينى أوردها] في [المفضليات أولها:
فإن تنج منها يا حزيم بن طارق
…
فقد تركت ما خلف ظهرك بلقعا
ونادى منادى الحى أن قد أتيتم
…
وقد شربت ماء المزادة أجمعا
وقلت لكأس ألجميها فإنما
…
نزلنا الكثيب من زرود لنفزعا
فأدرك إبقاء العرادة. . . .
…
البيت
وبقى منها بيتان، وسبب هذه الأبيات أن الكلحبة كان نازلا بزرود، وهى أرض بنى مالك بن حنظلة وهو من بنى يربوع، فأغارت بنو تغلب على بنى مالك، وكان رئيسهم حزيمة بن طارق، فاستاق إبلهم، فأتى الصريخ لبنى يربوع، فركبوا في أثره، فهزموه، واستنقذوا ما كان أخذه.
قوله: " إن تنج منها " الضمير لفرس الكلحبة، وحزيم، بفتح الحاء المهملة
وكسر الزاى المعجمة: مرخم حزيمة، وهذا البيت يشهد بانفلاته، وشعر جرير يشهد بأسره، وهو:
قدنا حزيمة قد علمتم عنوة
ولا مانع منه بأن أدركه غير الكلحبة وأسره لما ظلعت فرسه
وقوله: "فقد تركت
…
الخ " العرب كثيرا ما تذكر أن الحيل فعلت كذا وكذا، وإنما يراد به اصحابها، لأنهم عليها فعلوا، وأدركوا يقول: إن تنج يا حزيمة من فرسى، فلم تفلت إلا بنفسك، وقد استبيح مالك، وما كنت حويته وغنمته، فلم تدع لك هذه الفرس شيئا
وقوله: "ونادى منادى الحى
…
الخ " كان الكلحبة يعتذر من انفلات حزيمة، يقول: أتى الصريخ وقد شربت فرسى ملء الحوض ماء، وخيل العرب إذا علمت أنه يغار عليها وكانت عطاشا، فمنها ما يشرب بعض الشرب، وبعضها لا يشرب البتة، لما قد جربت من الشدة التي تلقى إذا شربت الماء وحورب عليها، وجملة قد شربت حال، وقوله: "وقلت لكأس البيت" كأس بنت الكلحبة، وقيل جاريته، والعرب لا تثق في خيلها إلا بأولادها ونسائها. وقوله: لنفزعا، أى: لنغيث، يقول: ما نزلت في هذا الموضع إلا لنغيث من استغاث بنا، والفزع من الأضداد، هنا بمعنى الإغاثة والاستغاثة.
وقوله: " فأدرك إبقاء .. البيت" العرادة بفتح العين والراء والدال المهملات: اسم فرس الكلحبة كانت أنثى، والإبقاء: ما تبقيه الفرس من العدو إذ من عتاق الخيل ما لا تعطى ما عندها من العدو، بل تبقى منه شيئا إلى وقت الحاجة، يقال: