الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
غير أن يهجو الزبرقان وهم يحرضونه على ذلك حتى هجاه ، فاستعداه الزبرقان إلى عمر ، وادعى عليه أنه هجاه ، فاستعداه الزبرقان إلى عمر ، وادعى عليه أنه هجاه ، وأنشده هذه القصيدة ، فقال عمر: ما أسمع هجاء إنما أسمع معاتبة ، فقال الزبرقان: أو ما تبلغ مروءتي أن اّكل وأشرب ، فسأل عمر حسان ولبيا ، فقالا: نعم هذا هجو ، فامر عمر بحبسه ، وقصته طويلة نقلها صاحب "الأغاني " ،وترجمة الحطيئة تقدمت في الإنشاد الخامس والسبعين بعد المائتين.
وأنشد بعده:
إن من يدخل الكنيسة يوما
…
يلق فيها جاّذرا وظباء
وتقدم شرحه في الإنشاد السابع والاربعين.
وأنشد بعده:
صددت فاطولت الصدوود وقلما
…
وصال على طول الصدود يدوم
وتقدم الكلام عليه في الإنشاد الثامن بعد الخمسمائة.
وأنشد بعده ، وهو الإنشاد الخامس والعشرون بعد الثمانمائة:
(825)
أظبي كان أمك أم حمار
على أن قوله ظبي اسم لكان محذوفة مفسرة بكان المذكورة إلى اّخر ما ذكره ، وذهب صاحب "المفتاح " إلى أن تنكير المسند إليه إنما هو في ظبي إذا ارتفع بالمضمر ، لا في ضمير كان العائد عليه ، وهو وارد على القلب ، والأصل: أظبيا كان أمك أم حمارا ،
قال: إن كون المسند غليه نكرة ، والمسند معرفة ، سواء قلنا: يمتنع عقلا ، أو يصح عقلا ، ليس في كلام العرب، وأما ما جاء من نحو قوله:
ولا يك موقف منك الوداعا
وقوله: يكون مزاجها عسل وماء
وبين الكتاب:
أظبي كان أمك أم حمار
فمحول على المنوال: عرضت الناقة على الحوض ، واصل الاستعمال: ولا يك موقفا منك الوداع ، ويكون مزاجها عسلا وماء ، وأظبيا كان امك ام حمار ا، ولا تظن بيت الكتاب خارجا عما نحن فيه هابا إلى أن اسم كان هو الضمير، والضمير معرفة، فليس المراد كان أمك، وإنما المراد ظبي ، بناء على أن ارتفاعه بالفعل المفسر لا بالابتداء ، ولذلك قدرنا الأصل على ما ترى. انتهى.
واختار السعد في " المطول " هذا الاخير، قال: قيل: إنه قلب من جهة اللفظ بناء على ان ظبي مرفوع بكان امقدرة ، والحق أن ظبي مبتدأ ، وكان أمك خبره ، فحينئذ لا قلب فيه من جهة اللفظ ، لأنه اسم كان ضمير ، والضمير معرفة ، نعم فيه قلب من جهة المعنى، لان المخبر عنه في الاصل هو الأم. انتهى. ويشهد للقلب ما رواه ابن خلف في " شرح شواهد سيبويه " قال: وقد ينشد:
أظبيا كان أمك حمار
على أنه جعل اسم كان معرفة وخبرها نكرة ، فهذا جيد إلا أنه كان يجب أن ينصب حمارا ، لأنه معطوف على ظبي فيجوز رفعه على إضمار مبتدأ.
قال المبرد في كتابه " الجامع ": والاجود في هذه الابيات نصب الاخبار المقدمة ، ورفع المعارف ، وقطع القوافي على قطع وابتداء. انتهى كلام ابن خلف.
والبيت من ابيات أوردها أبو تمام في كتاب " مختار أشعار القبائل " ونسبها لثروان ابن فزارة بن عبد يغوث العامري وهي:
وكائن قد رايت من اهل دار
…
دعاهم رائد لهم فساروا
فأصبح عهدهم كمقص قرن
…
فلا عين تحس ولاأثار
لقد بدلت أهل بعد أها
…
فلا عجيب بذاك ولا سخار
فأنك لا يضرك بعد عام
…
أظبي كان ام حمار
فقد لحق الأسافل بالأعالي
…
وماج اللؤم واختلط النجار
وعاد العبد مثل أبي قبيس
…
وسيق مع المعلهجة العشار
وقوله: وكائن: هي خبرية بمعنى كم الخبرية ، والرائد: الذي يرسل في طلب الكلأ.
وقوله: فاصبح عهدهم إلى اّخره: العهد بالفتح: المنزل الذي لا يزال القوم إذا بعدوا عنه رجعوا اليه وكذلك المعهد ، وقوله: كمقص قرن ، قال أبو تمام:
أي: كمقطع قرن ، يريد: خلت ديارهم ، وقيل: مقص قرن: جبل مشرف على عرفات أيضا ، وليس يريده. انتهى. قال ابو محمد الأعرابي: مقص موضع تقتص فيه الأرض ، أي: لا يوجد لهم ولعهدهم أثر ، كما لا يوجد أثر من يمشي على صخرة وقرن جبل. انتهى. وتحس بالبناء للمفعول: من أحس الرجل الشيء إحساسا ، أي: علم به ، والأثار بفتح الهمزة: هو الأثر ويقال: أثارة أيضا بالهاء. وقوله: لقد بدلت أهلا .. إلى اّخره بالبناء للمفعول. والسخار بضم السين وكسرها: اسم للسخرية والاستهزاء ، وقوله: فإنك لا يضرك ، هذه رواية أبي عبيدة ورواه مؤرج السدوسي في "أمثاله": فإنك لا يضورك ، يقال: ضاره يضوره
ويضيره بمعنى ، ورويا "حول " بدل "عام" ولم أر رواية " فإنك لا تبالي " لأحد إلا للنحويين.
وقوله: أظبي كان إلى اّخره ، هذه هي الرواية المشهورة التي رواها سيبويه فمن بعده من النحاة وقال أبو محمد الأسود الأعرابي في كتابه "فرحة الاديب" رد فيه على ابن السيرافي في " شرح أبيات سيبويه": كيف يكون الظبي والحمار أمين وهما ذكرا الحيوان ، حتى إن المثل يضرب بالحمار ، فيقال:" من ينك العير ينك نياكا "، والصواب ما أنشدناه أبو الندى:
أظبي ناك أمك أم حمار
وإنما قلبت اللفظة تحرجا فيما أرى ، ثم استشهد به النحويون على ظاهره. وهذه الابيات قطعة ظريفة اكتبها أبو الندى ، وذكر أنها لثروان بن فزارة بن عبد يغوث بن ربيعة بن عمرو بن عامر. انتهى.
أقول: يدفع ما توقف فيه بأن الأم هنا معناه الأصل وهذا معنى شائع لا ينبغي العدول عنه ، فإن الام في اللغة يطلق على أصل} كل {شئ سواء كان في الحيوان أم في غيره. وقال الأعلم في " شرح شواهد سيبويه ": وصف في البيت تغير الزمان ، واطراح مراعاة الانساب ويتصل به ما يبين وهو قوله: فقد لحق الأسافل بالأعالي فيقول: لا تبالي بعد قيلعك بنفسك واستغنائك عن أبويك من انتسبت إليه من شريف أو وضيع ، وضرب المثل بالظبي والحمار وجعلهما أمين وهما ذكران ، لانه مثل لا حقيقة ، وقصد قصد الجنسين ، ولم يحقق أبوة وذكر الحول لذكر الظبي والحمار ، لانهما يستغنيان بانفسهما بعد الحول ، فضرب المثل بذكره للإنسان لما أراد من استغنائه بنفسه. انتهى.
وقوله: وماج اللؤم إلى اّخره ، ماج يموج ، واللؤم: دناءة النفس والأباء ، والنجار ، بكسر النون بعدها جيم: الأصل ، أي: ذهب السؤدد، وغلب على الناس اللؤم والدناءة واشتبه الأصل والنسب ، حتى لو بقوا على هذه الحالة سنة لا يبالي إنسان أهجينا كان أو غير هجين وقوله: مثل أبي قبيس هو مصغر "أبو قابوس" وهو كنية النعمان بن المنذر ملك الحيرة ، وقابوس معرب كاووس: اسم ملك من ملوك الفرس القديمة.
وقال ابو محمد الاعرابي الذي انشدناه أبو الندى:
وعاد الفند مثل أبي قبيس
ورواية الناس "العبد" وذكر أبو الندى أنه تصحيف.
والفند بكسر الفاء وسكون النون: قطعة من الجبل طولا ، وقيل: الجبل العظيم ، وابو قبيس: جبل بمكة ، سمي برجل من مذحج حداد ، لأنه أول من بنى فيه وفي " قاموس ": المعلهج ، كمزعفر: الأحمق اللئيم والهجين ، وحكم الجوهري بزيادة هائه غلط ، والهجين: اللئيم ، وعربي ولد من أمة ، أو من أبوه خير من أمه ، وفرس هجين: غير كريم كالبرذون ، والعشار بالكسر: جمع عشير ، وهو الغريب والصديق ، أو جمع عشراء ، والعشراء من النوق: التي مضى لحملها عشرة أشهر أو ثمانية ، او هي كالنفساء من النساء.
وثروان بن فزارة صحابي وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ومدحه بابيات نقلناها في ترجمته في الشاهد الرابع والعشرين بعد الخمسمائة من شواهد الرضي بعد شرح هذه الأبيات.