الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يجعل قوله بمعتدل مفعولاً به، والباء زائدة، وما المذكور نافية في الموضعين، والفعلان تنازعا، وحذف المفعول من أحدهما، فلا يحتاج إلى تقدير "ما"، لا نافية ولا موصولة. انتهى. وهو جيد، وقوله: ما نلتم أراد من النيل الإصابة في الحرب من القتل والتجريح، وهو خطاب للمشركين، والمعتدل: المعادل، والوفق: الموافق، يقول: إن ما أصبتم منا في الحرب ليس يعادل ما أصبنا منكم فيها. بل إصابتنا فيكم أشنع وأهول.
والبيت من شعر لعبد الله بن رواحة الأنصاري الصحابي رضي الله عنه، وتقدمت ترجمته في الإنشاد السادس والتسعين بعد الستمائة.
وأنشد بعده:
إلا من مبلغ عني تميماً
…
بآية ما يحبون الطعاما
وتقدم الكلام عليه في الإنشاد الثاني والستين بعد الستمائة.
وأنشد بعده:
بآية يقدمون الخيل شعثاً
…
كأن على سنابكها مداما
وتقدم في الإنشاد الستين بعد الستمائة.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث والسبعون بعد الثمانمائة:
(873)
ونهنهت نفسي بعد ما كدت أفعله
وصدره:
فلم أر مثلها خباسة واحد
أنشده سيبويه لعامر بن جوين الطائي، وقال: حملوه على "أن" لأن الشعراء قد يستعملون "أن" مضمرين كثيراً. انتهى.
قال ابن خلف: الشاهد فيه نصب "أفعله" بإضمار أن، لأن هذا الموضع قد تدخله "أن"، وإن لم يكن دخولها عليه قوياً، وشبه "كاد" بـ "عسى". انتهى. وأحسن منه قول الأعلم: الشاهد فيه نصب أفعله بإضمار "أن" ضرورة، ودخول "أن" على كلمة لا يستعمل في الكلام، فإذا اضطر الشاعر، أدخلها عليها تشبيهاً لها بـ "عسى"، لاشتراكهما في معنى المقاربة، فيما أدخلوها بعد "كاد" في الشعر ضرورة توهمها هذا الشاعر مستعملة، ثم حذفها ضرورة هذا تقرير كلام سيبويه، وقد خول فيه، لأن "أن" مع ما بعدها اسم فلا يجوز حذفها، وحمل الراد الفعل على إرادة النون الخفيفة وحذفها ضرورة، والتقدير عنده: بعد ما كدت أفعلنه، وهذا التقدير أيضاً بعيد، لتضمنه ضرورتين وهما أدخالها في الواجب، ثم حذفها، فقول سيبويه أولى، لأن "أن" قد أتت في الأشعار محذوفة كثيراً. انتهى. وهذا مذهب أبي الحسن الأخفش حكاه عنه المازدني قال ابن خلف: قال أبو جعفر: سمعت محمد بن الوليد يقول: سمعت محمد بن يزيد يقول: سمعت المازني يقول: أخبرني أبو إسحاق الزيادي عن الفراء في قوله:
بعد ما كدت أفعله
قال: أراد أفعلها، فلما اضطر حذف الألف، وفتح اللام ليدل على أنه قد حذف الألف، لأن الفتحة من جنس الألف، وهذا القول عند أبي الحسن غير مرضي، لأنه كان يجب أن تكون الفتحة على الهاء، لأنها تلي الألف، ولم تحذف حركة الإعراب، وأيضاً قال: الاسم "ها" فيحذف بعض الاسم، وايضاً فإنه
يلتبس المؤنث بالمذكر، والقول في هذا أنه أراد النون الخفيفة، أي: أفعلنه، ثم حذف النون لما اضطر، وأنشد أبو الحسن:
اضرب عنك الهموم طارقها .. البيت
أراد: إضربن عنك، وأنكر أبو إسحاق أن يكون معنى أفعله على النون الخفيفة. انتهى كلام ابن خلف، وقول أبي الحسن كان يجب أن تكون الفتحة على الهاء لأنها تلي الألف، أقول: الألف ساكنة وضعاً، فأي فتحة لها حتى تنقلب إلى هاء؟ ! وإنما نقلت فتحة الهاء إلى اللام بعد حذف حركتها لتكون الفتحة دليلاً على الألف المحذوفة، وكون الألف بعض الاسم ليس كذلك. قال أبو علي في "الحجة": وأما ثبات الألف في ضمير المؤنث المفرد، فليس بدال على أنه من نفس الكلمة، وإنما أحلقت للفصل بين التأنيث والتذكير كما ألحقت السين أو الشين في الوقف قي قولهم: أكرمتكس وأكرمتكش، في بعض اللغات لذلك، فكما أنها ليسا مع الكاف كلمة واحدة، وإنما الأصل الكاف، ولحق هذان الحرفان للفصل بين التأنيث والتذكير، كذلك الألف اللاحقة لهاء الضمير في التأنيث، وقد يكون من الزوائد ما يلزم، فلا يحذف نحو نون منطلق، ونحو الألف المبدلة من التنوين في النصب في أكثر اللغات على أن ناساً أجازوا حذف هذه الألف في الوقف، قال أبو عثمان: أخبرني أبو محمد التوزي، قال: أخبرني الفراء، قال: قال: قوله:
ونهنهت نفسي بعد ما كدت أفعله
أراد: بعد ما كدت أفعلها، يعني: الخصلة، فحذف الألف، وطرح حركة الهاء على اللام، قال: ومن كلام أهل بغداد الكسائي والفراء: "نحن جئناك به" طرح حركةالهاء على الباء، وهو يريد:"نحن جئناك بها"، وهذا الذي حكاه أبو عثمان ليس بالمتسع في الاستعمال، ولا المتجه [في القياس]، وذلك أن حركة الحرف
التي هي له، أولى من المجتلبة، يدل على ذلك أن منألقى حركة الحرف المدغم على الساكن الذي قبله في نحو:"استعد" إذا أمر، فقال: امتد، واعتد، أقر الحركة التي للحرف فيه، ولم يحذفها ويلقي على الحرف حركة الحرف المدغم، فذلك الحركة التي هي الكسرة من به أولى به من نقل حركة الموقوف عليه، إلى هنا كلامه. وبعده كلام متصل به تركناه، وعلم مما نقلنا بأن القائل: أصله أفعلها، إنما هو الفراء، لا المبرد كما زعمه المصنف، والبيت من أبيات أوردها أبو محمد الأعرابي الأسود في "فرحة الأديب" قال: وهذه الأبيات قالها عامر بن جو بن الطائي في هند أخت امرئ القيس بن حجر لما هرب من النعمان بن المنذر، ونزل عليه، فأراد عامر الغدر به، فتحول عنه، وهي:
أأظعان هند تلكم المتحملة
…
لتحزنني أم خلتي متدلله
فما بيضة بات الظليم يحفها
…
فيفرشها وحفاً منالريش مخمله
ويجعلها بين الجناح ودفه
…
إلى جؤجؤ جاف بميثاء حومله
بأحسن منها يوم قالت وأعرضت
…
تبدل خليلي إنني متبدله
ألم تر ما بالجزع من ملكانه
…
وما بالصعيد من هجان مؤبله
فلم أر مثلها خباسة واحد
…
ونهنهت نفسي بعد ما كدت أفعله
انتهى قوله: أأظعان هند، الهمزة للاستفهام من قبيل تجاهل العارف، والخلة بالضم: مصدر بمعنى الصداقة، وأطلق على الوصف مبالغة، والظليم:
النعام، ويحفها: يسترها، والوحف: الجناح الكثير الريش بفتح الواو وسكون الحاء المهملة، والمخملة بضم الميم وسكون الخاء المعجمة وفتح الميم: وهو الشيء الذي له خمل بفتح فسكون، وهو شيء يكون كالقطن والصوف يعلوه، والدف بفتح الدال الجنب، والجؤجؤ بالهمز كقنفذ: الصدر، الميثاء باللتح والمثلثة والمد: الأرض الطيبة السهلة المرملة، وحوملة: اسم مكان، والجزع بكسر الجيم: منعطف الوادي، قال أبو محمد الأسود: ملكان بفتح الميم وكسر اللام: هو جبل من بلاد طيء، كان يقال له: ملكان الروم، لأن الروم كانت تسكنه في الجاهلية مرة. انتهى.
ورواه ابن السيرافي "ملكات" جمع ملكة، وجهله الأسود قال: ولو كان له حياء لما استحستن لنفسه أن يدخلها في مثل هذا التصحيف الشنيع، ولكن لا دواء لمن لا حياء له. انتهى. وتبعه ابن خلف، فقال: ملكات جمع ملكة بين النساء، ومن رواه: من ملكاته كان أحسن وزناً، وألم تر: ألم تعلم، والصعيد: وجه الأرض، والهجان: الإبل الكريمة، والمؤبلة بفتح الباء المشددة: الإبل الكثيرة، وقوله: فلم أرد مثلها، أي: مثل هند، والخباسة بضم الخاء المعجمة بعدها موحدة: الغنيمة، يقول: لم أر مثل هذه الغنيمة غنيمة رجل واحد، وإنما يحوي هذه الغنيمة جيش عظيم، ونهنهت: كففت نفسي عن أخذ هذه الغنيمة بعد ما كدت آخذها، والهاء في أفعله ضمير المصدر، أي: بعد ما كدت أفعل الفعل، وقيل ضمير الغدر المفهوم من المقام، وتقدم خبر هذه الأبيات في الإنشاد الواحد والأربعين بعد المائتين.
وعامر بن جوين الطاي شاعر فارس جاهلي.
وأنشد بعده:
ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى
…
وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي
وتقدم الكلام عليه في الإنشاد الخامس عشر بعد الستمائة.