الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فرس مبقية: إذا كانت تأتى بجرى عند انقطاع جريها، يريد أنها شربت الماء، فقطعها عن إبقائها، ففاته حزيمة، وظلعها: فاعل أدرك، وإبقاء: مفعوله، والظلع: العرج اليسير. قالى ابن الأنبارى: الظلوع في الإبل بمنزلة الغمز، أى: العرج اليسير، يقال: ظلع يظلع بفتحهما ظلعا وظلوعا، ولا يكون الظلوع في الحافر إلا استعارة، والكلحبة العرينى، بفتح العين وكسر الراء المهملتين نسبة إلى عرين وهو جده القريب: ويقال أيضا: الكلحبة اليربوعى، نسبة الى جده البعيد، وهو شاعر فارس، وقد ترجمناه ترجمة واسعة، وشرحنا الأبيات بأبسط من هذا في الشاهد الواحد والستين، وفي الشاهد السادس عشر بعد الثلاثمائة من شواهد الرضى
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والخمسون بعد الثمانمائة:
(854)
أمن يهجو رسول الله منكم
…
ويمدحه وينصره سواء
على أن اسم الموصول حذف من المصراع الثانى لدلالة الأول عليه، والتقدير:
ومن يمدحه وينصره، وهذا غير مرضى عند أبى على وأتباعه، قال في " التذكرة القصرية": يمنع أن يكون "ويمدحه وينصره" في الصلة، لأن سواء لا يقع على الواحد، فـ "من" إذن نكرة، ويهجو صفة لها، وحذفت بعد، وأقيم الفعل نائبا عنها، كقوله:
جادت بكفي كان من أرمى البشر
انتهى
وقال ابن جنى في " إعراب الحماسة " قال في بيت لأبى دهبل الجمحى:
ولا يجوز أن تكون " ما " هنا موصولة، لأنه ينكر أن يحذف الموصول، وتبقى صلته، وهذا ليس جائزا، إنما الجائز حذف الموصول وإقامة صفته مقامه، وعليه بيت حسان: " أمن يهجو
…
البيت "، أى: فواحد يهجو رسول الله، وآخر يمدحه وينصره سواء! ولا تكون " من " هنا موصولة، لأنه يلزم منه أن يكون تقديره: الذى يهجو رسول الله، والذى يمدحه وينصره سواء، أى: يلزم من هذا حذف الموصول وتبقيه صلته، وهذا فاسد. انتهى كلامه
وقوله: وإنما الجائز حذف الموصوف، ممنوع إذ لا يجوز حذفه مطلقا إنما يجوز إذا كان الوصف مفردا، أو يكون هو بعضا من مجرور بـ " من " أو " في "، وأما إذا كانت صفته كما هنا جملة، فلا يجوز حذفه، وكأنه أراد أنه جائز في الشعر للضرورة، قال صاحب "الكشاف" و"البيضاوى" عند قوله تعالى:(وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء)] العنكبوت / 22 [إن فررتم من قضائه بالبرارى في الأرض، أو الهبوط في مهاويها، والتحصن في السماء أو القلاع الذاهبة فيها، وقيل: ولا من في السماء كقول حسان:
أمن يهجو رسول الله
…
البيت (3)
وحمل خدمة هذين التفسيرين " من " المحذوفة في الآية على أنها موصولة كالتي في البيت، ولم يذكر أحد منهم جواز كونها نكرة موصوفة بتقدير: ولا أحد في السماء، وهو ابلغ لوقوعه في سياق النفي
أل الطيبى: فالموصول المحذوف عطف على أنتم، وقوله: أمن يهجو، أى: ومن يمدحه، وقيل: لوم لم تقدر "من "، لكان يمدحه عطفا على يهجو، وكان
داخلا في حيز الصلة، فكان الهاجى والمادح شخصا واحدا، وفسد المعنى، ولا يصح قوله: سواء. انتهى
أقول: هذا لا يعين كون " من " المحذوفة موصولة، ويصح أن يكون دليلا لكونها نكرة موصوفة، وقال صاحب "الكشف" في تقدير "من" يقتضى التعدد، كأنه قيل الجماعتان التي هجت منكم، والتي مدحت من غيركم سواء، أو الاثنان الذى هجا منكطم، والذى مدح من غيركم إن خص بحسان وأبى سفيان.
انتهى.
وأفاد الجواليقى كون الهاجى والمادح من المشركين، وروى البيت:" فمن يهجو رسول الله " بالفاء موضع همزة الاستفهام، وقال في تقرير معناه: يقول: هجوكم لا ينقصه كما أن مدحكم لا يرفعه
والبيت من قصيدة لحسان بن ثابت أورده ابن هشام في " السيرة" وقال: قالها حسان قبل يوم فتح مكة، وهذه أبيات منها:
ألا أبلغ أبا سفيان عنى
…
مغلغلة فقد برح الخفاء
هجوت محمدا فأجبت عنه
…
وعند الله في ذاك الجزاء
أتهجوه ولست له بكفء
…
فشركما لخيركما الفداء
فمن يهجو رسول الله منكم
…
ويمدحه وينصره سواء
فإن أبى ووالده وعرضى
…
لعرض محمد منكم وقاء
قال الجواليقى: يعنى أبا سفيان بن الحارث] بن عبد المطلب [، وكان يألف النبى صلى الله عليه وسلم في الجاهلية، فلما بعث عاداه، وهجاه، ثم أسلم عام الفتح، وشهد حنينا. والمغلغلة: الرسالة تحمل من بلد إلى بلد، وبرح الخفاء:
انكشف الستر، واتضح الأمر، وهو مثل، والخفاء: مصدر خفي الأمر خفاء: إذ كنتم.
وقوله: " وعند الله في ذاك الجزاء "، كان الظاهر أن يقول في ذينك، أى: عند الله جزاء هجوك، وجزاء إجابتى ومدافعتى عنه، لكنه بتقدير ذلك المذكور، كما قيل في قوله تعالى:(عوان بين ذلك)] البقرة / 68 [. وقوله: فشركما لخيركما الفداء، قال السهيلى في " الروض الأنف " في ظاهر هذا اللفظ بشاعة، لأن المعروف أن لا يقال: هو شرهما إلا وفي كليهما شر، وكذلك شر منك، ولكن سيبويه قال في كتابه: تقول مررت برجل شر منك: إذا نقض] عن [أن يكون مثله، وهذا يدافع الشناعة عن الكلام الأول، ونحو منه قوله عليه الصلاة والسلام:" شر صفوف الرجال آخرها "، يريد نقصان حظهم عن حظ الصف الأول، كما قال سيبويه، ولا يجوز أن يريد التفضيل في الشر والله أعلم. انتهى.
وقوله: أمن يهجو .. الخ. وقوله: أتهجوه الهمزة للاستفهام الإنكارى التوبيخى، والكفء: النظير، أى: لا يستوى من هجاه منكم، ومن مدحه منا، فكيف تهجوه، وتجعل نفسك نظيرا له. وتقدمت ترجمة حسان بن ثابت في الإنشاد التاسع والتسعين.