الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذا وصف الإبل، والمصراع الثاني في وصف الراعي، وتقدم شرحه في الإنشاد الثالث والتسعين بعد الستمائة.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد السادس والثلاثون بعد السبعمائة:
(736)
ولو أن مجداً أخلد الدهر واحداً
…
من الناس أبقىا مجده الدهر مطمعا
قال ابن عصفور في "الضرورة": ومنه تقدم الضمير على الظاهر لفظاً ورتبة، نحو قول حسان:
فلو أن مجداُ يخلد اليوم
ألا ترى أنه قدم الضمير على "مطعم" لفظاً ورتبة، لأنه متصل بالفاعل، ومطعم: مفعول، ورتبة الفاعل أن تكون قبل المفعول. انتهى.
وقال السهيلي في "الروض الأنف": وذكر ابن هشام قول حسان في مطعم بن عدي، ويذكر جواره للنبي، صلى الله عليه وسلم، وذلك حين رجع (من الطائف) وقيامه في أمر الصحيفة، وفيه:
فلو كان حمد مخلد الدهر واحداً
…
البيت
وهذا عند النحويين من أقبح الضرورة، لأنه قدم الفاعل وهو مضاف إلى ضمير المفعول، فصار في الضرورة مثل قوله:
جزى ربه عني عدي بن حاتم
…
البيت
…
غير أنه في البيت أشبه قليلاً لتقدم ذكر مطعم، فكأنه قال: أبقى مجد هذا المذكور المتقدم ذكره مطعماً، فوضع [الظاهر موضع] المضمر كما لو قلت: إن زيداً ضربت جاريته [زيداً، أي: ضربت جاريته] إياه، ولا بأس بمثل هذا، ولا سيما إذا قصدت التعظيم والتفخيم لذكر الممدوح [كما قال الشاعر]:
وما لي أن أكون أعيب يحيى
…
ويحيى طاهر الأثواب بر
ويجوز نصبه عندي على البدل من قوله: وبكي عظيم المشعرين، ويكون المفعول من قوله: أبقى مجده محذوفاً كأنه قال: أبقاه مجده [أبداً]، والمفعول لا قبح في حذفه إذا دل عليه الكلام كما في هذا البيت. انتهى كلامه.
وفيه أن مجده إذا نصب، وجعل بدلاً من "عظيم المشعرين" بدل اشتمال لم يكن "أبقى" محتاجاً إلى مفعول، وإنما يحتاج إلى فاعل، فيكون ضمير المجد المخلد.
والبيت من أبيات ثمانية لحسان بن ثابت، رثى بها مطعم بن عدي، والدجبير ابن مطعم الصحابي ومات مطعم ولم يسلم، وهو بوزن اسم فاعل، من الإطعام. قال بان حبيب جامع ديوان حسان: لما توفي أبو طالب، استدت قريش على النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، وآذوه، فبعث، صلى الله عليه وآله، ابن أريقط، أخا بني عدي بن الديل بن بكر إلى الأخنس بن شريق الثقفي ليجيره من قريش،
فقال لرسوله حين جاءه: إن حليف قريش لا يجير عىل صميمها، وكان حليف بني زهرة، فرجع إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فخبره، قال: فانطلق إلى سهيل بن عمرو، من بني عامر بن لؤي، فانطلق إلى سهيل، فذكر ذلك له، فقال سهيل: إن بني عامر لا تجير على بني كعب بن لؤي، فرجع إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فخبره، فقال: انطلق إلى مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف، فقال: إن محمداً أرسلني إليك لتجيره من قريش حتى يطوف بالكعبة. قال: أفعل، قد أجرته، فليأت، فلا بأس عليه، فجاء، صلى الله عليه وآله وسلم، فخرج مطعم في بنيه ومن أطاعه من قومه حتى طاف بالكعبة، فأتاه أبو سفيان بن حرب، فقال: أمجير أم مانع؟ قال: بل مجير، قال: فإذن لا يخفر جوارك، فقعد معه أبو سفيان حتى فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إن مطعماً هلك. فقال حسان يرثيه، ويذكر وفاءه:
أعيني ألا ابكي سيد واسفحي
…
بدمع فإن أنزفته فاسكبي الدما
وبكي عظيم المشعرين وربها
…
على الناس معروف له ما تكلما
فلو كان مجد يخلد اليوم واحداً
…
من الناس أبقى مجده الدهر مطعما
أجرت رسول الله منهم فأصبحوا
…
عبادك ما لبى ملب وأحرما
فلو سئلت عنه معد بأسرها
…
وقحطان أو باقي بقية جرهما
لقالوا هو الموفي بخفرة جاره
…
وذمته يوماً إذا ما تذمما
فما تطلع الشمس المنيرة فوقهم
…
على مثله منهم أعز وأكرما
إباء إذا يأبى وألين شيمة
…
وأنوم عن جار إذا الليل أظلما
وقوله: إذا ما تذمما. يقال: تذممه، أي: أعطاه ذمته، ومطعم: أحد الذين قاموا في نقض الصحيفة التي كتبتها قريش على بني هاشم، وبني عبد المطلب.