الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والشعر لضمرة بن ضمرة النهشلي: شاعر جاهلي، وكان يبر أمه ويخدمها، وكانت مع ذلك تؤثر أخاً له يقال له جندب، فقال هذا الشعر، والأجنب، بالجيم والنون: القريب والبعيد، والحيس: لبن وأقط وسمن وتمر يصنع منه طعام، والملاح: جمع مليح، يقال: قليب مليح ماؤه، أي: ملح، والخبت، بفتح المعجمة وسكون الموحدة: المطمئن من الأرض فيه رمل، والمجدب: اسم فاعل من الجدب ضد الخصب، وقد بسطنا الكلام بسطاً وافياً على هذا الشعر، وقائله في الشاهد الثامن والثمانين من شواهد الرضي.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الواحد والثلاثون بعد الثمانمائة:
(831)
تعلم رسول الله أنك مدركي
تمامه:
وأن وعيداً منك كالأخذ باليد
على أن تعلم مثل زعم لا يقع على المفعولين صريحاً، بل على أن وصلتها، قال ابن السكيت: تقول: تعلمت أن فلاناً خارج بمعنى علمت، قال: إذا قال لك: اعلم أن زيداً خارج، قلت: قد علمت، وإذا قال: تعلم أن زيداً خارج، لم تقل: قد تعلمت، يعني أنه يقتصر على ما ورد عنهم، ولا يتجاوز إلى غيره، والبيت من شعر أورده ابن هشام في السيرة، قال فيها: قال ابن إسحاق، وقال أنس بن زنيم الديلي يعتذر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مما كان قال فيهم عمرو بن سالم الخزاعي:
أأنت الذي تهدى معد بأمره
…
بل الله يهديهم وقال لك اشهد
وما حملت من ناقة فوق رحلها
…
أبر وأوفى ذمة من محمد
أحث على خير وأسبغ نائلاً
…
إذا راح كالسيف الصقيل المهند
وأكسى لبرد الخال قبل ابتذاله
…
وأعطى لرأس السابق المتجرد
تعلم رسول الله أنك مدركي
…
وأن وعيداً منك كالأخذ باليد
تعلم رسول الله أنك قادر
…
على كل صرم متهمين ومنجد
تعلم بأن الركب ركب عويمر
…
هم الكاذبون المخلفو كل موعد
ونبي رسول الله أني هجوته
…
فلا حملت سوطي إلي إذن يدي
وبعد هذا ستة أبيات، وقال السهيلي في "الروض الأنف" قوله: وأكسى لبرد الخال إلخ
…
الخال: من برود اليمن، وهو من رفيع الثياب، وأحسبه سمى بالخال الذي بمعنى الخيلاء، وقوله: تعلم رسول الله أنك مدركي إلخ .. وهذا البيت سقط من رواية أبي جعفر بن الورد، ومعناه من أحسن المعاني، ينظر إلى قول النابغة:
فإنك كالليل الذي هو مدركي
…
وإن خلت أن المنتأى عنك واسع
خطاطيف حجن في حبال متينة
…
تمد بها أيد إليك نوازع
فالقسم الأول كالبيت الأول من بيت النابغة، والقسم الثاني كالبيت الثاني، لكنه أطبع منه وأوجز، وقول النابغة كالليل فيه من حسن التشبيه ما ليس في قول الديلي، إلا أنه يسمج مثل هذا التشبيه في النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه نور وهدى، فلا يشبه بالليل، وإنما حسن في قول النابغة أن يقول: كالليل، ولم يقل كالصبح، لأن الليل ترهب غوائله، ويحذر من إدراكه ما لا يحذر من النهار، وقد أخذ الأندلسي هذا المعنى، فقال في هربه من ابن عباد:
كأن بلاد الله وهي عريضة
…
تشد بأقصاها علي الأناملا
فأين مفر المرء عنك بنفسه
…
إذا كان يطوي في يديك المراحلا