الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الخامس
أنشد فيه، وهو الإنشاد الثالث والسبعون بعد السبعمائة:
(733)
لا يبعد الله التلبب وال
…
غارات إذ قال الخميس نعم
هذا البيت من قصيدة عدتها خمسة وثلاثون بيتاً للمرقش الأكبر أورها المفضل في المفضليات، وشرحها ابن الأنباري، وبعده:
والعدو بين المجلسين إذا
…
ولي العشي وقد تنادى العم
يأتي الشباب الأقورين ولا
…
تغبط أخبار أن يقال حكم
وهذا آخر القصيدة. قال ابن الأنباري: الخميس: الجيش، والنعم: الإبل، أي: إذا قال الجيش هذا نعم، فأغيروا عليه، والتلبب: لبس السلاح كله، أي: لا كان آخر عهدي. انتهى. يريد أن لفظ البيت يريد به الدوام والاستمرار، أي: أدام الله على لبس السلاح، والغارة على أموالا لناس، و "إذ" ظرف متعلق بالغارات ومراده في البيت: لا يبعد الله عني.
وقوله: والعدو بين المجلسين: هو منصوب بالعطف على التلبب، قال ابن الأنباري: ذاك وقت مجيء الأضياف، فالشباب بيعدون بين المجالس ينزلون
الضيف، ويصلحون من شأنه، والعم: الجماعة من الناس، وإنما قال: ولى العشي أن الشيف لا يجيء إلا في ذلك الوقت: وتنادى: من النادي، وهو المجلس.
وقوله: يأتي الشباب: أن يقال حكم، وذلك أنه لا يتحاكم إليه إلا بعد الكبر، وذلك بالقرب من الموت، فما يقربه إلى الموت؛ فقلا يغبط به، كقول الشاعر:
لا تغبط المرء أن يقال له
…
أمسى فلان لعمره حكما
إن سره طول عمره فلقد
…
أضحى على الوجه طول ماسلما
يريد أن الشيخ وغن عزم قومه لا يغبط وإنما يغبط الشاب مع انه يلاقي الدواهي، والأمور الشديدة.
والمرقش: اسمه عوف بن سعد، وينتهي نسبه إلى قيس بن ثعلبة، وسمي المرقش لقوله:
الدار قفر والرسوم كما
…
رقش في ظهر الأديم قلم
رقش: زين وحسن، يعني: آثار الرياح في الديار، ومن أبيات علم البلاغة قوله:
النثر مسك والوجوه دنانير وأطراف الأكف عنم
والمرقش الأصغر ابن أخيه، واسمه زمعة بن سفيان، وهذا هو عم طرفة بن العبد، والجميع جاهليون.
وقال المصنف: "أعرب لتلميذ له" هذه كلمة عربية متداولة بين الخاص والعام، مستعملة في ألسنة فضلاء الأنام، ولم تذكر في كتب اللغة المدونة لبيان الجليل والحقير، وذكر النقير والقطمير إلا في "لسان العرب" لمحمد بن مكرم التلمساني فإنه قال فيه: التلايذ: الخدم والأتباع، واحدهم تلميذ.
ولما أقرأت هذا الكتاب في سبعين وألف، ووصلنا إلى هذا الموضع، رأينا ابن الملا الحلبي قال في شرحه: التلميذ: القارئ على الشيخ، ولم أقف عليه في شيء منك تب اللغة المتداولة، ك"الصحاح" و"القاموس" وغيرهما. انتهى. فحينئذ تتبعت بطون الدفاتر من مصنفات الأوائل والأواخر، فجمعت رسالة، وهذا ملخصها:
أنشد أبو حنيفة الدينوري في كتاب "النبات" شعراً وفيه هذا البيت:
فالماء يجلو متونهن كما
…
يجلو التلاميذ لؤلؤا قشبا
وقال: التلاميذ: غلمان الصناع، والقشب: الجديد. وقال أمية بن أبي الصلت من قصيدة:
والأرض معقلنا وكانت أمنا
…
فيها مقامتنا وفيها نولد
وبها تلاميذ على قذفاتها
…
حبسوا قياماً فالفرائص ترعد
وقال جامع ديوانه: التلاميذ: الخدم يعني: الملائكة.
وقال في قصيدة أخرى:
صاغ السماء فلم يخفض مواضعها
…
لم ينتقص علمه جهل ولا هرم
لا كشفت مرة عنا ولا بليت
…
فيها تلاميذ في أقفائهم دغم
وقال الشريشي في شرح المقامة الأولى: التلميذ: متعلم الصنعة، والتلميذ الخادم، وطلبة العلم تلاميذ شيخهم. انتهى.
وقال أمية في القصيدة التي أنشدنا بيتين منها:
فمضى وأصعد واستبد إقامة
…
بأولي قوى فمبتل ومتلمذ
قال جامع ديوانه: يريد متلمذ أي: خادم. وتلمذ: جعل للخدمة، ويروى: متلمذ، بكسر الميم. وأراد بأولي قوي: الملائكة الذين يحملون العرش. وقوله: فمضى: يعني الله عز وجل، واتبد يعني: لا يستشير أحداً، يقال: استبد فلان بقرأيه إذا لم يستعن أحداً على ما يريد، والمبتل المفرد. انتهى.
وطن من هذا شيئان، أحدهما: أن متلمداً: مفعلل، ووزن تلميذ: فعليل، ولا يجوز أن يكون وزنها متفعلاً وتفعيلاً؛ لعدم وجودهما في لغة العرب، وثانيهما أن له فعلاً متعدياً، لأن اسم المفعول بدون الصلة لا يبنى إلا من فعل متعد، وهو تلمذه كدحرجة بمعنى: خدمه، فهو متلمذ، وإطلاق التلميذ على المتعلم صنعة أو قراءة لأنه في الغالب يخدم أستاذه، وقول الناس: تلمذ له وتلمذ منه، بتشديد الميم خطأ، توهموا أن التاء زائدة، وليس كذلك، وإذا أريد ها المعنى، فصوابه: تلمظ منه، بالظاء المعجمة المشالة، يقال: لمظه، أي: أطعمه أو أذاقه، والتلمظ: تتبع اللسان بقية الطعام في الفم، وقد يكنى عن الأكل، استعير للتعلم شيئاً فشيئاً. هذا ملخص الرسالة، وفيها فوائد أخر تتعلق بالتلميذ، من أراد الاطلاع عليها، فلينظر تلك الرسالة.