الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السابقة لبيان أن الإخبار بما تقدم عليها نشأ عن الظن لا اليقين، كما تقول: زيد قائم أظن، وحينئذ ليست الإشارة بذاك إلى مفعول مطلق، ولم يتضح لي وجه الرد على ابن مالك بهذا البيت فتأمله، هذا كلامه.
ومللت: يتعدى بنفسه كما هنا، وبمن، يقال: مللته ومللت منه مللاً، من باب تعب، وملالة: إذا سئمت منه وضجرت، وصحابة، بفتح أوله مصدر صاحبه، كذا في "تهذيب الأزهري"، والصحبة: مصدر صحبه يصحبه بكسر لالحاء في الماضي وفتحها في المضارع، وفي "عمدة الحفاظ" الصحبة أصلها الاجتماع طال زمانها أو قصر. وقيل: الصاحب الملازم، إنساناً كان أو حيواناً أو مكاناً أو زماناً، وصحابتي: مصدر مضاف إلى المفعول، وفاعله محذوف، أي: صحابتك إياي، والأولى أن يكون مثل الثاني مضافاً إلى الفاعل والمفعول محذوف، أي: صحابتيك. وإخال: المشهور بكسر الهمزة على خلاف القياس، وبنو أسد يفتحونها على القياس، يقال: خال الرجل الشيء يخاله خيلاً، من باب نال: إذا ظنه، وصحابتيك مبتدأ، بتقدير مضاف، وخبره قليل، والتقدير: ومدة صحابتيك قليل، وجملة "إخال ذاك" معترضة بينهما، وذاك: إشارة إلى مصدر إخال، أي: إخال ذلك الخيل، والبيت لم أقف على تتمته وقائله، والله أعلم.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع والسبعون بعد الثمانمائة:
(877)
فلا وأبي لنأتيها جميعاً
…
ولو كانت بها عرب وروم
على أنه كان يجب أن يقول: لنأتينها باللام، ونون التوكيد جميعاً، فترك نون التوكيد لضرورة الشعر. وهو من أبيات لعبد الله بن رواحة: صحابي قالها في
غزوة مؤتة، والمروي في شعره في السير:
فلا وأبي مآب لنأتينها
وهو مؤكد بالنون الخفيفة، فلا ضرورة، ومآب: قرية من أرض البلقاء بالشام، قال ابن هشام في "السيرة" في غزوة مؤتة، وكانت في سنة ثمان من الهجرة، ومضى المسلمون هم ثلاثة آلف حتى نزلوا من أرض السام، فبلغ الناس أن هرقل قد نزل مآب من أرض البلقاء في مائة ألف من الروم، وانضم إليهم من لخم وجذام والقين وبهراء مائة ألف، فلما بلغ ذلك المسلمين أقاموا على معان ليلتين يفكرون في أمرهم، وقالوا: نكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنخبره بعدد عدونا، فإما أن يمدنا بالرجال، وإما أن يأمرنا بأمره، فنمضي له. قال: فشجع الناس عبد الله بن رواحة، وقال: إنما هي إحدى الحسنيين، إما ظهور، وإما شهادة، فقال الناس: صدق والله ابن رواحة، فقال عبد الله بن رواحة في محتبسهم ذلك:
جلبنا الخيل من أجأ وفرع
…
يغر من الحشيش لها العكوم
أقامت ليلتين على معان
…
فأعقب بعد فترتها جموم
فرحنا والجياد مسومات
…
تنفص في مناخرها السموم
فلا وأبي مآب لنأتينها
…
وإن كانت بها عرب وروم
وبعده ثلاثة أبيات، قال السهيلي: مؤتة مهموزة االواو: قرية من أرض البلقاء من الشام، وقوله: جلبنا الخيل، أراد: أصحابها، وأجأ، بالهمز جبل لطيء، وفرع: مكان، ويغر، بالغين المعجمة، وبالبناء للمفعول، قال السهيلي: يغر، أي: يجمع بعضها إلى بعض، والعكوم جمع عكم. انتهى. والعكم بالكسر: الجوالق،