الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لعطشه وعطشها، وجمرة القيظ: شدة حره وتلهبه، وروي: بيضة الحر، وهي معظمه، ويقال: قد باض الحر علينا، "وجرت في عنان الشعريين": ضربه مثلا يقول: بعد ما طلعت الشعري، وعنانها: أولها، والظمء: قدر ما بين الشربين. انتهى. والأمعز: الأرض الغليظة ذات الحجارة، وجري الأماعز ها هنا: سيلانها، وهو كناية عن السراب.
وقوله: وظلت بأعراف إلى آخره يعني الأتن، وظلت: أقامت، والأعراف: ظهور الرمال جمع عرف. والركي: الآبار، الواحدة ركية. قال جامع ديوانه: هل تدنو: هل تغيب، أي: قائلة هل تدنو للمغيب، والنواكز: الغوائر، نكزت البئر تنكز نكوزا: إذا ذهب ماؤها.
وقوله: فلما رأين الأمر منه .. إلى آخره. قال جامع ديوانه: حل: طريق مجاوز، أي يجاوز الرملة، يريد أن الخل الطريق في الرمل، والمجاوز: النافذ إلى غيره، يقول: لما رأين أن ورد الماء عزيمة منه مصمم عليه اسرعن في المضي، وصادف طريقهن الرمل، فلما قطعته أدركن الماء، صادفن الصيادين إلى آخرما ذكره.
والشماخ: شاعر صحاني، اسمه معقل بن ضرار، وديوانه كله على هذا النمط، وليس فيه ما يصلح للمذاكرة، وتقدمت ترجمته في الانشاد الثامن بعد الستمائة.
وانشد بعده، وهو الانشاد الثاني والثمانون بعد السبعمائة:
(782)
وفاؤكما كالربع أشجاه طاسمه
…
بأن تسعدا والدمع أشفاه ساجمه
قال ابن الشجري في المجلس التاسع والعشرين من "أماليه": قوله: "بأن تسعدا"
متعلق في المعنى بالوفاء، لأنه اراد:"وفاؤكما بأن تسعدا كالربع"، فلما فصل بينهما بأجنبي، وجب عند النحويين تعليقه بمضمر، تقديره ععند أبي الفتح:"وفيتما بأن تسعدا"، والمعنى:"وفيتما باسعادي وفاء ضعيفا"، ولذلك شبه وفاءهما بالربع الدارس. قال له بأي شيء تتعلق الباء من "بأن؟ " فقال: بالمصدر الذي هو وفاؤكما، فقلت له: وبم ارتفع وفاؤكم؟ فقال: بالابتداء، فقلت: وما خبره؟ فقال كالربع، فقلت: وهل يصح أن تخبر عن اسم وقد بقيت منه بقية، وهي الباء ومجرورها؟ فقال: هذا لا أدري ما هو إلا أنه قد جاء في الشعر له نظائر، وانشدني:
لسنا كمن حلت إياد دارها
…
تكريت ترقب حبها أن يحصدا
أي: لسنا كإياد، فدارها الآن ليست منصوبة بحلت هذه، وإن كان المعنى يقتضي ذلك، لأنه لا يبدل من الاسم إلا بعد تمامه، وإنما هي منصوبة بفعل مضمر يدل عليه:"حلت" الظاهر، كأنه قال: فما بعد "حلت دارها" انتهى كلام أبي الفتح.
ومعنى البيت: أنه خاطب صاحبيه وقد كانا عاهداه بأن يسعداه ببكائهما عند ربع أحبته، فقال: وفاؤكما بإسعادي شبه للربع، ثم يبين وجه الشبه بينهما بقوله:"أشجاه طاسمه" يعني أن الربع إذا تقادم عهده فدرس، كأن أشجي لزائره، أي أبعث لشجوه، أي: لحزنه، لأنه لا يتسلى به المحب كما يتسلى بالربع الواضح، وكذلك الوفاء بالاسعاد إذا لم يكن بدمع ساجم-[أي: هامل-كان أبعث للحزن، فأراد: أبكيا معي بدمع ساجم] فإن الدمع أشفى للغليل إذا سجم. كما أن الربع أشجى للمحب إذا عفا وطسم. انتهى كلامه.
وقال ابن الحاجب في "أماليه": الظاهر أنه أراد أن يخبر عن "وفاؤكما" كما بقوله: "بأن تسعدا"، أي: وفاؤكما حاصل بأن تسعدا، وقوله كالربع مقدم، والمراد به التأخر متعلق إم تعلق به "بأن تسعدا" أي: حاصل بإسعاد كما مثل حصول وفاء الربع بإسعاده بالشجاب بسبب الطسم، وإما متعلق بالإسعاد، أي وفاؤكما حاصل بإسعادكما إسعادا مثل اسعاد الربع بما ذكر، وإما متعلق بالإسعاد، أي: وفاؤكما حاصل بإسعادكم إسعادا مثل إسعاد الربع بما ذكر، وإما بوفائكما وفاء مثل وفاء الربع بالطسم المعين على الشجا حاصل بأن تسعدا، وإما متعلق بمحذوف على أن يكون خبر مبتدأ، أي: هو كالربع إما إضمار للوفاء، وإما إضمار للإسعاد، وإما إضمار للمخاطب، وما ذكره أبن جني في معناه عن المتنبي مشعر بأن الباء وما في حيزها في قوله: بأن تسعدا هو الخير عن "وفاؤكما"، ويجوز أن يكون قوله: كالربع، خبر المبتدأ الذي هو وفاؤكما. وقوله بأن تسعدا متعلق بوفائكما، أي: وفاؤكما بالإسعاج مشبه للربع في وفائه بالطسم المعين على الشجا. وقوله: أشجاه طاسمه تقرير للمعنى الذي يكون به الربع معينا على الاسعاد، وهو الإخبار عن كونه مشجيا إذا كان طاسما، وكلها تعسفات لما يلزم من تقديم متعلق المصدر عليه، أو الفصل بين المبتدأ وخبره بالأجنبي الذي هو كالربع، وقوله:"والدمع أشفاه ساجمه" مما يقوي هذا المعنى، ويقرر أنه أراد بالاسعاد ما يعين على البكاء والشجا، فذلك جعل غزارة الدمع شافية، فيقوى أن يكون المعنى بقوله عن الربع:"أشجاه طاسمه" تقرير أن طسمه مسعد لكونه يؤدي إلى الشجا المتضمن لغزارة الدمع التي جعلها شافية، ولإسعاد أبلغ مما يؤدي إلى الشفاء، وهذا يضعف قول من يزعم أن قوله كالربع خبر المبتدأ، وعلى معنى أنه أخبر عن وفائهما وعدمه كالربع في دثوره وإبكائه. هذا آخر كلام أبن الحاجب.
والبيت مطلع قصيدة للمتنبي