الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنشد بعده:
آليت حب العراق الدهر أطعمه
تمامه:
والحب يأكله في القرية السوس
وتقدم شرحه في الإنشاد السابع والثلاثين بعد المائة.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس والثلاثون بعد الثمانمائة:
(835)
اعتاد قلبك من سلمى عوائده
…
وهاج أحزانك المكنونة الطلل
ربع قواء أذاع المعصرات به
…
وكل حيران سار ماؤه خضل
على أن قوله: ربع بتقدير هو ربع لا بدل من الطلل، وهو من أبيات سيبويه أنشده في باب ما يحذف منه الفعل لكثرته في كلامهم حتى صار بمنزلة المثل، وأنشد فيه هذين البيتين، وقال: كأنه قال: وذلك ربع، أو وهو ربع. قال الأعلم: الشاهد رفع الربع على إضماء مبتدأ، والتقدير: ذاك ربع، وجاز ذلك لما تقدم من ذكر الطلل الدال عليه، ولو نصب على: أعني وأذكر لكان حسناً، يقول: كنت سلوت عن حب سلمى هذه المرأة فلما نظرت إلى أثر دارها متغيرة، ذكرتها، فعاد إلى قلبك حبها، وهاج: حرك، والمكنونة هنا: المستورة، وأصلها المصونة،
يقال: كننت الشيء: إذا صنته، وأكننته في نفسي: إذا سترته وأخفيته، والربع: المنزل، والقواء: القفر، والخالي، ومعنى: أذاع: فرق ونشر، ومنه إذاعة السر وهو نشره، والمعصرات: السحائب ذوات المطر، ويقال: الرياح، أي غيرته، وأزالت بهجته الأمطار بما محت منه، والرياح بما أذرت عليه، وأراد بالحيران: سحاباً تردد بمطره عليه، ولازمه، فجعله كالحيران لذلك، والخضل: الغزير. انتهى.
وقال ابن خلف الشعر لعمر ابن أبي ربيعة، قال أبو سعيد: ويجوز أن يكون": ربع قواء" جعل بدلاً من الطلل، وقوله: من سلمى، يريد: من أجل حب سلمى، وعوائده: جمع عائدة، وهو ما تعوده من وجده بها، وشوقه إليها، وهاج ما في قلبك من الأهواء التي كنت تكنها وتسترها. يعني أن نظره إلى الطلل ذكره ما كان في قلبه منها، قال أبو الحسن: والطلل: ما ارتفع من بقايا الديار المتهدمة، وكذا كل ما له شخص، والرسم: ما لم يكن له شخص، والمعصرات: السحاب التي فيها أعاصير، الواحد إعصار، وهي الريح التي تهب بشدة، والحيران: السحاب الذي كأنه متحير لا يقصد إلى جهة لثقله وكثرة مائه، والساري: الذي ينشأ بالليل ويسير وهو من نعت حريان، وماؤه: مبتدأ، وخضل: خبره بمعنى مخضل، والمخضل: الذي يبل ويندى لكثرته. انتهى. وفي جعل السيرافي ربعاً بدلاً من الطلل لم يرتض به أحد، قال ابن جني في "إعراب الحماسة": إنما يبدل الأعراف من الأنكر لما فيه من البيان، ولا يبدل الأعم من الأخص، لأنه بضد ما وضع الأمر عليه، ولهذا عدل سيبويه في قول الشاعر:
اعتاد قلبي من سلمى عوائده
…
البيتين.