الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله: يلقاك مرتديا، أي: متقلدا بسيف قد أحمر من الدم وزالت خضرة جوهرة بدماء الأعناق والأكباد. هذا كلام الواحدي.
والطلى، جمع طلية: مقدم العنق، والأكبد: جمع كبد، وهذا الجمع غير معهود، وإنما المعهود وأكباد وكبود.
وأنشد بعده، وهو الانشاد السادس والثمانون بعد السبعمائة:
(786)
تتقطعت بي دونك الاسباب
قال ابن عصفور في كتاب "الضرائر": ومنها زيادة حرف في الكلمة على طريق التوهم نحو قولك:
طلب لعرفك يا ابن يحيى بعدما
…
تتقطعت بي دونك الاسباب
زاد تاء التوهم، وذلك أن "تقطعت" كثرت في الكلام حتى ظن أنها فعللت، فزاد عليها التاء التي تزداد في تفعلت. انتهى كلامه.
وطلب: مبتدأ محذف الخبر، تقديره: عندي طلب، واللعرف بالضم: المعروف والإحسان، والظاهر أن يحيى هنا هو يحيى بن خالد البرمكي، وأبنه إما جعفر وإما الفضل، وإما موسى، والله أعلم.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع والثامنون بعد السبعمائة
.:
(787)
اتقرح أكباد المحبين كالذي
…
أرى كبدي من حب مية تقرح
على أن صاحب كتاب "البديع" وهو كتاب خالف فيه النحويين في أمور كثيرة
زعم فيه أن "الذي" في البيت بمعنى "أن" وأن "أن" تأتي بمعنى "الذي" قد ذكره أبو حيان في "تذكرته" وسرد ما وقع في كتابه من مخالفة النحويين من أول كتابه إلى آخره. قال: محمد بن مسعود بن الزكي له كتاب في النحو سماه بالبديع، أدعى فيه أشياء خارجة عن المعتاد في النحو، وذكر فيه أن النحاة على خمس طبقات، وخلط فيها، وغلط غلطا فاحشا فيها، وذكر من الطبقة الخامسة أبا الحسن على بن فضال المجاشعي المغربي، وأنه ورد غزنة سنة ست وستين وأربعمائة، وأقام بمها مكرما معظما، وصنف تصانيف منها كتاب "الإكسير في النحو" وذكر من هذه الطبقة أبا الفرج عبد الرحمن بن عدنان المغربي، ورد غزنة سنة أربع وخمسمائة، قال: وهو إمام مقدام هم هرم يناهز المائة، أو يجاوزها، وكان يقول: إن بن فضال المجشاعي قرأ الكتاب على، وتلمذ برهة بين يدي، وأقام بها ثلاث سنين ملحوظ المنزلة من أكابر الدولة، وكنت مدة إقامته ملازما لخدمته، قارئا عليه كتاب الأصول، وهو كان يحفظه ظاهرا.
ثم أخذ أبو حيان في سرد ما خالف فيه من باب الإعراب إلى مسألتنا هذه، قال: ومن المشكلات قولهم: زيد أعقل من أن يهذي، ولا يجوز: زيد أعقل من الهذيان؛ لأن "أن" ها هنا بمعنى "الذي" كما أن الذي بمعنى "أن" في قول ذي الرمة
اتقرح أكباد المحبين كالذي
…
. . . . . البيت.
وفي قوله: (وخضتم كالذي خاضوا)[التوبة/69] أي: كخوضهم، وقوله:(ذلك الذي يبشر الله عباده)[الشورى/ 23] انتهى كلامه.
قال الدماميني: اتقرح: اتضعف، والكبد مؤنثة، فتقرح بالتاء الفوقية. وينبغي أن يكون صلة الذي على جعلها مصدرية، هي الجملة الاسمية وهي:"كبدي من حب مية تقرح". وقوله: "رأى" جملة معترضة بين الصلة والموصول، والمعنى: اتقرح أكباد المحبين مثل قرح كبدي فيما أراه. أقول: من قال بمصدريتها
جعل صلتها جملة فعلية، وجميع ما مثلوا به كذلك، وأما وصلها بالاسمية فيحتاج إلى شاهد أو نقل. ثم قال: ويحتمل أن يجعل "الذي" موصولا اسميا، وصلته " أرى" وما بعده، والعائد محذوف، أي: أراه، وقوله: تقرح، في موضع نصب على أنهه مفعول ثان لأرى، وكبدي مفعول منصوب بتقرح، فهو بالياء التحتية، و"الذي" وصف لمحذوف، والمعنى: اتقرح أكباد المحبين كالقرح الذي أراه يقرح كبدي من حب مية. انتهى كلامه.
وهذا البيت من قصيدة لذي الرمة، وليس الثابت في ديوانه كذلك وعندي نسختان صحيحتان منه، والرواية فيهما إنما هي كذا
اتقرح أكباد المحبين كالذي
…
أرى كبدي من حب مية تقرح
وبعده
إذا خطرت من ذكر مية خطرة
…
على القلب كادت في فؤادي تجرح
وتقدم بعد أبيات منها في الانشاد السادس والثمانين بعد الثلاثمائة.
وقد أورد السيوطي هذا البيت في ضمن قصيدة لجميل بن معمر، هذا مما يتعجب منه، فإن مية محبوبة ذي الرمة لا جميل. وتقدمت ترجمة ذي الرمة في الإنشاد الرابع والخمسين.