الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثامن والستون بعد السبعمائة:
(768)
فأول راض سنة من يسيرها
صدره:
فلا تجز عن من سنة أنت سرتها
على أن أبا علي زعم أن سار متعد بنفسه، فالتضعيف في سيرته ليس للتعدية، قال المصنف: وفيه نظر لأن "سرته" قليل، و "سيرته" كثير. أقول: مثل هذا إنما يقبل ما ينقل علماء اللغة عن العرب، وأما كون أحد المترادفين قليل الاستعمال، فلا يضر في الترادف، ومثله موجود كثير، قال الصاغاني في "العباب": وسارت الدابة، وسارها صاحبها يتعدى ولا يتعدى، وانشد هذا البيت وهو من قصيدة لخالد بن زهير الهذلي مطلعها:
لا يبعدن الله حلمك إذ غزا
…
فسافر والأحلام جم عثورها
قال أبو سعيد السكري: يقول أبي ذؤيب: قد سافر حلمك عنك، فلا أبعده الله.
وكنت إماماً للعشيرة تنتهي
…
إليك إذا ضاقت بأمر صدورها
يقول: كنت إماماً للعشيرة قبل أن أن يذهب عقلك.
لعلك إما أم عمرو تبدلت
…
سواك خليلاً شاتمي تستخيرها
الاستخارة: الاستنطاق، يقول: لعلك إن أم عمرو تبدلت خليلاً، تشتمني أنت لتستميلها بشتمك إياي، وتستخيرها: تدعوها إلى شتمي طمعاً أن ترجع إليك.
فلا تجز عن من سنة قد أرتها
…
وأول راض سنة من يسيرها
هكذا في نسخي من "أشعار الهذليين" وفي نسخة قديمة صحيحة ليس في الصحة فوقها نسخة، وهي بخط أبي بكر القالي، وعليها خط أحمد بن فارس صاحب "مجمل اللغة".
قال السكري: أسرتها سيرتها في الناس ورضيت بهذه الخيانة، فارجع إلى نفسك باللوم، يقول: جعلتها سائرة في الناس. انتهى. ويسيرها مضبوط بضمة فكسرة، وكذا نقل صاحب "الأغاني" هذه الرواية. وهذه القصيدة جواب لقصيدة أبي ذؤيب الهذلي ومطلعها:
أخالد ما راعيت من ذي قرابة
…
فتحفظني بالغيب أو بعض ماتبدي
دعاك إليها مقلتاها وجيدها
…
فملت كما مال المحب على عمد
فكنت كرقراق السحاب إذاجرت
…
لقوم وقد بات المطي، بهم تخدي
فآليت لا أنفك أحذ وقصيدة
…
تكون وإياها بها مثلاً بعدي
والسبب في هذا أن أبا ذؤيب كان يعشق امرأة اسمها أم عمرو، وكان رسوله إليها خالد، والمشهر أنه ابن أخت أبي ذؤيب، بغدر خالد، صرمها، فأرسلت ترضاه، فلم يفعل، فأرسل هذه القصيدة إلى خالد. وكان أبو ذؤيب فعل كذلك برجل يقال به: مالك، وكان رسوله إلى امرأة كان يعشقها، فغدر به أبو ذؤيب، واختص بالمرأة، فاحتج عليه خالد بأنك أول من سن هذه الطريقة، فينبغي أن تكون أرضى الناس بها. وقد ذكرنا هذه الحكاية بأبسط مما هنا في الشاهد الثامن والأربعين بعد الثلاثمائة [من شواهد الرضي]. وأبو ذؤيب تقدمت ترجمته في الإنشاد الخامس. وخالد شاعر إسلامي، وأبو ذؤيب مخضرم.