الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنشد بعده:
وإن شفائي عبرة مهراقة
…
وهل عند رسم دارس من معول
على أن جملة الاستفهام معطوفة على جملة الخبر، قال المصنف، بعد أسطر: وكون هذا من عطف الإنشاء على الخبر فيه ما فيه، وبينه سابقاً في بحث "هل" قال هناك: يراد بالاستفهام هنا النفي، لذلك صح العطف فيه، إذ لا يعطف الإنشاء على الخبر، وتقدم الكلام على هذا البيت في الإنشاد الثامن والستين بعد الخمسمائة.
وأنشد لعده، وهو الإنشاد الثلاثون بعد السبعمائة:
(730)
تناغي غزالاً عند باب ابن عامر
…
وكحل مآقيك الحسان بإثمد
على أن بعضهم استدل به على عطف الإنشاء على الخبر، قال المصنف في آخر هذا البحث: وأما "وكحل مآقيك
…
إلى آخره" فيتوقف على النظر فيما قبله من الأبيات، وقد يكون معطوفاً على أمر مقدر يدل عليه المعنى، أي: افعل كذا، وكحل. وأقول: لا يمكن هذا التفحص والتنفير إلا بعد سوق الأبيات التي قبله، وهو من قصيدة لحسان بن ثابت الصحابي الخزرجي، أجاب بها قصيدة قيس بن الخطيم الجاهلي الأوسي التي مطلعها:
تروح من الحسناء أم أنت مغتدي
…
وكيف انطلاق عاشق لم يزود
ومطلع قصيدة حسان:
لعمر أبيك الخير ياشعت مانبا
…
على لساني في الخطوب ولا يدي
ثم افتخر بأبيات هو أهل لها؛ إلى أن مدح النعمان بن المنذر اللخمي، ثم خاطب قيس بن الخطيم بقوله:
فلا تعجلن يا قيس واربع فإنما
…
قصارك أن تلقى بكل مهند
حسام وارماح بأيدي أعزة
…
متى ترهم يا ابن الخطيم تبلد
نيوث لدي الأشبال تحمي عرينها
…
مداعيس بالخطي في كل مشهد
فقد ذاقت الأوس القتال وطردت
…
وأنت لدى الكنات كل مطرد
تناغي لدى الأبواب حوراً نواعما
…
وكحل مآقيك الحسان بإثمد
نفتكم عن العلياء أم لئيمة
…
وزند متى تقدح به النار يصلد
وهذا آخر القصيدة.
وابن الخطيم، بالخاء المعجمة، شاعر فارس، ولما قدم مكة دعاه النبي، صلى الله عليه وسلم، إلى الإسلام، وتلا عليه القرآن، فقال: إني لأسمع كلاماً عجباً، فدعني انظر في أمري هذه السنة، ثم أعود إليك، فمات قبل الحول.
وقوله: يا شعت مرخم شعثاء، وقوله: واربع: أمر من ربع الرجل يربع على نفسه، من باب"نفع": إذا وقف وترفق بها، وقصارك، بضم القاف: غايتك، وتلقى: بالبناء للمفعول، والمهند: السيف المطبوع في الهند، وحسام، بالجر، صفة لمهند، ومعناه: الشديد القطع، وتبلد أصله: تتبلد، أي: تتحير وتتردد، والليث: الأسد، وأشد ما يكون جريئاً إذا كان في غابه عند أولاده، والأشبال:
جمع شبل، بالكسر، وهو ولد الأسد، والعرين، بفتح العين المهملة: غابة الأسد، ومداعيس: صفة لأعزة، جمع مدعاس، مبالغة داعس من الدعس: وهو الطعن بالأرماح، والخطي: الرمح، نسبة إلى الخط، بفتح الخاء المعجمة، وتشديد الطاء، وهو موضع باليمامة، وهو خط هجر، تنسب إليه الرماح، لأنها تحمل من بلاد الهند، فتقوم فيه، والمشهد: مكان الحرب، لأن الأبطال تشهده، أي: تحضره.
وقوله: وطردت: بالبناء للمفعول: مبالغة في طردته، وجملة "وأنت لدى الكنات": حال من ضمير طردت، أو من الأوس، والكنات: جمع كنة، بالضم وتشديد النون، وهي السقيفة أمام البيت. وقوله:"تناغي" الجملة خبر ثان لأنت، أو حال من الضمير المستقر في لدي، والمناغاة: محادثة النساء، والصغار باللين والرفق، وحوراً، أي: نساء حوراً، جمع حوراء بالمد: التي بياض عينها شديد وسوادها شديد، ونواعم: جمع ناعمة، والمشهور "تناغي غزالاً عند باب ابن عامر". يريد محبوبة له تشبه الغزال حسناً، فظهر مما قدمناه: أن هذا البيت ليس له تعلق إلا بالبيت المتقدم عليه، وليس فيه أمر أو نهي لا لفظاً ومعنى، أو معنى فقط، ولو كان فيه ذلك، لكان قوله:"وكحل" معطوفاً عليه، فلما انتفى ما يصلح أن يكون معطوفاً عليه، تعين أن يكون معطوفاً على جملة "تناغي" فثبت الاستدلال على جواز عطف الإنشاء على الخبر، هذا ولا يخفى أن كلام حسان في معرض الاستهزاء بقيس، والاستخفاف، فإنه حيث جعله كالنساء في ملازماتهن البيوت، ومحادثة بعضهن بعضاً، فيجوز بهذه القرينة أن يكون المعطوزف عليه محذوفاً، والتقدير: تناغي لدى الأبواب حوراً نواعماً، فكن من النساء الحور، وكحل مآفيك. وروى السكري أيضاً كالرواية السابقة:"فغن لدى الأبواب حوراً نواعماً". وعىل هذه الرواية لا يبقى نزاع، وغن: فعل أمر من غنى يغني تغنية: إذا ترنم