الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سير خفيف هو الىن سير الإبل ، وهو سير النجائب ، وطلق: سليم من كل سوء وكروه ، يقال: يوم طلق ، وليلة طلقة: ليس فيهما حر ولا برد ولا مكروه ، والاسعد: جمع سعد: وهو الىمن والبركة.
وقوله: نعم الفتي المري الى اّخره ، نسبة الى مرة جده الاعلي ، وأنت: هو المخصوص بالمدح ، وإذا ظرفية ، وهم: فاعل بفعل محذوف يفسره ما بعده ، وهم ضمير الوفود والضيوف ، ولدي: ظرف لحضروا ، والحجرات بضمتين ، قال شارح ديوانه صعوداء: هي حجرات الأضياف ، يريد البيوت التي ينزل فيها الضيوف ، ونار: مفعول حضروا ، والموقد: اسم فاعل ، قال شارحه: هو الذي يوقد ليستدل الغرباء والعفاة بناره ، فيأتونه ، يريد أنه أشد الناس إكراما لضيوفه إذا حضروا دار ضيافته ، واستدلوا عليها بالنار التي يوقدها خادمه ، ليقبل عليها من يراها. وقال العيني: إذا للمفاجأة ، وهم مبتدأ ، وحضروا خبره ، والحجرات جمع حجرة ، وهي شدة الشتاء. هذا كلامه ، وهو كلام من لم يفهم المعني ، والحجرات بالمعني الذي ذكره بفتحتىن.
وترجمه زهير بن أبي سلمي تقدمت في الإنشاد الخمسين.
وأنشد بعده ، وهو الإنشاد الرابع والعشرون بعد الثمانمائة:
(824)
أزمعت يأسا مبينا من نوالكم
…
ولن تري طاردا للحر كالىس
علي ان " من " متعلقة بفعل محذوف تقديره: يئست من نوالكم لا بالمصدر ، لأنه لا يعمل بعد الوصف ، قال ابن جني في " المحتسب": قرأ أبو جعفر والاعمش:
(وعد الله حقا أنه يبدأ الخلق ثم يعيده)} يونس /4 {إن شئت كان تقديره: (وعد الله حقا) لأنه يبدأ الخلق ثم يعيده} أي: من قدر علي هذا الامر العظيم فإنه غني عن إخلاف الوعد {، وإن شئت كان تقديره: وعد الله وعدا حقا أنه يبدأ الخلق ثم يعيده ، فتكون " أنه " منصوبة بالفعل الناصب ، لقوله: وعدا ، ولا يجوز أن تكون} أنه {منصوبة الموضع بنفس وعد ، لأنه قد وصف بقوله حقا ، والصفة إذا جرت علي موصوفها أذنت بتمامه وانقضاء اجزائه ، فهي من صلته ، وكيف يوصف قبل تمامه؟ فأما قول الحطيئة:
أزمعت يأسا مبينا من نوالكم .. البيت
فلا يكن قوله: من نوالكم ، من صلة يأس من حيث ذكرنا ، ألا تراه قد وصف بقوله: مبينا؟ وإذا كان المعني لعمري عليه ، ومنع الإعراب منه ، أضمر له ما يتناول حرف الجر ، ويكون ياسا دليلا عليه ، كانه قال فيما بعد: يئست من نوالكم. انتهي كلامه وكذلك قال في باب تجاذب المعاني والإعراب ومنه قول الحطيئة:
أزمعت يأسا مبينا. . . . .
…
البيت.
أي: يأسا من نوالكم مبينا ، فلا يجوز أن يكون قوله من نوالكم متعلقا بيأس ، وقد وصف مبين ، وإن كان المعني يقتضيه ، لأن الاعراب مانع منه ، لكن تضمر له حتى كأنك قلت: يئست من نوالكم. انتهي.
والبيت من قصيدة للحطيئة هجا بها الزبرقان بن بدر الصحابي ، وهي:
والله ما معشر لاموا امرأ جنبا
…
من اّل لأي بن شماس باكياس
ما كان ذنب بغيض لا أبالكم
…
في بائس جاء يحدو اّخر الناس
لقد مريتكم لو أن درتكم
…
يوما يجئ بها مستحي وإبساسي
وقد مدحتكم عمدا لأرشدكم
…
كيما يكون لكم متحي وأمراسي
فما ملكت بأن كانت نفوسكم
…
كفارك كرهت ثوبي وإلباسي
حتى إذا ما بدا لي غيب أنفسكم
…
ولم يكن لجراحي فيكم آسي
أزمعت يأسا مبينا من زوالكم
…
.. البيت
ما كان ذنب بغيض أن أري رجلا
…
ذا فاقه عاش في مستو عر شاس
جارا لقوم أطالوا هون منزله
…
وغادروه مقيما بين أرماس
ملوا قراه وهرته كلابهم
…
وجرحوه بأنياب وأضراس
دع المكارم لا ترحل لبغيتها
…
واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه
…
لا يذهب العرف بين الله والناس
قد ناضلوك فسلوا من كنانتهم
…
مجدا تليدا ونبلا غير أنكاس
وهذا آخر القصيدة وتركنا منها ثلاثة أبيات.
قوله: والله ما معشر لاموا الى آخره، الجنب بضم الجيم والنون: الغريب، يقول: من لامني علي مدح بغيض الى آخره، قال شارح ديوانه: يقول: احتملوا فتركوه، فجاء آخر الناس، ولا أبالكم: كلمة تستحسنها العرب فلا أب لك مدح، ولا أم لك ذم، والبائس: الشديد الفقر، ويحدو: يسوق بعيره، يقول: أصابت الناس سنة شديدة، وكان الحطيئة فيمن انحدر مع الناس، فلم يكن به من القوة أن يكون أول الناس.
وقوله: لقد مريتكم الى آخره، مريتكم: طلبت ما عندكم، وأصله من مريت الناقة، وهو أن تمسح ضرعها لتدر، والإبساس: صوت تسكن به الناقة عند الحلب، يقال: بس بس.
وقوله: وقد مدحتكم عمدا الى آخره. قال شارح آخر: هذا مثل ضربه، والإمراس: أن يقع الحبل بين البكرة وبين القعو، فيخلصه حتى يرده الى البكرة، يقال: مرس الحبل يمرس مرسا: إذا نشب في ذلك المكان، وأمرسه الساقي: إذا خلصه، فرده الى البكرة يمرسه إمراسا، والماتح: الساقي الذي يجذب الدلو، والمائح بالهمز: الذي يكون في أسفل البئر يملأ الدلو، يريد: مدحتكم ليكون مدحي خالصا لكم، فأبيتم.
وقوله: فما ملكت بأن كانت .. الى آخره. قال شارحه: الباء زائدة، أي: ما ملكت أن كانت نفوسكم كفارك، أي: ما ملكت إبغاضكم إياي، والفارك: المرأة المبغضة لزوجها، وكرهت ثوبي، أي: كرهت أن تدخل معي في ثوبي، وأن تدخلني في ثوبها، وأن تلبس ثوبها فتدخلني معها.
وقوله: حتى إذا ما بدا الى آخره، يقول: بدا لي منكم ما كان غائبا في أنفسكم من البغضة، ولم يكن فيكم مصلح لما بي من سوء الحال، وضرب الجراح مثلا لسوء حاله، وأسا الجرح يأسو أسوا: إذا داواه.
وقوله: أزمعت يأسا إلخ، أزمعت الأمر، وأزمعت عليه: أجمعت، والفاقة: الفقر، والمستوعر: مكان وعر، والشأس: المكان الغليظ، والهون، بالضم: الهوان، وغادروه: تركوه كالميت بين الأموات، وهرته كلابهم مثل، أي: ضجروا منه، والجوازي جمع جازي، والمناضلة: المراماة بالسهام، والمجد: الشرف، والتليد: القديم، وأراد بالمجد التليد: النواصي، وكانت العرب إذا أنعمت علي الرجل الشريف بأسره، جزوا ناصيته وأطلقوه، فتكون الناصية عند الرجل يفتخر بها، والنكس: بالكسر: من السهام: الذي ينكسر سنخه فيقلب، فيجعل أعلاه أسفله، وهو من أضعف السهام.
وكان السبب في هجو الزبر قان ومدح بغيض ما رواه الأصبهاني في " الأغاني " أن النبي صلي الله عليه وسلم كان ولي الزبرقان بن بدر عملا، وأقره أبو بكر.
ثم قدم على عمر في سنة مجدبة لدفع صدقات قومه ، فلقيه الحطيئة بقرقري ومعه ابناه وبناته وزوجته ، فقال له الزبرقان وقد عرفه ولم يعرفه الحطيئة: أين تريد؟ فقال: العراق ، فقد حطمتنا هذه السنة ، قال: ماذا تصنع؟ قال: وددت ان أصادف بها رجلا يكفيني مؤونة عيالي ، واصفيه مدحي ابدا ، فقال له الزبرقان: قد أصبته ،} فهل لك فيه {يوسعك تمرا ولبنا ، ويجاورك احسن جوار؟ قال: هذا وأبيك العيش ، وما كنت ارجو هذا كله ، ،} قال: فقد أصبته ، قال:{عند من؟ قال: عندي ، قال: ومن أنت؟ قال: الزبرقان ، قال: وأين محلك؟ قال: اركب هذه الإبل ، واستقبل مطلع الشمس ، وسل عن القمر حتى تاتي منزله ، وأرسل الزبرقان إلى زوجته هنيدة بنت صعصعة المجاشعية بالوصية عليه وفاكرمته ، وأحسنت إليه ، فبلغ ذلك بغيض بن عامر من بني أنف الناقة ، وكان ينازع الزبرقان الشرف ، وكان أشرف من الزبرقان إلا انه كان قد استعلاهم بنفسه ، وكان الحطيئة دميما سيئ الخلق وعياله كذلك ، فلما رات} ام شذرة {حاله ، هان عليها وقصرت به ، فأرسل إليه بغيض وإخوته: أن ائتنا فأبى ، وقال: شأن النساء التقصير والغفلة ، ولست بالذي أحمل على صاحبها ذنبها ، فلما ألح عليه} بنو أنف الناقة {وكان الرسول شماس بن لأي ، وعلقمة بن هودة ، والمخبل الشاعر ، واطمعوه ، ووعدوه وعدا عظيما ، ودسوا إلى زوجة الزبرقان أن الزبرقان يريد أن يتزوج مليكة بنت الحطيئة ، وكانت جميلة ، فظهر منها جفوة ، والحوا عليه في الطلب ، فارتحل إليهم ، فضربوا له قبة ، وربطوا بكل طنب من أطنابها جلة هجرية ، واراحوا عليهم إبلهم ، وأكثروا عليهم التمر وز اللبن ، وأعطوه لقاحا وكسوه ، فلما قدم الزبرقان سأل عنه ، فأخبر بقصته ، فنادي في بني بهدلة بن عوف ، فركب فرسه ، وأخذ رمحه ، وسار حتى وقف على بني أنف الناقة ، وقال: ردوا علي جاري ، قالوا: ما هو لك بجار ، وقد اطرحته وضيعته ، وكاد أن يقع بين الحيين حب فاجتمع أهل الحجى ، فخيروا الحطيئة ، فاختار بغيضا ، فجعل يمدحه من