الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: أنشدنا محمد بن الحسن الأحول لمبشر بن هذيل الفزاري:
وعاذلة هبت تلوم
…
إلى آخر الأبيات.
وقال بعدها: المملق: الفقير، واشتقاقه من الملقة، وهي الصخرة الملساء، وقوله:"ألم تعلمي يا عمرك الله" بكسر الكاف، ضمير العاذلة، ويا: للنداء، والمنادى محذوف، وعمرك الله: منصوبان بفعل محذوف تقديره: سألت الله تعميرك، فعمر: أصله تعمير، فحذف الزوائد.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث والستون بعد السبعمائة:
(763)
أتاني أبيت اللعن أنك لمتني
…
وتلك التي تستك منها المسامع
مقالة أن قد قلت سوف أناله
…
وذلك من تلقائ مثلك رائع
قال المصنف: ويحكى أن ابن الأخضر سئل بحضرة ابن الأبرش عن وجه النصب- كذا في النسخ، وصوابه عن الفتح- وقد نقل أبو حيان في "شرح التسهيل" المسألة مبسوطة قال: ومن غريب الحكايات في هذه المسألة أن بعض تلاميذ شيخنا الأستاذ أبي جعفر بن الزبير ممكن كان يكتب إلى بعض أصحابه كتاباً يكلفه أن يسألني فيه توجيه ما رأى في طرة على كتاب "المفصل" وهو أنه قال فيها: سأل
طالب ابن الأخضر بحضرة ابن الأبرش عن فتح "مقالة" في قول النابغة" "أن قد قلت سوف أناله" فأجابه:
ولا تصضحب الأردى فتردى مع الردي
فقال له يا أستاذ: ما فهمت كلامي، فقال له ابن الأبرش: قد أجابك، فسألني فأمليت عليه كلاماً كثيراً في التعريف بابن الأخضر، وابن الأبرش، وتوجيه ما سأل عنه. وملخص ما سأل عنه أن هذا البيت قبله:
أتاني أبيت اللعن أنك لمتني
…
وتلك التي تستكك منها المسامع
والبيت الذي بعده:
مقالة إن قد قلت سوف أناله
…
وذلك من تلقاء مثلك رائع
وذلك أن قوله: "أنك لمتني" في موضوع الفاعل ب"أتاني"، ومقالة، ضبط بالرفع والفتح، فإنه مبني عليه، لإضافته إلأى مبني، فهذا معنى قول ابن الأخضر:
ولا تصحب الأردى فتردى مع الردى
أي: لولا لإضافة "مقالة" إلى ما بني، لما صحب الأردى، وهو المبني، وردي معه، أي: بني. هذا آخر كلام أبي حيان.
وابن الأخضر: هو أبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن مهدي بن عمران التنوخي الإشبيلي، كان مقدماً في اللغة، والعربية، والأدب، موصوفاً بالذكاء والإتقان، أخذ عن الأعلم، وأخذ عنه جماعة. مات في رجب سنة أربع عشرة وخمسمائة.
وابن الأبرش: هو أبو القاسم، خلف بن يوسف الأندلسي الشنتريني، كان إماماً في اللغة والعربية، استظهر "كتاب سيبويه" و"أدب الكاتب" و"المقتضب"
و "الكامل" يروي عن أبي الربيع الضرير، وأبي علي الغساني، وابن البادش، وعاصم بن أيوب، وروى عنه أبو الوليد بن خيرة القرطبي، وكان من أهل الزهد والانقطاع إلى الله تعالى، ودعي إلى القضاء، فأنف منه وأبى. مات بغرناطة في ذي القعدة سنة إحدى وثلاثين وخمسامائة. ومن شعره:
لو لم يكن لي آباء أسود بهم
…
ولم يثبت رجال العرب لي شرفا
ولم أنل من مليك العصر منزلة
…
لكان في سيبويه الفخر لي وكفى
نقلت ترجمتها من "تحفة الأريب في نحاة مغني اللبيب" للسيوطي.
وأنشد الأخفش المجاشعي في كتاب "المعاياة" هذين البيتين إلا أول البيت الثاني فإنه رواه كذا:
ملامة أن قد قلت سوف أناله
وقال: نصب ملامة، على "أنك لمتني"، فجاء به من بعد ما تم الاسم، وهو من الصلة، وهذا رديء. انتهى. بريد أن ملامة مفعول مطلق عامله لمتني. وقوله:"أبيت اللعن" جملة دعائية معترضة بين الفعل وفاعله. قال ابن الأنباري في "شرح المفضليات": قوله: أبيت اللعن أبيت من الأخلاق المذمومة ما تلعن عليه، وكانت هذه تحية لخم وجذام، وكانت منازلهم الحيرة وما يليها، وتحية ملوك غسان: يا خير الفتيات، وكانت منازلهم الشام، وروي:
وأخبرت خير الناس أنك لمتني
وخير: منادي، وقوله: أنك لمتني في تأويل مصدر مرفوع فاعل أتاني، واللوم هنا بمعنى التهديد، لأنه فسر اللوم بقوله: سوف أناله، أي: أصل إليه، وأتمكن منه، وذلك، أي: وذلك القول المتضمن للتهديد. من تلقاء، أي: من جهة سلطان مثلك. رائع، أي: مفزع مقلق، من: راعني الشيء روعاً من باب قال: أفزعني. وقوله: وتلك التي: وتلك الملامة التي صدرت منك. تستك: تستد، فلا تسمع.