الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الأربعون بعد الثمانمائة:
بما كان إياهم عطية عودا
صدره:
قنافذ هداجون حول بيوتهم
" كان " في هذا البيت عند البصريين إما شأنيه وإما زائدة، فيكون عطية في الأول مبتدأ، وعودا فعل ماض، وألفه للاطلاق، وفاعله ضمير عطية، ومفعوله إياهم، والأصل عودهم، فلما تقدم انفصل، وجملة "عودهم " خبر المبتدأ، وجملة عطية عودهم في محل نصب خبر كان، واسمها ضمير الشأن.
وقال المصنف في "شرح أبيات ابن الناظم ": ويجوز أن يكون اسم كان ضميرا مستترا فيها عائدا على "ما" الموصولة، أي: بسبب الأمر الذي كان هو عطية عودهم إياه، وجملة:" عطية عودهم" خبر كان، وحذف العائد، لأنه ضمير منصوب، ويجوز أيضا أن يكون عطية اسم كان، وتقديم معمول الخبر للضرورة، وهذا الجواب عندي أولى لاطراده في نحو قوله:
باتت فؤادي ذات الخال سالبة فالعيش إن حم لي عيش من العجب
إذ الأصل: باتت ذات الخال سالبة فؤادي، ولا يجوز تقدير ذات مبتدأ لنصب سالبة، واعترض على هذه الأوجه بأن الخبر الفعلي لا يسبق المبتدأ، فكذا معموله، والجواب أن المانع من تقديم الفعل خشية التباس الاسمية بالفعلية، وذلك مأمون مع تقدم المعمول. انتهى.
والبيت من قصيدة للفرزدق هجا به جريرا، ويخاطب بها عمر بن لجأ التيمي، وقبله:
لئن عبت نار ابن المراغة إنها
…
لألأم نار مصطلين وموقدا
إذا ثقبوها بالكدادة لم تضئ
…
رئيسا ولا عند المنيخين مرفدا
ولكن ظرابي عندهت يصطلونها
…
يصفون للزرب الصفيح المسندا
قنافذ هداجون. . . . .
…
. . . . . البيت.
قوله: لئن عبت خطاب لعمر بن لجأ، وابن المراغة: جرير لقبه به الفرزدق، والمراغة: الأتان، ومصطلين تمييز من ألأم، والمصطلي: الذي يقعد حول النار لدفع البرد والكدادة بالضم: موضع، وظرابي حقه النصب بأن يقول: ظرابيا، والصفيح ك صخور رقاق عراض، والزرب: حظيرة الغنم، وهو مأواها، وثقبوها: حركوها لتتقد، وصف نارهم بقلة الإضاءة لخستهم ولؤمهم، ولا يوقدون حطبا كثيرا لئلا يقصدهم الضيوف، والكريم يوقد ناره في أعلى موضع، ويكثر وقودها حتى يراها الضيف والمنقطع من مكان بعيد، فيقصده، وأما هؤلاء، فقد أوقدوا نارهم في الزرب، وأسندوا عليهم الحجارة العراض حتى لا يظهر ضوؤها لأحد، فيقصدهم، ومع ذلك، فلا يوقدونها بشدة، فلا تبين الرئيس منهم، والمنيخ: الضيف الذي ينيخ راحلته، والمرفد، بالكسر: القدح الضخم، والظرابي: جمع ظربان، بفتح أوله وكسر ثانيه: دويبة كالهرة منتنة الريح إذا فست بين إبل تشردت من نتنه، وتأتي إلى جحر الضب، فتقسو فيه، فيسدر من خبث رائحته فتأكله، وإذا فست في ثوب لم تذهب رائحته النتن حتى يبلى، شبههم بهذه الدابة، فلا يقدر أحد أن يقربهم لنتن فساهم.
وقوله: قنافذ هداجون، أي: هم قنافذ، وهو تشبيه بليغ لا استعارة بالكناية كما توهم العيني، وهو جمع قنفذ بالذال المعجمة، وهو حيوان معروف يضرب به