الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"الكشاف" بأن البيت ليس مثل الآية؛ لصحة قولنا: الحياة الدنيا، دون: النفس النفس ما حملتها تتحمل، والنفس الثانية خبر عن الأولى لا حقيقة لها، فلابد من اعتبار ما يرجع الضمير إليه، وأجيب بأن الاستشهاد لمجرد البيان، وهي ضمير القصة، والجملة مفسرة لها نحو:(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد). والمصراع الأول وقع في نتفة للملك الفاضل قابوس بن وشمكير وهي:
أصرح بالشكوى ولا أتأول
…
إذا أنت لم تجمل فلم أتجمل
أفي كل يوم من هواك تحامل
…
علي ومني كل يوم تحمل
وإني لما حملتنيه لصابر
…
وإن كان من أدناه يذبل يذبل
ولا أدعي أني صبور وإنما
…
هي النفس ما حملتها تتحمل
ولم يعرف هذا المصراع شراح "المغني" وإنما قال ابن الملا الحلبي:
هي النفس تحمل ما حملت
الظاهر أنه نصف بيت من التقارب، ولم أقف على تتمة تقتضي أنه مصراع أول أو ثان، ولا على قائله. انتهى.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والثلاثون بعد السبعمائة:
(734)
أسكران كان ابن المراغة إذ هجا
…
تميماً بجو الشام أم متساكر
على أنه روي برفع سكران، وابن المراغة، فقال ابن السيرافي، وتبعه ابن خلف في شرح شواهد سيبويه، سكران: خبر مقدم، وابن المراغة: مبتدأ مؤخر، والجملة خبر "كان" الثانية، وهذا غلط منه، لأن الجملة التي هي خبر ضمير الشأن لا تتقدم هي ولا شيء منها عليه، وإنما "كان" على هذه الرواية زائدة، وأورده سيبويه في كتابه للإخبار عن النكرة بالمعرفة على قبح في ضرورة الشعر برواية رفع "سكران"، ونصب "ابن المراغة"، وقال: هذا إنشاد بعضهم، وأكثرهم ينصب "السكران"، ويرفع الآخر على قطع وابتداء. انتهى.
وقوله: وأكثرهم ينصب "السكران"، أي: ويرفع "ابن المراغة" على أنه اسم كان، ويكون مقدماً ما لا قبح فيه، وقوله: ويرفع الآخر، يريد به متساكراً، ويكون رفعه على القطع بجعله خبقر مبتدأ محذوف، أي: أم هو متساكر، فتكون "أم" منقطعة".
وقال ابن جني في "الخصائص": قد حذف خبر كان في قوله:
أسكران كان ابن المراغة
…
البيت
ألا ترى أن تقديره: أكان سكران ابن المراغة، فلما حذف الفعل الرافع فسر بالثاني، وابن المراغة المذكور خبر كان الظاهرة، وخبر كان المضمرة محذوف معها، لأن كان الثانية دلت على الأولى، وكذلك الخبر المذكور دل على الخبر المحذوف. انتهى. وقد بسطنا الكلام على هذا البيت في الشاهد الثاني والأربعين بعد السبعمائة من شواهد الرضي.