الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَأَنَّهُ نَائِب عَنهُ لَا غير وَأرْسل بكتابه مَعَ ابْن أَخِيه عَامر بن إِدْرِيس بن عبد لحق فِي جمَاعَة من وُجُوه دولته فَأكْرم الْمُسْتَنْصر وفادتهم ثمَّ لما فتح السُّلْطَان يَعْقُوب مراكش وَاسْتولى عَلَيْهَا بعث إِلَيْهِ الْمُسْتَنْصر بهدية فِيهَا من أَصْنَاف الْخَيل الْجِيَاد وَالسِّلَاح وَالثيَاب الرفيعة مَا اخْتَارَهُ وَاسْتَحْسنهُ وَبعث بذلك مَعَ جمَاعَة من وُجُوه دولته أَيْضا وَفِيهِمْ الْكَاتِب أَبُو عبد الله مُحَمَّد الْكِنَانِي فتلطف الْكَاتِب الْمَذْكُور فِي ذكر الْمُسْتَنْصر على مِنْبَر مراكش حَتَّى تمّ لَهُ ذَلِك بِمحضر وَفد الْمُوَحِّدين فَعظم سرورهم وانقلبوا إِلَى صَاحبهمْ بالْخبر واتصلت الْمَوَدَّة والمهاداة بَين الْمُسْتَنْصر وَالسُّلْطَان يَعْقُوب سَائِر أيامهم وَلما هلك الْمُسْتَنْصر وبويع ابْنه أَبُو زَكَرِيَّاء يحيى الْمَدْعُو بالواثق اقتفى سنَن أَبِيه فِي ذَلِك فَبعث إِلَى السُّلْطَان يَعْقُوب بهدية حافلة مَعَ قَاضِي بجاية أبي الْعَبَّاس الغماري سنة سبع وَسبعين وسِتمِائَة فَعظم موقعها من السُّلْطَان يَعْقُوب وَكَانَ لأبي الْعَبَّاس الغماري هَذَا بالمغرب ذكر تحدث النَّاس بِهِ ذهرا وَقطع السُّلْطَان يَعْقُوب لأوّل أمره الدعْوَة إِلَى الحفصيين كَمَا قُلْنَا وَالله تَعَالَى أعلم
عقد السُّلْطَان يَعْقُوب ولَايَة الْعَهْد لِابْنِهِ أبي مَالك بسلا وَمَا نَشأ عَن ذَلِك من خُرُوج قرَابَته عَلَيْهِ
كَانَ السُّلْطَان يَعْقُوب حِين خرج من مراكش بعد فتحهَا قَاصِدا حَضْرَة فاس دَار ملك بني مرين اجتاز بِمَدِينَة سلا فأراح بهَا أَيَّامًا فطرقه مرض وعك مِنْهُ وعكا شَدِيدا فَلَمَّا أبل من مَرضه جمع قومه وَعقد الْعَهْد لأكبر أَوْلَاده أبي مَالك عبد الْوَاحِد بن يَعْقُوب لما علم من أَهْلِيَّته لذَلِك وَأخذ لَهُ الْبيعَة عليم جَمِيعًا فأعطوها طواعية وَعز ذَلِك على الْقَرَابَة من بني عبد الْحق وهم أَوْلَاد سَوط النِّسَاء بَنو إِدْرِيس بن عبد الْحق وَبَنُو عبد الله بن عبد الْحق وَبَنُو رحو بن عبد الْحق وَإِنَّمَا قيل لَهُم أَوْلَاد سَوط النِّسَاء لِأَن هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَة من بني عبد الْحق كَانُوا أشقاء أمّهم اسْمهَا سَوط النِّسَاء فَلَمَّا بَايع السُّلْطَان
يَعْقُوب لِابْنِهِ أبي مَالك بِولَايَة الْعَهْد آسفهم ذَلِك لأَنهم كَانُوا يرَوْنَ أَنهم أَحَق بِالْأَمر حَسْبَمَا سلف فَارْتَدُّوا على أَعْقَابهم وقلبوا لعمهم ظهر الْمِجَن وعادت هيف إِلَى أديانها وأسروا من ليلتهم من سلا وَلم يصبحوا إِلَّا بجبل علودان من بِلَاد غمارة عش خلافهم ومدرج فتنتهم وَكَانَ ذَلِك فِي عيد الْفطر من سنة تسع وَسِتِّينَ وسِتمِائَة وانضم إِلَيْهِم بَنو أبي عياد بن عبد الْحق وشايعوهم على رَأْيهمْ فَخرج السُّلْطَان يَعْقُوب فِي أَثَرهم وَقدم بَين يَدَيْهِ ابْنه لاأمير يُوسُف بن يَعْقُوب فِي خَمْسَة آلَاف فأحاط بهم وَأخذ بمخنقهم وَلحق بِهِ أَخُوهُ أَبُو مَالك فِي عسكره وَمَعَهُ مَسْعُود بن كانون شيخ سُفْيَان ثمَّ لحق بهم السُّلْطَان يَعْقُوب فِي عساكره فحاصروهم ثَلَاثَة وَلما رَأَوْا أَن قد أحيط بهم سَأَلُوا الْأمان فبذله لَهُم وأنزلهم وَمسح صُدُورهمْ واسترضاهم واستل سخائمهم وَوصل بهم إِلَى حَضرته فسألوا مِنْهُ الْأذن فِي اللحاق بتلمسان حَيَاء مِمَّا ارتكبوه من الْخلاف فَأذن لَهُم فأجازوا الْبَحْر إِلَى الأندلس وَخَالفهُم عَامر بن إِدْرِيس لما آنس من ميل عَمه إِلَيْهِ فَبَقيَ بتلمسان حَتَّى توثق لنَفسِهِ بالعهد وَعَاد إِلَى قومه بعد منازلة السُّلْطَان يَعْقُوب لتلمسان حَسْبَمَا نذكرهُ عَن قريب
قَالَ ابْن خلدون واحتل هَؤُلَاءِ الْقَرَابَة من بني عبد الْحق بِأَرْض الأندلس على حِين أقفر من الحامية جوها واستأسد الْعَدو على ثغورها وتحلبت شفاهه لالتهامها فتبوءوها أسودا ضارية وسيوفا مَاضِيا معودين لِقَاء الْأَبْطَال وقراع الحتوف والنزال مستغلظين بخشونة البداوة وصرامة الْعِزّ وبساله التوحش فعظمت نكايتهم فِي الْعَدو واعترضوا فِي صَدره سجى دون الوطن الَّذِي كَانَ طعمة لَهُ فِي ظَنّه وارتدوه على عقبه ونشطوا من همم الْمُسلمين الْمُسْتَضْعَفِينَ وَرَاء الْبَحْر وبسطوا من آمالهم لمدافعة طاغيتهم وزاحموا أَمِير الأندلس قي رياستها بمنكب قوي فتجافى لَهُم عَن خطة الْحَرْب ورياسة الْغُزَاة من أهل العدوة من أعياصهم وَغَيرهم من أُمَم البربر وثافنوه فِي مُسْتَقر عزه وساهموه فِي الجباية بِفَرْض الْعَطاء والديوان فبذله لَهُم واستعدوا على الْعَدو وَحسن أَثَرهم فِيهِ حَسْبَمَا تلمع بِالْبَعْضِ من ذَلِك إِن شَاءَ الله
قرَابَته وَأهل بَيته فأودعهم السجْن ثمَّ سَار إِلَى طنجة فَدَخلَهَا وَنهب دَار عبد الصَّادِق الْمَذْكُور وَنقل إخوانه بأولادهم إِلَى المهدية وَولى عَلَيْهِم مُحَمَّد بن عبد الْملك من بَيتهمْ وَلم يتْرك بطنجة من أهل الرِّيف إِلَّا أهل الْمُرُوءَة وَالصَّلَاح وَأنزل مَعَهم ألفا وَخَمْسمِائة من عبيد المهدية بعددهم بِحَيْثُ لَا يطمعون فِي قيام وَلَا يحدثُونَ أنفسهم بثورة وَوَقع بِخَط الْفَقِيه أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد السدراتي أَن انْتِقَال أهل الرِّيف إِلَى المهدية كَانَ بعد هَذَا بِنَحْوِ أَربع سِنِين وَالله أعلم
مقتل عبد الْحق فنيش السلاوي ونكبة أهل بَيته وَالسَّبَب فِي ذَلِك
قد قدمنَا فِي آخر دولة السُّلْطَان الْمولى عبد الله مَا كَانَ بحواضر الْمغرب وبواديه من الِاضْطِرَاب فسما بعض القواد والعمال بالأمصار إِلَى مرتبه الِاسْتِقْلَال وطرحوا طَاعَة السُّلْطَان فِي زَاوِيَة الإهمال فَمنهمْ صَاحب سلا عبد الْحق بن عبد الْعَزِيز فنيش كَانَ قد استحوذ على مَدِينَة سلا وأعمالها واستبد بأمرها بِمَا كَانَ لَهُ من الْعَشِيرَة والعصبية بهَا وَلما اجتاز سَيِّدي مُحَمَّد بن عبد الله من مراكش إِلَى الْقصر أَيَّام وَالِده أغلق عبد الْحق هَذَا أَبْوَاب سلا فِي وَجهه وَلم يحفل بِهِ ذَهَابًا وايابا حَسْبَمَا مر
ثمَّ لما ولى الله السُّلْطَان أَمر الْمُسلمين أعرض عَمَّا أسلفه عبد الْحق من جريرته وأبقاه فِي مدينته على رياسته فاستمر على ذَلِك بُرْهَة من الدَّهْر وَكَانَ فظا غليظا فَقتل رجل من أَعْيَان سلا قيل كَانَ هَذَا الرجل من قرَابَته وَقيل كَانَ من أَوْلَاد زنيبير فَرفع أولياؤه أَمرهم إِلَى السُّلْطَان بمكناسة وَحضر عبد الْحق مَعَهم وَثَبت أَن قَتله للرجل كَانَ على وَجه الظُّلم فحرك ذَلِك من السُّلْطَان مَا كَانَ كامنا فِي صَدره عَلَيْهِ فَقبض عَلَيْهِ وَدفعه إِلَى أَوْلِيَاء الْمَقْتُول ليتولوا قَتله بِأَيْدِيهِم فجبنوا عَنهُ لما كَانَ لَهُ فِي قُلُوبهم من الهيبة فَأمر
السُّلْطَان الوزعة بقتْله بمرأى مِنْهُم فَقَتَلُوهُ فِيمَا قيل بأيدي الفؤوس ثمَّ بعث السُّلْطَان من احتاط على أَمْوَال عبد الْحق والفنانشة أجمع وَأمر بِبيع أصولهم بعد إِعْمَال الموجبات بِأَن الفنانشة مستغرقوا الذِّمَّة وَأَن جَمِيع مَا بِأَيْدِيهِم اكتسبوه من الغصوبات وَغَيرهَا من وُجُوه الظُّلم وَضرب الأتاوات على الضُّعَفَاء وَالْمَسَاكِين حَتَّى عِنْد نكاحهم فبيعت أصُول عبد الْحق وعشيرته لبني حسن وَكَانَت تنيف على مائَة أصل من بَين ربع وعقار وَكَانَ ذَلِك سنة ثَمَانِينَ وَمِائَة وَألف ثمَّ غربهم السُّلْطَان إِلَى العرائش فسجنوا بهَا مُدَّة وَغرب بَعضهم إِلَى الصويرة ثمَّ عَفا عَنْهُم وقربهم وولاهم رياسة الرماية بالمهراس والمدفع الْمَعْرُوفَة برياسة الطبجية وفرقهم على الثغور فَكَانَ بَعضهم بالعرائش وَبَعْضهمْ بطنجة وَبَعْضهمْ برباط الْفَتْح وَبَعْضهمْ بالصويرة وَأَعْطَاهُمْ الدّور الْمُعْتَبرَة والرباع المغلة ورتب لَهُم الجرايات الْعَظِيمَة حَتَّى بلغُوا من الثروة والعز والجاه مَا لم يبلغهُ أحد فِي دولته رحمه الله كَذَا فِي الْبُسْتَان
وَمن القواد الَّذين كَانُوا فِي حكم الاستبداد أَيَّام السُّلْطَان الْمولى عبد الله ثمَّ نكبهم ابْنه السُّلْطَان سَيِّدي مُحَمَّد بعد حِين الْقَائِد أَبُو الْحسن الْحَاج عَليّ بن العروسي الدكالي البوزراري كَانَ قَائِد الْمولى المستضيء بعد أَيَّام ولَايَته وَلما أفْضى الْأَمر إِلَى السُّلْطَان سَيِّدي مُحَمَّد قبض عَلَيْهِ وأودعه المطبق عدَّة أَعْوَام ثمَّ سرحه وولاه مَدِينَة شفشاون وتوارث الرياسة بنوه من بعده وَلَهُم آثَار بثغر الجديدة مِنْهَا مَسْجِدهَا مَكْتُوبًا عَلَيْهِ اسْم بانيه إِلَى الْآن وَمن القواد المستبدين قَائِد تامسنا الْمَدْعُو ولد المجاطية وقائد تادلا الرضي الورديغي فعزلهم السُّلْطَان سَيِّدي مُحَمَّد وَولى على تامسنا وتادلا الْقَائِد مُحَمَّد بن حدو الدكالي الْمُتَقَدّم الذّكر وَمِنْهُم أَبُو عريف قَائِد بني حسن فَعَزله السُّلْطَان وَولى مَكَانَهُ أَبَا عبد الله مُحَمَّد القسطالي وَمِنْهُم الباشا حبيب الْمَالِكِي قَائِد الغرب كَانَ رَأس الْأُمَرَاء أَيَّام أَبِيه فَقبض عَلَيْهِ وأودعه
إِلَيْهَا الْأَعْنَاق وتشوفت إِلَيْهَا من كل جَانب الْعُيُون والأحداق فأعرضنا عَن الْكل صفحا وطوينا عَنهُ الجوانب كشحا مُقْبِلين إِلَى عتبَة بَاب سيدنَا نَصره الله وسدته داخلين تَحت طَاعَته ملتزمين لخدمته متوافقين مَعَ الْقَبَائِل والأمصار وَأهل الرَّأْي والاستبصار لعلمنا أَن سيدنَا نَصره الله المتأهل فِي هَذَا الْأَمر العريق الجدير بِالْإِمَامَةِ الْحقيق كَيفَ وَقد ورثهَا كَابِرًا عَن كَابر وإليهم انْتَهَت المآثر والمفاخر فنطلب من سيدنَا نَصره الله أَن يلْتَزم لنا بفضله من هَذِه الْبيعَة الْقبُول مستشفعين بجاه جده الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله الطيبين وصحابته المنتخبين وَآخر دعوانا أَن الْحَمد لله رب الْعَالمين اه
وَلما وقف السُّلْطَان رحمه الله على هَذَا الْكَلَام قبل بيعتهم والتزمها وَعقد عَلَيْهِم لِابْنِ عَمه الْمولى عَليّ بن سُلَيْمَان وأضاف إِلَيْهِ كَتِيبَة من الْجند من أَعْيَان الودايا وَالْعَبِيد وَوجه الْجَمِيع مَعَ أهل تلمسان بعد إكرامهم وَتَمام الْإِحْسَان إِلَيْهِم وَكتب إِلَى عَامله الْقَائِد إِدْرِيس يستوصيه بِالْجَمِيعِ خيرا وَيكون بَصِيرَة عَلَيْهِم وأشركه فِي النّظر والرأي مَعَ الْمولى عَليّ بل الِاعْتِمَاد فِي الْحَقِيقَة إِنَّمَا كَانَ عَلَيْهِ وَقد وقفت على كتاب الْوَزير أبي عبد الله بن إِدْرِيس بِخَط يَده للقائد الْمَذْكُور فِي هَذِه الْقَضِيَّة يَقُول فِيهِ مَا نَصه الْحَمد لله وَحده وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله محبنا وخال سيدنَا الأرضى السَّيِّد إِدْرِيس بن حمان الجراري سَلام عَلَيْك وَرَحْمَة الله تَعَالَى وَبَرَكَاته عَن خير سيدنَا أيده الله وَبعد فقد وصلنا كتابك صُحْبَة أَعْيَان تلمسان وقبائل أحوازها فوقفنا مَعَهم كل الْوُقُوف وبذلنا المجهود فَوق الطَّاقَة وقبلهم مَوْلَانَا وقابلهم بِالْإِحْسَانِ وَالْإِكْرَام كَمَا هُوَ شَأْنه ذَهَابًا وإيابا وهاهم وجههم مَوْلَانَا مكرمين وَرشح ابْن عَمه مولَايَ عليا للخلافة عَلَيْهِم لما يعلم من عقله ودرايته وسياسته وَأَنه ذُو نفس أبيَّة لكَون تِلْكَ النواحي لَا يصلح لَهَا إِلَّا من اتّصف بِهَذِهِ الْأَوْصَاف ليميزوا حَالَة السَّاعَة مَعَ مَا كَانُوا فِيهِ وكما رشح مَوْلَانَا ابْن عَمه الْمَذْكُور رشحك لتَكون وَاسِطَة بَينهم وَبَينه لكَون الْأَوْصَاف الْمَذْكُورَة مَوْجُودَة فِيك فَكُن عِنْد الظَّن بك وَإِيَّاك والطمع وازهدوا فِيمَا فِي أَيدي
النَّاس وكل مَا تحتاجون إِلَيْهِ مِمَّا لَا بُد مِنْهُ أخبرونا بِهِ يصلكم وَلَا تكتموا عَنَّا شَاذَّة وَلَا فاذة وَاعْلَم أَن مَوْلَانَا انتخبك من وسط أَبنَاء جنسك وقربك مِنْهُ وَلَا زلت لَدَيْهِ فِي الترقي فَالله الله فَكُن عِنْد الظَّن بك بَارك الله فِيك آمين وَقد أكْرم سيدنَا كل وَاحِد بِمَا يُنَاسِبه من الْكسْوَة وصنع لَهُم فِي كل بلد دَخَلُوهُ مهرجانا وأدخلهم سيدنَا لوسط دَاره وَجَمِيع جناته وأماكن المملكة الَّتِي لَا يدخلهَا إِلَّا الْخَاصَّة غَايَته أَنهم نالوا من الْعِنَايَة فَوق الظَّن ووقفنا مَعَهم فَوق مَا تحب وَفِيهِمْ الْكِفَايَة وَلم يبْق إِلَّا مَا عنْدك فَكُن عِنْد الظَّن بك فَإِن سيدنَا نَصره الله جرب غَيْرك وَطَرحه وَهَذَا معيارك نسْأَل الله أَن يكون معيار التبر الْخَالِص وَمَا وَعدك بِهِ سيدنَا سيرد عَلَيْك حِين تَسْتَقِر بِالْبَلَدِ وَيحسن تصرفك على عين الْحَاضِر والبادي وَفِي وَصِيَّة سيدنَا فِي كِتَابه الشريف مقنع وعَلى الْمحبَّة وَالسَّلَام فِي ثَالِث عشر ربيع الثَّانِي عَام سِتَّة وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ وَألف مُحَمَّد بن إِدْرِيس لطف الله بِهِ اه نَص الْكتاب بِحُرُوفِهِ
وَلما وصل الْمولى عَليّ إِلَى تلمسان وَجه السُّلْطَان فِي أَثَره خَمْسمِائَة فَارس وَمِائَة رام وَجَمَاعَة وافرة من حذاق الطبجية من أهل سلا ورباط الْفَتْح فيهم ولد عَامل سلا مُحَمَّد ابْن الْحَاج مُحَمَّد أبي جميعة وَكَانَ من النجباء ثمَّ لما دخل الْمولى عَليّ تلمسان وَاسْتقر بهَا فَرح بِهِ الْحَضَر من أهل تلمسان واغتبطوا بِهِ وقدمت عَلَيْهِ الْوُفُود من كل نَاحيَة وَأخذ عَلَيْهِم الْبيعَة للسُّلْطَان هُوَ والقائد إِدْرِيس وانحرف عَنهُ الكرغلية من التّرْك الَّذين كَانُوا إدالة بقصبة تلمسان من لدن قديم وحاصرهم الْمولى عَليّ وَقَاتلهمْ مُدَّة إِلَى أَن ظفر بهم وَاسْتولى على مَا فِي أَيْديهم وانحرف عَنهُ أَيْضا قبيلتا الدَّوَائِر والزمالة من عرب تِلْكَ النَّاحِيَة وَيُقَال إِن أصلهم من جند كَانَ للْمولى إِسْمَاعِيل رحمه الله بَعثه إدالة بِتِلْكَ النَّاحِيَة واستمروا هُنَالك وتناسلوا إِلَى هَذَا التَّارِيخ فأظفر الله الْمولى عليا بهم وانتهب الْجَيْش مَتَاعهمْ ومتاع الكرغلية من قبلهم وَنَشَأ عَن ذَلِك من الْفساد مَا نذكرهُ بعد هَذَا إِن شَاءَ الله