الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَيْمُون بن عَليّ وَقدمه على أَوْلَاد مُحَمَّد من الذواودة وأحله بمكانه من رياسة البدو فَنزع إِلَيْهِ عَن أَخِيه يَعْقُوب الْكثير من قومه وَتمسك بِطَاعَة السُّلْطَان أَيْضا طوائف من أَوْلَاد سِبَاع بن يحيى فانحاشوا جَمِيعًا للوزير ونزلوا بحللهم على مُعَسْكَره
ثمَّ ارتحل السُّلْطَان ابو عنان من فاس حَتَّى احتل بتلمسان فَأَقَامَ بهَا لمشارفة أَحْوَال الْوَزير الْمَذْكُور واحتل الْوَزير بوطن قسنطينة وَبعث إِلَى عَامل بسكرة والزاب يُوسُف بن مزني بِأَن تكون يَده مَعَه وَأَن يفاوضه فِي أَحْوَال الذواودة لرسوخه فِي مَعْرفَتهَا فارتحل إِلَيْهِ من بسكرة ونازلوا جبل أوراين واقتضوا جبايته ومغارمه وشردوا الْمُخَالفين من الذواودة عَن العيث فِي الوطن فتم غرضهم من ذَلِك وانْتهى الْوَزير وعساكر السُّلْطَان إِلَى أول أوطان إفريقية من آخر مجالات ريَاح وانكفأ رَاجعا إِلَى الْمغرب فَوَافى السُّلْطَان أَبَا عنان بتلمسان ووصلت مَعَه وُفُود الْعَرَب الَّذين أبلوا فِي الْخدمَة فوصلهم السُّلْطَان وخلع عَلَيْهِم وَحَملهمْ وَفرض لَهُم فِي الْعَطاء بالزاب وَكتب لَهُم بذلك وانقلبوا إِلَى أَهْليهمْ فرحين مغتبطين ووفد على اثرهم أَحْمد بن يُوسُف بن مزني اوفده أَبوهُ بهدية إِلَى السُّلْطَان من الْخَيل وَالرَّقِيق والدرق فتقبلها السُّلْطَان وَأكْرم وفادته ثمَّ استصحبه إِلَى فاس ليريه أَحْوَال كرامته وليستبلغ فِي الاحتفاء بِهِ واحتل بدار ملكه منتصف ذِي الْقعدَة من سنة تسع وَخمسين وَسَبْعمائة
وَفَاة السُّلْطَان أبي عنان رحمه الله
لما وصل السُّلْطَان أَبُو عنان إِلَى دَار ملكه بفاس احتل بهَا بَين يَدي الْعِيد الْأَكْبَر حَتَّى إِذا قضى الصَّلَاة من يَوْم الْأَضْحَى أدْركهُ الْمَرَض بالمصلى وأعجله طائف الوجع عَن الْجُلُوس للنَّاس يَوْم الْعِيد على الْعَادة فَدخل قصره وَلزِمَ فرَاشه
يحيى المرغادي الَّذِي طالما حذره الْإِنْذَار ولسان حَاله يَقُول لَا حَيَاة لمن تنادي فَوَقع الْقَبْض عَلَيْهِ ووجهناه مصفدا إِلَى مراكش على سنة الله فِيمَن زلت بِهِ الْقدَم وَصَارَ حَلِيف التأسف والندم وأراح الله مِنْهُ الْعباد وطهر مِنْهُ الْبِلَاد وَفِيمَا قبل ذَلِك كُنَّا وجهنا من يَسْتَوْفِي من آيت حديدو مَا وظف عَلَيْهِم فِي المغارم وَيَأْتِي من عِنْدهم بِمَا هُوَ لَهُم لَازم فَلم يظْهر مِنْهُم مَا يُفِيد وَرجع الموجهون بِغَيْر طائل وَلَا عتيد فترصدنا من أعيانهم وَأهل الْحل وَالْعقد مِنْهُم جمَاعَة وافرة تقرب من الْمِائَتَيْنِ وقبضنا عَلَيْهِم بأجمعهم جَزَاء وفَاقا حَتَّى يؤدوا جَمِيع مَا فرض عَلَيْهِم بحول الله وتوجهنا والسعادة تقدمنا والميامين تحفنا وصحبة رِكَابنَا الشريف من جَيش آيت مرغاد قدر كثير الْعدَد قوي المدد مُشْتَمل على أُلُوف من الْخَيل والأبطال وليوث الْحَرْب والنزال إِلَى أَن وصلنا إِلَى قصر السُّوق فَوَجَدنَا بِهِ جَيش خدامنا آيت عطة فِي انْتِظَار جانبنا الشريف لمصاحبة رِكَابنَا السعيد المنيف وهم فِي عدد عديد وَقُوَّة مَا عَلَيْهَا من مزِيد يقربون من الْأَرْبَعَة آلَاف فَارس وَكلهمْ لُيُوث عوابس وَمَعَهُمْ من رُمَاة إخْوَانهمْ عدد كثير مُعْتَبر كَأَنَّهُمْ سيل إِذا انحدر فنهضوا مَعَ جانبنا العالي بِاللَّه فِي جموعهم وَكَثْرَة عَددهمْ وعديدهم إِلَى مدغرة فتبركنا مِنْهَا بمواطىء الأسلاف وتعاهدنا أُمُور أَهلهَا بِحسن مُبَاشرَة وإسعاف وأنعمنا على شرفائها بِعشْرين ألفا من الريال ووجهناها إِلَيْهِم صُحْبَة ولدنَا مولَايَ عبد الْعَزِيز أصلحه الله وَفرقت فيهم صلَة لَهُم وَأَدَاء لحقوق الْقَرَابَة والاتصال وتزودنا من دُعَائِهِمْ الصَّالح بمقبول مستجاب يُرْجَى أَن لَا يكون بَينه وَبَين الله حجاب ونهضنا عَنْهُم إِلَى بِلَاد عرب الصَّباح فتلقوا مواكبنا السعيدة فِي زيهم بفرح وانشراح وَقَامُوا بالواجبات من الْميرَة والضيافات ودفعوا فِي الْحِين جَمِيع المفروضات ونهضنا من بِلَادهمْ إِلَى تافيلالت بِقصد زِيَارَة جدنا الْأَكْبَر القطب الْوَاضِح ذِي السِّرّ الْأَظْهر مَوْلَانَا عَليّ الشريف رضي الله عنه ونفعنا بِهِ فَخرج أَهلهَا من جَمِيع الشرفاء والعامة لملاقاتنا رجَالًا وَنسَاء وصبيانا وشيوخا وكهولا أَفْوَاجًا أَفْوَاجًا جموعا وفرادى وأزواجا وَحصل لَهُم ابتهاج عَظِيم برؤيتنا وامتلؤوا فَرحا وسرورا