الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْعدوان الجزيل النوال الْكَفِيل تأمينه بحياطة النُّفُوس وَالْأَمْوَال قطب الْمجد وسماكه حسب الْحَمد وملاكه السُّلْطَان الْجَلِيل الرفيع الْأَصِيل الحافل الْعَادِل الْفَاضِل الْكَامِل الشهير الخطير الأضخم الأفخم المعان المؤزر الْمُؤَيد المظفر الْملك الصَّالح أبي الْوَلِيد إِسْمَاعِيل بن مَحل أخينا الشهير علاؤة المستطير فِي الْآفَاق ثَنَاؤُهُ زين الْأَيَّام والليال كَمَال عين إناس الْمجد وإنسان عين الْكَمَال وَارِث الدول النافث بِصَحِيح رَأْيه فِي عُقُود أهل الْملَل والنحل حامي الْقبْلَتَيْنِ بعدله وحسامه النامي فِي حفظ الْحَرَمَيْنِ أجر اضطلاعه بذلك وقيامه هازم أحزاب المعاندين وجيوشها هَادِم الْكَنَائِس وَالْبيع فَهِيَ خاوية على عروشها السُّلْطَان الْأَجَل الْهمام الأحفل الأفخم الأضخم الْفَاضِل الْعَادِل الشهير الْكَبِير الرفيع الخطير الْمُجَاهِد المرابط المقسط عدله فِي الجائر والقاسط الْمُؤَيد المظفر الْمُنعم الْمُقَدّس المطهر زين السلاطين نَاصِر الدُّنْيَا وَالدّين أبي الْمَعَالِي مُحَمَّد بن الْملك الأرضى الْهمام الأمضى وَالِد السلاطين الأخيار عَاقد لِوَاء النَّصْر فِي قهر الأرمن والفرنج والتتار محيي رسوم الْجِهَاد معلي كلمة الْإِسْلَام فِي الْبِلَاد جمال الْأَيَّام ثمال الْأَعْلَام فاتح الأقاليم صَالح مُلُوك عصره المتقادم الإِمَام الْمُؤَيد الْمَنْصُور المسدد قسيم أَمِير الْمُؤمنِينَ فِيمَا تقلد الْملك الْمَنْصُور سيف الدُّنْيَا وَالدّين قلاوون مكن الله لَهُ تَمْكِين أوليائه ونمى دولته الَّتِي أطلعها لَهُ السعد شمسا فِي سمائه وَأحسن إيزاعه للشكر أَن جعله وَارِث آبَائِهِ سَلام كريم يفاوح زهر الربى مسراه وينافح نسيم الصِّبَا مجْرَاه يَصْحَبهُ رضوَان يَدُوم مَا دَامَت تقل الْفلك حركاته ويتولاه روح وَرَيْحَان تحييه بِهِ رَحْمَة الله وَبَرَكَاته أما بعد حمد الله مَالك الْملك جَاعل الْعَاقِبَة للتقوى صدعا بِالْيَقِينِ ودفعا للشَّكّ وخاذل من أسر النِّفَاق فِي النَّجْوَى فاصر على الدخن والإفك وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على سيدنَا مُحَمَّد رَسُوله الَّذِي محى بأنوار الْهدى ظلم الشّرك وَنبيه الَّذِي ختم بِهِ الْأَنْبِيَاء وَهُوَ وَاسِطَة ذَلِك السلك ودعا بِهِ حجَّة الْحق فمادت بالكفرة مَحْمُولَة الأفلاك وَمَاجَتْ بهم حاملة الْفلك وَالرِّضَا عَن آله وَصَحبه الَّذين سلكوا سَبِيل هداه فسلك فِي قُلُوبهم أجمل السلك وملكوا أعنه هواهم فلزموا من محجة الصَّوَاب أنجح السلك وَصَابِرُوا فِي جِهَاد
الْأَعْدَاء فَزَاد خلوصهم مَعَ الِابْتِلَاء وَالذَّهَب يزِيد خلوصا على السبك وَالدُّعَاء لأولياء الْإِسْلَام وحماته الْأَعْلَام بنصر لمضائه فِي العدي أعظم الفتك وَيسر بِقَضَائِهِ دَرك آمال الظُّهُور وأحفل بذلك الدَّرك فَكَتَبْنَاهُ إِلَيْكُم كتب الله لكم رسوخ الْقدَم وسبوغ النعم من حضرتنا مَدِينَة فاس المحروسة وصنع الله سُبْحَانَهُ يعرف مَذَاهِب الألطاف ويكيف مواهب تلهج الْأَلْسِنَة فِي الْقُصُور عَن شكرها بالاعتراف وَيصرف من أمره الْعَظِيم وقضائه المتلقى بِالتَّسْلِيمِ مَا يتكون بَين النُّون وَالْكَاف ومكانكم العتيد سُلْطَانه وسلطانكم الْمجِيد مَكَانَهُ وولاؤكم الصَّحِيح برهانه وعلاؤكم الفسيح فِي مجَال الْجلَال ميدانه وَإِلَى هَذَا زَاد الله سلطانكم تمكينا وَأفَاد مقامكم تحصينا وتحسينا وسلك بكم من سنَن من خلفتموه سَبِيلا مُبينًا فَلَا خَفَاء بِمَا كَانَت عقدته أَيدي التَّقْوَى ومهدته الرسائل الَّتِي على الصفاء تطوى بَيْننَا وَبَين والدكم نعم الله روحه وقدسه وبقربه مَعَ الْأَبْرَار فِي عليين أنسه من مؤاخاة أحكمت مِنْهَا العهود تالية الْكتب والفاتحة وَحفظ عَلَيْهَا مُحكم الْإِخْلَاص معوذاتها الْمحبَّة وَالنِّيَّة الصَّالِحَة فانعقدت على التَّقْوَى والرضوان واعتضدت بتعارف الْأَرْوَاح عِنْد تنازح الْأَبدَان حَتَّى استحكمت وصلَة الْوَلَاء والتأمت كلحمة النّسَب لحْمَة الإخاء فَمَا كَانَ إِلَّا وشيكا من الزَّمَان وَلَا عجب قصر زمن الوصلة أَن يشكوه الخلان ورد وَارِد أورد رنق المشارب وحقق قَول وَمن يسْأَل الركْبَان عَن كل غَائِب أنبأ باستثارة الله تَعَالَى بِنَفسِهِ الزكية وإكنان درته السّنيَّة وانقلابه إِلَى مَا أعد لَهُ من الْمنَازل الرضوانية بجليل مَا وقر لفقده فِي الصُّدُور وعظيم مَا تأثرت لَهُ النُّفُوس لوُقُوع ذَلِك الْمَقْدُور حنانا لِلْإِسْلَامِ بِتِلْكَ الأقطار وإشفاقا من أَن يعتور قاصدي بَيت الله الْحَرَام من جراء الْفِتَن عَارض الْإِضْرَار ومساهمة فِي مصاب الْملك الْكَرِيم وَالْوَصِيّ الْحَمِيم ثمَّ عميت الْأَخْبَار وطويت طي السّجل الْآثَار فَلم نر مخبرا صدقا وَلَا معلما بِمن اسْتَقر لَهُ ذَلِكُم الْملك حَقًا وَفِي أثْنَاء ذَلِك حفزنا للحركة عَن حضرتنا استصراخ أهل الأندلس وسلطانها وتواتر الْأَخْبَار بِأَن النَّصَارَى أَجمعُوا على خراب أوطانها وَنحن أثْنَاء ذَلِك الشَّأْن نستخبر الوراد من تلكم الْبلدَانِ عَمَّا أجلى عَنهُ ليل الْفِتَن بتلكم الأوطان فَبعد لأي
الله عَلَيْهِ وَلما رأى يُوسُف بن تاشفين النِّعْمَة الَّتِي فِيهَا ابْن عباد قَالَ أكل أَصْحَابه وأعوانه مثله فَقَالُوا لَا فَقَالَ إِنَّهُم يبغضونه ويسلمونه للمكاره لاستبداده دونهم ولتغيير الْمُنكر شُرُوط وَمَا يَعْقِلهَا إِلَّا الْعَالمُونَ وَكم من مرّة قُلْنَا لكم الْعلمَاء هُوَ يُنكرُونَ مَا يُنكر ويعلموننا بِمَا كَانَ وَلَكِن الْجُلُوس بِلَا شغل والفراغ وَعدم الْحَمد حملكم على مَا يحرم عَلَيْكُم الْكَلَام فِيهِ
(إِن الشَّبَاب والفراغ والجده
…
مفسده للمرء أَي مفْسدَة)
وَأما بَيت مَال الله والأحباس فَالله حسيب من بدل وَقد كُنْتُم تتكلمون على المكس وَالْحَرِير والقشينية وَغير ذَلِك فَأرى حكم الله من ذَلِك وانظروا لمن تعرفونه من الْعمَّال وَأما الْفسق فَهُوَ عَادَة وديدن كل من قَامَ فِي الْفِتْنَة وَكم مرّة رمت قِطْعَة فَلم أجد إِلَيْهِ سَبِيلا لِأَن جلّ كبرائكم بالمصاري والعرصات وَإِنَّمَا أولي عَلَيْكُم البراني لأنكم لَا تحسدونه وَإِن أكل وَحده والحاسد يُرِيد زَوَال النِّعْمَة عَن محسوده والتجار لِأَن التَّاجِر لَا يطْمع فِي مَال أحد ويكفيه الرّفْعَة والجاه لنماء مَاله وانظروا مَا أجبتكم بِهِ وَمَا كتبتم لنا بِهِ واعرضوه على فقهائكم فَمن قَالَ الْحق منا وَمن قَالَ الْبَاطِل أَخَذْتُم بحظكم من الْفِتَن اهـ
وَهَذِه الرسَالَة قد شرحها الْفَقِيه أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أبي بكر بن عبد الْكَرِيم اليازغي وَكَانَ أهل فاس قد كتبُوا إِلَى السُّلْطَان رحمه الله فِي شَأْن عاملهم الصفار الْمَذْكُور وَاعْتَذَرُوا عَن خُرُوجهمْ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ اشْتغل بِمَا لَا يُرْضِي الله من الْفسق وَمد الْيَد إِلَى الْحَرِيم فأنكروا عَلَيْهِ فَأجَاب السُّلْطَان رحمه الله بالرسالة الْمَذْكُورَة
خُرُوج السُّلْطَان الْمولى سُلَيْمَان من مكناسة إِلَى فاس وَمَا لَقِي من سُفَهَاء البربر فِي طَرِيقه إِلَيْهَا
قد تقدم لنا أَن البربر طلبُوا من السُّلْطَان تَسْرِيح إخْوَانهمْ وَأَنه بذلك
تصلح أَحْوَالهم ويراجعون الطَّاعَة وَلما سرحهم نكثوا الْعَهْد وازدادوا تمردا فَلَمَّا أعيا السُّلْطَان أَمرهم وكل أَمرهم إِلَى الله وعزم على الْخُرُوج من مكناسة إِلَى فاس لما حدث بهَا من الشغب أَيْضا فولى على مكناسة وجند العبيد وَلَده الْمولى الْحسن وَكَانَ لَهُ علم وحزم ثمَّ خرج السُّلْطَان رحمه الله من مكناسة لَيْلًا على خطر عَظِيم وَأسرى ليلته وَلم يعلم البربر بِخُرُوجِهِ حَتَّى أصبح وَقد جَاوز المهدومة وشارف وَادي النجَاة فتبعوه على الصعب والذلول ونهبوا كل من تخلف من الْجَيْش واستولوا على كثير من روام السُّلْطَان وَكَانَ مَعَ السُّلْطَان فِي تِلْكَ اللَّيْلَة المرابط الْبركَة أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن حَمْزَة العياشي فَجعل يكف البربر عَن الْجَيْش فَلم يغن شَيْئا لِأَنَّهُ كَانَ كلما كفهم من نَاحيَة أَغَارُوا من نَاحيَة أُخْرَى وخلص السُّلْطَان إِلَى فاس وَقد ازْدَادَ حنقة على البربر فَلَمَّا دَخلهَا أَمر بِنَهْب دور البربر القاطنين بفاس فنهبوا كل من فِيهِ رَائِحَة البربرية وَلَو قَدِيما فَكَانَ ذَلِك فتْنَة فِي الأَرْض وَفَسَادًا كَبِيرا وَأقَام السُّلْطَان بفاس إِلَى رَجَب من السّنة الْمَذْكُورَة أَعنِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَألف ثمَّ خرج لإِصْلَاح نواحي بِلَاد الهبط فوصل فِي خرجته هَذِه إِلَى قصر كتامة فمهد تِلْكَ الْبِلَاد وَأمن سبلها وَرجع إِلَى رِبَاط الْفَتْح فَقدم عَلَيْهِ بهَا قبائل الْحَوْز على بكرَة أَبِيهِم من حاحا والشياظمة وَعَبدَة والرحامنة وَأهل السوس والسراغنة وزمران وَأهل دكالة وقبائل الشاوية وتادلا وَقدم عَلَيْهِ أَيْضا قبائل بني حسن وَعبيد الدِّيوَان وَقبض فِي هَذِه الْمرة على نَحْو الْمِائَة من زعير وأودعهم السجْن وَدخل شهر رَمَضَان فَفرق عُمَّال الْقَبَائِل كلا إِلَى عمله وَأمرهمْ بالقدوم عَلَيْهِ لعيد الْفطر ويستصحبوا زكواتهم وأعشارهم وَكَانَ قد عزم على الْمقَام برباط الْفَتْح إِلَى أَن يُقيم سنة الْعِيد بِهِ وتجتمع عَلَيْهِ العساكر فَيتَوَجَّه بهَا لغزو البربر ثمَّ بدا لَهُ رحمه الله فسافر مَعَ قبائل الْحَوْز إِلَى مراكش فِي عَاشر رَمَضَان الْمَذْكُور
(وَالْملك من فرط السرُور بك أزدهى
…
وَله فَم بجميل ذكرك أعلنا)
(وأتاك أَهلهَا قؤلا هَل لنا
…
يَا ماجدا من عطفة تشفي الضنى)
(يَا طالما اشتاقت إِلَيْك قُلُوبنَا
…
شوق الْفَقِير إِلَى ملاقاة الْغنى)
(فمنحتهم بعد الضراعة عزة
…
وكسوتهم بعد الأسا ثوب الهنا)
(هَذَا وَمَا صبحتهم بكريهة
…
حَتَّى جنى جهلا بِفَضْلِك من جنا)
(شربوا كؤوس الحتف لَوْلَا أَنَّهَا
…
أبقت عَلَيْهِم رأفة وتحننا)
(وأتاك أَرْبَاب البصائر قولا
…
يَا لَا تُؤَاخِذنَا بزلة غَيرنَا)
(فصفحت عَنْهُم صفح مقتدر وَلم
…
تتْرك جيوشك فيهم أَن تثخنا)
(وحبوتهم بعد الآسى بمسرة
…
منعت قُلُوب النَّاس أَن تتحزنا)
(فغدى ببغيته المصافي وانثنى
…
بندامة الكسفى من قد شيطنا)
(لَو كَانَ فِي الْإِحْسَان شَيْء يتقى
…
لنهاك طبع الْجُود أَن لَا تحسنا)
(إِن الْكَرِيم إِذا تمكن من أَذَى
…
صاحت بِهِ أحلامه فتحننا)
(مثل الشجاع إِذا سطى يَوْم الوغا
…
أضحى بري طعم الردى حُلْو الجنا)
(لَا كالجبان فَلَو تكلّف نجدة
…
صدته خَشيته الْحمام فأقبنا)
(وَكَذَا اللَّئِيم إِذا أَرَادَ تفضلا
…
جَاءَتْهُ أَخْلَاق اللئام فأشقنا)
(لَو أَن جودك فِي الورى متفرق
…
مَا كَانَ فيهم من بَرى متمسكنا)
(وَلَو أَن بأسك قد تفرق بَينهم
…
مَا كَانَ يُمكن لامرىء أَن يجبنا)
(لَو لم تكن مولى خَمِيس أرعن
…
لكفتك هيبتك الْخَمِيس الأرعنا)
(لَو أَن من أثنى على هرم رأى
…
يَوْمًا علاك لقَالَ غَيْرك مَا عَنَّا)
(شهد الْأَنَام بِأَن مجدك باهر
…
لم يجحدنه جَاحد فنبرهنا)
(يدعونك الْحسن الرضى طرا وَلَو
…
شوركت فِي حسن دعوك الأحسنا)
(يَا أَيهَا الشهم السّري وَمن بِهِ
…
أضحى على الأقطار يفخر قطرنا)
(إِنِّي امتدحتك والمحبة شَافِعِيّ
…
ومحبة الْأَشْرَاف نعم المقتنى)
(وتحصني أبدا بعزة ركنكم
…
ومعزز من بالكرام تَحَصُّنًا)
(لَا زَالَت أمداحي لأقعس مجدكم
…
مُتَوَالِيَات أَو يصدني المنا)
(تالله لَا قمنا بشكركم وَلَو
…
أعضاؤنا كَانَت جَمِيعًا أَلسنا)
(فلنمدحنك فِي الْحَيَاة وَإِن نمت
…
قَامَت عظامتنا بمدحك بَعدنَا)
(خُذْهَا إِلَيْك خريدة فكرية
…
طلعت بغيظ قُلُوب أَبنَاء الزِّنَى)
(بهرت قُلُوب ذَوي النَّهْي بمحاسن
…
منعت خرائد فكرهم أَن تحسنا)
(فاصرف إِلَيْهَا منَّة عين الرضى
…
وامنع بِفَضْلِك حسنها أَن يغبنا)
(دَامَت إِلَيْك من الْمُهَيْمِن نصْرَة
…
تدع المعاند ضارعا مستهجنا)
(بِمُحَمد الْمُخْتَار جدك خير من
…
قد أوضح النهج الْقَدِيم وَبينا)
(صلى عَلَيْهِ الله مَا جن الدجى
…
وأمالت الرّيح الْجنُوب الأغصنا)
(والآل والصحب الصناديد الذرى
…
والمانحي قصادهم نيل المنا)
ثمَّ شرع السُّلْطَان أعزه الله بِجمع الْعَسْكَر وتنظيمه زِيَادَة على مَا كَانَ فِي حَيَاة وَالِده فألزم أهل فاس بِخَمْسِمِائَة وألزم أهل العدوتين بستمائة وألزم غَيرهمَا من الثغور بمائتين مِائَتَيْنِ وَلم يتَّخذ من مراكش وَلَا أَعمالهَا شَيْئا فصعب على النَّاس ذَلِك وجمعوا مِنْهُ مَا قدرُوا عَلَيْهِ واعتنى السُّلْطَان أعزه الله بِهِ فَكَانَ يُبَاشر عرضه وترتيبه بِنَفسِهِ وَفِي أَيَّام مقَامه بفاس نبغ نابغ بأعمال وَجدّة يُقَال لَهُ أَبُو عزة الهبري من هبرة بطن من سُوَيْد وسُويد من عرب بني مَالك بن زغبة الهلاليين وَكَانَ هَذَا الرجل فِيمَا زَعَمُوا يخط فِي الرمل وَيتَعَاطَى بعض السحريات فَتَبِعَهُ بعض الأوباش الَّذين لَا شغل لَهُم وتأشبوا عَلَيْهِ ودنا من أَطْرَاف الإيالة وَقَوي حسه وَكَانَ السُّلْطَان أعزه الله عَازِمًا على النهوض إِلَى تِلْكَ النَّاحِيَة وتمهيدها وَنفي الدجاجلة عَنْهَا فاستعد غَايَة الاستعداد وجدد الفساطيط وكسى الْجنُود فرسانها ورماتها قديمها وحديثها وعرضها كلهَا ثمَّ نَهَضَ من فاس منتصف رَجَب سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ وَألف وَلما بَات فِي اللَّيْلَة الثَّانِيَة بآيت شغروسن أغار على الْمحلة لَيْلًا أَبُو عزة الهبري وَمَعَهُ سعيد بن أَحْمد الشغروسني وَيُقَال إِنَّه إدريسي النّسَب فماجت الْمحلة بعض الشَّيْء ثمَّ تراجع النَّاس وَأخذُوا مراكزهم وصوبوا المدافع وآلات الْحَرْب نَحْو عدوهم فشردوهم فَكَانَ ذَلِك آخر الْعَهْد بهم وَقبض على عدد من أَصْحَابه وَقطعت رُؤُوس مِنْهُم وَتقدم السُّلْطَان أعزه الله