الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمقدار وَجَرت عَلَيْهِ جراية وَاسِعَة ورعاية متتابعة إِلَى آخر كَلَامه وَيَعْنِي بقوله هَذِه الْبِلَاد بِلَاد الأندلس وَالله أعلم
الْمُصَاهَرَة بَين السُّلْطَان أبي سعيد فِي ابْنه أبي الْحسن وَبَين أبي بكر بن أبي زَكَرِيَّاء الحفصي وَالسَّبَب فِي ذَلِك
كَانَ أَبُو تاشفين عبد الرَّحْمَن بن أبي حمو مُوسَى بن عُثْمَان بن يغمراسن صَاحب تلمسان قد ضايق بني أبي حَفْص أَصْحَاب تونس وإفريقية فِي بِلَادهمْ وَاسْتولى على كثير من ثغورهم وردد الْبعُوث والسرايا إِلَى أَطْرَاف ممالكهم وَفِي سنة تسع وَعشْرين وَسَبْعمائة جهز ابو تاشفين إِلَيْهِم جَيْشًا كثيفا وَعقد عَلَيْهِ ليحي بن مُوسَى من صنائع دولته وَنصب مَعَ ذَلِك لملك تونس وإفريقية بعض أعقاب الحفصيين وَهُوَ مُحَمَّد بن ابي عمرَان كَانَ لَجأ إِلَيْهِ فِي بعض الْفِتَن الَّتِي كَانَت لَهُ مَعَ بني عَمه وَتقدم هَذَا الْجَيْش إِلَى أبي بكر بن أبي زَكَرِيَّاء الحفصي فهزموه واقتحموا مَدِينَة تونس فاستولوا عَلَيْهَا ونصبوا لملكها وَالْولَايَة عَلَيْهَا مُحَمَّد بن أبي عمرَان الْمَذْكُور لَيْسَ لَهُ من الْملك إِلَّا الِاسْم وَالْأَمر كُله بيد يحيى بن مُوسَى قَائِد الْجَيْش وخلص السُّلْطَان أَبُو بكر بن أبي زَكَرِيَّاء الحفصي إِلَى بونة جريحا مطرودا عَن كرْسِي ملكه وَدَار عزه فعزم حِينَئِذٍ على الْوِفَادَة على السُّلْطَان أبي سعيد المريني ليَأْخُذ لَهُ حَقه من آل يغمراسن المتغلبين عَلَيْهِ وَأَرَادَ مَعَ ذَلِك تَجْدِيد الوصلة الَّتِي كَانَت لسلفه مَعَ بني مرين فَأَشَارَ عَلَيْهِ حَاجِبه مُحَمَّد بن سيد النَّاس بإنفاذ ابْنه الْأَمِير أبي زَكَرِيَّاء صَاحب الثغر استنكافا لَهُ عَن مثلهَا فَقبل إِشَارَته وأركب ابْنه الْمَذْكُور الْبَحْر وَبعث مَعَه وزيره أَبَا مُحَمَّد عبد الله بن تافراجين نافضا أَمَامه طرق الْمَقَاصِد والمحاورات ونزلوا بمرسى غساسة من سَاحل الْمغرب وَقدمُوا على السُّلْطَان أبي سعيد بِحَضْرَتِهِ فأبلغوه رِسَالَة أبي بكر الحفصي فاهتز لذَلِك هُوَ وَابْنه الْأَمِير أَبُو الْحسن وَقَالَ لوفد الحفصيين
وَالله لأبذلن فِي مظاهرتكم مَالِي وقومي وَنَفْسِي ولأسيرن بعساكري إِلَى
وَالْمَعْرُوف من حَال السُّلْطَان الْمولى سُلَيْمَان رحمه الله خلاف هَذَا فَإِنَّهُ كَانَ قَلما تَشْكُو رعية إِلَيْهِ بعاملها إِلَّا ويعزله عَنْهَا تحريا للعدل واتهاما للعمال حَتَّى لقد عيب عَلَيْهِ ذَلِك فِي بعض الْأَحْوَال من جِهَة السياسة وَلما أعيا السُّلْطَان أَمرهم تَركهم فوضى ووكل الْقَائِد عياد بن أبي شفرة بتدبير أمرهَا وَتوجه إِلَى مراكش فَكَانَ عياد على أَمرهم أعجز وبسياستهم أَجْهَل وَصَارَ يتألفهم بالعطاء وَيجْرِي الْمُؤَن على كل من يقدم عَلَيْهِ مِنْهُم من طَعَام وعلف وَنَحْو ذَلِك فَكَانَ ذَلِك مِمَّا زَاد فِي طغيانهم حَتَّى كَانُوا ينهبون أَمْوَال النَّاس ومتاعهم بِبَاب فاس ويدخلون لقبض الخفارة وَأخذ الْميرَة وَإِذا تكلم أحد من أهل الْبَلَد قَالَ الْقَائِد الْمَذْكُور إِن السُّلْطَان أَمرنِي بذلك وَرُبمَا عاقب من يعْتَرض عَلَيْهِ وَإِنَّمَا أمره السُّلْطَان أَن يسوسهم على الْوَجْه الَّذِي لَا ضَرَر فِيهِ على الدولة وَلَا على الرّعية وَالله أعلم
إجلاب السُّلْطَان الْمولى سُلَيْمَان على برابرة كروان ورجوعه عَنْهُم من آصرو وَمَا نَشأ عَن ذَلِك
لما وصل السُّلْطَان إِلَى مراكش اسْتنْفرَ قبائل الْحَوْز كلهَا وَقدم بهم إِلَى مكناسة واستنفر قبائل الغرب من الأحلاف والحياينة وَأهل الفحص وَأهل الغرب وَبني حسن وَأهل الثغور وَضرب الْبَعْث على جَيش العبيد والودايا وشراقة وَأَوْلَاد جَامع واستصحب مَعَه البربر الَّذين هم فِي طَاعَته حَتَّى لم يبْق أحد بالمغرب وَخرج فِي هَذَا الْجمع الْعَظِيم قَاصِدا كروان وهم يَوْمئِذٍ بتاسماكت وَلما وصل إِلَى الْموضع الْمَعْرُوف بآصرو وَبَقِي بَينهم وَبَينه نصف مرحلة بِحَيْثُ صَار يرى محلتهم ويرون محلته بدا لَهُ فَرجع يُرِيد آيت يوسي فَكَانَ ذَلِك الرُّجُوع سَبَب الخذلان وَلما رَأَتْهُ عُيُون كروان رَاجعا ظنُّوا بِهِ جبنا فجرؤوا على الْجَيْش وتبعوه من خَلفه إِلَى أَن خالطوا أخريات
على بدنه وقاية لَهُ فَقَتَلُوهُ هُنَالك وَبَقِي التَّاجِر ابْن جلون يعالج جراحاته إِلَى أَن مَاتَ من آخر اللَّيْل واتهم أولياؤه نَاسا من أَعْيَان فاس بِأَنَّهُم أغروا بقتْله وَلم يثبت ذَلِك
وَفِي هَذِه السّنة أَعنِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ وَألف وَجه السُّلْطَان رحمه الله قَائِد جَيْشه أَبَا عبد الله مُحَمَّد بن عبد الْكَرِيم الشَّرْقِي وعامل سلا أَبَا عبد الله مُحَمَّد بن سعيد السلاوي باشدورين إِلَى دولة فرنسا بباريس وَكَانَ السَّبَب فِي ذَلِك مَا أَخْبرنِي بِهِ الْقَائِد أَبُو عبد الله بن سعيد الْمَذْكُور قَالَ كَانَ سيدنَا أَمِير الْمُؤمنِينَ سَيِّدي مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن رحمه الله قد أصحبنا كتابا إِلَى طاغية الفرنسيس وأمرنا بالْكلَام مَعَه فِي شَأْن هَؤُلَاءِ النواب الَّذين يَبْعَثهُم إِلَى الْمغرب وَأَن يكون ينتخبهم من بيُوت الْأَعْيَان وَمِمَّنْ يَتَّصِف بالتأني وَحسن السِّيرَة وَالْوُقُوف عِنْد مَا حد لَهُم وَلما وصلنا إِلَى باريس شرحنا ذَلِك للطاغية الْمَذْكُور كِتَابَة ففرح وقابلنا بمالا مزِيد عَلَيْهِ من البرور الَّذِي لَا نقدر على شَرحه مَعَ إِن إكرامنا وَالْحَمْد لله لَهُم يفوق ذَلِك فِي الصوائر وَكُنَّا توجهنا ومعنا خُيُول وَغَيرهَا وأقمنا بباريس شهرا وَكَانَ مقامنا بدار كَثِيرَة الْفرش والأثاث من الْفضة والمعدن ووكل بِنَا أَمِين يصير علينا حسب نَظرنَا وقومة يباشرون فرش الْمنزل وتنظيفه وَغير ذَلِك ومعنا أَصْحَابنَا وطباخنا إِلَّا أَنهم منعزلون بِمحل يخصهم وَفِي كل يَوْم تستدعينا الدولة للفرجة بِمحل يُسمى التياترو فِيهِ مواعظ وَحكم لمن تبصر ومتعة للنَّفس لمن كَانَ حَظه النّظر وَقد أكرمنا الطاغية بمنزله وَأَكْرمنَا الوزراء وعامل الْبَلَد والأعيان لَيْلًا وكل وَاحِد يجمع علينا أَعْيَان الدولة وَأهل الْبَلَد نسَاء ورجالا وعادتهم عِنْد دخولك الْمنزل أَن تحيي الزَّوْجَة وَمن مَعهَا بِالسَّلَامِ أَولا ثمَّ بعد ذَلِك تحيي الرجل ورأينا من الطاغية ووزيره على الْأُمُور البرانية من البرور والبشاشة مَا جَاوز الْحَد وَطلب منا هَذَا الطاغية أَن نبحث لَهُ فِي كتب التَّارِيخ بالمغرب هَل نعثر على تَارِيخ بِنَاء رومة وَفِي أَي وَقت بنيت وَاسم بانيها ونبعث بِهِ إِلَيْهِ اهـ كَلَام الْعَامِل الْمَذْكُور وَهُوَ حفظه الله من أمثل النَّاس