الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قدوم بني اشقيلولة على السُّلْطَان يُوسُف بسلا وإقطاعه إيَّاهُم قصر كتامة وَالسَّبَب فِي ذَلِك
قد تقدم لنا أَن بني اشقيلولة كَانُوا من وُجُوه الأندلس وَأهل الرياسة بهَا حَتَّى صاهرهم ابْن الْأَحْمَر بابنته وَأُخْته وَقَامُوا مَعَه فِي إِثْبَات قَوَاعِد ملكه ثمَّ انحرفوا عَنهُ إِلَى مُوالَاة بني مرين وَنزل مُحَمَّد بن عبد الله بن أبي الْحسن مِنْهُم إِلَى السُّلْطَان يَعْقُوب عَن مالقة وَكَانَ عَمه أَبُو إِسْحَاق بن أبي الْحسن صَاحب وَادي آش وأعمالها واتصل ذَلِك فِي بنيه إِلَى أَن بُويِعَ السُّلْطَان يُوسُف فَقَامُوا بدعوته فِيهَا ثمَّ حصلت المصافاة وتأكدت الْمَوَدَّة بَين السُّلْطَان يُوسُف وَابْن الْأَحْمَر على مَا أسلفناه آنِفا فَطلب ابْن الْأَحْمَر من السُّلْطَان يُوسُف أَن ينزل لَهُ عَن وَاد آش الَّتِي هِيَ لبني اشقيلولة المتمسكين بدعوته كَمَا نزل لَهُ عَن غَيرهَا من الثغور فَأَجَابَهُ السُّلْطَان إِلَى ذَلِك وَكتب إِلَى أبي الْحسن بن إِسْحَاق بن اشقيلولة يَأْمُرهُ بالتخلي لَهُ عَنْهَا فَتَركهَا لَهُ وَعبر هُوَ وحاشيته الْبَحْر إِلَى السُّلْطَان يُوسُف سنة سبع وَثَمَانِينَ الْمَذْكُورَة فَلَقِيَهُ بِمَدِينَة سلا فَأعْطَاهُ السُّلْطَان يُوسُف الْقصر الْكَبِير وأعماله طعمه سوغه إِيَّاهَا فَلم تزل ولَايَته متوارثة فِي بنيه حَتَّى انقرضوا آخر دولة بني مرين واستمكن ابْن الْأَحْمَر من وَادي آش وحصونها وَلم يبْق لَهُ بالأندلس مُنَازع من قرَابَته وَالله أعلم
حُدُوث الْفِتْنَة بَين السُّلْطَان يُوسُف وَعُثْمَان بن يغمراسن بن زيان صَاحب تلمسان
قد تقدم لنا أَن يغمراسن لما حَضرته الْوَفَاة أوصى ابْنه عُثْمَان أَن لَا يحدث مَعَ بني مرين حَربًا وَلَا يوافقهم فِي زحف مَا اسْتَطَاعَ لاستغلاظ أَمرهم عَلَيْهِ بملكهم الْمغرب الْأَقْصَى وأعماله وَأَن عُثْمَان قد عمل على ذَلِك فأوفد أَخَاهُ مُحَمَّد بن يغمراسن على السُّلْطَان يَعْقُوب بالأندلس وَعقد مَعَه السّلم
وَرجع إِلَى أَخِيه كَمَا تقدم وَلما ولي السُّلْطَان يُوسُف وقفل من مراكش إِلَى فاس فِي هَذِه الْمرة بعد أَن ترك ابْنه أَبَا عَامر عبد الله مَعَ مُحَمَّد بن عطوا عَامل مراكش ثار أَبُو عَامر الْمَذْكُور بهَا وخلع طَاعَة أَبِيه ودعا إِلَى نَفسه وشايعه ابْن عطوا على ذَلِك واتصل الْخَبَر بالسلطان يُوسُف وَهُوَ بفاس فأسرع السّير إِلَى مراكش وبرز إِلَيْهِ ابْنه أَبُو عَامر فَاقْتَتلُوا ثمَّ انهزم أَبُو عَامر فَعَاد إِلَى مراكش واكتسح بَيت المَال بهَا وفر إِلَى تلمسان وَمَعَهُ ابْن عطوا الْمَذْكُور فقدماها سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة فآواهم عُثْمَان بن يغمراسن ومهد لَهُم الْمَكَان فلبثوا عِنْده مَلِيًّا
ثمَّ عطف السُّلْطَان على ابْنه الرَّحِم فَرضِي عَنهُ وَأَعَادَهُ إِلَى مَكَانَهُ وطالب عُثْمَان بن يغمراسن أَن يسلم إِلَيْهِ ابْن عطوا الناجم فِي النِّفَاق مَعَ ابْنه فَأبى من إِضَاعَة جواره وإخفار ذمَّته وَأَغْلظ لَهُ الرَّسُول فِي القَوْل فسطا بِهِ عُثْمَان واعتقله فثارت من السُّلْطَان يُوسُف الحفائظ الكامنة وتحركت مِنْهُ إلاحن الْقَدِيمَة والنزغات المتوارثة فاعتزم على غَزْو تلمسان ونهض إِلَيْهَا من مراكش فِي صفر من سنة تسع وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة بعد أَن عقد عَلَيْهَا لِابْنِهِ الْأَمِير أبي عبد الرَّحْمَن يَعْقُوب بن يُوسُف ثمَّ نَهَضَ من فاس إِلَيْهَا آخر ربيع الآخر من سنته فِي عساكره وَجُنُوده وحشد الْقَبَائِل وكافة أهل الْمغرب وَسَار حَتَّى نَازل تلمسان فتحصن مِنْهُ عُثْمَان وَقَومه بأسوارها فحاصره السُّلْطَان يُوسُف وضيق عَلَيْهِ وَنصب عَلَيْهِ المجانيق وَكَانَ حصاره إِيَّاهَا فِي رَمَضَان من السّنة الْمَذْكُورَة ثمَّ سَار فِي نَوَاحِيهَا ينسف الْآثَار وَيخرب الْقرى ويحطم الزروع ثمَّ نزل بِذِرَاع الصابون من ناحيتها ثمَّ انْتقل مِنْهُ إِلَى تامت وحاصرها أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَقطع أشجارها وأباد خضراءها وَلما امْتنعت عَلَيْهِ أفرج عَنْهَا وانكفأ رَاجعا إِلَى الْمغرب وَقضى نسك الْفطر بِعَين الصَّفَا من بِلَاد بني يزناسن ونسك الْأَضْحَى وقربانه بتازا وتلبث بهَا أَيَّامًا ثمَّ نَهَضَ مِنْهَا إِلَى الأندلس بِقصد الْجِهَاد على مَا نذكرهُ
إِلَّا من جربه وذاقه وَقد تقدم لنا فِي صدر هَذَا الْكتاب أَن مُلُوك بني عبد الْمُؤمن كَانُوا يحملون النَّاس على الرُّجُوع فِي الْأَحْكَام إِلَى الْكتاب وَالسّنة كل ذَلِك اعتناء بِالْعلمِ الْقَدِيم ومحافظة على أُصُوله وَالله يهدي من يَشَاء إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم
وَكَانَ السُّلْطَان سَيِّدي مُحَمَّد بن عبد الله رحمه الله ينْهَى عَن قِرَاءَة كتب التَّوْحِيد المؤسسة على الْقَوَاعِد الكلامية المحررة على مَذْهَب الأشعرية رضي الله عنهم وَكَانَ يحض النَّاس على مَذْهَب السّلف من الِاكْتِفَاء بالاعتقاد الْمَأْخُوذ من ظَاهر الْكتاب وَالسّنة بِلَا تَأْوِيل وَكَانَ يَقُول عَن نَفسه حَسْبَمَا صرح بِهِ فِي آخر كِتَابه الْمَوْضُوع فِي الْأَحَادِيث المخرجة من الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة أَنه مالكي مذهبا حنبلي اعتقادا يَعْنِي أَنه لَا يرى الْخَوْض فِي علم الْكَلَام على طَريقَة الْمُتَأَخِّرين وَله فِي ذَلِك أَخْبَار ومجريات
قلت وَهُوَ مُصِيب أَيْضا فِي هَذَا فقد ذكر الإِمَام أَبُو حَامِد الْغَزالِيّ رضي الله عنه فِي كتاب الْإِحْيَاء إِن علم الْكَلَام إِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَة الدَّوَاء لَا يحْتَاج إِلَيْهِ إِلَّا عِنْد حُدُوث الْمَرَض فَكَذَلِك علم الْكَلَام لَا يحْتَاج إِلَيْهِ إِلَّا عِنْد حُدُوث الْبِدْعَة فِي قطر وَقد حرر النَّاس الْقدر الْمُحْتَاج إِلَيْهِ فِي حق الْعَامَّة وَغَيرهم والمبتدئين والمنتهين والأغبياء والأذكياء بِمَا لَيْسَ هَذَا مَحل بَسطه وَكَانَ السُّلْطَان سَيِّدي مُحَمَّد رحمه الله عالي الهمة يحب الْفَخر ويركب سنامه ويخاطب مُلُوك التّرْك مُخَاطبَة الْأَكفاء ويخاطبونه مُخَاطبَة السَّادة ويمدهم بالأموال والهدايا حَتَّى علا صيته عِنْدهم وحسبوه أَكثر مِنْهُم مَالا ورجالا وَكَانَ يُعْطي عَطاء من لَا يخَاف الْفقر وَيَضَع الْأَشْيَاء موَاضعهَا وَيعرف مقادير الرِّجَال وَيُؤَدِّي حُقُوقهم ويتجاوز عَن هفواتهم ويراعي لأهل السوابق سوابقهم ويتفقد أَحْوَال خُدَّامه فِي الصِّحَّة وَالْمَرَض وَلَا يغْفل عَمَّن كَانَ يعرفهُ قبل الْملك وَكَانَ من الشجعان الْمَذْكُورين فِي وقته يُبَاشر الحروب بِنَفسِهِ ويهزم الجيوش بهيبته وَكَانَ يقتني الرِّجَال
ويصطنعهم ويعدهم لأيام الكريهة وينادي كل وَاحِد باسمه وَقت اللِّقَاء والحضور عِنْده وَيُوجه كل بَطل مِنْهُم مَعَ قَبيلَة أَو كَتِيبَة من كتائب الْجند وَيعْمل بقواعد السياسة فِي الحروب وَكَانَ إِذا وَجه أحدا مِمَّن يعرف نجدته وكفايته ينشد قَول ابْن دُرَيْد
(وَالنَّاس ألف مِنْهُم كواحد
…
وَوَاحِد كالألف إِن أَمر عَنَّا)
وَبِالْجُمْلَةِ فقد كَانَ رحمه الله من عُظَمَاء الْمُلُوك وخلد آثارا كَثِيرَة بالمغرب فَمن ذَلِك بمراكش تَجْدِيد ضريح الشَّيْخ أبي الْعَبَّاس السبتي ومسجده ومدرسته وضريح الشَّيْخ التباع ومسجده وضريح الشَّيْخ الْجُزُولِيّ ومسجده وضريح الشَّيْخ الغزواني ومسجده وضريح الشَّيْخ ابْن صَالح ومسجده وضريح الْمولى عَليّ الشريف ومسجده الْأَعْظَم وضريح الشَّيْخ مَيْمُون الصحراوي وَمَسْجِد الْمُلُوك ببريمة ومدرستاه وتجديد جَامع الْمَنْصُور وَالْمَسْجِد الْأَعْظَم بِبَاب دكالة وَالْمَسْجِد الْأَعْظَم بِبَاب هيلانة وَالْمَسْجِد الْأَعْظَم بالرحبة ومساجد القصبة ومدارسها السِّت وَمَسْجِد زَاوِيَة الشرادي وَمَسْجِد رِبَاط شَاكر ومدينة الصويرة بمساجدها ومدارسها وصقائلها وأبراجها وكل مَا فِيهَا وَمَسْجِد آسفي ومدرسته وَمَسْجِد مَدِينَة تيط ومدينة آنِفا ومسجدها ومدرستها وحمامها وصقائلها وأبراجها ومدينة فضَالة ومسجدها ومدرستها والمصورية ومسجدها وجامع السّنة برباط الْفَتْح ومساجد أجدال السِّتَّة وأبراجه والصقالتين الكبيرتين بسلا ورباط الْفَتْح وَمَسْجِد العرائش ومدرسته وصقائلها وأبراجها وسوقها وصقائل طنجة وأبراجها وَالْمَسْجِد الْأَزْهَر ومدرسته بإصطبل مكناسة وَمَسْجِد البردعيين بهَا وضريح الشَّيْخ ابْن عِيسَى وضريح الشَّيْخ أبي عُثْمَان سعيد ومسجده ومدرسة الصهريج ومدرسة الدَّار الْبَيْضَاء وَمَسْجِد بريمة ومدرسته وَمَسْجِد هدراش وَمَسْجِد بَاب مراح وَثَلَاثَة أقواس بقنطرة وَادي سبو خَارج فاس وضريح الشَّيْخ عَليّ بن حرزهم وضريح الشَّيْخ دراس بن إِسْمَاعِيل
وَرفع من قدره وولاه على تِلْكَ النَّاحِيَة فَاشْتَدَّ أمره وطار ذكره وسرت فِيهِ نخوة الرياسة فَأَرَادَ الاستبداد واستحال حَاله إِلَى الْفساد حَتَّى صَار يرد على السُّلْطَان أوامره ثمَّ تدنى قَلِيلا قَلِيلا من أَطْرَاف المملكة وَقَوي حسه بالمغرب فَكتب إِلَيْهِ السُّلْطَان رحمه الله الْكَتَائِب وَبعث الْبعُوث فقاتلوه بُرْهَة ثمَّ قبض الله بعض قرَابَته فاغتاله واحتز رَأسه وَجَاء بِهِ متقربا إِلَى السُّلْطَان وَهُوَ يَوْمئِذٍ بمراكش فَأمر السُّلْطَان بإعمال المفرحات واستدعى أهل مراكش على طبقاتهم فَأَفَاضَ عَلَيْهِم النعم وغمرهم بِالْإِحْسَانِ غمر الديم
نادرة كَانَ مِمَّن استدعاه السُّلْطَان رحمه الله فِي هَذَا الصَّنِيع أهل الْمدَارِس من طلبة الْعلم المتغربين بهَا فجلسوا نَاحيَة من الْقَوْم وَلما خرج الطَّعَام من دَار السُّلْطَان وَفرق على طَبَقَات النَّاس اتّفق تَأْخِيره عَن هَؤُلَاءِ الطّلبَة وَاتفقَ أَيْضا أَن سَأَلَ بعض الْحَاشِيَة بعض الأعوان القائمين على الطَّعَام فَقَالَ لَهُ من الَّذِي بَقِي بِدُونِ إطْعَام فَقَالَ لم يبْق إِلَّا الطّلبَة والطحانون وَكَانَ كَذَلِك فَسَمعهُ أحد الطّلبَة فَقَالَ لأَصْحَابه أَلا تَسْمَعُونَ إِلَى مَا يَقُول هَذَا فَقَالُوا وَمَا قَالَ قَالَ لَهُم قَالَ إِنَّه لم يبْق إِلَّا أَنْتُم والطحانون فقد شوركتم مَعَهم بالْعَطْف بِالْوَاو وَالله لَا جلستم وَقَامُوا مغضبين فَتَبِعهُمْ بعض حَاشِيَة السُّلْطَان واستعطفهم فَلم يرجِعوا واتصل الْخَبَر بالسلطان فَقَالَ دعهم فسنصلح شَأْنهمْ وَمن الْغَد دعاهم إِلَى بُسْتَان الْوَزير إِبْنِ إِدْرِيس دَاخل بَاب الرب من مراكش وأفاض عَلَيْهِم من النعم مَا غمرهم ثَلَاثَة أَيَّام حَتَّى رَضوا ثمَّ عَمدُوا إِلَى ثمار الْبُسْتَان فاستلبوها عَن آخرهَا وَهَذِه الْقِصَّة تدل على كرم طبع السُّلْطَان رحمه الله وسعة أخلاقه وتعظيمه للْعلم وَأَهله وَقد ذكرت بِهَذِهِ النادرة قَول الْقَائِل
(إِذا شوركت فِي أَمر بِدُونِ
…
فَلَا يَك مِنْك فِي هَذَا نفور)
(فَفِي الْحَيَوَان يجْتَمع اضطرارا
…
أرسطاليس وَالْكَلب الْعَقُور)
وَتَحْقِيق مَسْأَلَة هَذَا الْعَطف مَذْكُور فِي بَاب الْفَصْل والوصل من علم الْمعَانِي وبستان ابْن إِدْرِيس هَذَا هُوَ الَّذِي يَقُول فِيهِ أَبُو عبد الله أكنسوس رَحمَه الله
(ألمم بمغنى الْيمن من ذَا الْمجْلس
…
وأدر بساحته نُجُوم الأكؤس)
(واسعد فَإِن الدَّهْر أسعد أَهله
…
وأحلهم فِيهِ حُلُول المعرس)
(واشرب هنيء البال فِي جنباته
…
يُغْنِيك عَن جيرون أهل الْمُقَدّس)
(واصرف عَن الزهراء ذكرك ساليا
…
وَعَن الخورنق والرسوم الدَّرْس)
(لَو قلت مَا نَالَتْ بَدَائِع حسنه
…
غرف البديع وَحقّ مجدك لم تس)
(نصر تحف بِهِ المحاسن كلهَا
…
وتحار فِي مرآه عين الأكيس)
(فَإِذا أردْت إِصَابَة الْأَغْرَاض من
…
كل المنى أَو كل معنى أنفس)
(أرسل مهام اللَّفْظ فِي أكنافه
…
إِن الحنايا الحدب فِيهِ كالقس)
(لَا شَيْء أهنى من تفيىء ظله
…
المخضل أَو من زهره المتنفس)
(تتمثل الأزهار فِي أنهاره
…
مثل المجرة والنجوم النكس)
(وَترى الجداول تلتوي بغصونه
…
تحكي البرين عَن الغواني الميس)
(طابت حسى الكاسات تَحت ظلاله
…
وتسابقوا اللَّذَّات نَحْو المحتس)
(يَا منزلا قد خصصته سَعَادَة
…
واستبدلته أنعما من أبؤس)
(أَصبَحت مأوى للوزير مُحَمَّد
…
نجل الأدارسة الْكِرَام المغرس)
(إِنْسَان عين الْكَوْن من لبست بِهِ
…
رتب العلى أبهى وأبهج ملبس)
(يَا أَيهَا الْبَحْر الَّذِي من فيضه
…
كل الْأَمَانِي والغنى للْمُفلس)
(يهنيك ذَا الْقصر الَّذِي أنشأته
…
بالسعد فِي عَام انْشِرَاح الْأَنْفس)
(قَابل قدور الدوح فِي جنباته
…
بالغيد ترفل فِي بهي السندس)
(وَمَتى شربت زلاله فامزج بِهِ
…
رَاح المراشف من أغن ألعس)
(لَا زلت تشرف من مطالع سعده
…
كالبدر يظْهر من خلال الحندس)
(والدهر يخْدم جانبيك ويحتمي
…
بجلالك العالي الْأَعَز الأقعس)
وَفِي هَذِه السّنة أَعنِي سنة إِحْدَى وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَألف كَانَ الوباء بالمغرب وَهُوَ إسهال مفرط يعتري الشَّخْص ويصحبه وجع حاد فِي الْبَطن والساقين ويعقبه تشنج وبرودة واسوداد لون فَإِذا تَمَادى بالشخص حَتَّى جَاوز أَرْبعا وَعشْرين سَاعَة فالغالب السَّلامَة وَإِلَّا فَهُوَ الحتف وَفِي هَذَا الوباء مَاتَ