الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِلَى الأندلس فَبعث إِلَيْهِ فسطاطا رائقا كَانَ صنع لَهُ بمراكش وَثَلَاثِينَ من البغال الفارهة ذكرانا وإناثا وَغير ذَلِك مِمَّا يباهي بِهِ مُلُوك الْمغرب
وَفِي سنة خمس وَسبعين وسِتمِائَة أهْدى إِلَيْهِ الْأَمِير مُحَمَّد بن عبد الْقوي التوجيني صَاحب جبل وانشريس أَرْبَعَة من الْجِيَاد انتقاها من خيل الْمغرب كَافَّة وَرَأى أَنَّهَا على قلَّة عَددهَا أحفل هَدِيَّة وَفِي نَفسه أثْنَاء هَذَا كُله من أَمر الْجِهَاد شغل شاغل يتخطى إِلَيْهِ سَائِر أَعماله حَسْبَمَا نذكرهُ إِن شَاءَ الله
الْجَوَاز الثَّانِي للسُّلْطَان يَعْقُوب إِلَى الأندلس برسم الْجِهَاد
لما قفل السُّلْطَان يَعْقُوب من غزوته الأولى واستنزل الْخَوَارِج وثقف الثغور وهادى الْمُلُوك واختط الْمَدِينَة الْبَيْضَاء لنزوله كَمَا ذكرنَا خرج فاتح سنة خمس وَسبعين وسِتمِائَة إِلَى جِهَة مراكش لسد ثغورها وتثقيف أطرافها وتوغل فِي أَرض السوس وَبعث وزيره فتح الله السدراتي فِي العساكر فجاس خلالها ثمَّ انكفأ رَاجعا وَهُنَاكَ خَاطب السُّلْطَان يَعْقُوب رحمه الله قبائل الْمغرب كَافَّة بالنفير إِلَى الْجِهَاد فتثاقلوا عَلَيْهِ فَلم يزل يحرضهم وهم يسوفون إِلَى أَن دخلت سنة سِتّ وَسبعين بعْدهَا وَلما رأى تثاقل النَّاس عَلَيْهِ نَهَضَ إِلَى رِبَاط الْفَتْح وتلوم بِهِ أَيَّامًا فِي انْتِظَار الْغُزَاة فأبطؤوا عَلَيْهِ فخف فِي خاصته وَتقدم فِي حَاشِيَته حَتَّى انْتهى إِلَى قصر الْمجَاز وَقد تلاحق بِهِ النَّاس من كل جِهَة لما رَأَوْا من عزمه وتصميمه فَأجَاز بهم الْبَحْر واحتل بطريف آخر محرم من السّنة الْمَذْكُورَة ثمَّ ارتحل إِلَى الجزيرة الخضراء ثمَّ إِلَى رندة فوافاه بهَا الرئيسان أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن أبي الْحسن عَليّ بن أشقيلولة صَاحب مالقة وَأَخُوهُ أَبُو إِسْحَاق إِبْرَاهِيم بن أبي الْحسن برسم الْجِهَاد مَعَه
ثمَّ ارتحل السُّلْطَان من رندة فاتح ربيع الأول من السّنة الْمَذْكُورَة حَتَّى انْتهى إِلَى إشبيلية فعرس عَلَيْهَا يَوْم المولد النَّبَوِيّ وَكَانَ بهَا يَوْمئِذٍ ملك الجلالقة أَن أذفونش فَلم يجد بدا من الْخُرُوج إِلَيْهِ بعد أَن خام عَن اللِّقَاء أَولا فبرز فِي جموعه وصفهَا على ضفة الْوَادي الْكَبِير من نَاحيَة السُّلْطَان وَأظْهر من أبهة الْحَرْب مَا قدر عَلَيْهِ فَكَانَت جيوشه كلهَا فِي الدروع السوابغ وَالْبيض اللوامع
وَالسُّيُوف البواتر وَغير ذَلِك من آلَات الْحَرْب الَّتِي يكَاد شعاعها يدهش الْبَصَر وزحف إِلَيْهِ السُّلْطَان يَعْقُوب رحمه الله بعد أَن صلى رَكْعَتَيْنِ ودعا الله تَعَالَى وَوعظ النَّاس وَذكرهمْ فرتب مصافه وَجعل وَلَده الْأَمِير يُوسُف فِي الْمُقدمَة وزحف على التعبية فَاقْتَتلُوا مَلِيًّا ثمَّ انْهَزَمت الفرنج فتساقط بَعضهم فِي الْوَادي وَانْحَدَرَ آخَرُونَ مَعَ ضفته وتصاعد آخَرُونَ كَذَلِك واقتحم الْمُسلمُونَ عَلَيْهِم وسط المَاء وقتلوهم فِي لجته حَتَّى صَار المَاء أَحْمَر وطفت جيفهم من الْغَد عَلَيْهِ فَكَانَ فيهم عِبْرَة لمن اعْتبر وَبَات السُّلْطَان والمسلمون تِلْكَ اللَّيْلَة على صهوات خيولهم يقتلُون وَيَأْسِرُونَ وأضرموا النيرَان بِسَاحَة إشبيلية حَتَّى صَار اللَّيْل نَهَارا وباتت الفرنج على الأسوار ينفخون فِي الْقُرُون ويحترسون طول ليلتهم
ثمَّ ارتحل السُّلْطَان من الْغَد إِلَى جبل الشّرف وَبث السَّرَايَا فِي نواحيه فَلم يزل يتقرى تِلْكَ الْجِهَات حَتَّى أباد عمرانها وطمس معالمها وَدخل حصن قطنيانة وحصن جليانة وحصن القليعة عنْوَة وأثخن فِي الْقَتْل والسبي ثمَّ ارتحل بالغنائم والأثقال إِلَى الجزيرة الخضراء فَدَخلَهَا فِي الثَّامِن وَالْعِشْرين من ربيع الأول الْمَذْكُور فأراح بهَا وَقسم الْغَنَائِم فِي الْمُجَاهدين ثمَّ خرج غازيا مَدِينَة شريش منتصف ربيع الآخر فنازلها وأذاقها نكال الْحَرْب ووبال الْحصار وَقطع الزياتين وَالْأَعْنَاب وَسَائِر الْأَشْجَار وأباد خضراءها وَحرق ديارها وأثخن فِيهَا بِالْقَتْلِ والأسر وَكَانَ السُّلْطَان يَعْقُوب يُبَاشر قطع الشّجر وَالثَّمَر بِيَدِهِ وسرح وَلَده الْأَمِير يُوسُف من مُعَسْكَره فِي سَرِيَّة للغارة على إشبيلية وحصون الْوَادي الْكَبِير فَبَالغ فِي النكاية واكتسح حصن روطة وشلوقة وغليانة والقناطر ثمَّ صبح إشبيلية فاكتسحها وانكفأ رَاجعا بالمغانم والسبي إِلَى السُّلْطَان يَعْقُوب فسر بمقدمه وقفلوا جَمِيعًا إِلَى الجزيرة الخضراء فأراح السُّلْطَان بهَا أَيَّامًا وَقسم فِي الْمُجَاهدين غنائمهم ثمَّ جمع أَشْيَاخ الْقَبَائِل وندبهم إِلَى غَزْو قرطبة وَقَالَ يَا معشر الْمُجَاهدين إِن إشبيلية وشريش وأحوازهما قد ضعفت وبادت وَلم يبْق لكم بهَا كَبِير نفع وَلَا نكاية وَإِن قرطبة وأعمالها بِلَاد حَصِينَة عامرة وَعَلَيْهَا اعْتِمَاد الفرنج وَمِنْهَا معاشهم ومادتهم فَإِن عزوتموها واستأصلتم خضراءها مثل مَا فَعلْتُمْ بإشبيلية وشريش كَانَ ذَلِك سَبَب ضعف النَّصْرَانِيَّة بِهَذَا الْقطر فَأَجَابُوا
لَهُ إِلَّا إخوانه من أهل دكالة وَولى على السراغنة أَبَا عبد الله مُحَمَّد الْمَعْرُوف بالصغير وعَلى أهل تادلا صَالح بن الرضي الورديغي وعَلى أَوْلَاد أبي رزك المزابي الْقَائِد صَاحب الطابع وعَلى أَوْلَاد أبي عَطِيَّة عمر بن أبي سلهام المزابي وَأمر مُحَمَّد بن أَحْمد أَن يقبض من إخوانه الَّذين كَانُوا عمالا على هَذِه الْقَبَائِل مَا احتجبوه من الْأَمْوَال أَيَّام ولايتهم واستصفى مِنْهُم مائَة وَخمسين ألفا
خُرُوج العبيد على السُّلْطَان سَيِّدي مُحَمَّد بن عبد الله ومبايعتهم لِابْنِهِ الْمولى يزِيد وَمَا نَشأ عَن ذَلِك
ثمَّ دخلت سنة تسع وَثَمَانِينَ وَمِائَة وَألف فِيهَا كَانَت الْفِتْنَة الْعُظْمَى الَّتِي هِيَ خُرُوج العبيد على السُّلْطَان سَيِّدي مُحَمَّد بن عبد الله وبيعتهم لِابْنِهِ الْمولى يزِيد وَكَانَ السَّبَب فِي ذَلِك أَن السُّلْطَان كتب إِلَيْهِم وَهُوَ بمراكش يَأْمُرهُم أَن يعينوا مِنْهُم ألف كانون ينتقلون بأولادهم إِلَى طنجة يكونُونَ بهَا وَبعث إِلَيْهِم بِالْكتاب مَعَ الْقَائِد الشَّاهِد رَأس الْفِتْنَة وولاه على ذَلِك الْألف فَلَمَّا أَتَاهُم بِكِتَاب السُّلْطَان قَالَ لَهُم لَا يذهب معي إِلَّا الْأَعْيَان وَمن لَهُ دَار وَأَرْض وضيعة وَلَا يذهب معي إِلَّا أمثالي فَلَمَّا سمع اقتراحه أُولَئِكَ الأجلاف ركبُوا رَأْسهمْ فِي سَبِيل الْخلاف واستفزهم الشَّيْطَان حَتَّى صَرَّحُوا بخلع السُّلْطَان جَريا فِي ذَلِك على مَذْهَبهم الْقَدِيم والتفاتا إِلَى فعل سلفهم الذميم فَلَمَّا أنهى خبرهم إِلَى السُّلْطَان بعث إِلَيْهِم ابْنه الْمولى يزِيد وَكَانَ عِنْده بمراكش كي يستصلحهم بِهِ فازداد فسادهم وَعظم عنادهم
قَالَ صَاحب الْبُسْتَان وَكنت يَوْمئِذٍ برباط الْفَتْح فَلَمَّا ذهبت إِلَى مراكش لقِيت الْمولى يزِيد بالسانية مَوضِع على نَحْو نصف يَوْم مِنْهَا قَالَ فَسَأَلَنِي عَن خبر العبيد فقصصته عَلَيْهِ فسره ذَلِك وجد فِي السّير ففهمت قَصده وَعرفت مَا يؤول إِلَيْهِ أمره فيهم وَزعم أَنه لما قدم على السُّلْطَان لامه فِي
بَعثه الْمولى يزِيد فاعترف بالْخَطَأ فِي ذَلِك وَلما وصل الْمولى يزِيد إِلَى مكناسة وَاجْتمعَ بالعبيد لم يقدموا شَيْئا على بيعَته وَالْخطْبَة بِهِ فَفتح بيُوت الْأَمْوَال وَأَعْطَاهُمْ حَتَّى رَضوا ثمَّ فتح مخازن السِّلَاح والبارود ففرقه فيهم ثمَّ دخل فِي بيعَته من كَانَ قَرِيبا من قبائل الْعَرَب والبربر غير الودايا وآيت أدراسن وجروان الَّذين هم شيعَة السُّلْطَان فَإِنَّهُم تعصبوا لَهُ
قَالَ صَاحب الْبُسْتَان وَبعد ثَلَاث بَعَثَنِي السُّلْطَان إِلَى الودايا وأحلافهم بمكاتيب فَقدمت عَلَيْهِم بهَا وأقمت عِنْدهم إِلَى أَن زحف إِلَيْهِم الْمولى يزِيد فِي جَيش العبيد وهم بالأروى وَكَانَت آيت أدراسن وجروان قد دخلُوا مَعَ الودايا وظاهروهم على العبيد فَوَقَعت الْحَرْب بالمشتهى دَاخل القصبة فَانْهَزَمَ العبيد وسلطانهم وَقتل مِنْهُم نَحْو الْخَمْسمِائَةِ وَأما الْجَرْحى فبلا عدد وانقلبوا مفلولين
واتصل الْخَبَر بالسلطان فَخرج من مراكش فِي الْجند وقبائل الْحَوْز يُرِيد مكناسة وَلما وصل إِلَّا سلا وَسمع الْمولى يزِيد بقدومه فر إِلَى ضريح الشَّيْخ أبي الْحسن عَليّ بن حمدوش ثمَّ إِلَى ضريح الْمولى إِدْرِيس الْأَكْبَر رضي الله عنه بزرهون فَتقدم السُّلْطَان إِلَى زرهون وَلما دخل الضريح الشريف أَتَاهُ أَشْرَاف زرهون بِابْنِهِ الْمولى يزِيد فَعَفَا عَنهُ وسامحه واستصحبه مَعَه إِلَى مكناسة وَلما وَجه إِلَيْهَا خرج إِلَيْهِ نَحْو الْمِائَة من العبيد من ذَوي أسنانهم وَمَعَهُمْ الْأَشْرَاف والمرابطون وَالنِّسَاء وَالصبيان فَعَفَا عَنْهُم وسامحهم على شَرط الْخُرُوج من مكناسة فأذعنوا وَأقَام السُّلْطَان بمكناسة يدبر أَمرهم إِلَى أَن فرقهم على الثغور فَبعث مِنْهُم رحيين إِلَى طنجة ورحيين إِلَى العرائش ورحى إِلَى رِبَاط الْفَتْح وَقصد بتفرقتهم دفع غائلتهم وتوهين عصبيتهم ثمَّ عمد إِلَى الَّذين كَانُوا برباط الْفَتْح ففرقهم أَيْضا فَبعث أَلفَيْنِ مِنْهُم إِلَى السوس وألفا إِلَى مراكش وَأبقى أَلفَيْنِ برباط الْفَتْح مَعَ عبيد مكناسة المغربين إِلَيْهَا واستراحت الدولة من شرهم استراحة مَا
الْمَذْكُورَة وَفِي محرم فاتح سنة إِحْدَى وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وَألف توفّي الْوَزير الشهير السَّيِّد الْمُخْتَار بن عبد الْملك الجامعي بمراكش واستوزر السُّلْطَان بعده الْفَقِيه أَبَا عبد الله مُحَمَّد بن عَليّ الحاجي النكنافي مُدَّة يسيرَة ثمَّ أَخّرهُ ورد وزيره الأقدم أَبَا عبد الله مُحَمَّد بن إِدْرِيس رحم الله الْجَمِيع وَفِي هَذِه السّنة كَانَ الوباء بالمغرب بالإسهال والقيء وغور الْعَينَيْنِ وبرودة الْأَطْرَاف
وَفِي سنة اثْنَتَيْنِ وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وَألف ورد سُؤال من عِنْد الْحَاج عبد الْقَادِر بن محيي الدّين إِلَى عُلَمَاء فاس يَقُول فِيهِ مَا نَصه
الْحَمد لله سادتنا الْأَعْلَام أَئِمَّة الْهدى ومصابيح الظلام فُقَهَاء الحضرة الإدريسية ومرمى المطالب ومحط الرّحال العيسية أطباء أدواء الدّين ومحقين حَقه ومبطلين باطله ومنتجين قضاياه المتخيلة عقيمة وباطلة جوابكم أبقاكم الله فِيمَا عظم بِهِ الْخطب وَاشْتَدَّ بِهِ الكرب بوطن الجزائر الَّذِي صَار لغربال الْكفَّار جزائر وَذَلِكَ أَن الْعَدو الْكَافِر يحاول ملك الْمُسلمين مَعَ استرقاقهم بِالسَّيْفِ وَتارَة بحيل سياسته وَمن الْمُسلمين من يداخلهم ويبايعهم ويجلب الْخَيل إِلَيْهِم وَلَا يَخْلُو من دلالتهم على عورات الْمُسلمين ويطالعهم وَمن أَحيَاء الْعَرَب المجاورين لَهُم من يفعل ذَلِك ويتمالؤون على الْجُحُود وَالْإِنْكَار فَإِذا طلبُوا بتعيينه جعجعوا وَالْحَال أَنهم يعلمُونَ مِنْهُم الْأَعْين والْآثَار فَمَا حكم الله فِي الْفَرِيقَيْنِ فِي أنفسهم وَأَمْوَالهمْ فَهَل لَهُم من عِقَاب أم يتركون على حَالهم وَمَا الحكم فِيمَن يتَخَلَّف عَن المدافعة عَن الْحَرِيم وَالْأَوْلَاد إِذا استنفره نَائِب الإِمَام للدفاع والجلاد فَهَل يعاقبون وَكَيف عقابهم وَلَا يَتَأَتَّى بِغَيْر قِتَالهمْ وَهل تُؤْخَذ أَمْوَالهم وأسلابهم كَيفَ الْعَمَل فِيمَن يمْنَع الزَّكَاة أَو يمْنَع بَعْضهَا من التحقق بعمارة ذمَّته فِي الْحَال فَهَل يصدق مَعَ قلَّة الدّين فِي هَذَا الزَّمَان أم يكون للِاجْتِهَاد فِيهِ مجَال وَمن أَيْن يرْزق الْجَيْش المدافع عَن الْمُسلمين الساد ثغورهم عَن المغيرين وَلَا بَيت مَال وَمَا يجمع من الزَّكَاة لَا يَفِي بشبعهم فضلا
عَن كسوتهم وسلاحهم وخيلهم ومؤنتهم وزيهم فَهَل تتْرك فيستبيح الْكَافِر الوطن أم يكون مَا يلْزمهُم على جمَاعَة الْمُسلمين وَإِذا كَانَ فَهَل على الْعُمُوم أم على الْأَغْنِيَاء فَقَط وَلَا يُمكن اخْتِصَاص الْأَغْنِيَاء لجفوة الْأَعْرَاب وجهلهم وَهل يعد مَانع المعونة بَاغِيا أم لَا وَمَا حكم أَمْوَال الْبُغَاة وَهل القَوْل بِعَدَمِ ردهَا يجوز الْعَمَل بِهِ أم لَا أجِيبُوا عَمَّا ذكرنَا وَعَما يُنَاسب الْمقَام وَالْحَال مِمَّا لم يحضرنا داووا عللنا أبقاكم الله فقد ضَاقَ من هَذِه الْأُمُور الذرع وَكَاد الْقَائِم بِأَمْر الْمُسلمين لضيق الْأَسْبَاب أَن يتخلى عَن الْأَمر ويطرح ثوب الْإِمَارَة والدرع مَأْجُورِينَ وَالسَّلَام فِي تَاسِع عشر من ذِي الْحجَّة من السّنة الْمَذْكُورَة صَدره عَن إِذن الْحَاج عبد الْقَادِر بن محيي الدّين لطف الله بِهِ
وَقد أجَاب عَن هَذَا السُّؤَال بِإِشَارَة السُّلْطَان الْفَقِيه الْعَلامَة أَبُو الْحسن عَليّ بن عبد السَّلَام مديدش التسولي بِجَوَاب طَوِيل يشْتَمل على خمس كراريس وَزِيَادَة وَهُوَ مَوْجُود بأيدي النَّاس وَلأَجل مَا كَانَ يصل من هَذِه الْأُمُور من جَانب الْحَاج عبد الْقَادِر كَانَ السُّلْطَان رحمه الله يبْذل مجهوده فِي إمداده بِالْخَيْلِ وَالسِّلَاح وَالْمَال وَغير ذَلِك ثمَّ لم يكن إِلَّا مَا أَرَادَهُ الله
وَفِي سنة ثَلَاث وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وَألف بعد ظهر يَوْم السبت الْعشْرين من ربيع الأول مِنْهَا توفّي الْفَقِيه الْعَلامَة المتفنن الْمُحدث أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن الْحَاج الْمَكِّيّ السدراتي السلاوي وَدفن صَبِيحَة يَوْم الْأَحَد فِي الْجَبانَة الَّتِي قرب ضريح ولي الله تَعَالَى سَيِّدي الْحَاج أَحْمد بن عَاشر وَشهد جنَازَته خلق كثير وأمهم الْفَقِيه الْعَلامَة القَاضِي أَبُو عبد الله مُحَمَّد الْهَاشِمِي طُوبَى وللفقيه أبي الْعَبَّاس الْمَذْكُور شرح حفيل على موطأ الإِمَام مَالك رضي الله عنه وَهُوَ مَوْجُود بأيدي النَّاس
وَفِي سنة أَربع وَخمسين بعْدهَا وَذَلِكَ صَبِيحَة يَوْم الْجُمُعَة السَّادِس وَالْعِشْرين من رَمَضَان مِنْهَا توفّي الْفَقِيه الْعَلامَة القَاضِي أَبُو عبد الله طُوبَى الْمَذْكُور آنِفا وَكَانَ رحمه الله من قُضَاة الْعدْل وَأهل الْعلم بالنوازل وَالْأَحْكَام مَحْمُود السِّيرَة ذَا سكينَة ووقار