الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعلقت بِهِ الثريا الْكُبْرَى من النّحاس الْخَالِص وَزنهَا اثْنَان وَثَلَاثُونَ قِنْطَارًا وَعدد كؤوسها خَمْسمِائَة كأس وَأَرْبَعَة عشر كأسا وَأنْفق السُّلْطَان فِي بِنَاء الْجَامِع وَعمل الثريا الْمَذْكُورَة ثَمَانِيَة آلَاف دِينَار ذَهَبا
وَفِي سنة أَربع وَتِسْعين بعْدهَا خرج السُّلْطَان يُوسُف لغزو تلمسان فوصل إِلَى تاوريرت وَكَانَت تخما لعمل بني مرين وَبني عبد الْوَاحِد فنصفها للسُّلْطَان يُوسُف وَنِصْفهَا لعُثْمَان بن يغمراسن وَلكُل وَاحِد مِنْهُمَا بهَا عَامل من ناحيته فطرد السُّلْطَان يُوسُف عَامل ابْن يغمراسن وَشرع فِي بِنَاء الْحصن الَّذِي هُنَالك فأدار سوره وشيده وَركب أبوابه مصفحة بالجديد وَكَانَ يقف على بنائِهِ بِنَفسِهِ من صَلَاة الْغَدَاة إِلَى الْمسَاء لَا يغيب عَن العملة إِلَّا فِي أَوْقَات الضَّرُورَة وَفرغ من بنائِهِ وتحصينه فِي رَمَضَان من السّنة الْمَذْكُورَة وَلما تمّ شحنه بالعسكر وَالسِّلَاح وَعقد عَلَيْهِ لِأَخِيهِ أبي بكر بن يَعْقُوب ويكنى أَبَا يحيى وانكفأ رَاجعا إِلَى الحضرة ثمَّ خرج من فاس سنة خمس وَتِسْعين بعْدهَا بِقصد تلمسان فَسَار حَتَّى نزل على ندرومة فحاصرها وشدد فِي قتالها ورماها بالمنجنيق أَرْبَعِينَ يَوْمًا فامتنعت عَلَيْهِ فأفرج عَنهُ ثَانِي عيد الْفطر من السّنة الْمَذْكُورَة ثمَّ دخلت سنة سِتّ وَتِسْعين وسِتمِائَة فَسَار إِلَى تلمسان وبرز عُثْمَان بن يغمراسن لمدافعته فَانْهَزَمَ وتحصن بالأسوار وَتقدم السُّلْطَان يُوسُف حَتَّى نزل على تلمسان وَقتل من أَهلهَا خلقا ثمَّ أقلع عَنْهَا وَرجع إِلَى الْمغرب فَقضى نسك الْأَضْحَى من السّنة الْمَذْكُورَة برباط تازا وَأمر بِبِنَاء الْقصر بهَا وَسَار إِلَى فاس فَدَخلَهَا فاتح سنة سبع وَتِسْعين وسِتمِائَة ثمَّ ارتحل إِلَى مكناسة فَقضى بهَا بعض الوطر ثمَّ عَاد إِلَى فاس ثمَّ خرج مِنْهَا فِي جُمَادَى الأولى من السّنة الْمَذْكُورَة غازيا تلمسان وَمر فِي طَرِيقه بِمَدِينَة وَجدّة فَأمر ببنائها وَكَانَ أَبوهُ السُّلْطَان يَعْقُوب قد هدمها كَمَا مر فبناها السُّلْطَان يُوسُف فِي هَذِه الْمرة وحصن أسوارها وَبنى بهَا قَصَبَة ودارا لسكناه وحماما ومسجدا ثمَّ سَار إِلَى تلمسان فَنزل بساحتها وأحاطت عساكره بهَا إحاطة الهالة بالقمر وَنصب عَلَيْهَا الْقوس الْبَعِيدَة النزع الْعَظِيمَة الهيكل الْمُسَمَّاة بقوس الزيار اخترعها المهندسون والصناع وتقربوا إِلَى السُّلْطَان
بعملها فَأَعْجَبتهُ وَكَانَت تحمل على أحد عشر بغلا وَلما امْتنعت تلمسان عَلَيْهِ أفرج عَنْهَا فاتح سنة ثَمَان وَتِسْعين وسِتمِائَة وَمر فِي عوده إِلَى الْمغرب بوجدة فَأنْزل بهَا الحامية من بني عَسْكَر بن مُحَمَّد لنظر أَخِيه الْأَمِير أبي بكر بن يَعْقُوب كَمَا كَانُوا بتاوريرت وَأمرهمْ بشن الغارات على أَعمال تلمسان مَعَ السَّاعَات والأحيان فَفَعَلُوا وَاسْتولى الْأَمِير أَبُو بكر بذلك على أَكثر تِلْكَ الْجِهَات وَالله تَعَالَى أعلم
فتكة ابْن الملياني بشيوخ المصامدة وتزويره الْكتاب بهم وَالسَّبَب فِي ذَلِك
قد تقدم لنا عِنْد الْكَلَام على فتح جبل تنيملل أَن أَبَا عَليّ الملياني كَانَ قد سعى فِي نبش قُبُور بني عبد الْمُؤمن والعبث بأشلائهم وَأَن النَّاس قد غاظهم ذَلِك لَا سِيمَا المصامدة مِنْهُم وَلما هلك السُّلْطَان يَعْقُوب وَولي بعده ابْنه يُوسُف اسْتعْمل أَبَا عَليّ الملياني على جباية المصامدة فباشرها مُدَّة ثمَّ سعى بِهِ شُيُوخ المصامدة عِنْد السُّلْطَان بِأَنَّهُ احتجن المَال لنَفسِهِ فَأمر السُّلْطَان بمحاسبته فحوسب وَظَهَرت مخايل صدقهم عَلَيْهِ فنكبه السُّلْطَان يُوسُف أَولا ثمَّ قَتله ثَانِيًا واصطنع ابْن أَخِيه أَبَا الْعَبَّاس أَحْمد بن عَليّ الملياني وَاسْتَعْملهُ فِي كِتَابَته وأقامه بِبَابِهِ فِي جملَة كِتَابه وَكَانَ السُّلْطَان يُوسُف قد سخط على بعض شُيُوخ المصامدة مِنْهُم عَليّ بن مُحَمَّد كَبِير هنتانة وَعبد الْكَرِيم بن عِيسَى كَبِير قدميوة وأوعز إِلَى ابْنه الْأَمِير عَليّ بن يُوسُف بمراكش باعتقالهما فاعتقلهما فِيمَن لَهما من الْوَلَد والحاشية وأحس بذلك أَحْمد بن الملياني فاستعجل الثأر الَّذِي كَانَ يعتده عَلَيْهِم فِي عَمه أبي عَليّ
وَكَانَت الْعَلامَة السُّلْطَانِيَّة يَوْمئِذٍ موكولة إِلَى كتاب الدولة لم تخْتَص بِوَاحِد مِنْهُم لما كَانُوا كلهم ثِقَات أُمَنَاء وَكَانُوا عِنْد السُّلْطَان كأسنان الْمشْط فَكتب أَحْمد بن الملياني إِلَى الْأَمِير أبي عَليّ كتابا على لِسَان وَالِده يَأْمُرهُ فِيهِ أمرا جزما
بيعَة أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى يزِيد بن مُحَمَّد رحمه الله
لما توفّي السُّلْطَان سَيِّدي مُحَمَّد رحمه الله فِي التَّارِيخ الْمُتَقَدّم وَبلغ خبر مَوته الْمولى يزِيد وَهُوَ بِالْحرم المشيشي بَايعه الْأَشْرَاف هُنَالك وَسَائِر أهل الْجَبَل وَتقدم إِلَيْهِ السَّابِقُونَ من الْجند الَّذين كَانُوا محاصرين لَهُ فَبَايعُوهُ واستتب أمره فَتوجه إِلَى تطاوين إِذْ هِيَ أقرب الثغور إِلَيْهِ فَبَايعهُ أَهلهَا والقبائل الْمُجَاورَة لَهَا وَأطلق الْجند على يهود تطاوين فاستباحهم وَاصْطلمَ نعمتهم ثمَّ وَفد عَلَيْهِ أهل طنجة والعرائش وآصيلا فقابلهم بِمَا يجب ثمَّ توجه إِلَى طنجة فَخرج عسكرها للقائه ففرح بهم وَأحسن إِلَيْهِم وَبهَا قدم عَلَيْهِ وَفد أهل فاس من أَشْرَافهَا وعلمائها وأعيانها فأكرمهم وَولى عَلَيْهِم أَبَا عبد الله مُحَمَّد الْعَرَبِيّ الذيب ثمَّ انْتقل إِلَى العرائش فوفاه بهَا حَاشِيَة أَبِيه وخدمه ووجوه دولته بمتخلف وَالِده وقبابه وخيله وبغاله وَسَائِر أثاثه فَأحْسن إِلَيْهِم وصاروا مَعَه فِي ركابه إِلَى زرهون وَلما وصل إِلَيْهَا قدم عَلَيْهِ أَخُوهُ الْمولى سُلَيْمَان من تافيلالت بقبائل الصَّحرَاء عربها وبربرها وَمَعَهُ بِيعَتْ أهل سجلماسة وَكَانَ قد استجار بِهِ مُحَمَّد واعزيز فَإِنَّهُ كَانَ خَائفًا على نَفسه من الْمولى يزِيد لانحرافه عَنهُ أَيَّام أَبِيه فَسَار فِي صحبته بقبائله وَلما اجْتمع بالسلطان سامحه وأبقاه على قومه وَلما دخل مكناسة قدمت عَلَيْهِ قبائل الغرب كلهَا عربها وبربرها حَتَّى عصاة آيت ومالو ودجالهم مهاوش فَأعْطى مهاوش وَحده عشرَة آلَاف ريال وَأعْطى الَّذين قدمُوا مَعَه مائَة ألف ريال ثمَّ قدمت عَلَيْهِ قبائل الْحَوْز كُله من عرب وبربر لم يتَخَلَّف عَن بيعَته أحد وَقدم عَلَيْهِ أهل مراكش وأعمالها ببيعتهم وَنَصهَا
الْحَمد لله الْمُنْفَرد بِالْملكِ والخلق وَالتَّدْبِير الَّذِي أبدع الْأَشْيَاء بِحِكْمَتِهِ واخترع الْجَلِيل مِنْهَا والحقير الْغَنِيّ عَن الْمعِين والمرشد والوزير أَلا يعلم من خلق وَهُوَ اللَّطِيف الْخَبِير يُؤْتِي الْملك من يَشَاء ويعز من يَشَاء وَهُوَ
الْمُدبر الْقَدِير جَاعل الْمُلُوك كفا للأكف العادية وولايتهم مرتعا للعباد فِي ظلّ الْأَمْن والعافية وبيعتهم أمنا من الْهَرج وَالْفساد وقمعا لأهل الشَّرّ والعناد فهم ظلّ الله على الْأَنَام وحصن حُصَيْن للخاص وَالْعَام حَسْبَمَا أفْصح بذلك سيد الْأَنَام عَلَيْهِ أفضل الصَّلَاة وأزكى السَّلَام فَتَبَارَكَ الله رَبنَا الَّذِي شرف هَذَا الْوُجُود وزين هَذَا الْعَالم الْمَوْجُود بِهَذِهِ الْخلَافَة الْمُبَارَكَة والإمامة الحسنية الهاشمية العلوية والطلعة القرشية المحمدية الَّتِي انصرفت الْوُجُوه إِلَى قبلتها الْمَشْرُوعَة واستبان الْحق عِنْد مبايعتها والانقياد لدعوتها المسموعة نحمده تَعَالَى على مَا من بِهِ علينا من هَؤُلَاءِ الْإِمَامَة السعيدة ونشكره جل جلاله شكرا نستوجب بِهِ من الهنا أفضاله ومزيده ونشهد أَنه الله الَّذِي لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَحده لَا شريك لَهُ لَيْسَ فِي الْوُجُود إِلَّا فعله أجْرى الأقدار على حسب مَا افتضاه حكمه وعدله ونشهد أَن سيدنَا وَنَبِينَا ومولانا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله ومصطفاه من خلقه وخليله سيد الْمَخْلُوقَات كلهَا من إنس وجان الْمُصَفّى من ذؤابة معد بن عدنان صَاحب الشَّرِيعَة المطهرة الَّتِي لَا يخْتَلف فِي فَضلهَا اثْنَان وَالدّين القويم الَّذِي هُوَ أفضل الْأَدْيَان الَّذِي اختصه الله مَا بَين الْأَنْبِيَاء بمزية التَّفْضِيل والتقديم وافترض على أمته الغراء فَرِيضَة الصَّلَاة وَالتَّسْلِيم وَأثْنى عَلَيْهِ فِي كِتَابه الْحَكِيم فَقَالَ جلّ ثَنَاؤُهُ وتقدست صِفَاته وأسماؤه {وَإنَّك لعلى خلق عَظِيم} الْقَلَم 4 صلى الله عَلَيْهِ صَلَاة مُتَّصِلَة الدَّوَام متعاقبة بتعاقب اللَّيَالِي وَالْأَيَّام وعَلى آله الْكِرَام الْأَطْهَار وصحابته النجباء البررة الأخيار الَّذين أوضحُوا لنا الْحق تبيانا وأسسوا لهَذِهِ الْملَّة السمحة قَوَاعِد وأركانا وعَلى من اقتفى أَثَرهم القويم واهتدى بهديهم الْمُسْتَقيم إِلَى يَوْم الدّين أما بعد فَإِن الله تَعَالَى جعل صَلَاح هَذَا الْعَالم وأقطاره المعمورة ببني آدم مَنُوطًا بالأئمة الْأَعْلَام محوطا بالملوك الَّذين هم ظلّ الله على الْأَنَام فطاعتهم مَا داموا على الْحق وَاتَّقوا الله سَعَادَة والاعتصام بحبلهم إِذْ ذَاك وَاجِب وَعبادَة قَالَ عز من قَائِل {يَا أَيهَا الَّذين آمنُوا ل}
مراكش فِي زيهم وزينتهم وَكَانَ يَوْم لقائهم يَوْمًا مشهودا وموسما من المواسم المعظمة معدودا اه
وَفِي سنة خمس وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَألف وَذَلِكَ يَوْم الْجُمُعَة السَّابِع عشر من محرم مِنْهَا توفّي عَالم فاس وَالْمغْرب والمجيد فِي صناعَة التدريس والتحرير لَا سِيمَا مُخْتَصر الشَّيْخ خَلِيل الْفَقِيه الْعَلامَة الأوحد أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن الفيلالي الفاسي وَكَانَ الْمُصَاب بِهِ خُصُوصا عِنْد طلبة الْعلم عَظِيما وَلم يتْرك بعده فِي إجادة تَحْرِير الْمسَائِل الْفِقْهِيَّة مثله رحمه الله ونفعنا بِهِ وَفِي لَيْلَة السَّادِس من شعْبَان مِنْهَا بعد الْعشَاء الْأَخِيرَة زلزلت الأَرْض زلزالا يَسِيرا وَفِي رَابِع شَوَّال من هَذِه السّنة ورد الْمُجَاهِد أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن مُحَمَّد بن الْعَرَبِيّ فنيش السلاوي من مَدِينَة لوندرة إِلَى ثغر سلا وَمَعَهُ مركب موسوق فِيهِ سَبْعَة عشر مدفعا ومهراسان عظيمان من الْمَعْدن وَأَشْيَاء أخر من آلَة الْحَرْب وَكَانَ جلبه لذَلِك بِأَمْر السُّلْطَان الْمولى عبد الرَّحْمَن لعمارة البستيون الْجَدِيد بسلا الَّذِي قدمنَا ذكره قبل وَالله تَعَالَى أعلم
وَفِي هَذِه السّنة ظهر الْكَوْكَب ذُو الذَّنب أَيْضا وَهِي الْمرة الثَّالِثَة فِي هَذِه الْمدَّة
وَفَاة أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى عبد الرَّحْمَن بن هِشَام رحمه الله
كَانَ أَمِير الْمُؤمنِينَ الْمولى عبد الرَّحْمَن رحمه الله قد قدم مراكش فاتح سنة سبعين وَمِائَتَيْنِ وَألف ولأول دُخُوله عزل الْوَزير أَبَا عبد الله الجامعي ورتب مَكَانَهُ الْفَقِيه أَبَا عبد الله غريط أَيَّامًا يسيرَة ثمَّ استوزر الْفَقِيه أَبَا عبد الله الصفار التطاوني وَاسْتمرّ السُّلْطَان مُقيما بمراكش إِلَى آخر سنة ثَلَاث وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَألف فغزا زمور الشلح وَاجْتمعَ عَلَيْهَا هُوَ والخليفة سَيِّدي مُحَمَّد على الْعَادة ثمَّ صَار الْخَلِيفَة إِلَى مراكش وَانْحَدَرَ السُّلْطَان إِلَى مكناسة فاستمر مُقيما بهَا يَغْزُو زمور الشلح وَيعود إِلَيْهَا وَرُبمَا ذهب فِي بعض
الأحيان إِلَى فاس إِلَى أَن دخلت سنة سِتّ وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَألف فَمَرض مرض مَوته وَقد كَانَ ابْتَدَأَ بِهِ وَهُوَ منَازِل لزمور فَنَهَضَ عَنْهَا إِلَى مكناسة وَتَمَادَى بِهِ مَرضه إِلَى أَن توفّي يَوْم الِاثْنَيْنِ التَّاسِع وَالْعِشْرين من محرم فاتح سنة سِتّ وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَألف وَدفن بَين العشاءين أول لَيْلَة من صفر بضريح السُّلْطَان الْأَعْظَم الْمولى إِسْمَاعِيل رحم الله الْجَمِيع بمنه وَقد كنت رثيته بقصيدة شذت عني الْآن وأولها
(أَمن طيف ذَات الْخَال قَلْبك هائم
…
ودمعك هام واكتئابك دَائِم)
(وَهل أذكرتك النائبات عشائرا
…
عفت مِنْهُم بعد الْمَعَالِي معالم)
ورثاه الْفَقِيه أَبُو عبد الله أكنسوس بقوله
(هذي الْحَيَاة شَبيهَة الأحلام
…
مَا النَّاس إِن حققت غير نيام)
(حسب الْفَتى إِن كَانَ يعقل أَن يرى
…
مِنْهُ لآدام رُؤْيَة استعلام)
(فَيرى بداية كل حَيّ تَنْتَهِي
…
أبدا وَإِن طَال المدا لتَمام)
(وَالنَّفس من حجب الْهوى فِي غَفلَة
…
عَمَّا يُرَاد بهَا من الْأَحْكَام)
(أوليس يَكْفِي مَا يرى متعاقبا
…
بَين الورى من سطوة الْأَيَّام)
(من لم يصب فِي نَفسه فمصابه
…
بحبيبه حكما على إِلْزَام)
(بعد الشبيبة شيبَة يخْشَى لَهَا
…
ذُو صِحَة أَن يبتلى بسقام)
(دَار أُرِيد بهَا العبور لغَيْرهَا
…
ويظنها الْمَغْرُور دَار مقَام)
(منع الْبَقَاء بهَا تخَالف حَالهَا
…
وتكرر الْإِشْرَاق والإظلام)
(لَو كَانَ ينجو من رداها مَالك
…
فِي كَثْرَة الْأَنْصَار والخدام)
(لنجا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَمن غَدا
…
أَعلَى مُلُوك الأَرْض نجل هِشَام)
(خير السلاطين الَّذين تقدمُوا
…
فِي الغرب أوفي الشرق أَو فِي الشَّام)
(سر الْإِلَه وَرَحْمَة منشورة
…
كَانَت سرادق مِلَّة الْإِسْلَام)
(قصدته عَادِية الْحمام فَمَا عدت
…
إِن هددت علما من الْأَعْلَام)
(لم تحجب الْحجاب مِنْهَا طَارِقًا
…
كلا وَلَا دفعت يَد الأقوام)
(وَالْملك فِي عز مهيب شامخ
…
وإمامه فِي جرْأَة الضرغام)