الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زاروا حجراته الشَّرِيفَة حازوا الشَّرِيفَة حازوا الرَّاحَة من العناء وفازوا بالغنى وَإِذا عَادوا عاملناهم بِكُل جميل ينسبهم مشقة ذَلِك الدَّرْب ويخيل إِلَيْهِم أَن لَا مَسَافَة لمسافر بَين الشرق والغرب وغمرناهم بِالْإِحْسَانِ فِي الْعود إِلَيْكُم وأمرناهم بِمَا ينهونه شفاها لديكم وعناية الله تَعَالَى تحوط ذاتكم وتوفر لأخذ الثار حماتكم وتخصكم بتأييد تَنْزِلُونَ روضه الأنضر وتجنون بِهِ ثَمَر النَّصْر اليانع من ورق الْحَدِيد الْأَخْضَر وتتحفكم بِسَعْد لَا يبْلى قشيبه وَعز لَا يمحو شبابه مشيبة وتحيته الْمُبَارَكَة تغاديكم وترواحكم وتفاوحكم أنفاسها الْمُعْتَبرَة وتنافحكم بمنه وَكَرمه فِي سادس رَمَضَان سنة خمس وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة
قَالَ ابْن خلدون ثمَّ شرع السُّلْطَان أَبُو الْحسن بعد استيلائه على إفريقية كَمَا نذكرهُ فِي كتب نُسْخَة أُخْرَى من الْمُصحف الْكَرِيم ليوقفها بِبَيْت الْمُقَدّس فَلم يقدر إِتْمَامهَا وَهلك قبل فَرَاغه من نسخهَا اه وَهُوَ يَقْتَضِي أَن السُّلْطَان الْمَذْكُور ماا كتب سوى مصحفين اثْنَيْنِ وَيُؤَيِّدهُ ظَاهر الْكِتَابَيْنِ المسرودين آنِفا مَعَ أَنه تقدم النَّقْل عَن الشَّيْخ أبي الْعَبَّاس الْمقري أَنه وقف على النُّسْخَة الْمَوْقُوفَة بِبَيْت الْمُقَدّس وَالله تَعَالَى أعلم بِحَقِيقَة الْأَمر
هَدِيَّة السُّلْطَان أبي الْحسن إِلَى ملك مَالِي من السودَان المجاورين للمغرب
اعْلَم أَن أَرض السودَان الْمُجَاورَة للمغرب تشْتَمل على ممالك مِنْهَا مملكة غانة وَمِنْهَا مملكة مَالِي وَمِنْهَا مملكة كاغو وَمِنْهَا مملكة برنو وَغير ذَلِك وَكَانَ ملك مَالِي وَهُوَ السُّلْطَان منسى مُوسَى بن أبي بكر من أعظم مُلُوك السودَان فِي عصره وَلما استولى السُّلْطَان أَبُو الْحسن على الْمغرب الْأَوْسَط وَغلب بني زيان على ملكهم عظم قدره وَطَالَ ذكره وشاعت أخباره فِي الْآفَاق فسما هَذَا السُّلْطَان وَهُوَ منسى مُوسَى إِلَى مُخَاطبَة السُّلْطَان أبي الْحسن وَكَانَ مجاورا لمملكة الْمغرب على نَحْو مائَة مرحلة فِي القفر فأوفد
أَبَا عبد الله الدرقاوي إِلَى الودايا ليَأْتِي بيعتهم وَكَانَ لَهُ فيهم أَتبَاع فقبضوا عَلَيْهِ وأودعوه السجْن وَكَتَبُوا بذلك إِلَى السُّلْطَان فَمَا سخط وَلَا رَضِي وَاسْتمرّ الْمولى إِبْرَاهِيم والبربر مقيمين بفاس إِلَى أَن نفذ مَا عِنْدهم من المَال الَّذِي أظهره لَهُم الْحَاج الطَّالِب ابْن جلون فاتفق رَأْيهمْ على الْخُرُوج من فاس وَكَانَ من أَمرهم مَا نذكرهُ
مسير الْمولى إِبْرَاهِيم بن يزِيد إِلَى تطاوين ووفاته بهَا
لما نفذ مَا كَانَ عِنْد الْمولى إِبْرَاهِيم بن يزِيد وشيعته من المَال واستهلكوه فِي غير فَائِدَة تفاوضوا فِيمَا يصنعون فأجمع رَأْيهمْ على أَن يَسِيرُوا إِلَى المراسي بِقصد فتحهَا والاستيلاء على مَالهَا فَخَرجُوا بالمولى إِبْرَاهِيم مستبدين عَلَيْهِ ضاربين على يَده وَإِنَّمَا الْمُتَصَرف والآمر والناهي هُوَ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن سُلَيْمَان وَأما ابْن عبد الرزيق وَجَمَاعَة من أَصْحَابه الَّذين أسسوا هَذَا الْأَمر فَإِنَّهُم هَلَكُوا فِي حَرْب الودايا فِي عَشِيَّة وَاحِدَة فِي وقْعَة ظهر المهراس وحزت رؤوسهم وَبعث بهَا إِلَى السُّلْطَان بمراكش وَلما برزوا من فاس مروا بآيت يمور ونزلوا بالولجة الطَّوِيلَة وراودوا من هُنَالك من عرب بني حسن وَأهل الغرب ودخيسة وَأَوْلَاد نصير على الانخراط فِي سلكهم فَأَبَوا عَلَيْهِم وعزم الْقَائِد مُحَمَّد بن يشو على أَن يبيتهم بغارة شعواء تفرق جمعهم فَدس إِلَيْهِم مُحَمَّد بن قَاسم السفياني اللوشي وَكَانَ منحرفا عَن السُّلْطَان بِمَا عزم عَلَيْهِ ابْن يشو وَأَشَارَ عَلَيْهِم أَن يعبروا النَّهر إِلَى ناحيته ليحميهم مِمَّن أَرَادَهُم فعبروا إِلَيْهِ وانضم إِلَيْهِم فِيمَن مَعَه وَسَارُوا إِلَى قصر كتامة فنزلوا بالكدية الإسماعيلية وَمِنْهَا كتبُوا إِلَى أهل الثغور والعرائش وطنجة وتطاوين يَدعُونَهُمْ إِلَى بيعَة سلطانهم وَالدُّخُول فِي حزبهم فَأَما أهل العرائش وطنجة فَأَجَابُوا بِالْمَنْعِ وَقيل أَن أهل العرائش بَايعُوا ووفد عَلَيْهِ بَعضهم وَلَعَلَّ ذَلِك
بإصلاح المون على شاطىء الْبَحْر لِأَن البحرية يتعبون فِيهِ وَقت إِنْزَال السّلع ووسقها وَأقَام بِالدَّار الْبَيْضَاء بالمحلة خَارج الْبَلَد يَوْمَيْنِ وَأهْدى إِلَيْهِ تجارها من النَّصَارَى وَالْيَهُود وَالْمُسْلِمين وَأظْهر النَّصَارَى الْفَرح وَأَكْثرُوا من تَعْلِيق الصناجق وَإِيقَاد الحراقيات بِاللَّيْلِ وإرسالها فِي الجو فقابلهم السُّلْطَان أعزه الله بالجميل وَحمل النَّصَارَى مِنْهُم على خيل مُكَافَأَة لَهُم على هديتهم فطاروا بذلك فَرحا حَتَّى أَنهم كتبُوا بذلك لأهل دولتهم ونشروه فِي كوازيطهم وأجوبتهم وَفِي هَذِه الْمدَّة وَجه السُّلْطَان أعزه الله خديمه الأنجد الْفَاضِل أَبَا عبد الله الْحَاج مُحَمَّد بن الْحَاج الطَّاهِر الزُّبْدِيُّ الرباطي باشدورا وسفيرا عَنهُ إِلَى دوَل الإفرنج مثل دولة افرانسا ودولة النجليز ودولة الطاليان ودولة البلجيك واستصحب مَعَه هَدَايَا نفيسة وأموالا طائلة صيرها فِي وجهته تِلْكَ ورافقه فِي سفارته هَذِه الْأمين الأرضى السَّيِّد بناصر ابْن السَّيِّد الْحَاج أَحْمد غَنَّام الرباطي برسم الْقيام بخطة الْأَمَانَة والقهرمانية وصاحبنا الْفَقِيه الأديب فلكي الْعَصْر وحاسبه الشريف أَبُو الْعَلَاء إِدْرِيس بن مُحَمَّد الجعيدي السلاوي برسم الْقيام بخطة الْكِتَابَة فوصلوا إِلَى أهل هَذِه الدول وقضوا الْغَرَض على أكمل الْوُجُوه وأحسنها وعادوا مسرورين فِي أَوَاخِر شعْبَان من السّنة وَفِي هَذِه الوجهة قيد صاحبنا أَبُو الْعَلَاء الْمَذْكُور رحلته البديعة الْمُسَمَّاة بتحفة الْأَحْبَار بِغَرَائِب الْأَخْبَار قد اشْتَمَلت على كل نادرة وغريبة وأفصحت عَن صنائع الفرنج وحيلها العجيبة وَعند قفوله وقدومه على حَضْرَة السُّلْطَان أيده الله مدحه بقصيدة جَيِّدَة مطْلعهَا
(أسالم دهري فِي المرام وَفِي الْقَصْد
…
فينقض مَا أبرمت للصلح من عقد)
(وأسأله الرحمى فيبدي ازوراره
…
ونفرته عني فيا عظم مَا يُبْدِي)
(وَكم لي استرضيه وَهُوَ مغاضب
…
وَلَا يرعوي عَمَّا جناه على عمد) وَمِنْهَا فِي آخرهَا
(وهذي بَنَات الْفِكر مني هَدِيَّة
…
إِلَى الْملك الْمَنْصُور ذِي الْجُود والرفد)