الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثورة عُثْمَان بن ابي الْعَلَاء بجبال غمارة
كَانَ عُثْمَان بن أبي الْعَلَاء إِدْرِيس بن عبد الْحق من أعياص الْملك المريني وَكَانَ قد قدم من الأندلس فِي صُحْبَة الرئيس أبي سعيد عِنْد استيلائه على سبتة ثمَّ ثار بعد ذَلِك بِبِلَاد غمارة ودعا لنَفسِهِ وَبَقِي متنقلا هُنَالك مُدَّة فتغلب على تكساس وآصيلا والعرايش وانْتهى إِلَى قصر كتامة وخب فِي الْفِتْنَة وَوضع إِلَى أَن لحق بالأندلس لأوّل دولة السُّلْطَان أبي الرّبيع فولي بهَا مشيخة الْغُزَاة وَكَانَت لَهُ فِي جِهَاد الْعَدو الْيَد الْبَيْضَاء كَمَا سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله
وَفِي سنة ثَلَاث وَسَبْعمائة بعث السُّلْطَان يُوسُف وَهُوَ محاصر لتلمسان ركب الْحَاج المغربي إِلَى الْحَرَمَيْنِ الشريفين واعتنى بشأن هَذَا الركب فَبعث مَعَهم حامية من زناتة تناهز خَمْسمِائَة فَارس من الْأَبْطَال وخاطب صَاحب الديار المصرية لعهده وهوالملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون الصَّالِحِي من مماليك بني أَيُّوب المعروفين بالبحرية واستوصاه بحاج أهل الْمغرب وأتحفه بهدية استكثر فِيهَا من الْخَيل العراب والمطايا الفارهة يُقَال كَانَ عدد الْخَيل والمطايا أَرْبَعمِائَة إِلَى غير ذَلِك مَا يُنَاسب من طرف الْمغرب وماعونه وَبعث مَعَهم إِلَى حرم مَكَّة مُصحفا ضخما اعتنى بِهِ واستكتبه وَجعل لَهُ غشاء مكللا بنفيس الدّرّ وشريف الْيَاقُوت ورفيع الْأَحْجَار ونهج السُّلْطَان يُوسُف رحمه الله بِهَذَا الركب والهدية السَّبِيل لحاج الْمغرب فَأَجْمعُوا الْحَج سنة أَربع بعْدهَا فَاجْتمع مِنْهُم عدد وافر وَركب ضخم فعقد السُّلْطَان يُوسُف على دلالتهم لأبي زيد الْغِفَارِيّ وفصلوا من تلمسان فِي شهر ربيع الأول من السّنة الْمَذْكُورَة وَفِي شهر ربيع الآخر بعده قدم حَاج الركب الأول الَّذين حملُوا الْمُصحف والهدية ووفد مَعَهم على السُّلْطَان يُوسُف شرِيف مَكَّة السَّيِّد لبيدة بن أبي نمي نازعا عَن سُلْطَان التّرْك صَاحب مصر لما كَانَ قد قبض
على أَخَوَيْهِ حميضة ورميثة بعد مهلك أَبِيهِم أبي نمي صاب مَكَّة فاستبلغ السُّلْطَان يُوسُف من إكرامه والتنويه بِقَدرِهِ وسرحه إِلَى الْمغرب ليجول فِي أقطاره وَيَطوف على معالم الْملك وقصوره وأوعز إِلَى الْعمَّال بالبرور بِهِ وإتحافه على مَا يُنَاسب قدره وَرجع هَذَا الشريف إِلَى حَضْرَة السُّلْطَان من تلمسان سنة خمس وَسَبْعمائة ثمَّ فصل مِنْهَا إِلَى مشرقه وَفِي شعْبَان من هَذِه السّنة قدم أَبُو زيد الْغِفَارِيّ دَلِيل ركب الْحَاج الثَّانِي وَمَعَهُ بيعَة الشرفاء أهل مَكَّة للسُّلْطَان يُوسُف لما كَانَ صَاحب مصر قد آسفهم بالتقبض على إخْوَانهمْ وَكَانَ ذَلِك شَأْنهمْ مَتى غاظهم السُّلْطَان وأهدوا إِلَى السُّلْطَان يُوسُف ثوبا من كسْوَة الْكَعْبَة أعجب بِهِ فَاتخذ مِنْهُ ثوبا للبوسه فِي الْجمع والأعياد كَانَ يتبطنه بَين ثِيَابه تبركا بِهِ
وَأما الْملك النَّاصِر صَاحب مصر فَإِنَّهُ كافأ السُّلْطَان يُوسُف على هديته بِأَن جمع من طرف بِلَاد الْمشرق مَا يستغرب جنسه وشكله من الثِّيَاب والحيوانات وَنَحْو ذَلِك مثل الْفِيل والزرافة وَنَحْوهمَا وأوفد بِهِ مَعَ عُظَمَاء دولته وفصلوا من الْقَاهِرَة آخر سنة خمس وَسَبْعمائة فوصلوا إِلَى السُّلْطَان يُوسُف وَهُوَ بالمنصورة فِي جُمَادَى الْآخِرَة سنة سِتّ بعْدهَا واهتز لقدومهم وأركب النَّاس للقيهم وَأكْرم وفادتهم وبعثهم إِلَى الْمغرب للتطوف بِهِ على الْعَادة فِي مبرة أمثالهم وَهلك السُّلْطَان يُوسُف أثْنَاء ذَلِك وأفضى الْأَمر إِلَى حافده أبي ثَابت فَأحْسن منقلبهم مَلأ حقائبهم وفصلوا من الْمغرب إِلَى بِلَادهمْ فِي ذِي الْحجَّة من سنة سبع وَسَبْعمائة وَلما انْتَهوا إِلَى بِلَاد بني حسن فِي ربيع من سنة ثَمَان بعْدهَا اعْتَرَضَهُمْ الْأَعْرَاب بالقفر فانتهبوهم وخلصوا إِلَى مصر بجريعة الذقن فَلم يعاودوا بعْدهَا إِلَى الْمغرب سفرا وَلَا لفتوا إِلَيْهِ وَجها وطالما أوفد عَلَيْهِم مُلُوك الْمغرب بعْدهَا من رجال دولتهم من يوبه لَهُ ويهادونهم ويكافئون وَلَا يزِيدُونَ فِي ذَلِك كُله على الْخطاب شَيْئا
وَدفن بقبور الْأَشْرَاف قبلي جَامع الْمَنْصُور من قَصَبَة مراكش وَلَقَد كَانَ رحمه الله من فتيَان آل عَليّ وسمحائهم وأبطالهم لَهُ فِي النجدة والكفاية الْمحل الَّذِي لَا يجهل والسبق الَّذِي لَا يلْحق وَالْغُبَار الَّذِي لَا يشق وَلَا يضرّهُ تنقيص من نَقصه من الحسدة عَفا الله عَنَّا وعنهم فَإِن مَكَان الرجل غير مكانهم وهمته الْعَالِيَة فَوق تزويراتهم تغمد الله الْجَمِيع بعفوه وغفرانه آمين ولنذكر مَا كَانَ فِي هَذِه الْمدَّة من الْأَحْدَاث
فَفِي شعْبَان سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَمِائَة وَألف توفّي الْفَقِيه الْعَلامَة القَاضِي بسلا أَبُو عبد الله مُحَمَّد السُّوسِي المنصوري وَدفن قرب الْوَلِيّ الصَّالح سَيِّدي مغيث من طالعة سلا وَله شرح على مُخْتَصر السنوسي فِي الْمنطق وَآخر على كبراه وَفِي ضحى يَوْم السبت الثَّامِن وَالْعِشْرين من الْمحرم فاتح سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَمِائَة وَألف توفّي الْفَقِيه المرابط الْبركَة سَيِّدي الْحَاج الغزواني ابْن الْبَغْدَادِيّ من حفدة الْوَلِيّ الْأَشْهر سَيِّدي مُحَمَّد الشَّرْقِي رضي الله عنه وَدفن بداره بجوار سَيِّدي مغيث أَيْضا
وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء الثَّامِن وَالْعِشْرين من صفر سنة أَربع وَأَرْبَعين وَمِائَة وَألف توفّي الْفَقِيه الْعَلامَة الإِمَام صَاحب التصانيف المفيدة والأجوبة العتيدة أَبُو عبد الله سَيِّدي مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن زكري الفاسي رحمه الله وَرَضي عَنهُ
وَفِي يَوْم الْجُمُعَة الرَّابِع من رَجَب سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَمِائَة وَألف كمل بِنَاء قبَّة ولي الله تَعَالَى أبي الْعَبَّاس سَيِّدي الْحَاج أَحْمد بن عَاشر رضي الله عنه على يَد الْقَائِد أبي عبد الله الحوات وَفِي الشَّهْر نَفسه توفّي الْفَقِيه القَاضِي النوازلي أَبُو الْعَبَّاس سَيِّدي أَحْمد الشدادي بزاوية زرهون
وَفِي سنة خمسين وَمِائَة وَألف ولد الشَّيْخ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد التجاني شيخ الطَّائِفَة التجانية وَسَيَأْتِي الْكَلَام عَلَيْهِ إِن شَاءَ الله وفيهَا كَانَت المجاعة الْعَظِيمَة بالغرب والفتن وَنهب الدّور بِاللَّيْلِ بفاس وَغَيرهَا وَصَارَ جلّ النَّاس لصوصا
فَكَانَ أهل الْيَسَار لَا ينامون لحراستهم دُورهمْ وأمتعتهم وَهلك من الْجُوع عددا لَا حصر لَهُ حَتَّى لقد أخبر صَاحب المارستان أَنه كفن فِي رَجَب وَشَعْبَان ورمضان ثَمَانِينَ ألفا وَزِيَادَة سوى من كَفنه أَهله هَذَا بفاس وليقس عَلَيْهَا غَيرهَا
وَفِي زَوَال يَوْم الْأَرْبَعَاء الثَّانِي وَالْعِشْرين من شَوَّال سنة ثَمَان وَخمسين وَمِائَة وَألف توفّي قَاضِي سلا الْفَقِيه الْعَلامَة السَّيِّد أَبُو عَمْرو عُثْمَان التواتي وَدفن دَاخل رَوْضَة سَيِّدي الْحَاج أَحْمد بن عَاشر رضي الله عنه
وَفِي سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَمِائَة وَألف كَانَ الوباء بالمغرب وانحباس الْمَطَر فلحق النَّاس من ذَلِك شدَّة ثمَّ تداركهم الله بِلُطْفِهِ
وَفِي سنة تسع وَسِتِّينَ وَمِائَة وَألف كَانَت الزلزلة الْعَظِيمَة بالمغرب الَّتِي هدمت جلّ مكناسة وزرهون وَمَات فِيهَا خلق كثير بِحَيْثُ أحصي من العبيد وحدهم نَحْو خَمْسَة آلَاف وَتكلم لويز مَارِيَة على هَذِه الزلزلة فَقَالَ إِنَّهَا مكثت ربع سَاعَة وتشققت الأَرْض مِنْهَا واضطراب الْبَحْر وفاض حَتَّى ارْتَفع مَاؤُهُ على سور الجديدة وَفرغ فِيهَا وَلما رَجَعَ الْبَحْر إِلَى مقره ترك عددا كثيرا من السّمك بِالْبَلَدِ وفاض على مسارحهم ومزارعهم وأشباراتهم فنسف ذَلِك كُله نسفا واضطربت المراكب والفلك بالمرسى فتكسرت كلهَا وفر نَصَارَى الْبَلَد إِلَى الْكَنِيسَة وَتركُوا دِيَارهمْ منفتحة وَمَعَ ذَلِك لم يفقد مِنْهَا شَيْء لاشتغال النَّاس بِأَنْفسِهِم وَتكلم صَاحب نشر المثاني على هَذِه الزلزلة فَقَالَ وَفِي ضحوة يَوْم السبت السَّادِس وَالْعِشْرين من الْمحرم سنة تسع وَسِتِّينَ وَمِائَة وَألف زلزلت الأَرْض زِلْزَالهَا ومادت شرقا وغربا واستمرت كَذَلِك نَحْو درج زماني وفاض مَاء البرك والصهاريج على الْبيُوت وتكدرت الْعُيُون ووقف مَاء الأودية عَن الجري وَسَقَطت الدّور وتصدعت الْحِيطَان وَأخذ النَّاس فِي هدم مَا تصدع خوف سُقُوطه وفزع النَّاس وَتركُوا حوانيتهم وأمتعتهم وَوَقع بِمَدِينَة سلا أَن مَاء الْبَحْر انحصر عَنهُ إِلَى أقصاه فجَاء النَّاس ينظرُونَ إِلَيْهِ فَرجع المَاء إِلَى جِهَة الْبر وَتجَاوز حَده الْمُعْتَاد بمسافة كَبِيرَة
(هَنِيئًا لنا نَحن العبيد فإننا
…
بسؤدد مَوْلَانَا الإِمَام نسود)
(ودونك يَا خير السلاطين كاعبا
…
بديعة حسن للنَّهْي تتودد)
(تدير كؤوس الراح دون تأثم
…
إِذا هِيَ أثْنَاء المحافل تنشد)
(فَلَا زلت مَا بَين الْمُلُوك مُخَيّرا
…
كَمَا اختبر مَا بَين الْمَعَادِن عسجد)
وَفِي هَذِه الْأَيَّام ظهر الْمولى عبد الرَّحْمَن بن سُلَيْمَان بن مُحَمَّد وَقرب من فاس طَالبا للْملك قيل إِن بعض أَبنَاء عَمه بفاس ومكناسة لما توفّي السُّلْطَان رحمه الله كاتبوه واستحثوه للقدوم وواطأهم على ذَلِك بعض عبيد البُخَارِيّ وَبَعض البربر الَّذين بأحواز مكناسة وَلما قرب من فاس كَانَ الْفَقِيه أَبُو عبد الله مُحَمَّد الْعَرَبِيّ بن الْمُخْتَار الجامعي يَوْمئِذٍ يَلِي أَمر شراقة بهَا فَقَامَ فِي ذَلِك أحسن قيام وَحمل النَّاس على الثَّبَات والتمسك بِطَاعَة أَمِير الْمُؤمنِينَ سَيِّدي مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن فَكَانَ ذَلِك سَببا فِي سُكُون هَذِه الْفِتْنَة وانحسام مادتها فَرجع الْمولى عبد الرَّحْمَن بن سُلَيْمَان عوده على بدئه وآيس من بُلُوغ قَصده وَأقَام بزاوية العياشي عِنْد البربر إِلَى أَن أضمحل أمره وَلما قدم السُّلْطَان سَيِّدي مُحَمَّد رحمه الله من مراكش إِلَى مكناسة اجتاز بِمَدِينَة سلا وَنزل بِرَأْس المَاء فِي الثَّالِث وَالْعِشْرين من صفر سنة سِتّ وَسبعين وَمِائَتَيْنِ وَألف وَبعد الزَّوَال دخل فِي جمَاعَة من حَاشِيَته وزار الشَّيْخ أَبَا مُحَمَّد عبد الله بن حسون وَالشَّيْخ أَبَا الْعَبَّاس أَحْمد بن عَاشر رضي الله عنهما وَدخل البستيون الْكَبِير وَرَأى مدافعه مَنْصُوبَة على عجلات الْحَدِيد وَكَانَت تغوص فِي الأَرْض إِذا جرت من شدَّة ثقل المدافع فَأَشَارَ بِأَن يفرش لَهَا بِسَاط من الْعود الْجيد الْمُحكم الصَّنْعَة والتركيب حَتَّى يَتَأَتَّى جريانها عَلَيْهِ بِلَا كلفة فصنعت لَهَا كَمَا أَشَارَ رحمه الله وَقد كنت مدحته بقصيدة لم يبْق على ذكري الْآن مِنْهَا إِلَّا بيتان وهما
(حوى العلويون الْمَعَالِي كلهَا
…
وَمَا مِنْهُم إِلَّا ذرى الْمجد صاعد)
(وَلَكِن أَمِير الْمُؤمنِينَ مُحَمَّد
…
هُوَ الْبَدْر فِي العلياء وَهِي الفراقد)
انْتِقَاض الصُّلْح مَعَ الإصبنيول واستيلاؤه على تطاوين ورجوعه عَنْهَا وَالسَّبَب فِي ذَلِك
كَانَ السَّبَب فِي انْتِقَاض الصُّلْح مَعَ جنس الإصبنيول أَن الْعَادة كَانَت جَارِيَة مَعَ أهل سبتة من النَّصَارَى وَأهل اللانجرة من الْمُسلمين أَن يتَّخذ كل من الْفَرِيقَيْنِ محلا للحراسة على المحدة الَّتِي بَينهمَا وَكَانَ النَّصَارَى يتخذون هُنَالك بُيُوتًا صغَارًا من اللَّوْح والمسلمون يتخذون أخصاصا من البردى وَنَحْوه فَلَمَّا كَانَ آخر دولة السُّلْطَان الْمولى عبد الرَّحْمَن رحمه الله بنى نَصَارَى سبتة على المحدة بَيْتا من حجر وطين وَجعلُوا فِيهِ عَلامَة طاغيتهم الْمُسَمَّاة عِنْدهم بالكرونة فَتقدم إِلَيْهِم أهل اللانجرة وَقَالُوا لَهُم لَا بُد أَن تهدموا هَذَا الْبَيْت الَّذِي لم تجر الْعَادة ببنائه وترجعوا إِلَى حالتكم الأولى من اتِّخَاذ بيُوت الْخشب فَامْتنعَ النَّصَارَى من ذَلِك فَعمد أهل اللانجرة إِلَى ذَلِك الْبَيْت فهدموه وَإِلَى تِلْكَ الكرونة فنجسوها بالعذرة وَقتلُوا مِنْهُم أُنَاسًا وضيقوا على أهل سبتة بالغارات حَتَّى كَانُوا يصلونَ إِلَى السُّور فَرفع أهل سبتة أَمرهم إِلَى كَبِيرهمْ بطنجة فَكلم كَبِيرهمْ نَائِب السُّلْطَان بهَا وَهُوَ يَوْمئِذٍ أَبُو عبد الله مُحَمَّد ابْن الْحَاج عبد الله الْخَطِيب التطاوني وشكا إِلَيْهِ مَا نَالَ أهل سبتة من عيث اللانجرة فدافعه الْخَطِيب فَلم ينْدَفع وَقَالَ لَا بُد من حُضُور اثْنَي عشر رجلا مِنْهُم بطنجة وَسَمَّاهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَلَا بُد من قَتلهمْ جَزَاء على فعلهم فَعظم الْأَمر على الْخَطِيب وَرُبمَا كلم فِي ذَلِك باشدور النجليز فَقَالَ لَهُ أحضر هَؤُلَاءِ المطلوبين على عين الْأَجْنَاس وَإِذا حَضَرُوا وَظهر حق الإصبنيول فَأَنا ضَامِن أَن لَا يصيبهم شَيْء فأعجب الْخَطِيب ذَلِك وعزم عَلَيْهِ فاتصل الْخَبَر بِأَهْل اللانجرة وَأَن الْخَطِيب عازم على أَن يكْتب إِلَى السُّلْطَان فِي شَأْن اثْنَي عشر رجلا مِنْهُم بأعيانهم فَمَشَوْا إِلَى الشريف سَيِّدي الْحَاج عبد السَّلَام بن الْعَرَبِيّ الوزاني وَقَالُوا لَهُ إِن الْخَطِيب لَا ينصح السُّلْطَان وَلَا الْمُسلمين وَإِن كل مَا قَالَه النَّصَارَى يساعدهم عَلَيْهِ حَتَّى جسرهم علينا وَنحن جئْنَاك لتعلم السُّلْطَان بأمرنا وتسأله أَن يمدنا بالقبائل الْمُجَاورَة لنا وَنحن نكفيه