الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النفاس:
141 -
وعن أم سلمة رضي الله عنهما قالت: «كانت النفساء تقعد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم بعد نفاسها أربعين يومًا» . رواه الخمسة إلا النسائي، واللفظ لأبي داود.
- وفي لفظه له: «ولم يأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء صلاة النفاس» . وصححه الحاكم.
قوله: «كانت النفساء» النفساء: هي الأنثى التي تلد، مأخوذ من قولهم: نفث الله كربتها؛ لأن المرأة الحامل عند الطلق يكون عندها كربات عظيمة كما قال الله تعالى: {حملته أمه وهنًا على وهن} [لقمان: 14]. وقال: {حملته أمه كرهًا ووضعته كرهًا} [الأحقاق: 15]. فإذا ولدت نفث الله عنها الكربة، والنفاس: هو الدم الذي يخرج عند الولادة أو قبلها بيومين أو ثلاثة مع الأمارة وهي الطلق هذا هو النفاس، وأما الماء الذي يخرج فليس بنفاس، وكذلك ما خرج قبل الولادة بدون طلق فإنه ليس بنفاس، فالدم الذي يخرج قبل الولادة ليس بنفاس إلا إذا كان قبل الولادة بيومين أو ثلاثة ومعه طلق، والماء الذي يخرج قبل الولادة ولو مع الطلق ليس بنفاس.
وقوله: «تقعد على عهد النبي صلى الله وعليه وسلم» هذا له حكم الرفع، وإن كان لم يصرح بأن النبي صلى الله عليه وسلم علمه، لو صرحت بأن الرسول علمه لكان ذلك مرفوعًا صريحًا، ويكون من باب الإقرار، لكنها لم تصرح بأن الرسول صلى الله عليه وسلم علمه، قال العلماء: هذا له حكم الرفع، وليس مرفوعًا صريحًا، ووجه ذلك: أن كونه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ولم ينكره الله عز وجل يدل على أنه إن كان من العبادات فهو عبادة، وإن كان من المباحات فهو مباح، إذ لو كان حرامًا لنبه الله عليه كما في قوله تعالى:{يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول} [النساء: 108]. فأطلع الله تعالى المؤمنين على هؤلاء الذين يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله ويبيتون ما لا يرضى من القول، وعلى هذا فلو استدللت على شخص بأن هذا فعل في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال لك معارضًا: أين الدليل على أن الرسول علمه؟ فالجواب: إذا لم يعلمه الرسول فقد علمه الله عز وجل، ولو كان مما لا يرضاه لأنكره - سبحانه تعالى -، وهذا استدلال فقيه؛ لأن بعض الناس يعارض فيقول: أين الدليل على أن الرسول علم هذا ولم ينكره؟ فنقول: هب أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعلم، لكن علمه الله عز وجل وأقره، وهذا دليل على أنه عبادة إن كان من العبادات، وأنه مباح إذا كان من المباحات.
وقولها: «بعد نفاسها أربعين يومًا» المراد «بعد نفاسها» يعني: بعد خروج الولد، وأما الدم الذي يسبق الولادة مع الطلق فهذا لا يحسب، وقولها:«تقعد أربعين يومًا» من المعلوم أنها لو طهرت قبل ذلك وجبت عليها الصلاة، فيكون معنى الحديث: أن أقصى مدة للنفاس هي: أربعون يومًا وليس أدنى مدة؛ لأنه لا حد لأقله، إذ إنه قد تبقى المرأة عشرة أيام أو عشرين يومًا أو خمسة أيام أو لا يخرج معها دم إطلاقًا يخرج معها مياه دون الدماء، فالذي يخرج منها مياه دون الدماء فليس عليها نفاس، والذي يخرج منها الدم ويبقى يومًا أو يومين نقول: مدة نفاسها هذه المدة قلت أو كثرت، وهذا هو الذي عليه فقهاء الحنابلة رحمهم الله أن أكثر مدة النفاس أربعون يومًا.
ولكن القول الثاني في هذه المسألة: أن أكثره ستون يومًا، وهذا مذهب الشافعي صرح به الشافعية في كتبهم، وقالوا: إن هذا موجود كثيرًا وليس بنادر حتى نقول: إن النادر لا حكم له، وهذا هو الراجح عندي يعني: أن أكثره ستون يومًا إذا كان مستمرًا على طريقة واحدة، وعبر شيخ الإسلام رحمه الله في الاختيارات أنه ربما يكون ستين أو سبعين يومًا أيضًا ما دام الدم مطردًا لم يتغير بوصف ولا رائحة ولا غيرهما، فإنه وإن بقي سبعين يومًا لكن نقول: لعل الستين أقرب الأقوال.
فإن زاد على الستين فماذا نصنع؟
نقول: إذا زاد على الستين فما وافق العادة فهو حيض، وما لم يوافق العادة فهو دم فساد تغتسل وتصلي وتحل للزوج، وقولها:«لم يأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء صلاة النفاس» ؛ لأن النفاس كالحيض إلا أنه يخالفه في أشياء:
أولًا: أنه لا يحصل به البلوغ، والحيض يحصل به البلوغ.
فإن قلتم: كيف لا يحصل به البلوغ وهي قد حملت؟ قلنا: لأن بلوغها حصل بالإنزال السابق للحمل؛ إذ لا تحمل إلا بإنزال، فيكون النفاس علامة على بلوغ سابق بخلاف الحيض.
ثانيًا: أنه لا يحتسب به مدة الإيلاء، بمعنى: أن الرجل لو آلى من امرأته ألا يجامعها أكثر من أربعة أشهر فإن مدة النفاس لا تحسب ومدة الحياض تحسب، والفرق أن الحيض معتاد كل شهر، فهو داخل في المدة أربعة أشهر، والنفاس لا يتكرر كل شهر، بل هو نادر بالنسبة لأربعة أشهر.
ثالثًا: العدة فإنه لا يحسب به - أي: بالنفاس -؛ لأنه إن كانت المفارقة قبل الوضع انتهت العدة بالوضع، وإن كانت بعده فلابد من ثلاث حيض ولا يحسب النفاس.
وبناء على هذا نقول: إن القول الصحيح الذي لا تدل السنة على خلافه أنه يجوز للرجل
أن يطلق زوجته وهي نفساء بخلاف الحيض، فالحيض لا يجوز أن يطلق زوجته وهي حائض، وإذا طلق ففي ذلك خلاف هل يقع أو لا يقع؟ أكثر العلماء - ومنهم الأئمة الأربعة - على أنه يقع ويحسب على الزوج، واختار شيخ الإسلام رحمه الله أنه لا يقع؛ لأنه خلاف ما أمر الله به ورسوله، وكل أمر ليس عليه أمر الله ورسوله فهو رد - أي: مردود -، وقول الشيخ رحمه الله أصح، فإذا طلق الإنسان امرأته وهي حائض قلنا له: الطلاق غير واقع، لكن إذا طلقها وهي حائض متعمدًا وقوع الطلاق، ثم جاء بعد مدة وبعد أن ضاقت عليه الحيل يريد أن يبطل هذا الطلاق، قلنا له: لا.
مثاله: رجل طلق زوجته وهي حائض، ثم راجعها لا على أن الطلاق لم يقع، بل على أن الطلاق واقع، ثم بعد مدة طلقها وراجعها، طلقها طلاقًا شرعيًا وراجعها، ثم طلقها الثالثة، وأراد أن يراجع فماذا نقول له؟ نقول: لا رجوع؛ لأنك طلقت ثلاثًا.
فإذا قال: الطلقة الأولى كانت غير شرعية لأنها في الحيض.
قلنا: الآن صارت عندك غير شرعية، وأنت حين طلقتها تعتبر أنها شرعية، ولذلك راجعتها مراجعة المطلق، ثم إننا نعلم علم اليقين أنه لو انقضت عدتها ثم تزوجت لم تمنعها ولم تقل للرجل الذي تقدم إليها: إنها امرأتي، لكن حينما ضاقت بك الحيل ذهبت تقول: الطلاق الأول غير واقع، ولا نطيعك في هذا، إذن الصحيح: أن النفاس يجوز فيه الطلاق، وليس ببدعي.
فإن قال قائل: أليس النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مره فليراجعها، ثم ليطلقها طاهرًا أو حاملًا» ؟
قلنا: هذا ليس فيه دليل على تحريم الطلاق في النفاس، بل هو إن لم يكن عليهم فليس لهم؛ لأن قوله:«أو حاملًا» يدل على أن المراد بقوله: «طاهرًا» من الحيض كما هي القصة الواقعة أيضًا وليس في جميع الأحوال، «فليطلقها طاهرًا» أي: من الحيضة التي طلقها فيها، «أو حاملًا» وهذا يدل على أن المراد: الطهر من الحيض، وهذا من الفروق بين الحيض والنفاس.
رابعًا: من الفروق أيضًا أن الحيض لأقله حد وهو يوم وليلة على المذهب، والنفاس ليس لأقله حد لو لم يكن نفاسها يومًا واحدًا وتطهر وجب عليها أن تصلي.
خامسًا: ومن الفروق أيضًا أنهم قالوا في الحيض: إذا انقطع الحيض في مدة الحيض، ثم عاد في المدة فالعائد حيض؛ يعني: مثل أن تكون عادتها ستة أيام فتحيض يومين، ثم تطهر يومين، ثم يعود الدم في اليومين الأخيرين، فالدم العائد حيض، لكن في النفاس لا، إذا طهرت في الأربعين طهرت في العشرين لمدة خمسة أيام ثم عاد الدم فهذا مشكوك فيه في مدة الأربعين وكيف يكون مشكوكًا فيه، نأمرها بالصلاة ونأمرها بالصوم، ثم إذا طهرت أمرناها
بإعادة الصوم، أما الصلاة فلا نأمرها بالإعادة لماذا؟ لأنه إن كان طهرًا فقد صلت وإن كان حيضًا فالصلاة لا تقصى في الحيض بخلاف الصوم، وهذا القول ضعيف جدًا؛ أي: أن نلزمها بالصوم ثم نلزمها بقضائه، بأي دليل نوجب على عباد الله العبادة مرتين؟ هذا لا أصل له، لكن الفقهاء يرون أن هذا فرق بين الحيض والنفاس.
أسئلة:
- ما هو الحيض؟
- ما هو الدليل من السنة على أنه دم طبيعة؟
- المرأة إذا استحيضت ماذا تصنع؟
- إذا لم يكن لها عادة ولا تمييز فماذا تفعل؟
- ذكرت أنها تغتسل لكل صلاة وجوبًا أو استحبابًا؟
- وما هو الغسل الواجب في حقها؟
- إذا تعارضت العادة والتمييز؟
- ماذا يجوز للرجل من امرأته وهي حائض؟
- وما المراد بالنكاح هنا؟
- هل لهذا الحديث شاهد من القرآن؟
- بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن من نقصان دين المرأة أنها إذا حاضت لم تصم ولم تصل، كيف نقول: إنه نقصان دين وهو امتثال لأمر الله؟
- هل في الحديث دليل لأهل السنة من أن الإيمان يزيد وينقص؟
- هل يصح وقوف الحائض بعرفة والدليل؟ نعم، والدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم:«افعلي ما يفعل الحاج» .