الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة فيها خلاف، لكن الصحيح أنه لا يجوز له قراءة القرآن؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم "كان لا يحجزه عن القرآن شيء إلا الجنابة". كلمة "لا يحجزه" يعني: لا يمنعه، ولأنه كان يقرئ أصحابه القرآن ما لم يكن جنبا. وهذا يدل على أنه ممنوع أن يقرأ القرآن وهو على جنابة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يجب عليه البلاغ، ومن البلاغ أن يعلم القرآن، فإذا كان يمتنع من ذلك إذا كان على جنابة، دل هذا على أنه لا يجوز للجنب أن يقرأ القرآن؛ لأنه لا يعارض واجب إلا بشيء واجب تركه، وهذا القول هو الراجح، وهو الذي عليه جماهير أهل العلم، أن الذي عليه جنابة لا يقرأ القرآن حتى وإن توضأ، بخلاف المكث في المسجد فيجوز للجنب أن يتوضأ، وأما قراءة القرآن فلا يجوز حتى يغتسل.
بقي علينا يقول: "رواه مسلم، وعلقه البخاري" يقول العلماء: إن الحديث المعلق: ما حذف أول إسناده تشبيها له بالمعلق بالسقف الذي لا يتصل بالأرض، فالحديث المعلق هو الذي حذف أول إسناده، ويطلق - أي: المعلق - على ما حذف جميع إسناده، فإذا قال البخاري مثلا: وقالت عائشة: كان النبي صلى الله عليه وسلم، ماذا نسميه؟ معلقا، وإذا قال البخاري عن شيخ شيخه: قال فلان وساق السند نسميه أيضا معلقا، والمعلق من قسم الضعيف وذلك لعدم اتصال السند، إلا إذا كان المعلق التزم مؤلفه ألا يعلق ما صح عنده، فإننا نقول: إن هذا المعلق صحيح لكن ليس صحيحا على الإطلاق، بل هو صحيح عند معلقه، ثم إن كان من الأئمة المشهورين فإن تصحيحه معتبر وإلا فلا.
هل يتوضأ من الحجامة:
73 -
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وصلى، ولم يتوضأ". أخرجه الدارقطني، ولينه.
"احتجم" الاحجام: إخراج الدم من الجسم بصفة مخصوصة، ولابد فيه من حذف الحاجم وإلا كان على خطر، الصفة المعروفة في عهد النبي عليه الصلاة والسلام وإلى عهد قريب: أن الحاجم يشرط الجلد في موضع معين، ثم يضع عليه قارورة لها أنبوبة صغيرة، ثم يجذب الهواء حتى يفرغ القارورة، ثم يسد فم الماسورة الصغيرة فتبقى القارورة مفرغة من الهواء، وإذا بقيت مفرغة من الهواء لصقت بالمكان، ثم بدأ الدم يخرج، فإذا امتلأت القارورة انتهى التفريغ وسقطت وهي مملوءة من الدم.
والحجامة توع من أنواع الدواء كما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام: "إن كان الشفاء في شيء ففي ثلاث" وذكر منها "شرطة محجم". يعني: الحجامة، والحجامة لا شك أنها تخفف البدن، وأن من اعتادها فإنه لا يمكن أن يخف بدنه إلا باستعمالها، وأما من لم يستعملها أصلا فإنه لا يتأثر بعدمها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحتجم أحيانا في رأسه، وأحيانا على كاهله حسب ما تقتضيه الحاجة.
وقوله: "احتجم وصلى ولم يتوضأ" يعني: لم يتوضأ للصلاة، وأتى المؤلف رحمه الله بهذا الحديث ليفيد أن إخراج الدم من البدن لا ينقض الوضوء، ومعلوم أن الحجامة يخرج بها دم كثير، لكن هذا الدم وإن كان كثيرا لا ينقض الوضوء، دليل ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وصلى ولم يتوضأ.
في هذا الحديث فوائد منها: استعمال الحجامة، وهل هو جائز أو مستحب أو حرام؟
نقول: هاذ الحديث يدل على جوازه، فيبقى الأمر دائرا بين أن يكون مستحبا أو أن يكون حائزا على وجه الإباحة؛ يعني: مستوى الطرفين، فنقول: إذا كان الإنسان يحتاج إليه كان مستحبا اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم، وإذا لم يحتج إليه نظرنا إن كان يضره إخراج الدم كان حراما، وإن كان لا يضره كان مباحا.
ومن فوائد هذا الحديث: أن الحجامة لا تنقض الوضوء لقوله: "احتجم وصلى ولم يتوضأ"، وهل يقاس عليها ما يخرج من الجروح من الصديد والماء وما أشبه ذلك؟
الجواب: نعم، يقاس عليها وأولى؛ لأن كثيرا من العلماء يقولون: عن دم الآدمي نجس، وإن الصيد الذي يخرج من جروحه ليس بنجس؛ لأنه استحال إلى صديد، وعلى هذا نقول: يلحق بها ما يخرج من الجروح من الصديد والمياه التي تخرج بسبب الاحتراق وما أشبه ذلك.
وهنا سؤال: هل نحتاج على ذكر أن الحجامة لا تنقض الوضوء؟ لا نحتاج؛ لأن الأصل بقاء الطهارة، والذي يقول: إنها تنقض الوضوء هو المطالب بالدليل، ولكن إذا جاء الدليل مؤيدا الأصل كلن هذا نورا على نور.
فيستفاد من هذا الحديث: أن خروج الدم وإن كان كثيرا لا ينقض الوضوء، وهذا القول هو الراجح، وذهب بعض العلماء إلى أنه إذا كان كثيرا نقض الوضوء، وإن كان قليلا لم ينقض وهذا هو المشهور من مذهب الحنابلة رحمهم الله، ولكن هذا القول مرجوح، والصواب: أن