الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
- هل الناس يختلفون في المذي؟
مسألة: الخارج من الذكر أربعة أشياء: البول، والودي، والمذي، والمني، هذا مع السلامة أما عد ما يخرج من الأشياء الأخرى إذا أصيب بمرض فهذا شيء آخر.
المني معروف أنه طاهر، ويوجب الغسل، أي تطهير البدن كله.
البول نجس ويوجب الوضوء.
المذي نجس ويوجب الوضوء لكن نجاسته خفيفة، ويوجب زيادة على غسل ما أصاب الذكر أنه يغسل الذكر كله والأنثيين.
الودي هو: عصارة البول فيكون حكمه حكم البول، وهو عبارة عن نقط بيضاء تخرج بعد انتهاء البول وكأنها عصارة من المثانة، والله أعلم. وحكمها حكم البول.
فصار الخارج اثنين حكمهما واحد، وهما: البول والودي، واثنان يختلفان عنهما وفيما بينهما وهما: المذي والمني، المذي في حكمه في نجاسته وطهارته وسط بين المني والبول؛ لأن البول لابد فيه من الغسل، والمذي يكفي فيه النضح على القول الراجح، وهو أن يعم ما أصابه بالماء بدون دلك على البدن ولا عصر في الثياب، لكن المني أغلظ منه لأنه يوجب تطهير البدن كله.
حكم نقض الوضوء بالقبلة:
64 -
وعن عائشة رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعض نسائه، ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ". أخرجه أحمد، وضعفه البخاري.
عائشة هي إحدى أمهات المؤمنين رضي الله عنهن وهي التي تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم بكرا، وهي أحب النساء إليه كما سئل من أحب النساء إليك؟ قال:"عائشة". وهي رضي الله عنها ذكرت هنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعض نسائه فمن هذا البعض؟ لعله هي لكن كنت عن ذلك بالبعض حياء أو غير ذلك من الأسباب، وقولها:"نسائه" يعني: زوجاته كما قال الله تعالى: {ينساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن} [الأحزاب: 32].
"ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ"، ومن المعلوم تقبيل الإنسان لامرأته لاسيما إذا
كان يحبها أن يكون لشهوة، "ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ"، أخرجه أحمد، لكن ضعفه البخاري رحمه الله، ولكن المؤلف رحمه الله أتى بهذا الحديث ليسدل به على أن مس المرأة وتقبيل المرأة لا ينقض الوضوء، والحقيقة أنه لا حاجة لأن تأتي بدليل على ذلك؛ لأن الأصل عدم النقض، فلا حاجة إلى أن نأتي بدليل على أنه لا ينقض إذ إن من ادعى أن مس المرأة لشهوة، أو لتقبيل أو غير ذلك ينقض الوضوء فعليه الدليل؛ لأن الأصل بقاء ما كان على ما كان، وهذا القول - أعني: كون مس المرأة لشهوة لا ينقض الوضوء- هو القول الراجح الذي لا تدل الأدلة على غيره، وقال بعض العلماء: إن مس المرأة مطلقا ينقض الوضوء، سواء كان لشهوة أو لغير شهوة، وتوسط بعض العلماء فقال: إن كان لشهوة نقض الوضوء، وإن كان لغير شهوة لم ينقض الوضوء، وأظن أن هناك قولا بأنه إن مس من تحل له فإنه لا ينتقض وضوؤه، وإن مس من تحرم عليه فإنه ينتقض وضوؤه، ولعل هذا القول راعى قائله أن مس من لم تحمل له محرم فينبغي أن يتوضأ؛ لأن الوضوء إذا كان كما توضأ النبي صلى الله عليه وسلم فإن الإنسان يغفر له ما تقدم من ذنبه.
فإذا قال قائل: ما دليل من قال: لا ينقض الوضوء؟
فالجواب: أن دليله عدم الدليل؛ لأن الأصل بقاء الوضوء حيث تم على وجه شرعي، فلا يمكن أن ينقض إلا بدليل شرعي، وحينئذ يكون دليل هؤلاء هو الأصل أي البقاء على الأصل، وعدم الدليل على النقل، أما دليل من قال: إنه ينقض الوضوء مطلقا فاستدلوا بقوله تعالى: {أو جاء أحد منكم من الغائط أو لمستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا} [المائدة: 6]. وفي قراءة: {أو لمستم النساء} ، والأصل أن اللمس يكون باليد والآية ليس فيها قيد أن يكون بشهوة فتكون دالة على أن مس المرأة مطلقا ينقض الوضوء، وأما من قال: إنه لا ينقض إلا بشهوة فاستدل بالآية إلا أنه قال: إن حمل الآية على معنى مناسب للنقض أولى من الإطلاق، والمعنى المناسب للنقض هو الشهوة؛ لأن مسها بشهوة مظنة حصول الحدث، إما إنزال أو إمذاء، فعلق الحكم بما يكون فيه مظنة الحدث وهو الشهوة، ولكن القول الصحيح كما أقوله الآن: إنه لا ينقض الوضوء مطلقا، ولو بشهوة ما لم يحدث بشيء يخرج منه، وأما الجواب عن الآية الكريمة: فإن الملامسة فيها يراد بها الجماع بلا شك؛ وبهذا فسرها عبد الله بن عباس رضي الله عنه ترجمان القرآن الذي دعا له النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمه التأويل ويفقهه في الدين. ويدل على أن هذا
هو المتعين التقسيم الذي في الآية، فالله عز وجل ذكر طهارتين موجبين للطهارة، فالطهارتان: المائية والترابية، والموجبان للطهارة: الحدث الأصغر، والحدث الأكبر.
{يأيها الذين ءامنوا إذا قمتم إلى الصلوة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين} هذه طهارة مائية في الحدث الأصغر {وإن كنتم جنبا فاطهروا} هذه طهارة مائية في الحدث الأكبر {وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لمستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا} [المائدة: 6].
قال تعالى: {وإن كنتم مرضى أو على سفر} {فتيمموا} ، لكن قوله:{أو جاء أحد منكم من الغائط} ، "أو" هنا بمعنى "الواو" يعني: وجاء أحد منكم من الغائط، أو لامستم النساء، جاء أحد منكم من الغائط هذا موجب للطهارة الصغرى، {أو لمستم النساء} هذا موجب للطهارة الكبرى، لو قلنا:"لامستم النساء"، يعني: انتقض الوضوء بمس المرأة لكان الذي ذكر في الآية موجبا واحدا مكررا، وحذف منها موجب آخر لابد من ذكره حتى تكون الآية دالة على الحدث الأصغر والأكبر، ثم نقول: والدليل الآخر أن الله تعالى يعبر عن الجماع بالمس كقوله تبارك وتعالى: {لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة} [البقرة: 236].
وقوله: {وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} [البقرة: 237]. أي: تجامعوهن؛ فتبين بهذا أن المراد بالملامسة الجماع، ذكرنا أن قوله:{أو جاء أحد منكم من الغائط} بمعنى: وجاء فهل هناك شاهد بأن "أو" تأتي بمعنى "الواو"؟
الجواب: نعم، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم:"أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحد من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك".
فقوله: "سميت به نفسك، أو أنزلته" بمعنى: وأنزلته في كتابك؛ لأن ما سمى الله به نفسه إما أن يكون نازلا في الكتاب، أو علمه الله أحدا من خلقه عن طريق الوحي، فثبت بالسنة، أو استأثر به في علم الغيب عنده. فتبين أن "أو" تأتي بمعنى الواو في اللغة العربية، وعليه فنقول: إذا قبل الرجل امرأته وهو على وضوء لشهوة ولو مع انتصاب ذكره، فإنه لا ينتقض وضوؤه ما لم يحدث بمذي أو غيره فينقض بالحدث، هذا هو القول الراجح في هذه المسألة.