الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لأي شيء ساق المؤلف هذا الحديث؟ لبيان جواز استعمال جلود ذبائح المشركين؛ لأن الدبغ طهرها.
- في حديث أنس في انكسار قدح النبي لماذا أتى به المؤلف في هذا الباب - باب الآنية-؟ ليبين جواز ربط الإناء بشريط من فضة.
- هل يقاس على هذا الذهب؟ -لا؛ لأن الأصل التحريم فيكتفي على ما جاء به النص فقط.
- لماذا ساق المؤلف حديث أنس في اتخاذ الخمر خلا؟
3 - باب إزالة النجاسة وبيانها
* إن هذا الباب يشتمل على شيئين:
الأول: إزالة النجاسة.
والثاني: بيانها، وكان المتبادر أن يبدأ أولا ببيان النجاسة ثم في كيفية إزالتها، لكنهم يقولون إن الواو لا تستلزم الترتيب ولا تنافي الترتيب، وهذا القول - على إطلاقه- فيه نظر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما أقبل على الصفا قرأ:{إن الصفا والمروة من شعائر الله} ثم قال: أبدأ بما بدأ الله به، لكن المؤلف رحمه الله ترجم ذلك مع أنه بدأ في الخمر قال:
تحريم الخمر وأحكامها:
- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخمر تتخذ خلا؟ فقال: "لا".
الخمر: كل ما خامر العقل كما أعلنه أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: الخمر ما خامر العقل، أي: غطاها، وكيف يخامر العقل، أي: ما أسكر على وجه اللذة والطرب.
هذا الخمر إذا تناوله الإنسان سكر وصار له نشوة، وصار يتصور نفسه ملكا أو أفضل من المل، هذا هو الخمر. أما إذا غطى العقل على سبيل الإغماء وعدم الشعور فهذا ليس بخمر، ولا يحد شاربه بل ولا يعاقب شاربه عقوبة شارب الخمر، والخمر محرم في الكتاب والسنة وإجماع المسلمين، وتحريمه مما يعلم بالضرورة من دين الإسلام، ولهذا قال العلماء رحمهم الله: من أنكر تحريمه وقد عاش بين المسلمين فإنه مرتد عن الإسلام؛ لأنه أنكر ما علم من الدين بالضرورة وكل من أنكر ما علم من الدين بالضرورة؛ فإنه يكون
مرتدا كما لو أنكر تحريم الزنا أو وجوب الصلوات الخمس أو ما أشبه ذلك فهو يحرم بالكتاب والسنة والإجماع.
وكذلك أيضا النظر والعقل يقتضي أن يكون محرما، لأنه يلحق صاحبه بالمجانين والعياذ بالله ولهذا يطلق نساءه، وربما يقتل أولاده، وربما يفعل الفاحشة في أهله، وقد قرأت قبل سنوات كثيرة في - مجلة لا أحب أن أذكر من أين هي صادرة- أن شابا دخل على أمه في الساعة الواحدة ليلا - أي: بعد منتصف الليل - وراودها عن نفسها يريد أن يفعل بها الفاحشة - والعياذ بالله- فأبت عليه، فأخذ السكين وهددها، وقال: إن لم تمكنيني من نفسك فإني أقتل نفسي، فأدركتها الشفقة فمكنته من نفسها - والعياذ بالله- فزنى بها، انتهى من الزنا، ولما أصبح كان ضميره أشهره بذلك فجاء إلى أمه، فقال لها: يا أمي، أفعلت كذا وكذا؟ قالت" لا، خوفا عليه، فأقسم عليها إلا أن تخبره فأخبرته، ثم انطلق منها وأخذ وعاء من الجاز وصبه عليه وأحرق نفسه - والعياذ بالله- فانظر شرب الخمر وزنى بالأم وفي النهاية قتل نفسه، ولهذا جاء في الحديث تسميتها بأم الخبائث، ومفتاح كل شر.
فالعقل يؤيد الشرع في تحريم الخمر، ولكن الناس قد اعتادوها، اعتادوها بإحلال الله لها حيث قال تعالى:{ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا} [النحل: 67].
سكرا: متعة السكر، {ورزقا حسنا}: بيعه وشرابه ونقله وما أشبه ذلك، وهذا يدل على أن كان حلالا بالنص، ثم إن الله تعالى عرض بالمنع فقال:{يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيها إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما} [البقرة: 219].
لما قال الله تبارك وتعالى هذا فإن العاقل سوف يتجنبهما ما دام إثمهما أكبر من نفعهما فالعاقل لا يرتكب الأكبر من الإثم من أجل منفعة قليلة هذه هي المرحلة الثانية.
المرحلة الثالثة: قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلوة وأنتم سكرى حتى تعلموا ما تقولون} [النساء: 43]. و"حتى" هنا يحتمل أن تكون تعليلية، ويحتمل أن تكون غائبة.
المعنى: لا تقربوها حتى تصحوا، هذا إذا كانت غائبة أو تعليلية؛ يعني: إنما نهياكم عن ذلك لتعلموا ما تقولون في صلاتكم، فهي صالحة لهذا وهذا.
إذا امتثل المسلمون هذا - والحمد لله امتثلوا- فإنه سوف يمضي وقت كبير من أوقاتهم لا يشربون فيه الخمر. كم أوقات الصلوات؟ خمس صلوات يحتاج إلى أن يمسك عن الخمر قبل دخل الوقت بمدة يمكنه فيها أن يصحو هذه مرحلة ثالثة.
الرابعة: في سورة المائدة وهي من آخر ما نزل وليس فيها شيء مخصوص إطلاقا، قال الله تعالى:{يأيها الذين ءامنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلم رجس من عمل الشيطن فاجتنبوه لعلكم تفلحون} [المائدة: 90].
وانظر إلى التعليل لما أمر باجتنابه بين ما يترتب عليه وهو الفلاح، والفلاح كلمة جامعة لحصول المطلوب وزوال المكروه {إنما يريد الشيطن أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلوة فهل أنتم منتهون} [المائدة: 91].
ماذا قال الصحابة في جواب هذا الاستفهام؟ قالوا: انتهينا. هذا إذا جعلنا {فهل أنتم منتهون} استفهاما، أما إذا جعلناها أمرا يعني استفهاما بمعنى الأمر يكون المعنى: فانتهوا كقوله تعالى: {قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون} [الأنبياء: 108]. أي: فأسلموا له.
على كل حال: الخمر محرمة بالإجماع، الخمر يمكن أن تتخلل إما بمعالجة، وإما بنفسها، إن تخللت بنفسها فهي حلال على قول جمهور العلماء حتى عند القائلين بأن النجاسة بالاستحالة لا تطهر، يرون أن الخمر إذا تخللت بنفسها فإنه تكون طاهرة، إن خللت بعلاج من فعل الآدمي بعد أن تخمرت فهذا خلاف بين العلماء؛ منهم من قال: إن كانت الخمر تخللت فلا بأس؛ لأننا لو حرمنا التخليل على الخلال لضاع له بذلك مال كثير فيباح له تخليلها للضرورة، أي: ضرورة الإبقاء على ماله. أتعرفون من الخلال؟ الذي يبيع الخل يصنعه ويبيعه، وإن كان غير حلال وهذا بعد أن صارت خمرا فإنها لا تحل، كذلك أيضا قال بعض العلماء: إن خللها من يحل له شربها في دينه فهي حلال لغيره ولو كان الغير لا يرى حلها في دينه، مثل أن يخللها يهودي أو نصراني فيجوز للمسلمين أن يشوبوها بالخل؛ لأن الذي خللها ممن يرى حلها في دينه، أما إذا خللت قبل أن تتخمر بأن أضيف إليها شيء حامض أو خل خالص قبل أن تتخمر؛ فهذا حلال بالإجماع ولا إشكال فيه، والسؤال - سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر بعد أن تخللت - تتخذ خمرا؟ قال: لا، أما إذا وضع فيها ما يمنع تخمرها فهذا لا بأس به باتفاق العلماء مثل أن يضع عليها شيئا حامضا يمنع تخللها لكن ما هي علامة الخمر؟ علامتها أنها إذا وصلت إلى حد معين بدأت تطيش وترتفع ويكون لها زبد حتى ربما يكون نصف الإناء يكون إلى قرب ملئ الإناء هذا هو علامة الخمر.
الخلاصة أن نقول: الخمر إذا تخللت بنفسها فما الحكم؟ فهي طاهرة حلال، حكاه بعضهم إجماعا حتى عند القائلين بأن النجاسة لا تطهر بالاستحالة إذا خللت بفعل آدمي فهنا أقسام:
أولا: أن يكون المخلل لها خلالا بحيث لو لم يفعل يتضرر، فهذا يرى بعض العلماء أنه جائز.
ثانيا: أن يكون المخلل لها من يرى حلها في دينه كنصراني أو يهودي يخلل خمرا فهذا جائز، يعني: يجوز للمسلم أن يشربها مأذونا فيه بحسب الشريعة عند المخلل، فأنا أيها المسلم إاذ وصلت إلي وهي خل حلال فلا تحرم.
والثالث: إذا خللها من لا يحل له تخليلها وهو المسلم، قلنا: إن كان قبل أن تتخمر فلا بأس، وإن كان بعده فهي حرام على أني رأيت بعض العلماء - لكن لم يذكر اسمهم- يرى أنه إذا خللها مسلم فهي حلال طاهرة ويكون المحرم فعله، أما هي في ذاتها وحقيقتها الآن فهي طاهرة ليس فيها شيء، لكن هذا فيه نظر مع صحة الحديث، وسيأتي إن شاء الله.
أسئلة:
- ما هي الخمر؟
- قوله "على سبيل اللذة والطرب" احترازا من أي شيء؟
- على "سبيل اللذة والطرب" هل يشمل المذوب والمأكول والمشموم؟
- ما معنى قوله: "تتخذ خلا"؟
- قال الرسول: "لا" هل تدل على المنع أو على الأولى؟
- بماذا تخلل؟
- هل يدخل في الحديث ما إذا خلطت بما يمنعها من التخمر؟
- ما هي الحكمة من المنع؟ لأن الخمر تجب إراقته وإستبقاؤه ليتخلل بمعالجة.
- لو تخللت الخمر بنفسها؟ هي طاهر حلال لأنها لم تخلل بمعالجة.
- لو خللها وعالجها من يستبيح الخمر في ملته؟ فيه خلاف.
- لماذا أتى المؤلف بهذا الحديث في باب بيان النجاسة؟
- من فوائد هذا الحديث: تحريم الخمر؛ لأن المنع من اتخاذها خلا يدل على تحريمها من
باب أولى، وهذا أمر مجمع عليه بدلالة الكتاب والسنة وقد أجمع المسلمون على التحريم، وقال العلماء: من أنكر تحريمها وقد عاش فلا بلاد المسلمين فهو كافر مرتد يستتاب، فإن تاب وأقر بالتحريم فذاك وإلا وجب قتله مرتدا.
ومن فوائد هذا الحديث: سد الذرائع، وجهه: أن النبي صلى الله عليه وسلم منع من اتخاذ الخمر خلا لئلا يستبقيها، وربما سولت له نفسه أن يشربها.
ومن فوائد هذا الحديث: أن حرف الجواب يقوم مقام الجملة لقوله: "لا" وهذا مطرد حتى في العقود لو قيل لرجل يبيع عليه بيعه: أقبلت البيع؟ قال: نعم، انعقد البيع، ولو قال ولي الزوجة: زوجتك بنتي، فقيل للزوج: أقبلت؟ قال: نعم، انعقد النكاح، ولو قيل له: أطلقت امرأتك؟ قال: نعم، طلقت
…
وهلم جرا.
المهم: أن حرف الجواب يغني عن الجملة سواء بالنفي مثل: لا، أو بالإيجاب مثل: نعم، أو: بلى.
ومن فوائد هذا الحديث على ما يظهر من صنيع المؤلف رحمه الله: أن الخمر نجسة ولكن في هذا نظر؛ لأن القول الراجح أنها ليست بنجسة نجاسة حسية، ولم أجد حتى الآن ما يدل على ذلك، إلا أن جمهر العلماء قالوا: إنها نجسة نجاسة حسية، لكن ما دام ليس هناك دليل فإنه ليس من لازم التحريم أن تكون نجسة؛ لأن كل نجس محرم وليس كل محرم نجسا، ثم إننا ذكرنا في أثناء الشرح أن في السنة ما يدل على الطهارة ليس بناء على الأصل وهو براءة الذمة، بل هناك أدلة إيجابية تدل على عدم نجاسة الخمر ذكرنا منها أن الصحابة أراقوا الخمر في الأسواق، ومعلوم أن إراقة النجس في أسواق المسلمين محرم، بل قال النبي عليه الصلاة والسلام:"اتقوا اللاعنين؛ الذي يتخلى في طريق الناس أو ظلهم"، وأيضا لما حرمت لم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم الأواني منها، ولو تنجست بالتحريم لوجب غسل الأواني منها كما أوجب الرسول عليه الصلاة والسلام أمر بمسر الأواني في خيبر لما رآها تفور من لحم الحمر، قالوا: أو نغسلها، قال:"أو اغسلوها".
الدليل الثالث: قصة صاحب الراوية الذي أهداها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن حرمت الخمر، فقال:"أما علمت أنها حرمت؟ " ففتح أفواه الراوية، ثم أراق الخمر، ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بغسل الراوية من الخمر، وهذا دليل صريح جدا، وليس فيه احتمال؛ لأن الخمر حرمت وهي في