الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنها: آية من آيات الرسول عليه الصلاة والسلام، وذلك ببركة هذا الماء.
ومنها: أنه ينبغي إلى من صنع إليه معروفا أن يكافئ صاحبه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كافأ هذه المرأة بأن أعطاها طعاما.
ومنها: طهارة جلد الميتة إذا دبغ، وهذا هو الشاهد من هذا الحديث، وهو الذي ساقه المؤلف رحمه الله من أجله.
شك أنه من محاسن الدين الإسلامي، نحن نبغض المشركين وكل كافر، لكن إاذ صنعوا إلينا معروفا فعلينا أن نكافئهم، أخلاق الإسلام أعلى وأسمح من ألا يكافأ صاحب المعروف، وعلى هذا فمن صنع إلينا معروفا من دول الكفر مثلا فإننا نكافئه على معروفه، لكن بما لا يكون بيعا لديننا من أجله، بمعنى: أن نسلم من أن يضر ديننا شيء من أعمالهم، ولكننا لا نترك لهم المنة علينا بل نكافئهم.
هل نأخذ منها جواز مخاطبة المرأة؟ نعم، جواز مخاطبة المرأة الأجنبية، ولكن بشرط أمن الفتنة، وشرط آخر: الحاجة إلى مخاطبتها إلا من جرت العادة بمخاطبته من غير المحارم فلا بأس، فقد جرت العادة مثلا أن الرجل يخاطب زوجة أخيه ويسلم عليها إذا دخل وهي في البيت وهي أيضا تسلم عليه ولا يألو الناس بذلك بأسا.
و[هل] من فوائد هذا الحديث: جواز سفر المرأة وحدها؟ لا؛ لأنها مشركة إذن ليس فيه دليل، والمرأة المشركة لا تلزم بأحكام الإسلام إلا إذا أسلمت، على أن فيه احتمالا قويا جدا أن هذا قبل الأمر باتخاذ المحرم في السفر؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام إنما خطب ومنع السفر بلا محرم عند حجة الوداع، على كل حال: الجواب الأول مؤكد، والثاني فيه احتمال؛ لأننا لا نعلم التاريخ بالضبط، لكن الأول لا إشكال فيه وهي أن الكافر لا يلزم بأحكام الإسلام إلا بعد أن يسلم.
تضبيب الإناء بالفضة:
21 -
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه: "أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم انكسر، فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة". أخرجه البخاري.
"قدح" القدح: الإناء الذي يشرب به، وقوله:"انكسر" يحتمل أنه انكسر قطعتين، ويحتمل أنه انكسر؛ انشق، فاتخذ مكان الشعب، يعني: المكان المنكسر سلسلة من فضة. السلسلة:
ما تربط بها الأشياء، يعني: يربط بعضه إلى بعض من فضة، يعني: كالأسلاك من الفضة، وذلك من أجل أن يتلاءم القدح ويكون صالحا للاستعمال، ففي هذا الحديث مناسبة لباب الآنية، ولكن ليت المؤلف جعله بعد حديث أم سلمة ولم يفصل بينهما؛ لأن هذا يتعلق بالإناء الذي فيه شيء من الفضة.
فيستفاد من هذا الحديث فوائد: أولا حرص النبي صلى الله عليه وسلم على حفظ المالية ما دام يمكن حفظها؛ وجه ذلك: أنه لما انكسر قدحه لم يرم به، بل أصلحه واستعمله.
ومنها: أن هذا يعتبر ركنا من أركان الاقتصاد، وهو ألا يضع الإنسان شيئا من ماله يمكنه أن ينتفع به، ولهذا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال، والمال - كما تعلمون- جعله الله تعالى قياما للناس، تقوم به مصالح دينهم ودنياهم، فلابد من أن يحافظ الإنسان على ماله؛ لأنه مسئول عنه، ولأنه به قيام دينه ودنياه كما قال تعالى:{ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما} [النساء: 5].
ومنها: تواضع النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان يشرب في الأواني ولو كانت مربوطة.
ومنها: أنه تجوز السلسلة من الفضة يربط بها الأواني، ولا يعد ذلك من الشرب في آنية الفضة؛ لأن العبرة بأصل الإناء، وهل يلحق بذلك العروة أو لا؟ يعني مثلا لو أن هذا الإناء يحتاج إلى عروة من فضة هل يجوز أو لا؟
نقول: أما إذا احتيج إليها فنعم، وأما إذا لم نحتج إليها فلا، وذلك أنه لا يتم القياس على هذه المسألة إلا إذا دعت الحاجة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما اتخذ السلسلة لحاجته إليها، لم يتخذها زينة.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز مباشرة الفضة التي ربط بها الإناء عند الشرب وعند الأكل، وجه ذلك: أن أنسا لم يذكر أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يتوقى مباشرة هذه السلسلة، قلت ذلك؛ لأن بعض العلماء رحمهم الله يقولون: يكره أن يباشر هذه السلسلة من الفضة؛ لأنه إذا باشرها صار مباشرا للفضة.
فنقول: أولا: لا دليل عليها، بل ظاهر الدليل أنه لا بأس؛ لأنه لم ينقل عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه كان يتوقاها.
ثانيا: أن الشيء إذا أذن فيه كان مباحا، فما دام الشرع قد أذن فيه فإنه يكون مباحا، فمثلا إذا كان الإناء مربعا عند بعض الفقهاء يقول: لا تشرب من الربعة التي فيها شريط الفضة؛ لأنك تباشرها فيكره أن يباشر الفضة، والصواب خلاف ذلك لا بأس أن يباشرها.
وهل يقاس على شريط الفضة شريط الذهب، بمعنى: أنه لو كسر قدح الإنسان هل يجوز أن يربطه بشريط من الذهب؟
الجواب: لا يصح، لماذا؟ لأن الأصل مع استعمال الذهب والفضة في الأكل والشرب، وإذا كان هذا هو الأصل فإننا لا نخرج عن الأصل إلا بقدر ما جاءت به السنة، والسنة جاءت بالفضة دون الذهب هذا من وجه، ومن وجه آخر: أن الذهب أغلى من الفضة عند جميع الناس، فلا يمكن أن يلحق الأعلى بالأدنى، ولو كان ذلك واردا في الذهب لقسنا عليه الفضة، أما العكس فلا؛ لأن الذهب أغلى من الفضة فلا تقاس عليه.
ثم انتهى المؤلف من باب الآنية، وانتقل إلى باب إزالة النجاسة وبيانها، وهذا الترتيب ترتيب المؤلف، وكثير من العلماء رتب هذا الترتيب أي أنه لما ذكر الماء ومتى يتنجس ذكر بماذا يطهر، ونحن نقول: إن الماء إذا تنجس فإنه يطهر بعدة أشياء.
أولا: إذا زال تغيره، فإنه يطهر، وعرفتم فيما سبق أنه إذا تغير طعمه أو لونه أو ريحه صار نجسا، فإذا زال هذا التغير من طعمه ولونه وريحه صار طهورا سواء زال بفعل آدمي أو بطول مكثه أو بأس سبب من الأسباب متى زال تغير الماء النجس قليلا كان أو كثيرا صار طهورا، الدليل: أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم الماء إلى قسمين: طهور، ونجس؛ فما تغير بالنجاسة فهو نجس، وما لم يتغير بها فهو طهور، فنقول: الحكم يدور مع علته إذا وجد ما دام التغير باقيا فهو نجس، وإذا زال طهر. هذه واحدة.
ثانيا: يطهر بإضافة ماء إليه بان يضيف إليه شيئا من الماء حتى تزول نجاسته.
ثالثا: إذا قدرنا أن الماء كثير ونزح منه الجانب المتغير، وبقي الجانب الذي لم يتغير يطهر أو لا؟ نعم، يطهر هذه ثلاث وسائل لتطهير الماء، أما غير الماء فسيأتي - إن شاء الله- بل سبق تطهير الأرض بماذا؟ تطهر الأرض بصب ماء على وحل النجاسة، وإذا كانت النجاسة ذات جزم أزيل جزمه أولا، ثم صب الماء على أثره، أثر الجرم؛ يعني: لنفرض أن النجاسة التي وقعت على الأرض غائط ماذا نعمل؟ نزيل الغائط أولا ثم نصب الماء على أثره، دم جف ماذا نفعل؟ تزيل الدم أولا ثم نصب على أثره ما يزيل أثره.
مسألة مهمة:
يقول "باب إزالة النجاسة وبيانها"، وهنا نسأل هل يشترط في إزالة النجاسة النية؟ لا يشترط؛ لأنها ليست عبادة مأمورا بها بل هل قذر أمر بإزالته، فإذا زالت طهر المكان فلو قدر
أن إنسانا أصابت ثوبه نجاسة وهو معلق في السقف فنزل المطر وأزال النجاسة وهم لم يعلم هل يطهر؟ يطهر، وكذا لو سقط الثوب في بركة ماء وزالت النجاسة، فإن الثوب يطهر ولو بلا نية، وأما بيان النجاسة فسيأتي - إن شاء الله- بيانها، وهنا ينبغي أن نحصر أنواع النجاسة؛ وذلك لأن الأعيان الطاهرة أضعاف أضعاف أعيان النجاسة، وذلك بأن أصله قاعدة مهمة وهي أن الأصل في الأشياء الطهارة، فمن زعم أن شيئا من الأشياء نجس طالبناه بالدليل، وهذا أصل نافع، وهل يلزم من كون الشيء محرما أن يكون نجسا؟ لا يلزم، وهل يلزم من كون الشيء نجسا أن يكون محرما؟ نعم يلزم هذه أيضا قاعدة، قال:
22 -
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخمر تتخذ خلا؟ فقال: "لا". أخرجه مسلم والترمذي، وقال: حسن صحيح.
"سئل" يعني: الرسول عليه الصلاة والسلام، والسائل هنا مبهم لم يسلم، وهل نحن ملزمون بمعرفته؟ لا، المقصود معرفة الحكم الشرعي في هذه القضية - عن الخمر- الخمر: كل مسكر، كل مسكر فهو خمر من أي شيء كان، سواء كان من العنب، أو من التمر، أو البر، أو الشعير أو غيرها من الحبوب، كل مسكر فهو خمر، ولا يتحدد بشيء معين.
ولكن ما هو الإسكار؟ الإسكار: تغطية العقل على وجه اللذة والطرب والنشوة، ليس على وجه التعطيل؛ لأن العقل قد يغطى بتعطل أدواته، وقد يغطى بهذه النشوة والفرح العظيم والخيلاء واللذة التي عجز أن يملك عقله بسببها. هذا هو الإسكار؛ ولهذا لا نقول: إن البنج خمر؛ لماذا؟ لأنه صحيح يغطى العقل لكن لا على وجه اللذة والطرب، أما الخمر فإنه على وجه اللذة والطرب تجد الإنسان يصير مثل المجنون بل مجنون، ولا يخفى على كثير منكم ما يحصل للسكرى من اللغط والكلمات التي لو قالها في صحوة لكان كافرا، فهذا هو الخمر.
إذن الخمر له ضابط ما هو؟ كل ما أسكر فهو خمر، والإسكار: تغطية العقل على سبيل اللذة والطرب، "تتخذ خلا" الخل: هو الماء يمزج فيه شيء من التمر أو العنب أو ما أشبه ذلك مما يحيله ويجعله صالحا لأن يكون إداما، ومعنى "تتخذ خلا": أي تعالج حتى تنقلب بعد أن كانت خمرا فتصير خلا أيجوز هذا أم لا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا" لا يصح؛ وذلك لأن الخمر تجب إراقتها ولا يجوز اتخاذها، وإذا كان الرسول عليه الصلاة والسلام منع اتخاذها لتكون خلا أو تخليلها، فاتخاذها من أجل أن يشربها مرة أخرى من باب أولى ولا إشكال في ذلك.
أسئلة:
- ما هي الآنية؟
- ما مناسبة ذكرها هنا في الطهارة؟ لأن الماء سائل ويحتاج إلى ما يحفظه.
- هل لها مناسبة في الذكر في موضع آخر؟ في الأطعمة والأشربة.
- استدل بهذا الحديث - يعني حديث الشرب في آنية الذهب والفضة- من قال إن الكفار لا يخاطبون بفروع شرائع الإسلام؟ ما وجه الاستدلال؟ هو إخبار عن واقع.
- هل لذلك نظير؟ من ذلك قوله: "لتتبعن سنن من كان قبلكم
…
" الحديث.
- في حديث أم سلمة الذي يشرب من آنية الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه في نار جهنم هل لهذا الوعيد نظير في القرآن؟ قوله تعالى: {إن الذين يأكلون أموال اليتمى} الآية.
- ثبت عن أم سلمة رضي الله عنها أنها اتخذت جلجلا من فضة فهل نأخذ بروايتها أو نأخذ برأيها وعملها؟ نقول: هذا الرأي والعمل ليس مخالفا للرواية.
- هل يؤخذ من هذا أن رأي أم سلمة أن استعمال الفضة في غير الشرب جائز؟ نعم.
- هل لرأيها شاهد من فعل الصحابة رضي الله عنهم؟ فعل حذيفة.
- ما سبب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا دبغ الإهاب فقط طهر"؟ أنه رأى شاة ميتة يجرونها فقال: "لو أخذتم إهابها".
- هل يمكن أن تستدل بهذا العموم على أن كل إهاب دبغ وهو مما كان نجسا يكون طاهرا؟
- أبو ثعلبة الخشني رضي الله عنه سأل هل يأكل في آنية أهل الكتاب أو لا؟ سأل من؟ سأل النبي صلى الله عليه سلم، بماذا أجابه الرسول؟ أذن له بشرطين: ألا يجد غيرها، وأن يغسلها.
لو قال لك قائل: هذا الشرط ينافي قوله تعالى: {طعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم} [المائدة: 5]. لأن طعام أهل الكتاب لابد أن يكون في أوانيهم فأباحه الشرع بدون غسل فما الجواب؟
معناها أنه ليس بينهما تعارض، وأن هذا غير هذا؛ فحديث ثعلبة فيما إذا أخذناها منهم استعارة أو نحوها، أما إذا كانوا هم المستولين على الآنية فلا بأس بذلك.
فيه قول آخر ولكنه ضعيف فيما أرى، وهو أن هذا قبل حل طعام أهل الكتاب، لأنه لا يلزم من ذلك أن نعرف المتأخر، والصواب الأول.
- لماذا اشترط النبي صلى الله عليه وسلم هذين الشرطين؟ ليقلل الاختلاط بهم ويجعل عراقيل توجب الابتعاد عنهم.
- في حديث عمران ما هي المزادة؟ عبارة عن قربتين بينهما صفيحة.
-