الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يدل على هذا الجمع، ما هو التعليل؟ لقوله:"إنما هو بضعة منك"، فيكون إن مسه هو بشهوة فقد مسه لا على أنه بضعة منه فيجب عليه الوضوء، وإذا كان لغير شهوة لم يجب، لكن إذا قلنا: لا يجب ألا يمكن أن نقول: يستحب؟ الجواب: بلى، نقول: إنه يستحب.
فإذا قال قائل: كيف تقولون إنه يستحب، وأنتم لو أن أحدا سألكم عن شخص مس أذنه أيستحب أن يتوضأ؟ قلنا: لا؛ إذن لماذا؟
نقول: احتياطا لأن هذا - أعني: مس الذكر- ورد الأمر فيه بالوضوء بخلاف مس الأذن.
وعلى هذا فيكون خلاصة القول: إن مسه لشهوة وجب عليه الوضوء، وإن مسه لغير شهوة لم يجب عليه الوضوء، لكن يستحب احتياطا، وحينئذ نكون جمعنا بين الحديثين، ولا نحتاج إلى الترجيح؛ لأن ابن المديني رحمه الله يرى أن حديث "طلق" أرجح من حديث "بسرة"، والبخاري يقول:"إنه أصح شيء في هذا الباب". ولا يخفى أن البخاري رحمه الله اطلع على حديث "طلق"، ولكن يرى أن هذا أصح شيء في هذا الباب، ونقول: لا حاجة إلى الترجيح ما دام الجمع ممكنا.
بقي علينا "مس الأنثيين"، هل ينقض الوضوء؟ الجواب: لا، حتى وإن كان لشهوة فإنه لا ينتقض الوضوء، أيضا من مس ذكر غيره فهل ينتقض وضوؤه؟ نقول: ظاهر الحديث لا، وظاهره ولو لشهوة كما لو مست المرأة ذكر زوجها لشهوة لكن هنا ينبغي الوضوء.
مسألة: لو أن المرأة تطهر طفلها الصغير من النجاسات وغيره هل ينتقض وضوؤها؟ لا ينتقض؛ لأنها قطعا لم تمسه لشهوة، ثم هي مست ذكر ابنها فلا يدخل في هذا الحديث.
أيضا مسألة: لو أنه مس الدبر فهل ينتقض وضوؤه؟ لا ينتقض، لكن في بعض ألفاظ الحديث:"من مس فرجه"، وعلى هذا اللفظ نقول: إنه يستحب الوضوء من ذلك ولا يجب.
القيء والرعاف والقلس:
68 -
وعن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"من أصابه قيء أو رعاف، أو قلس أو مذي؛ فلينصرف فليتوضأ، ثم ليبن على صلاته، وهو في ذلك لا يتكلم". أخرجه ابن ماجه، وضعفه احمد وغيره.
أولا: نسأل لماذا أتى المؤلف بهذا الحديث مع أنه ضعيف مخالف للأصول؟ نقول: أتى به رحمه الله ليبين حاله - حال هذا الحديث- وأنه ضعيف؛ ولأن بعض العلماء أخذ به، فأتى به ليبين مرتبة هذا الحديث وحاله، وأن من أخذ به فهو قد بنى على حديث ضعيف.
قوله: "من أصابه قيء" القيء خروج الطعام أو الشراب من المعدة، "أو رعاف" خروج الدم من الأنف، "أو قلس" خروج الطعام أو الشراب من المعدة، ولكن ملء الفم فقط؛ يعني: ليس بكثير، "أو مذي" هو الماء الذي يخرج عند الشهوة، وسبق الكلام عليه، "فلينصرف" من أي شيء؟ من المسجد، لكن الحديث يدل على أن المصلي ينصرف من الصلاة، قال:"فلينصرف فليتوضأ ثم ليبن على صلاته"، فهذا الرجل الذي أصيب بهذه الأشياء وهو يصلي نقول: انصرف توضأ، وابن على صلاتك، ولكن لا تتكلم لأنك لو تكلمت بطلت الصلاة، لكن هذا الحديث - كما قال ابن حجر رحمه الله ضعفه أحمد، [في الحاشية] عندي ضعفه الشافعي، والداقطني؛ لأن رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم غلط والصواب إرساله. هذا الحديث ضعيف من حيث السند، وأيضا ضعيف من حيث المتن؛ لأنه مخالف لأصول الشريعة.
فإذا قلنا: إن هذه الأشياء الأربعة نواقض للوضوء، فكيف يصح بناء آخر الصلاة على أولها مع وجود ناقض، هذا لا يمكن، والرسول عليه الصلاة والسلام قال في حديث أبي هريرة إنه إذا سمع صوتا أو وجد ريحا ماذا يجب عليه؟ يجب أن ينصرف ويتوضأ، فيكون هذا الحديث مخالفا له.
ثانيا: من منكرات هذا الحديث أنه قال: "وهو في ذلك لا يتكلم". فيقال: سبحان الله!
الحدث لا يبطل الصلاة والكلام يبطل أيهما أهون؟ الكلام، ولهذا لو تكلم الإنسان جاهلا في صلاته أو ناسيا فصلاته صحيحة، لكن لو أحدث ناسيا بطلت صلاته.
على كل حال: هذا الحديث لا يصح، وإذا لم يصح لم يبن عليه حكم، فلنرجع إلى هذه الأشياء.
هل " "القيء" ينقض الوضوء؟ الصواب: لا، قل أو كثر، وذلك لعدم الدليل الصحيح على نقض الوضوء به، ولا فرق بين أن يتقيأ الشيء وهو بحاله، يعني: الآن أكل أو شرب ثم تقيأ والطعام لم يتغير والشراب لم يتغير، أو كان قد تغير بأن أخذ مدة ثم تقيأ فإنه لا ينقض وضوءه لا القليل ولا الكثير، ولا المتغير ولا غير المتغير.
"الرعاف" مثله نقول: لا ينقض الوضوء حتى لو كثر. فإن قال قائل: أليس جاء في الحديث: أن الرجل إذا أحدث في صلاته خرج من الصلاة ووضع يده على أنفه كأنه أرعف، ألا يدل هاذ على نقض الوضوء بالرعاف؟ فالجواب: لا، لكن من المعلوم أن الإنسان إذا أرعف وهو يصلي، فإنه لا يتمكن من إتمام الصلاة وحينئذ لابد ان يخرج؛ لأن لا يمكنه إتمام الصلاة