الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسئلة:
- هل يشرع التفات المؤذن الآن؟
- هل لحسن الصوت أن يكون أولى بالأذان؟
- لو كان مؤذنًا راتبًا ورأينا مؤذنا حسن الصوت، فهل نعزل الراتب من أجل حسن الصوت؟
لا يشرع الأذان ولا الإقامة لصلاة العيد:
177 -
وعن جابر بن سمرة قال: «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم العيدين، غير مرةٍ ولا مرتين، بغير أذانٍ ولا إقامةٍ» . رواه مسلم.
178 -
ونحوه في المتفق عليه، عن ابن عباس رضي الله عنهم وغيره.
قوله: «صليت مع النبي» المعية هنا تقتضي الاجتماع في المكان، وقوله:«العيدين» يعني بهما: عيد الفطر، وعيد الأضحى، وقوله:«غير مرة ولا مرتين» يعني: أكثر من ذلك فيكون أقله ثلاثة، يقول:«بغير أذان ولا إقامة» بغير أذان لدخول وقت صلاة العيدين، وهو ارتفاع الشمس قيد رمح، «ولا إقامة» عند فعل الصلاة، بل كان عليه الصلاة والسلام إذا دخل إلى المسجد دخل في الصلاة فورًا.
ومن فوائد هذا الحديث: مشروعية صلاة الجماعة في العيدين لقوله: «صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم» ، وهل الجماعة شرط لصحة صلاة العيد أو لا؟
في هذا خلاف بين أآهل العلم، فمنهم من قال: إنها شرط لصحة صلاة العيد، بمعنى: أن الإنسان لو فاتته صلاة العيد لم يشرع له فضاؤها، وهذا هو القول الراجح؛ أن صلاة العيد شرعت على هذا الوجه، فإذا فاتت الإنسان فلا يصليها؛ لأنها شرعت على وجه معين، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بقضائها؛ ولا أن أحدًا من الصحابة قضاها، فلتبقى على هذا الوجه.
فإن قال قائل: أليست صلاة الجمعة شرعت على وجه يخالف بقية الصلوات، ومع ذلك إذا فاتته صلى بدلها الظهر؟
قلنا: بلى، لكن لأن الظهر فيه فرض الوقت، فإذا تعذر صلاة الجمعة صار بدلها فرض الوقت فيصلي الظهر.
فإن قال قائل: الأقيس؟
قلنا: لا قياس في العبادات. وثانيًا: ماذا نقيس! صلاة العيد ليس لها بدل.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لا يشرع الأذان ولا الإقامة لصلاة العيدين؛ لأن النبي صلى الله عليه سلم لم يفعل ذلك، ولو كان هذا من شرع الله لفعله أو أمر به.
ومنها: الاستدلال بترك النبي صلى الله عليه وسلم للشيء مع وجود سببه، وأنه إذا ترك الشيء مع وجود سببه، كان ذلك دليلًا على غير مشروعيته، وهذه فائدة مهمة:«كل شيء وجد سببه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يشرع فيه النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا فإحداث شيء له يعتبر بدعة» . وهذه قاعدة تنفعك ولها فروع كثيرة:
منها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل بيته فأول ما يبدأ به السواك.
لو قال قائل: فإذا دخلنا المسجد هل تشرع البداءة بالسواك؛ لأن بيت الله أعز من بيت الإنسان؟
فالجواب: لا يشرع للإنسان إذا دخل المسجد أن يتسوك، فإذا قال: أقيس ذلك على دخول البيت؟ قلنا: لا قياس في العبادات، والسبب مختلف، هذا دخول مسجد، وهذا دخول بيت، ثم نقول: لو كان هذا مشروعًا - أي: السواك - عند دخول المسجد لفعله النبي صلى الله عليه وسلم لأن السبب موجود، فهذا الحديث - حديث جابر - يستدل به على هذه القاعدة العظيمة:«كل ما وجد سببه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم يفعله، ففعله بدعة» .
هل يمكن أن نقول: كذلك الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم؟ نعم نقول هذا، نقول: الاحتفال بدعة بلا شك؛ لماذا؟ لأن سببه موجود في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام ولم يفعله، فهل الرسول لا يعلم أنه سنة، أو يعلم ولم يبينه؟ كلا الأمرين محال، محال أن يدخر الله علم هذا لمن يأتي بعد أربعمائة سنة ويحجبه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين، ومن المحال أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم علمه ولم يبينه لأمته.
ومن فوائد هذا الحديث: الرد على من قال من الفقهاء رحمهم الله: إنه ينادى للعيدين بقول: الصلاة جامعة، وجه ذلك: أن جابرًا نفى الأذان والإقامة ولم يذكر الصلاة جامعة.
فإن قال قائل: ألا يصح قياسهما على صلاة الكسوف، فقد نادى لها رسول الله عليه الصلاة والسلام؟
قلنا: لا يصح، لا قياس في العبادات مع اختلاف السبب، وما سبب صلاة الكسوف؟
الكسوف، وما سبب صلاة العيدين؟ العيد، فلا يمكن أن نقيس هذا على هذا؛ لأن هذه العبارة يا إخوان:«لا قياس في العبادات» أحيانًا يجدها الإنسان مضطربة، لكن إذا ضبطها لم تكن مضطربة، الفقهاء قالوا: يجب على من اغتسل للجنابة أن يسمي قياسًا على الوضوء، ويجب على من تيمم عن حدث أصغر وأكبر أن يسمي قياس الفرع على الأصل، هذا وإن قلنا به فإنه لا ينافي قولنا: لا قياس في العبادات؛ لأن السبب واحد وهو الحدث في الوضوء وفي الجنابة وكذلك في التيمم عن الوضوء وعن الجنابة.
فإن قال قائل: لو وقع العيدان والناس لم يستعدوا لهما وهذا يقع كثيرًا في عيد الفطر بمعنى: أنه لا يثبت دخول شهر شوال إلا في الصباح كيف نعلم الناس؟
أقرب شيء أن يطاف في الأسواق ويقول: أيها الناس، قد ثبت دخول الشهر فاخرجوا إلى المصلى، وإذا كان في وقت لا يمكن أداء الصلاة فليقل: أيها الناس، قد ثبت دخول الشهر فاخرجوا غدا إلى المصلى؛ لأن صلاة العيد لا تقضى إلا في نظير وقتها، وهذا حدث عندنا قبل سنوات لم نعلم إلا قبيل الزوال، كل الناس أفطروا لأنه ثبت أن اليوم عيد، لكن يريدون أن يخرجوا من اليوم الثاني ويصلوا في المصلى.
قال: «ونحوه في المتفق عليه عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره» ، «نحوه» يعني: مثله. «في المتفق عليه» يعني: في الصحيحين.
179 -
وعن أبي قتادة رضي الله عنه في الحديث الطويل في نومهم عن الصلاة: «ثم أذن بلال، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم كما كان يصنع كل يوم» . رواه مسلم.
يعني: حتى في الأذان والإقامة، والقصة أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان في سفر، وكان صلى الله عليه وسلم يحب السير في الليل وبحث على ذلك، ويقول:«استعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة، والقصد القصد تبلغوا» . فناموا في آخر الليل، وتعرفون أن الإنسان إذا كان مرهقًا ونام في آخر الليل - ولا سيما إذا كان الجو ملائما - فإنه سوف يستغرق في النوم كثيرًا، فقال:«من يرقب لنا الفجر؟ » فقال بلال: أنا، يعني: من يراقب؟ فنام النبي عليه الصلاة والسلام، ونام الصحابة، ونام بلال ولم يستيقظ، ما أوقظهم إلا حر الشمس بعد أن طلعت الشمس وارتفعت، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يرتحلوا من مكانهم هذا، وقال:«إنه مكان حضرنا فيه الشيطان» ، ثم نزل وصلى كما كان يصلي كل يوم، أذن بلال، وصلوا الراتبة وصلوا الفريضة، ومقتضى قوله:«كل يوم» أنه جهر بها. هذا مختصر القصة.
نقول: في هذا الحديث فوائد:
منها: أن النبي صلى الله عليه وسلم بشر يأخذه النوم كما يأخذ غيره من البشر، وهذا واضح.
فإن قال قائل: أليس النبي صلى الله عليه وسلم كانت تنام عيناه ولا ينام قلبه؟
فالجواب: بلى، فهل يعارض هذا الحديث؟ الجواب: لا، لا يعارضه؛ لأن عيناه نائمة، والفجر يدرك بماذا: بالقلب أو بالعين؟ بالعين، فلا ينافي الحديث.
ومنها: حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لم يوبخ بلالًا الذي التزم أن يرقب الفجر لهم، بل سأله، فقال: يا رسول الله، أخذني الذي أخذكم - يعني: النوم - فسكت النبي صلى الله عليه وسلم.
ومنها: أنه ينبغي إذا نام جماعة في مكان أن يرتحلوا عنه؛ لأن الشيطان حضرهم، انتبهوا لهذه الفائدة: هل نسلم لهذه الفائدة أو لا نسلم؟
فقد يقال: نسلم لهذه الفائدة، وأنهم إذا كانوا جماعة في سفر أو في بيت وحدهم، ثم ناموا حتى طلع الفجر فإنهم يصلون في مكان آخر، إذا كانوا في غرفة في البيت يصلون في غرفة أخرى.
وقد يقال: إنه ليس بمشروع، بل يصلون في مكانهم؛ لأن هذا من أمور الغيب، ولا ندري أيحضر الشيطان في غير هذه الواقعة أو لا يحضر.
أو نقول: إن هذه قضية خاصة بالرسول عليه الصلاة والسلام اطلع بأن الشيطان حضرهم فأمر أن يرتحلوا عنه؟ فيه احتمال، وقد يؤيد الأول أنه حضرهم الشيطان، أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر عن رجل نام حتى أصبح ولم يصل الفجر فقال:«ذاك رجل بال الشيطان في أذنه» . يعني: فأقعده عن صلاة الفجر، فالله أعلم، يعني: أنا متردد في أن تكون هذه قضية عن علمها الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد لا تحصل لغيره، وقد يقال في العموم، ولكن إذا قلنا بهذا أو هذا، فإذا كان لا يشق عليهم أن يرتحلوا، فالأولى أن يرتحلوا ولو لم يكن في ذلك إلا التذكير بهذه الواقعة التي وقعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان هذا خيرًا.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه إذا فاتت الصلاة بنوم فإنه لا يسقط الأذان لها، هذا إذا كانوا جماعة ولم يؤذن، أما إذا كانوا في البلد فأذان البلد كافٍ.
ومن الفوائد ما سبقت الإشارة إليه: أن الأذان إنما هو للإعلام بفعل الصلاة بالوقت؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالأذان هنا.
ومن الفوائد: فعل الرواتب إذا فاتت مع الفرائض؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الراتبة ثم صلى
الفريضة، وهذا فيما إذا لم يستيقظ إلا بعد طلوع الشمس، لكن أرأيتم إذا استيقظ قبيل طلوع الشمس وتوضأ، ثم لم يبق على طلوعها إلا مقدار ركعتين، فهل يصلي الراتبة أو الفريضة؟ يصلي الراتبة أولًا، ثم يصلي الفريضة ولو خرج الوقت، لماذا؟ لأن وقت صلاة الفريضة في حق النائم: إذا استيقظ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، لا كفارة لها إلا ذلك» .
لكن إذا قال قائل: إذا ضاق الوقت فلدينا فريضة ونافلة؟
نقول: الوقت لم يضق في حق النائم؛ ولهذا نأمره أن يتوضأ بالماء، وأن يغتسل بالماء ولو خرج الوقت، لا نقول: تيمم لئلا يخرج الوقت.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه إذا قضيت صلاة الليل في النهار فإنها تصلى جهرًا لقوله: «كما كان يصنع كل يوم» ، والعكس لو نام عن صلاة النهار ولم يستيقظ إلا في الليل فهل يجهر أو يسر؟ يسر، والدليل على هذا من السنة: القول والفعل، يعني: فيها سنة قولية وفعلية، أما القولية: فقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها» . هذا الضمير يعود على فعل الصلاة وكيفيتها «فليصلها إذا ذكرها» .
وهذا الحديث نستفيد منه فائدة: وهو ما إذا نسي صلاة حضر وصلاها في السفر كم يصليها؟ أربعًا، وإذا نسي صلاة سفر وصلاها في الحضر لقوله:«فليصلها» .
ومن فوائد الحديث: مشروعية الجماعة في المقضية؛ يعني: إذا فات الوقت وقام الإنسان من النوم أو تذكر إن كان ناسيًا وهم جماعة فإنهم يصلون جميعًا، وهل يصلون جميعًا وجوبًا أو استحبابًا؟ الفقهاء: استحبابًا، والظاهر لي: أنه وجوبًا؛ لأنه لا دليل على سقوط الجماعة في هذه الحال، ومنها مشروعية الأذان والإقامة في المقضية.
180 -
وله عن جابر رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذانٍ واحدٍ وإقامتين» .
181 -
وله عن ابن عمر رضي الله عنهما: «جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء بإقامةٍ واحدةٍ» . وزاد أبو داود: «لكل صلاةٍ» . وفي رواية له: «ولم يناد في واحدة منهما» .
حكم أذان الأعمى:
182 -
وعن ابن عمر، وعائشة رضي الله عنهما قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن بلالًا يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم» . وكان رجلًا أعمى لا ينادي حتى يقال له: أصبحت، أصبحت. متفق عليه. وفي آخره إدراج.
من فوائد هذا الحديث: جواز أذان الأعمى، وجهه: أن عبدالله بن أم مكتوم أعمى ومع ذلك جعله الرسول صلى الله عليه وسلم مؤذنًا، لكن بشرط أن يكون عنده معرفة للوقت إما بنفسه وإما بغيره، ابن أم مكتوم عنده معرفة للوقت بنفسه أو بغيره؟ بغيره، وأما أن نرسل مؤذنًا أعمى لا يعرف الوقت بنفسه ولا عنده من يخبره به فلا يجوز؛ لأنه من شرط المؤذن أن يكون عالمًا بالوقت.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز اعتماد المؤذن على خبر غير لقوله: «وكان رجلًا أعمى لا يؤذن حتى يقال: أصبحت أصبحت» ، لكن بشرط أن يكون هذا الغير موثوقًا بأن يعرف الأوقات، وليس كذوبًا، بل هو موثوق به من حيث الصدق ومن حيث الخبرة.
ومن فوائد هذا الحديث: جواز الأكل والشرب للصائم حتى يتبين الفجر ويتضح، نأخذه من قول الرسول صلى الله عليه وسلم:«فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر» ، وهذا هو مدلول القرآن الكريم؛ لقوله تعالى:{فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} [البقرة: 187].
وهذا يدل على أنه لا يجوز العمل بالحساب، لأن الله قال:{حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} ، وإذا كان لا يجوز أن نعمل بالحساب في دخول وقت الشهر، فكذلك لا يجوز أن نعمل بالحساب في دخول وقت النهار؛ لأن دخول الشهر به يكون الصوم والإفطار، دخول النهار أو دخول الليل يكون به الإمساك والإفطار، أما المغرب فأمره ظاهر؛ لأنه مقيد بغروب الشمس، وهو علامة ظاهرة معروفة، أما الفجر فهو خفي؛ ولهذا إذا اختلف عليك حسابان من خبيرين أحدهما يقول: يطلع الفجر الساعة التاسعة، والثاني يقول: الساعة التاسعة والنصف، فبماذا تأخذ؟ تأخذ بالثاني.
أسئلة:
- إذا جمع بين صلاتين، كيف يكون الأذان والإقامة؟
- إذا اتخذ مؤذنان في مسجد واحد؟
- هل يجب قبول خبر الواحد في الإعلام بالوقت؟
183 -
وعن ابن عمر رضي الله عنهما: «إن بلالًا أذن قبل الفجر، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع، فينادي: ألا إن العبد نام» . رواه أبو داود وضعفه.
الحديث - كما قال أبو داود - ضعيف، لكن على تقدير صحته معناه: أن بلالًا رضي الله عنه أذن قبل الفجر، ومعلوم أنه إذا أذن قبل الفجر فسوف يغتر الناس بأذانه، فإن كانوا صومًا امتنعوا عن الأكل والشرب، وإذا كانوا غير صوم صلوا الصلاة لغير وقتها، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع ويعلم الناس أنه أخطأ، وهذا مفهوم من قوله:«ألا إن العبد» - يعني: نفسه بلالًا - يعني: أنه غلبه النوم، وقام ولم يتحر الوقت، وليس على ظاهره أن العبد نام، يعني: لو كان على ظاهره لكان يؤخر الأذان؛ لأن النائم لا يستيقظ، لكن معنى أنه نام فقام دون أن يتحرى الأذان فأذن، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع؛ ففي هذا الحديث - على تقدير صحته - أن المؤذن إذا أذن قبل الوقت فإنه يلزمه أن يخبر الناس بأنه أذن قبل الوقت، ولكن هل يقول هذا اللفظ الذي أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم بلالًا؟ لا، لأنه قد يكون المؤذن حرًا ليس عبدًا والمقصود أن يعلم الناس.
فإن قال قائل: أفلا يمكن أن ينتظر حتى يطلع الفجر ثم يؤذن ثانية؟
الجواب: لا؛ لأنه إذا أذن قبل الوقت فسوف يقوم بعض الناس ويصلي، فلابد أن ينبه على خطئه مبكرًا حتى يعرف الناس أنه أذن قبل الوقت.
ففي هذا الحديث فوائد منها: أن الرجوع إلى الحق واجب، إذا أخطأ الإنسان في أي شيء وتبين له الحق وجب عليه الرجوع إليه.
ومن فوائده أيضًا: أنه يجوز للإنسان أن يعبر عن نفسه بالوصف الذي يدل على الغباوة لقوله: «ألا إن للعبد نام» ، وغالبًا أن يكون العبيد فيهم غباوة وعدم معرفة تقدير الأمور.
ومن فوائد هذا الحديث: أن الإنسان إذا أذن قبل الوقت وجب عليه إعلام الناس أنه أذن قبل الوقت؛ لئلا يغتروا بالإمساك عن الأكل والشرب إن كانوا صائمين، أو بتقديم الصلاة إن كانا يريدون الصلاة، هذا إذا صح الحديث، أما إذا لم يصح الحديث فإننا نرجع إلى القواعد العامة، وهو أن الإنسان إذا أخطأ وجب عليه أن يصحح الخطأ بأي وسيلة سواء بهذا اللفظ أو بغيره حتى لا يغتر الناس بذلك؛ لأننا لو قلنا: اصبر وإذا دخل الوقت فأذن ثم فعل، صار الناس سوف يصلون مرتين، وربما يتهاونون ولا يصلون ويقولون: الإثم عليه هو الذي أذن وغرنا.