الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسئلة:
- ما شروط إنشاد الشعر في المسجد؟
- هل في هذا دليل من السنة على جواز إنشاد الشعر في المسجد؟
- ألا يقول قائل: إن حسان منهم لأنه أراد أن يدفع عن نفسه؟ هذا غير وارد، ودليله أن عمر اقتنع به.
- سمع رجلًا يقول: من حفظ لي الجمل الأورق، وهو في المسجد ماذا يقول له؟
حكم البيع والشراء في المسجد:
246 -
وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد، فقولوا له: لا أربح الله تجارتك» . رواه النسائي، والترمذي وحسنه.
«إذا رأيتم» كلمة «رأيتم» محتمل أن يكون المراد بالرؤية: العلم، ويحتمل أن يراد بالرؤية: رؤية البصر، والاحتمالان لا يتناقضان؛ لأن من رأى القائل ببصره فقد علمه، ومن كان أعمى ولكن سمع فقد علم، وعلى هذا فإذا أردنا أن نجعلها أعم قلنا: المراد بالرؤية هنا: رؤية العلم. «إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع» الفرق أن البائع هو الذي طلبت منه السلعة، والمبتاع هو الذي طلب السلعة، وهذا التعريف أعم من أن يقول: البائع من باع المتاع، والمتاع من بذل التقود؛ لأنه أحيانًا يكون المبيع هو المطلوب؛ فلهذا نقول: الفرق بينهما أن البائع سلعته مطلوبة، والمشتري طالب سلعة.
إذا باع ثوبًا بعمامة أيهما المبيع؟ الثوب، إذا باع ثوبًا بدينار؟ فالمبيع الثوب، إذا باع دينارًا بثوب؟ نقول: أيهما أقوى الآن هل مطلوب الدينار أو الثوب؟ الدينار هو المبيع، والمعروف عند الفقهاء أن ما دخلت عليه الباء هو الثمن؛ لأن الباء للمعاوضة والبدلية، فما دخلت عليه الباء هو الثمن والثمن يكون باذله من؟ المشتري سواء كان الذي دخلت عليه الباء هو النقود أو المتاع، وعليه فإذا قلت: بعت عليك ثوبًا بدينار، فالثمن الدينار، وإذا قلت: بعت عليك دينارًا بثوب، فالثمن الثوب.
قوله: «من يبيع أو يبتاع في المسجد، فقولون: لا أربح الله تجارتك» قولوا له: الأمر موجه للجميع، فهل مطلوب من كل فرد، أو المقصود الجمع دون المجموع؟ الثاني هو المراد، والمعنى الأول محتمل، فعلى الثاني إذا قالها واحد من الناس كفى، وعلى الأول لابد أن يقول ذلك كل من سمعه، وأيهما أبلغ في الزجر؟ أنه من الجميع؛ فقولوا: لا أربح الله تجارتك؛ أي: لا
جعل فيها ربحًا، والتجارة هي: الأموال التي يطلب فيها الربح من أي نوع كانت، من ثياب، أو أوان، أو أخشاب، أو حديد، أو سيارات، أو مكائن، أو غير ذلك، كل ما يطلب فيه الربح فهو تجارة؛ ولهذا ندعو عليه بما يناقض قصده؛ لأنه إنما باع واشترى في المسجد بقصد الربح فتدعو عليه بما يناقض قصده «لا أربح الله تجارتك» ، ويقال في تعليل هذا ما قلنا في تعليل إنشاد الضالة، أي: أن المساجد لم تبن لهذا، أي: للبيع والشراء، وإنما بنيت لذكر الله تعالى وقراءة القرآن، والصلاة وما أشبه ذلك.
في هذا الحديث: جواز البيع والشراء، وجهه: أنه لما منع في المسجد علم أنه في غير المسجد جائز.
ومن فوائده: تحريم البيع والشراء في المسجد سواء وقع الإيجاب والقبول في المسجد، أو وقع أحدهما خارج المسجد والثاني في المسجد لقوله:«من يبيع أو يبتاع» ، قد يقع الإيجاب خارج المسجد والقبول داخل المسجد، كما لو وقع ذلك من رجلين عند دخول المسجد، فقال أحدهما للآخر: بعت عليك كذا، فقال الثاني: قبلت، فهو داخل في الحديث؛ لأنه قال:«من يبيع أو يبتاع» . المثال فيما تأخر الإيجاب لو أن القبول هو الذي تأخر، ولكن القبول صار خارج المسجد والإيجاب كان داخل المسجد يصح أو لا يصح؟ كرجلين اتجها إلى باب المسجد وقبل الخروج قال أحدهما للآخر: بعت عليك كتابي هذا، وبعد الخروج قال الثاني: قبلت، فكلاهما محرم.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه إذا وقع البيع والشراء في المسجد فهو باطل، وجهه: أن كل شيء نهي عنه من عبادة أو معاملة إذا فعل على الوجه المنهي عنه كان باطلًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل» . هذا دليل التعليل، ولو أننا صححنا ذلك لكان لازمه أن ينفذ العقد، وفي هذا مضادة ومحادة لله تبارك وتعالى إذ إن النهي عنه ماذا يقتضي؟ يقتضي عدمه، وعدم تعاطيه، فإذا صححناه صار ذلك معاكسًا لما جاء به الشرع.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه يجوز في المسجد ما سوى البيع كالهبة، والإبراء من الدين، وعقد النكاح، واستيفاء الدين والقرض، وما أشبه ذلك لعدم دخولها في البيع والشراء، وعلى هذا فلو أن شخصًا استوفى دينه من غريمه في المسجد فهو جائز، ولو أبرأه - أي: الدائن أبرأ غريمه من الدين في المسجد - فهو جائز.
عقد الضمان والكفالة جائز أو لا؟ جائز ليس بيعًا ولا شراء، وأبو قتادة ضمن الدين - دين الميت - والظاهر أنه كان في المسجد.
عقد النكاح يجوز أو لا؟ يجوز؛ لأن جميع ما سبق ليس بيعًا ولا شراء.
عقد الإجارة جائز أو لا؟ الإجارة بيع لكنها بيع المنافع، وعلى هذا فلو اتفق صاحب الدار والمستأجر وعقدا ذلك في المسجد فالإجارة باطلة، ولكن ماذا نفعل لو تعاقدا في المسجد ثم إن المستأجر استوفى المنفعة؟ نقول: العقد غير صحيح، ويفرض لصاحب الدار أجرة المثل لا الأجرة التي عقد عليها، فإذا قدر أنه أجره بعشرة آلاف وكانت أجرة المثل فيها خمسة آلاف فكم للمؤجر؟ خمسة آلاف فقط، ولو كان العكس فاستأجرها بخمسة آلاف وكانت أجرة مثلها عشرة فكم على المستأجر؟ عشرة آلاف؛ لأنه لما تعذر إلزامها بما جرى به العقد، رجعنا إلى قيمة المثل في العرف.
الخياطة في المسجد: لو أن شخصًا حائكًا أو خياطًا بيده صار في المسجد وجعل يخيط فيه ما الحكم؟ الجواب: إن كانت الخياطة لنفس الخائط كرجل يرقع ثوبه فلا بأس، ولو كانت الخياطة بأجرة فهذا لا يجوز؛ لأنه صار تجارة، والتجارة في المساجد لا تجوز، أما إذا صنع الإنسان ذلك لنفسه أو تبرع به لشخص آخر فلا بأس.
والخلاصة: أن ما كان عقد معاوضة فهو كالبيع، وما كان تبرعًا أو ليس فيه معاوضة أصلًا - يعني: ليس صالحًا للمعاوضة - فهو جائز.
الطلاق على عوض: لو أن الرجل اتفق مع زوجته أن يخالعها في المسجد يصح الخلع أو لا؟ يصح؛ لأن هذا العوض في أحد الطرفين ليس ماليًا إنما هو الفراق والفسخ، فهو غير داخل في البيع، لو أن رجلًا باع أو اشترى في المسجد لا للتجارة لكن مر به إنسان وفي يده رغيف وهو في المسجد وهو جائع فاشترى منه الرغيف أيجوز أو لا يجوز؟ إن نظرنا إلى قوله:«لا أربح الله تجارتك» قلنا: هذا خاص بما كان للتجارة دون ما كان لغيرها والفرق ظاهر؛ لأنه لو أجيزت التجارة في المسجد للبيع والشراء لبقيت المساجد أمكنة للتجارة، لكن الشيء النادر الذي يفعله الإنسان للحاجة أو ما أشبه ذلك، الظاهر أنه لا يدخل في هذا إلا أننا قد ننهى عنه احتياطًا ولئلا يغتر الناس بفعل الفاعل، لأن الناس ما لذي أدراهم أن هذا للتجارة أو غير التجارة.
هنا مسألة يحتاج الناس إليها: إذا وقف عليك فقير وأنت في المسجد وأردت أن تتصدق عليه بخمسة ريالات وليس معك إلا فئة عشرة فهل يجوز أن تقول للفقير: هذه فئة عشرة