الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الجواب: لا، ليس كذلك إذا وسع الله علينا فإن الله "يحب أن يرى أثر نعمته على عبده".
فإن قال قائل: هل هذا المني الذي تفركه عائشة من ثوب الرسول عليه الصلاة والسلام هو عن احتلام أو عن جماع؟
الجواب: أنه عن جماع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يحتلم، فإن من خصائصه عليه الصلاة والسلام أنه لا يحتلم كما ذكر ذلك أهل العلم.
ومن فوائد اللفظ الثاني لمسلم: جواز تأكيد الشيء بأي مؤكد وذلك من قولها: "كنت أحكه يابسا بظفري"، التوكيد هنا هل هو في قولها:"بظفري"، أو في قولها:"يابسا" أو فيهما؟ الجواب: فيهما، لأنه لا يمكن الحك إلا إذا كان يابسا، والحك أيضا لا يكون إلا بالظفر.
حكم بول الجارية والغلام والفرق بينهما:
26 -
وعن أبي السمح رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يغسل من بول الجارية، ويرش من بول الغلام". أخرجه أبو داود، والنسائي، وصححه الحاكم.
27 -
وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في دم الحيض يصيب الثوب: "تحته، ثم تقرصه بالماء، ثم تنضحه، ثم تصلي فيه". متفق عليه.
28 -
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قالت خولة: يا رسول الله، فإن لم يذهب الدم؟ قال: يكفيك الماء، ولا يضرك أثره". أخرجه الترمذي، وسنده ضعيف.
قال المؤلف رحمه الله فيما نقله عن أبي السمح رضي الله عنه: أبو السمح هذا أحد خدم الرسول صلى الله عليه وسلم روى عنه هذا الحديث "يغسل من بول الجارية" أي: الأنثى الصغيرة، "ويرش من بول الغلام" أي: الذكر الصغير.
"يغسل"، يعني: البول، "ويرش" يعني: البول، يعني: إذا أصاب الإنسان بول جارية فإنه يغسل كما تغسل سائر الأبوال إذا أصابه بول غلام فإنه يرش، والمراد بالرش هنا: النضح بحيث يصب عليه الماء، وإن لم يتقاطر ويكفي أدنى شيء.
سبب هذا الحديث: أن أبا السمح رضي الله عنه كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه بالحسن أو الحسين فبال على صدره، فأراد أن يغسله أبو السمح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا، فيكون هذا الحديث له سبب، والعبرة كما قال العلماء بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وعلى هذا فيكون عاما.
فإن قال قائل: ما هو الضابط فيما يغسل وما يرش من بول الغلام؟
قلنا: الضابط ما ثبت في الصحيحين "أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بصبي لم يأكل الطعام فبال في حجره فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بماء فنضحه". فيكون الضابط في هذا ألا يأكل الطعام وليس المراد ألا يطعم شيئا؛ لأن هذا لو قلنا به لكان الصبي في أيامه الأولى يمكن أن يمضغ شيئا، لكن المراد ألا يكون الطعام بدلا من اللبن أو الأكثر، يتغذى بالطعام أكثر مما يتغذى باللبن، أما إذا كان الطعام هو غذاؤه فالأمر واسع.
وأما إذا كان هو الأكثر بناء على ما ذكره العلماء رحمهم الله من تغليب الأكثر على الأقل في كثير من المسائل يغلب فيها الأكثر على الأقل، فمثلا الحيض إذا زاد على خمسة عشر يوما، صار الدم استحاضة وليس حيضا؛ تغليبا للأكثر، الجلالة التي تأكل العذرة قال العلماء: إنها تكون جلالة إذا كان أكثر علفها النجاسة فاعتبروا الأكثر، كذلك هذا الصبي إذا كان أكثر غذائه الطعام حكمنا بأنه يأكل الطعام، وإن شرب لبنا مرة أو مرتين في اليوم فلا ينضح.
ففي هذا الحديث دليل على التفريق بين الأنثى والذكر، والفروق بين الأنثى والذكر قدرا وشرعا كثيرة ويمكن - إن شاء الله- أن نكلفكم بإحصائها؛ لأن الحاجة داعية إلى ذلك، الفرق بين الذكر والأنثى من وجوه كثيرة قدرية وشرعية فهنا فيه الفرق بين بول الذكر وبول الأنثى الصغار، الأنثى يغسل كما تغسل سائر الأبوال، والذكر ينضح، والرش هنا بمعنى النضح حتى يعم سواء تقاطر أم لم يتقاطر، ولا يحتاج إلى عصر أو إلى فرك.
فإن قال قائل: ما الفرق بينهما؟
قلنا: الفرق بينهما حكم الله ورسوله، فمتى حكم الله ورسوله بين شيئين متقاربين فالعلة هي حكم الله ورسوله، وهذه العلة مقنعة لكل مؤمن ولا يحتاج بعدها إلى نقاش؛ لأننا نؤمن بأن حكم الله مبني على الحكمة، وإذا كنا مؤمنين بأن حكم الله مبني على الحكمة علمنا أنه لابد أن
يكون هناك حكمة أوجبت التفريق في الحكم، وحينئذ نقتنع ولا يخفى على كثير منكم "أن امرأة سألت عائشة رضي الله عنها ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ فقالت: كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة"، وجعلت ذلك هو الحكمة وهو كذلك، لكن بعض العلماء رحمهم الله التمس لذلك علة وبعض العلماء قال: لا نعلم، فهو أمر تعبدي جاءت به السنة، فعلينا ألا نسأل بل نطبق.
ومن الفروق التي ذكرها من فرق أو من ذكر حكمة التفريق نقول: إن الغذاء الذي هو اللبن لطيف خفيف ليس له ثقل كالطعام؛ يعني: ليس له جرم يظهر بل هـ خفيف تشربه المعدة والعروق ويخرج منه الشيء خفيفا، وبناء على ذلك يتلاقى هذا مع حرارة الذكورة وقوة إنضاج الذكر للطعام، فمن هذه القوة وخفة الغذاء يكون البول خفيف النجاسة، ولهذا يوجد فرق بينه وبين بول الجارية في الرائحة مما يدل على صحة هذا التعليل، وأن الخبث الذي يكون في بول الذكر بالنسبة لبول الأنثى أخف. هذه واحدة.
ثانيا: قالوا: بول الذكر يخرج من ثقب في أنبوبة، وهذا يقتضي أن ينتشر وأن يتسع ما يصيبه، وإذا انتشر واتسع ما يصيبه صار التحرز منه شديدا؛ لأنه ينتشر فيكون التحرز منه شديدا، بخلاف بول الجارية، فإنه يخرج ثرثرة بدون أن يكون له بروز، فيكون ما يصيب الثوب منه او البدن قليلا، وهذه علة كما تعلمون تمشي على ثلاثة من أربعة.
الثالث: يقولون: الذكر مرغوب عند أمه، فتحمله كثيرا بخلاف الجارية، الغالب أن الجارية مسكينة تكون في ركن الزاوية ولا يهتمون بها كثيرا بخلاف الذكر، فإذا كانت تهتم به كثيرا فسوف تحمله كثيرا، ويشق التحرز من بوله بخلاف الجارية، وهذه العلة تمشي على اثنتين من أربع لماذا؟ لأننا نجد كثيرا من الناس - ولاسيما في زمن الصغر- يرقون للبنات أكثر ما يرقون للأولاد، ويكون حملهما للجارية أكثر.
على كل حال: أقرب شيء أن العلة الأولى هي المقنعة لكل مؤمن وهي: أن هذا حكم الله ورسوله، ولابد أن يكون هناك حكمة لكننا لا يمكن أن نحيط بكل حكم الله عز وجل.
الثانية: ما ذكرنا من لطافة الغذاء وحرارة البدن، فيجتمع هذا وهذا يكون خفيفا بدليل الفرق في الرائحة، استفدنا من هذا الحديث فوائد:
الفائدة الأولى: أن بول الغلام الصغير وبول الجارية الصغيرة نجس؛ لأن كلا منهما عرضة للتطهير منه، لكن الجارية تغسل والغلام نضح أو رش.