الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أسئلة:
- اذكر أقسام النجاسات؟ مغلظة، ومخففة، ومتوسطة.
- ذكرنا أن الخارج من الإنسان من ذكره يسمى عند العلماء بأربعة أسماء اذكرها؟ المني، والمذي، والودي، والبول.
- ما الذي يكون حكمه واحدا من هذه؟ البول والودي.
- المني: ما هو القول الراجح فيه؟ أنه طاهر ما هو الدليل؟ حديث عائشة كانت تفركه من ثوب النبي صلى الله عليه وسلم فركا فيصلي فيه.
-
طهارة الهرة:
قال - رحمه الله تعالى-:
9 -
وعن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الهرة: "إنها ليست بنجس، إنما هي من الطوافين عليكم"، أخرجه الأربعة، وصححه الترمذي وابن خزيمة.
هذا الحديث له سبب؛ يعني: سياقه له سبب، وليس صدوره من الرسول عليه الصلاة والسلام له سبب؛ بل سياق أبي قتادة له، له سبب؛ لأن فرق بين كون الراوي ساق الحديث لسبب وبين كون الرسول صلى الله عليه وسلم قاله لسبب، الحديث هذا ساقه أبو قتادة رضي الله عنه بسبب وهو أنه دخل على أهله فسكبت له امرأته وضوءا يتوضأ به، فجاءت هرة فأصغى لها الإناء وجعلت تشرب، تشرب من هذا الماء الذي يريد أن يتوضأ له، فنظرت إليه فكأنه رأى أنها استنكرت هذا أو استغربته فحدثها بهذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنها ليست بنجس". هل يصلح أن نقول: هذا سبب الحديث أو سبب سياق الحديث من الراوي؟ الثاني.
(الهرة) معروفة ولها أسماء كثيرة هي من أكثر الحيوانات أسماء لأنها متداولة عند الناس، وكل ما تداوله الناس كثرت أسماؤه؛ لأن كل الناس يسمونها باسم، ولهذا من أكثر ما يكون أسماء: الأسد والهرة.
الهرة تسمى: هرة، وتسمى أيضا قطة، وتسمى سنور، وتسمى: بس - بفتح الباء-، قال في القاموس: إن العامة تكسره وإلا فهو بالفتح، ولها أسماء كثرة يمكن لمن راجع كتاب الحيوانات للدميري أو غيره ينظر أسماءها، لكن هذا العلم ليس بذاك المهم، المهم أن الهرة لو
سئلنا ما هي؟ قيل: هي هذه المعروفة بين الناس المتداولة بين الناس، الهرة هل هي سبع أم لا؟ هي في الواقع من السباع؛ لأنها تفرس بنابها فهي من السباع، وكانت الهرة فيما سبق في بلادنا هذه تأكل الدجاج أكلا عظيما تقفز عليها وهي معلقة في مسراها - أعني: الدجاجة- تنزلها في الأرض وتأكلها، أما الآن فسبحان الله! صارت تأكل معها في الإناء سويا ولا تقل لها شيئا أبدا، وهذا قيل إنه من أجل أن الهرة ارتفع نظرها وصارت لا تريد الدجاج يعني: ما تأكله لكنها تأكل الحمام، فالله أعلم، على كل حال هداها الله وسخرها لنا فهي في الحقيقة مما يؤلف في البيوت.
يقول: "ليست بنجس" يعني: أنها طاهرة؛ لأن نفي الضد إثبات لضده، فإذا نفى أن تكون نجسا صارت طاهرة ليست بنجس، ونجس هنا صفة مشبهة كبطل اسم للشجاع، كذلك نجس اسم لما هو نجس بذاته ومنجس لغيره، لكن الرسول عليه الصلاة والسلام يقول:"إنها ليست بنجس"، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم من عادته وحكمته وبلاغته في التعليم أنه إذا ذكر الحكم ذكر علته، لاسيما إذا كان الحكم يحتاج إلى علة من اجل أن يطمئن الإنسان إلى هذا الحكم، قال:"إنها ليست بنجس" علل ذلك لم يقل: إنها حلال، قال:"إنها من الطوافين عليكم" لم يقل: من الطوافات، الظاهر - والله أعلم- اتباعا للفظ القرآن في قوله تعالى:{طوافون عليكم بعضكم على بعض} [النور: 58]. فهي من الطوافين، وإنما قلت ذلك؛ لأن المؤنث لا يجمع جمع مذكر، ومعلوم أن الهرة مؤنثة، من الطوافين ما معنى الطواف؟ الطواف: هو كثير التردد، كثير التردد على الشيء يسمى طوافا، فهذه هي العلة التي علل بها النبي صلى الله عليه وسلم كون الهرة ليست بنجس.
ويستفاد من هذا الحديث: أنه ينبغي للإنسان إذا رأى الشخص مستغربا لحال من الأحوال أن يزيل عنه هذا الاستغراب، وجهه: أن أبا قتادة حدث بهذا الحديث ليزول استغراب أهله - يعني: زوجته- وهذا أمر يعتبر من محاسن الأخلاق أن الإنسان يصنع مع أخيه ما يجب أن يطلع عليه وإن لم يسأله، وهذا من هدي الرسول عليه الصلاة والسلام، ففي قصة سلمان الفارسي رضي الله عنه أنه قعد خلف النبي صلى الله عليه وسلم لينظر إلى خاتم النبوة، خاتم النبوة عبارة عن علامة تدل على أن محمدا رسول الله خاتم الأنبياء، وقد ذكر لسلمان حسب ما طالت به الدنيا أن من علامات النبي الأمي خاتم النبوة بين كتفيه، فكان النبي صلى الله عليه وسلم جالسا ورأى هذا الرجل وراءه وكأنه يتطلع إلى شيء؛ فنزل الرداء بدون أن يسأل سلمان تنزيله من أجل أن يطلع عليه، فمن محاسن الأخلاق أنك إذا رأيت أخاك يحب أن يطلع على شيء وليس في إطلاعه عليه مضرة عليك فإنه ينبغي أن تدخل عليه السرور باطلاعه على ما يحب الاطلاع عليه.
ومن فوائد هذا الحديث: أن الهرة طاهرة مع أنها محرمة الأكل، وكل محرم الأكل فإنه نجس هذا هو الأصل أن جميع محرم الأكل من الحيوان نجس، ولكن هناك أشياء تزول نجاستها لسبب من الأسباب، والهرة الأصل فيها أنها نجسة لأنها محرمة الأكل، لكن علل الرسول عليه الصلاة والسلام لعلة لا توجد في غيرها، فإذن من فوائد الحديث: أن محرم الأكل نجس؛ لأن الرسول أخرج الهرة عن النجاسة لسبب لا يوجد في غيرها.
ومن فوائد هذا الحديث: أن الهرة ليست نجسة فهل هذا على عمومه؟
الجواب: لا، ليست نجسة في ريقها وفيما يخرج من أنفها وفي عرقها وفي سؤرها؛ أي: بقية طعامها وشرابها، في بولها نجس، في روثها نجس، في دمها نجس؛ لأن هذه الأشياء كلها من محرم الأكل نجسة، فكل ما يخرج من جوف محرم الأكل فإنه نجس كالبول والعذرة والدم والقيء وما أشبهه.
ومن فوائد هذا الحديث: أن الهرة لو شربت من ماء وهذا هو وجه سياق الحديث في هذا الباب، لو شربت من ماء فإن الماء لا ينجس قليلا كان أو كثيرا؛ لأن الإناء الذي كان يتوضأ به أبو قتادة قليل.
ومن فوائده: أنه لا فرق بين أن تكون هذه الهرة أكلت شيئا نجسا أو لم تأكل لماذا؟
لإطلاق الحديث، فلا يقال مثلا: لو رآها تأكل فأرة ثم شربت من الماء صار الماء نجسا.
نقول: الحديث عام أنها ليست بنجس سواء أكلت ما هو نجس عن قرب أو عن بعد، نعم لو رأيت أثر الدم في شفتيها في هذا الماء يكون نجسا، إذا لم تر شيئا فهي طاهرة.
ومن فوائد هذا الحديث: أن المشقة تجلب التيسير، وجهه: أن الله تعالى رفع النجاسة عنها لمشقة التحرز منها حيث إنها من الطوافين، ولو كانت نجسة وهي في البيت تشرب من الإناء، تشرب من اللبن، تأكل من الطعام لكان في ذلك مشقة.
ومن فوائد هذا الحديث: أن النجاسات التي يشق التحرز منها معفو عنها، وذكر العلماء من ذلك يسير الدم النجس غير الخارج من السبيلين يعفى عنه.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "جميع النجاسات يعفى عن يسيرها مع مشقة التحرز منها، وما قاله رحمه الله على القاعدة".
فعلى هذا الذين يستخدمون الحمير؛ والحمار تعرفون أنه يبول ويروث أحيانا يقف ويبول
على أرض صلبة ماذا يصيب صاحبه؟ سيصيبه الرشاش. يقول شيخ الإسلام: إن مثل هذا يعفى عنه لمشقة التحرز منه، وأخذ القول من هذا التعليل؛ "إنها من الطوافين عليكم".
ومن فوائد هذا الحديث: أن الفأرة طاهرة؛ لماذا؟ لأنها من الطوافين علينا، فإذا قال قائل: أليس النبي صلى الله عليه وسلم قال في الفأرة: "تموت في السمن ألقوها وما حولها". بلى، نعم هو قال هذا، لكن هذه ميتة، والفأرة إذا ماتت تكون نجسة، والهرة أيضا إذا ماتت تكون نجسة؛ وذلك لأن العلة التي من أجلها خففت زالت الآن، الآن ماتت لا تكون طوافة.
ومن فوائد هذا الحديث: أنه لو شرب حيوان محرم الأكل وهو دون الهرة لكنه لا يرى إلا نادرا فإنه يكون نجسا، توافقون؟ نعم، وهذا هو الصحيح، وما ذكره بعض العلماء من أن مناط الحكم هو حجم الحيوان دون مشقة التحرز منه، فهو ضعيف لأن بعض العلماء رحمهم الله جعل مناط الحكم الجرم وقال: الهرة وما دونها في الخلقة طاهر وهذا لا يدل عليه الحديث، الحديث يدل على أن العلة هي مشقة التحرز.
فإن قال قائل: ينتقد ذلك عليكم بالكلب، كلب الصيد، كلب الحرث، كلب الماشية، طواف علينا والتحرز منه شاق وقد ثبت أن نجاسته مغلظة.
يقال: إن الشريعة الإسلامية فيها عموم وخصوص أيهما الذي يقضي على الآخر؟ الخاص يقضي على العام فيقال: الكلب مستثنى بدلالة الحديث، ونحن ليس لنا أن نحكم بالقياس على النص، وإنما نحكم بالنص على القياس.
ومن فوائد هذا الحديث: رحمة الله عز وجل بالخلق؛ حيث خفف عنهم ما يشق عليهم اجتنابه لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إنها ليست بنجس إنها من الطوافين". وهذه - يا إخواني- القاعدة مضطردة فهذه الشريعة الإسلامية مبنية على الرحمة وعلى التيسير حنيفية سمحة ليس فيها تعسير إطلاقا، وهذه خذوها قاعدة من كلام الله وكلام الرسول عليه الصلاة والسلام أما كلام الله فقد قال:{يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} [البقرة: 185].
وقال: {وما جعل عليكم في الدين من حرج} [الحج: 78]. أما في السنة فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الدين يسر - الدين عام كل دين- ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه"، وكان يبعث البعوث ويقول:"يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا". "فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين".