الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ووجه الجمع بين هذا وبين الحديث السابق وهو النهي عن طروق الأهل ليلًا: أن هذا الحديث محمول على الخلوة وقضاء الوطر، وقد يكنى عن الوقاع بالدخول، والحديث الدال عن النهي المراد به: النزول عليهم لا الوطء، والظاهر أن "ما" هنا مصدرية على تقدير مضاف أي أن أحسن دخول الرجل على امرأته دخول أول الليل.
باب الكتاب إلى الكفار ودعائهم إلى الإسلام
من الصحاح
2999 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى قيصر، يدعوه إلى الإسلام، وبعث بكتابه إليه دحية الكلبي، وأمره أن يدفعه إلى عظيم بُصْرى، ليدفعه إلى قيصر، فإذا فيه:
"بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله إلى هِرقْل عظيم الروم سلامٌ على من اتبع الهدى، أما بعد: فإني أدعوك بداعية الإسلام، أسلم تسلم، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فعليك إثم الأريسيين، و {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} ". ويروى: "بدعاية الإسلام".
قلت: رواه الجماعة إلا ابن ماجه كلهم من حديث ابن عباس عن أبي سفيان، ومنهم من ذكره عن ابن عباس وحده،: البخاري في مواضع كثيرة منها: في بدء الوحي، وفي
= ورواية جابر أخرجها البخاري (5244)، ومسلم (715)، والنسائي في الكبرى (9142).
الجهاد ومسلم في المغازي، وأبو داود في الأدب مختصرًا، والترمذي في الاستئذان والنسائي في التفسير. (1)
قوله صلى الله عليه وسلم: "إثم الأريسيين" قال ابن الأثير (2): قد اختلف في هذه اللفظة فروي الأريسين بوزن الكريمين وروي الإرّسين بوزن: الشِّريبين، وروي الإرْيسيين بوزن: العظيميِّين، وروي بإبدال الهمزة ياء مفتوحة في أوله وبياءين بعد السين، واختلف في المراد بهم: والصحيح أنهم الأكارون: أي الفلاحون ومعناه: أن عليك إثم رعاياك الذين يتبعونك، ونبه بهؤلاء على جميع الرعايا، وقد جاء مصرحًا به في دلائل النبوة للبيهقي (3)"فإن عليك إثم الأكارين"، وفي رواية ذكرها أبو عبيد في كتاب الأموال (4):"ألا فلا تَحُلْ بين الفلاحين وبين الإسلام".
قوله صلى الله عليه وسلم: "أدعوك بداعية الإسلام" أي بالكلمة الداعية إلى الإسلام، "وقيصر": لقب على كل من ملك الروم، وكان اسمه هرقل كما دل عليه الحديث الآخر، وكل من ملك الفرس لقب بكسرى، أو الحبشة فبالنجاشي، أو مصر فبفرعون.
3000 -
"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بكتابه إلى كسرى مع عبد الله بن حذافة السهمي، فأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين، فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى، فلمَّا قرأه مزّقه".
قال ابن المسيب: فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمزقوا كل ممزق.
(1) أخرجه البخاري في الوحي (7)، وفي الجهاد (2940)، ومسلم (1773)، وأبو داود (5136)، والترمذي (2717)، والنسائي في الكبرى (11064).
(2)
النهاية (1/ 38) وفيه تفصيل جيد حول كلمة "الأرسيين" والمراد بهم فراجعه لزامًا.
(3)
أخرجه البيهقي في الدلائل (4/ 377، 380، 381).
(4)
انظر الأموال لأبي عبيد (ص 30 رقم 55).
قلت: رواه البخاري في المغازي والجهاد وبهذا اللفظ، وفي العلم فيما يذكر في المناولة وفي إجازة خبر الواحد، ولم يذكر اسم عبد الله بن حذافة إلا في المغازي ورواه النسائي في السير وفي العلم من حديث عبد الله بن عباس، ولم يخرجه مسلم. (1)
3001 -
"إن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى، وإلى قيصر، وإلى النجاشي، وإلى كل جبار، يدعوهم إلى الله، وليس بالنجاشي الذي صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم".
قلت: رواه مسلم في الجهاد من حديث أنس ولم يخرجه البخاري. (2)
3002 -
قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمّر أميرًا على جيش أو سرية، أوصاه في خاصته بتقوى الله، ومن معه من المسلمين خيرًا، ثم فال: "اغزوا بسم الله، في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغُلّوا، ولا تغدروا، ولا تمثّلوا، ولا تقتلوا وليدًا، فإذا لقيت عدوك من المشركين، فادعهم إلى ثلاث خصال، أو خلال، فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم، وكف عنهم، ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم، وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك، فلهم ما للمهاجرين، وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحوّلوا عنها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فسلهم الجرية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن هم أبوا، فاستعن بالله وقاتلهم، وإذا حاصرت أهل حصن، فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه، فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيّه، ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك، فإنهم أن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم، أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله وإذا حاصرت
(1) أخرجه البخاري في المغازي (4424)، وفي الجهاد (2939)، وفي العلم (64)، وفي كتاب أخبار الآحاد (7264)، والنسائي في الكبرى (5859)(8846).
(2)
أخرجه مسلم (1774).
أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله، فلا تنزلهم على حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا؟ ".
قلت: رواه مسلم في أول المغازي وأبو داود في الجهاد ببعضه، والترمذي في السير، والنسائي وابن ماجه كلاهما في الجهاد كلهم من حديث سليمان بن بريدة عن أبيه (1).
"وتغدروا": بكسر الدال، قال النووي (2): والذي في جميع نسخ صحيح مسلم "فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى الإسلام بإثبات ثم في قوله صلى الله عليه وسلم "ثم ادعهم إلى الإسلام".
قال عياض (3): والصواب: "ادعهم" بإسقاط ثم، وقد جاء بإسقاطها على الصواب في كتاب أبي عبيد وسنن أبي داود وغيرهما، لأنه تفسير للخصال الثلاث وليست غيرها، قال المازري (4): ليست ثم هنا زائدة، بل دخلت لاستفتاح الكلام والأخذ، فكان من حق المصنف أن يثبت "ثم" في الرواية لأنها هي رواية مسلم، والحديث ذكره في الصحاح.
"والذمة هنا" العهد، "وتخفروا" بضم التاء يقال أخفرت الرجل: إذا نقضت عهده، وخفرته: أمنته وحميته. وهذا نهي تنزيه، قال بعضهم: والهمزة في "أن تخفروا" مفتوحة في تأويل مصدر مرفوع خبر أهون، تقديره: فإخفارهم ذممكم وذمم أصحابكم أهون من إخفارهم ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم. (5)
(1) أخرجه مسلم (1731)، وأبو داود (2612)، والترمذي (1617)، والنسائي في الكبرى (8782)، وابن ماجه (2858).
(2)
المنهاج (12/ 56).
(3)
انظر: إكمال المعلم (6/ 32).
(4)
المعلم بفوائد مسلم للمازري (3/ 10).
(5)
انظر: المنهاج للنووي (12/ 58)، وإكمال المعلم (6/ 31 - 35).
3003 -
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أيامه التي لقي فيها العدو، انتظر فيها حتى مالت الشمس، ثم قام في الناس، ثم قال:"يا أيها الناس، لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف، ثم قال: اللهم منزل الكتاب! ومجري السحاب! وهازم الأحزاب! اهزمهم وانصرنا عليهم".
قلت: رواه البخاري في الجهاد في مواضع منه، وفي التمني، ومسلم وأبو داود وكلاهما في الجهاد من حديث عبد الله بن أبي أوفى (1).
3004 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا غزا بنا قومًا، لم يكن يغزو بنا حتى يصبح وينظر، فإن سمع أذانًا كف عنهم، وإن لبم يسمع أذانًا أغار عليهم، قال: فخرجنا إلى خيبر فانتهينا إليهم ليلًا، فلما أصبح ولم يسمع أذانًا، ركب، وركبت خلف أبي طلحة، وإن قدمي لتمس قدم نبي الله صلى الله عليه وسلم، فال: فخرجوا إلينا بمكاتلهم ومساحيهم، فلما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا: محمد، والله! محمد، والخميس، والجيش فلجأوا إلى الحصن، فلما رآهم رسول الله قال:"الله أكبر، الله أكبر، خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحةِ قومٍ فساء صباح المنذَرين".
قلت: رواه الشيخان في الجهاد. واللفظ للبخاري في مواضع من حديث أنس (2).
والمكاتل: جمع مكتل بكسر الميم وهو القفة يقال له مكتل وقفة، والخميس: الجيش وقد فسر بذلك في رواية البخاري، قالوا: سمي خميسًا لأنه خمسة أقسام ميمنة وميسرة ومقدمة ومؤخرة وقلب.
(1) أخرجه البخاري في الجهاد (2965 - 2966)، ومسلم (1742)، وأبو داود (2631).
(2)
أخرجه البخاري (2991)، ومسلم (1365).