الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفتنة والندم، على ما أخرجه فيبطل أجره ويبقى كلًّا، وهذا فيمن يخاف عليه ذلك، أما من عرف من نفسه الصبر فلا يقول في حقه ذلك. (1)
من الحسان
2587 -
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا نذر في معصية، وكفارته كفارة اليمين".
قلت: رواه أبو داود والترمذي هنا وابن ماجه (2) في الأحكام من حديث الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة ترفعه، قال الترمذي: وهذا حديث لا يصح، لأن الزهري لم يسمع هذا الحديث من أبي سلمة، وقال غيره لم يسمعه الزهري من أبي سلمة إنما سمعه من سليمان بن أرقم وسليمان بن أرقم متروك. (3)
وتمسك الإمام أحمد بهذا الحديث، فأوجب في نذر المعصية كفارة يمين، وتمسك الجمهور في عدم انعقاده وعدم الكفارة بحديث عمران بن حصين المتقدم في الصحاح.
(1) انظر شرح السنة للبغوي (6/ 180 - 181).
(2)
أخرجه أبو داود (3292)، والترمذي (1525)، والنسائي (7/ 26)، وابن ماجه (2125).
(3)
هذا الحديث مداره على الزهري، واختلف عنه من خمسة أوجه:
1 -
فمرة يروي عنه، عن أبي سلمة، عن عائشة.
2 -
ومرة يروي عنه أنه قال: حدث أبو سلمة، عن عائشة مرفوعًا.
3 -
ومرة يروي عنه، عن سليمان بن أرقم، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن عائشة.
4 -
ومرة يروي عنه، عن عروة، عن عائشة.
5 -
ومرة يروي عنه، عن رجل، عن القاسم، عن عائشة، والحديث من وجهه الأول: صحيح الإسناد، وأما الوجه الثالث -وهو الذي ذكره المؤلف هنا- فهو معلول من جهة سليمان بن أرقم وهو ضعيف كما قال الحافظ في التقريب (2547)، لكن جاء الحديث من طريق آخر رجال إسناده ثقات، أخرجه الطيالسي في مسنده (1587) طبعة التركي، وانظر العلل الكبير (2/ 651)، وإرواء الغليل (8/ 216)، والبغوي في شرح السنة (2447)، وأفاض فيه الدكتور/ عبد الله دمفو في كتابه: "مرويات الإمام الزهري المعلّة في كتاب العلل للدارقطني (3/ 1573 - 1593)، واستقصى فيه جميع طرقه، وفيه فوائد أخرى مهمة فراجعه لزامًا.
2588 -
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من نذر نذرًا لم يسمه، فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرًا في معصية، فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرًا لا يطيقه، فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذرًا أطاقه، فليف" وأوقفه بعضهم على ابن عباس.
قلت: رواه أبو داود هنا من حديث ابن عباس يرفعه، ورواه ابن ماجه أيضًا وفي إسناد ابن ماجه: من لا يعتمد، وليس فيه:"ومن نذر نذرًا في معصية" وذكر أبو داود أنه روي موقوفًا على ابن عباس. (1)
2589 -
أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم قال: إني نذرت أن أنحر إبلًا ببوانة، قال:"كان فيها وثن من أوثان الجاهلية يعبد؟ " قالوا: لا، قال:"فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟ "، قالوا: لا، قال:"أوفِ بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم".
قلت: رواه أبو داود هنا من حديث ثابت بن الضحاك يرفعه، وسكت عليه أبو داود. (2)
وبوانة: بضم الباء الموحدة وتخفيف الواو وبعد الألف نون بعدها تاء تأنيث هضبة من وراء ينبع قريبة من ساحل البحر، وقيل: بفتح الباء، كذا ذكره ابن الأثير (3) والحافظ المنذري أنها أسفل مكة دون يلملم.
والسائل: كردم بن سفيان، كما جاء في حديث خرجه الإمام أحمد، وحمل الشافعية هذا على أنه نذر الذبح بها مع نية تفرقة اللحم على أهلها، فحينئذ يتعين أهل البلد الذي
(1) أخرجه أبو داود (3322)، وابن ماجه (2128) وإسناد المرفوع ضعيف، فيه خارجة ابن مصعب ترجم له الحافظ في التقريب (1622) وقال: متروك. وانظر الإرواء (2586).
(2)
أخرجه أبو داود (3313).
(3)
النهاية (1/ 161)، كذلك ذكره ياقوت في معجم البلدان (1/ 505).
نذر الذبح فيه، أما لو نذر الذبح ببلد ولم ينو تفرقة اللحم، لم يلزمه الذبح إلا إذا نذر ذبح أضحية، أو هدي بمكة وأطلق فإنه يلزمه الذبح بها، وتفرقة اللحم على أهلها.
2590 -
أن امرأة قالت: يا رسول الله إني نذرت أن أضرب على رأسك بالدُّف؟، قال:"أوفي بنذرك"، قالت: إني نذرت أن أذبح بمكان كذا وكذا لمكان كان يذبح فيه أهل الجاهلية؟ قال: "لصنم؟ " قالت: لا، قال:"أوفي بنذرك".
قلت: رواه أبو داود هنا من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وليس في سنده إلا ما قيل في عمرو بن شعيب، وأخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث بريدة (1) وقال: رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض مغازيه فجاءت جارية سوداء، فقالت: يا رسول الله إني نذرت إن ردك الله سالمًا أن أضرب على رأسك بالدف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن نذرت فافعلي، وإلا فلا"، فقالت: إني كنت نذرت، فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وضربت بالدف.
قال الخطابي (2): ضرب الدف ليس مما يعد من الطاعات التي تتعلق بها النذور وأحسن حالة أن يكون مباحًا. غير أنه لما اتصل بإظهار المسرة والفرح بمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم سالمًا من غزواته وكان فيه مساءة للكفار، وإرغام المنافقين صار فعله قربه، ولهذا استحب في العرس لما فيه من إظهار المباح والخروج من معنى السفاح.
قوله: قالت: إني نذرت أن أذبح بمكان كذا، تقدم الكلام عليه في الحديث الذي قبله.
2591 -
أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن من توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب، وأن أنخلع من مالي كله صدقة، قال:"يجزي عنك الثلث".
قلت: رواه أبو داود هنا عن عبيد الله بن عمر عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن كعب بن مالك عن أبيه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم.
(1) أخرجه أبو داود (3312)، وابن حبان (4386) وإسناده صحيح.
(2)
معالم السنن (4/ 55).
وأبو لبابة
…
وساق الحديث، وليس هذا الحديث في كل نسخ أبي داود إنما هو في بعضها، وأخرجه مالك في جامع الإيمان من الموطأ عن عثمان ابن حفص عن ابن شهاب بلاغًا. (1)
2593 -
أن رجلًا قال يوم الفتح: يا رسول الله! إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس ركعتين؟ قال: "صل ههنا"، ثم أعاد عليه؟ فقال:"صل ههنا" ثم أعاد عليه؟ فقال: "شأنك إذًا".
قلت: رواه أبو داود هنا من حديث جابر وسكت عليه. (2)
وأعلم أنه لو نذر الصلاة في المسجد الحرام تعين، ولا يجزئه صلاة في غيره بحال، ومن نذرها في المسجد الأقصى خرج من نذره بالصلاة في المسجد الحرام أو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن نذر صلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم خرج من نذره بصلاة في المسجد الحرام، ولا يخرج لصلاة في المسجد الأقصى ومن نذرها في غيرها من المساجد خرج بصلاة في أحدهما ولا يتعين غير المساجد.
2594 -
أن أخت عقبة بن عامر نذرت أن تحج ماشية، فسئل النبي صلى الله عليه وسلم؟ وقيل: إنها لا تطيق ذلك، فقال:"إن الله لغني عن مشي أختك، فلتركب ولتهد بدنة".
قلت: رواه أبو داود (3) من حديث ابن عباس كذا قال ابن الأثير في "جامع الأصول"(4)، ولم أره في نسخة روايتنا.
(1) أخرجه مالك في الموطأ (2/ 481)(16)، وأبو داود (3319).
(2)
أخرجه أبو داود (3305) وإسناده صحيح. انظر الإرواء (2597).
(3)
أخرجه أبو داود (3297). وإسناده صحيح. انظر الإرواء (2592).
(4)
انظر جامع الأصول (11/ 546) رقم (9144).
وفي الحديث دليل على أنه إذا نذر الحج ماشيًا فحج راكبًا لعذر، لزمه دم، قال أصحابنا وكذا لو حج راكبًا من غير عذر لكنه يقضي قال النووي: والمراد بالعجز أن تلحقه مشقة ظاهرة كما قالوه في العجز عن القيام في الصلاة، وفي العجز عن صوم رمضان بالمرض.
- وفي رواية: فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تركب وتُهدي هديًا.
قلت: رواها أبو داود من حديث عكرمة عن ابن عباس. (1)
- وفي رواية: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئًا، فلتحُج راكبة، وتكفّر بيمينها".
قلت: رواه أبو داود هنا من حديث كريب عن ابن عباس. وكذا رواه ابن حبان ثم قال: ويشبه أن تكون هذه جعلت على نفسها أن تحج ماشية باليمين، إذ النذر لا كفارة فيه انتهى كلامه. (2)
والأشبه أن يكون عبر عن لزوم الدم بالكفارة، ولا ريب في إطلاق الكفارة على ذلك بل هذا متعين، وتدل عليه الرواية التي قبلها، "ولتهد بدنه" والله أعلم.
2595 -
وروي: أن عقبة بن عامر سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أخت له، نذرت أن تحج حافية غير مختمرة؟ فقال:"مروها، فلتختمر ولتركب، ولتصم ثلاثة أيام".
قلت: رواه الأربعة هنا إلا ابن ماجه فإنه رواه في الكفارات كلهم من حديث عبد الله بن مالك عن عقبة بن عامر وفي سند الحديث عبيد الله بن زحر الأفريقي العابد مختلف فيه، قال الذهبي: وله مناكير ضعّفه أحمد،
(1) أخرجها أبو داود (3292).
(2)
أخرجه أبو داود (3295)، وابن حبان (4384).
وقال النسائي: لا بأس به. (1)
وقد نقل بعض المتأخرين من الشافعية أنه لو نذر الحج حافيًا لزمه الحج لا الحفاء، ولا يلزمه فدية بترك الحفاء بلا خلاف، لأنه ليس بقربة فلا ينعقد نذره، وأما ترك الاختمار وهو ستر الرأس فهو من المرأة معصية لا تصح نذره.
قوله صلى الله عليه وسلم: وليصم ثلاثة أيام هذا الصوم ليس هو عن ترك الحفاء، ولا عن ترك الاختمار، بل هو عن ترك المشي المفهوم من قولها حافية، ولعله صلى الله عليه وسلم إنما أمرها بالصوم لعجزها عن الدم.
2596 -
أن أخوين من الأنصار كان بينهما ميراث، فسأل أحدهما صاحبه القسمة، فقال: إن عدت تسألني القسمة، فكل مالي في رتاج الكعبة، فقال له عمر: إن الكعبة غنية عن مالك، كفّر عن يمينك وكلم أخاك، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"لا يمين عليك، ولا نذر في معصية الرب، ولا في قطيعة الرحم، ولا فيما لا يملك".
قلت: رواه أبو داود في الأيمان والنذور، من حديث عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب عن عُمر، وسعيد بن المسيب: لم يصح سماعه من عمر، فهو منقطع ورتاج الكعبة: هو بكسر الراء المهملة والمثناة من فوق ثم بألف ثم جيم: بابها، فكنى عن الكعبة بالباب لأن منه يدخل إليها، والله أعلم. (2)
(1) أخرجه أبو داود (3293)، والترمذي (1544)، والنسائي (7/ 20)، وابن ماجه (2134). وإسناده ضعيف فيه عبيد الله بن زحر. ترجم له الحافظ في التقريب (4319) وقال: صدوق يخطىء، وانظر قول الذهبي في الكاشف (3544). وانظر كذلك الجرح والتعديل (5/ ت 4499).
(2)
أخرجه أبو داود (3272) وإسناده ضعيف لانقطاعه فإن سعيد بن المسيب لم يصح سماعه من عمر، انظر تحفة التحصيل (ص 157).