الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في النذور
من الصحاح
2579 -
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تنذروا، فإن النذر لا يغني من القدر شيئًا، وإنما يستخرج به من البخيل".
قلت: رواه مسلم والترمذي والنسائي هنا بهذا اللفظ، والبخاري وابن ماجه بمعناه كلهم من حديث أبي هريرة يرفعه. (1)
قال المازري (2): يحتمل أن يكون سبب النهي كون الناذر يصير ملتزمًا له يأتي متكلفًا بغير نشاط، ويحتمل أن يكون سببه كونه يأتي بالقربة التي التزمها في نذره على صورة المعاوضة للأمر الذي طلبه فينقص أجره، وشأن العبادة أن تكون متمحضة لله تعالى.
وقيل: يحتمل أن النهي لكونه قد يظن بعض الجهلة أن النذر يرد القدر، ويمنع من حصول المقدور، فنهي عنه خوفًا من جاهل يعتقد ذلك.
2580 -
قال صلى الله عليه وسلم: "من نذر أن يطع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه".
قلت: رواه الجماعة إلا مسلمًا كلهم هنا إلا ابن ماجه
(1) أخرجه البخاري (6694)، ومسلم (1640)، وأبو داود (3288)، والنسائي (7/ 16)، والترمذي (1538)، وابن ماجه (2123).
(2)
إكمال المعلم (5/ 387).
رواه في الكفارات من حديث عائشة. (1)
2581 -
قال صلى الله عليه وسلم: "لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك العبد".
قلت: رواه مسلم وأبو داود كلاهما هنا في حديث طويل من حديث عمران بن حصين يرفعه ولم يخرجه البخاري. (2)
وفي هذا الحديث دليل على أن من نذر معصية: كشرب الخمر ونحو ذلك، فنذره باطل لا ينعقد، ولا يلزمه كفارة يمين ولا غيرها، وبهذا قال الشافعي وأبو حنيفة ومالك وجمهور العلماء، وقال أحمد: يجب فيه كفارة يمين، لحديث عائشة الآتي في أول الحسان.
قوله صلى الله عليه وسلم: ولا فيما لا يملك العبد، قد تقدم تفسيره في الباب الذي قبله.
- وفي رواية: "لا نذر في معصية الله".
قلت: رواها مسلم والنسائي هنا من حديث عمران حصين يرفعه. (3)
2582 -
قال صلى الله عليه وسلم: "كفارة النذر كفارة اليمين".
قلت: رواه مسلم والنسائي هنا من حديث عقبة بن عامر ولم يخرجه البخاري. (4)
وحمل جمهور أصحاب الشافعي على نذر اللجاج وهو: أن يقول إنسان يريد الامتناع من كلام زيد إن كلمته مثلًا فلله علي حجة أو غيرها، فكلمه فهو بالخيار بين الوفاء بما نذر، وبين كفارة يمين، وحمله مالك وكثيرون على النذر المطلق، كقوله: علي نذر، وحمله أحمد وبعض الشافعية على نذر المعصية، وحمله آخرون على جميع أنواع النذر، وقالوا: هو مخير في جميع المنذورات بين الوفاء وبين كفارة يمين.
(1) أخرجه البخاري (6696)، وأبو داود (3289)، والنسائي (7/ 17)، والترمذي (1526)، وابن ماجه (2126).
(2)
أخرجه مسلم (1641)، وأبو داود (3316).
(3)
أخرجه مسلم (1641)، والنسائي (7/ 19).
(4)
أخرجه مسلم (1645)، والنسائي (7/ 26).
2583 -
بينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إذا هو برجل قائم، فسأل عنه؟ فقالوا: أبو إسرائيل، نذر أن يقوم ولا يقعد، ولا يستظل، ولا يتكلم، ويصوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"مروه فليتكلم، وليستظل، وليقعد، وليتم صومه".
قلت: رواه البخاري وأبو داود هنا وابن ماجه في الكفارات من حديث ابن عباس، وذكر البخاري أنه روى عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم يعني مرسلًا، وقد قيل: إن اسم أبي إسرائيل قيصر العامري وليس في الصحابة من يشاركه في اسمه ولا في كنيته، ولا له ذكر إلا في هذا الحديث، قال ابن ماجه في روايته: أن النبي صلى الله عليه وسلم مر برجل بمكة وهو قائم في الشمس .... الحديث، قال الحافظ المنذري: إسناد ابن ماجه في ذلك ليس بالقوي. (1)
2584 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى شيخًا يهادى بين ابنيه، فقال:"ما بال هذا؟ " قالوا: نذر أن يمشي إلى البيت، قال:"إن الله عن تعذيب هذا نفسه لغني"، وأمره أن يركب.
قلت: رواه الجماعة إلا ابن ماجه: البخاري في الحج والباقون هنا من حديث أنس بن مالك. (2)
وقد تمسك بظاهر هذا من رأى أنه إذا ركب للعجز لا دم عليه، وهو قول الشافعي اختاره بعضهم، لكن الأصح وجوب الدم لحديث ابن عباس في أخت عقبة حين نذرت أن تمشي وسيأتي.
- وفي رواية: "اركب أيها الشيخ! فإن الله غني عنك وعن نذرك".
(1) أخرجه البخاري (6704)، وأبو داود (3300)، وابن ماجه (2136) وإسناد ابن ماجه فيه ضعف، وانظر قول المنذري في مختصر السنن (4/ 379)، وانظر كذلك كلام الحافظ ابن حجر حول أبي إسرائيل هذا في فتح الباري (11/ 590).
(2)
أخرجه البخاري (1865)، ومسلم (1642)، وأبو داود (3301)، والنسائي (7/ 30)، والترمذي (1537).
قلت: رواه مسلم هنا من حديث أبي هريرة ولم يخرجه البخاري. (1)
2585 -
أن سعد بن عُبادة استفتى النبي صلى الله عليه وسلم في نذر كان على أمه، فتوفيت قبل أن تقضيه؟ فأفتاه أن يقضيه عنها.
قلت: رواه الجماعة هنا من حديث ابن عباس. (2)
2586 -
قلت: يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أمسك بعض مالك، فهو خير لك"، قلت: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر.
قلت: رواه البخاري في المغازي في غزوة تبوك ومسلم في التوبة كلاهما في حديث طويل يتضمن قصة توبة كعب بن مالك ورواه أبو داود والنسائي كلاهما هنا مختصرًا كما أورده المصنف. (3)
وكعب بن مالك هو أحد الثلاثة الذين خلفوا وأنزل الله فيهم: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ} الآية، وهم: كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أمية، تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في خروجه إلى غزوة تبوك، ثم ندموا من سوء صنيعهم ذلك، فتابوا إلى الله تعالى فقبل توبتهم، وقصتهم مشهورة في كتب السير والتفاسير، فأراد كعب أن يتصدق بجميع ماله شكرًا لله تعالى لقبول توبته، ومعنى أن انخلع من مالي: أن أخرج منه جميعه، وأتصدق به، وأعرى كما يعرى الإنسان إذا خلع ثوبه، والمختار عند أهل العلم أن يتصدق الرجل بالفضل من ماله، ويستبقي ما فوق قوته وقوت عياله، لأنه إذا أخرج الجميع خيف عليه
(1) أخرجه مسلم (1643).
(2)
أخرجه البخاري (6698)، ومسلم (1638)، وأبو داود (3307)، والترمذي (1546)، والنسائي (7/ 20)، وابن ماجه (2132).
(3)
أخرجه البخاري (6690)، و (2757)، ومسلم (2769)، وأبو داود (3317)، والنسائي (7/ 22).