الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2631 -
اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر، فقتلتها وما في بطنها، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أن دية جنينها غرة: عبد أو وليدة، وقضى بدية المرأة على عاقلتها، وورّثها ولدها ومن معهم".
قلت: رواه الشيخان وأبو داود أيضًا هنا من حديث أبي هريرة. (1)
2632 -
أن ضرّتين رمت إحداهما الأخرى بعمود فسطاط، فألقت جنينها، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنين غرةً عبدًا أو أمةً، وجعله على عاقلة المرأة.
قلت: رواه مسلم بمثل معناه في الديات والترمذي فيه بلفظه من حديث المغيرة بن شعبة. (2)
والفسطاط: ضرب من الأبنية في السفر دون السرادق، وفيه ست لغات: الفسطاط والفساط والفستاط بضم الفاء وكسرها فيهن جميعًا، والحجر في الحديث الذي قبله، والعمود في هذا الحديث حملهما الشافعي على حجر صغير وعمود صغير لا يقصد به القتل غالبًا، فيكون شبه عمد، تجب فيه الدية على العاقلة، ولا يجب فيه قصاص ولا دية على الجاني.
- ويروى: فقتلتها، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم دية المقتولة على عصبة القاتلة.
قلت: رواها مسلم من حديث المغيرة. (3)
من الحسان
2633 -
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا إن في قتيل العمد الخطأ -بالسوط والعصا-: مائة من الإبل مغلظة، منها أربعون خلفة في بطونها أولادُها".
(1) أخرجه البخاري (6910)، ومسلم (1681)، وأبو داود (4576).
(2)
أخرجه مسلم (1682)، والترمذي (1411).
(3)
أخرجها مسلم (1682).
قلت: رواه الشافعي من حديث ابن عمر بن الخطاب وأبو داود والنسائي وابن ماجه هنا من حديث عبد الله بن عُمر (1) ومن حديث عبد الله بن عمرو ابن العاص، وأخرجه البخاري في "تاريخه الكبير" وساق اختلاف الرواة فيه، وكذلك الدارقطني ساق اختلاف الرواة فيه، وابن حبان في صحيحه عن ابن عمر والدرامي من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص. (2)
والخلفة: تقدم تفسيرها في الباب الذي قبل هذا.
2634 -
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن، وكان في كتابه: أن من اعتبط مؤمنًا قتلًا، فإنه قود يده، إلا أن يرضى أولياء المقتول.
قلت: هذه القطعة رواها الدارمي في الديات، وفيه أن الرجل يقتل بالمرأة، وفيه: أن الرجل يقتل بالمرأة، وفيه: في النفس الدية، مائة من الإبل، وعلى أهل الذهب ألف دينار، وفي الأنف إذا أوعب جدعة الدية: مائة من الإبل، وفي الأسنان الدية، وفي الشفتين الدية، وفي البيضتين الدية، وفي الذكر الدية، وفي الصلب الدية، وفي العينين الدية، وفي الرجل الواحدة نصف الدية، وفي المأمومة ثلث الدية، وفي الجائفة ثلث الدية، وفي المثقلة خمسة عشر من الإبل، وفي كل إصبع من أصابع اليد والرجل: عشر من الإبل، وفي السن خمس من الإبل.
قلت: رواه النسائي والدارمي كلاهما في الديات من حديث أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده، ولفظ المصنف هو لفظ الدارمي لكن الدارمي قطع الحديث في سبعة أبواب، فجمعه المصنف وأوردها إيرادًا واحدًا وهذا من حسن صنيعه
(1) أخرجه الشافعي (2/ 108) رقم (361)، وأبو داود (4549)، والنسائي (8/ 42)، وابن ماجه (2628)، وانظر: الإرواء (2197).
(2)
وأخرجه أبو داود (4547)(4548)(4588)، (4589)، والدارقطني (3/ 103)، وابن ماجه (2627)، والبخاري في التاريخ الكبير (8/ 392 - 393)، وابن حبان (6011)، والدارمي (2388)، انظر: نصب الراية (4/ 331).
لأنها عند الدارمي كلها بسند واحد. (1)
قوله: ومن اعتبط مؤمنًا بالعين المهملة، والتاء المثناة من فوق، والباء الموحدة، والطاء المهملة، أي قتله بلا جناية كانت منه ولا جريرة توجب قتله، فإن القاتل يقاد به ويقتل، وكل من مات بغير علة فقد اعتبط ومات فلان عَبْطة: أي شابًّا صحيحًا قاله الجوهري (2) وغيره.
قوله صلى الله عليه وسلم: فإنه قود يده، القود قتل القاتل بالقتيل، ومعنى: قود يده، يقتص منه بما جنته يده من القتل فكأنه مقتول يده قصاصًا.
وأوعب جدعًا: أي استؤصل جدعًا، والإيعاب والاستيعاب الاستئصال والاستقصاء في كل شيء، والمأمومة من شجاج الرأس وهي ما تصل إلى الجلدة التي تلي الدماغ، وفيها ثلث الدية كما في الحديث.
والجائفة: هي التي تصل إلى جوف البدن من ظهر أو بطن أو صدر ونحوه وفيها ثلث الدية أيضًا.
والمنقلة: بكسر القاف المشددة من شجاج الرأس وهي ما لا تبرى إلا بنقل العظم من الرأس وفيها خمسة عشر من الإبل. (3)
- وفي رواية: وفي العين خمسون، وفي اليد خمسون، وفي الرجل خمسون، وفي الموضحة خمس.
قلت: رواها النسائي من حديث مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه، قال: الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم في العقول،
(1) أخرجه الدارمي (2/ 193)، والنسائي (8/ 57).
(2)
الصحاح للجوهري (3/ 1142).
(3)
انظر: شرح السنة للبغوي (10/ 199).
وساقه، وكذا أخرجه مالك في الموطأ وليس بمتصل. (1)
والموضحة: هي التي توضح العظم أي تظهره فتجب فيها خمس من الإبل سواء كانت صغيرة أم كبيرة.
2635 -
قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المواضح خمسًا خمسًا من الإبل، وفي الأسنان خمسًا خمسًا من الإبل.
قلت: رواه أبو داود والنسائي والدارمي ثلاثتهم من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مقطعًا في حديثين لكن الدارمي بسند واحد فجمعها المصنف. (2)
2636 -
جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابع اليدين والرجلين سواء.
قلت: رواه أبو داود والترمذي (3) ولفظه: "دية أصابع اليدين، والرجلين سواء عشرة من الإبل"، وقال: حسن صحيح.
2637 -
وقال صلى الله عليه وسلم: "الأسنان سواء: الثنية والضرس سواء، والأصابع سواء: هذه وهذه سواء".
قلت: رواه أبو داود هنا من حديث ابن عباس. (4)
2638 -
خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح، ثم قال:"أيها الناس! أنه لا حِلْف في الإسلام، وما كان من حلف في الجاهلية، فإن الإسلام لا يزيده إلا شدة، المؤمنون يد على من سواهم، يجير عليهم أدناهم، ويرد عليهم أقصاهم، وترد سراياهم على قعيدتهم، لا يقتل مؤمن بكافر، دية الكافر نصف دية المسلم، لا جلب، ولا جنب، ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم".
(1) أخرجها مالك في الموطأ (2/ 849)، والشافعي في مسنده (2/ 110)، والنسائي (8/ 60).
(2)
أخرجه الدارمي (2/ 194 - 195)، وأبو داود (4566)، والنسائي (8/ 57) انظر: الإرواء (2285).
(3)
أخرجه أبو داود (4561)، والترمذي (1391).
(4)
أخرجه أبو داود (4559) وإسناده صحيح. انظر الإرواء (2271، 2277).
قلت: رواه أبو داود في الجهاد وفي الزكاة أيضًا قطعة منه، وفي الديات بعضه وابن ماجه في الديات مختصرًا. (1)
والحلف: بكسر الحاء المهملة وسكون اللام المعاقدة والمعاهدة على التعاضد والتساعد والاتفاق، فما كان منه في الجاهلية على الفتن والقتال بين القبائل والغارات فذلك الذي ورد النهي عنه في الإسلام في هذا الحديث، وما كان منه في الجاهلية على نصرة المظلوم، وصلة الأرحام كحلف المطيبين فذلك الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم:"إيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة"، يريد صلى الله عليه وسلم من المعاقدة على الخير ونصرة الحق، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر من المطيبين والأحلاف ست قبائل: عبد الدار، وجمح، ومخزوم، وعدي، وكعب، ومنهم سموا بذلك لأنه لما أرادت عبد مناف أخذ ما في أيدي عبد الدار من الحجابة والرفادة واللواء والسقاية، وأبت عبد الدار عقد كل قوم على أمرهم حلفًا مؤكدًا على أن لا يتخاذلوا فأخرجت بنو عبد مناف حفنة مملوءة طيبًا فوضعتها لأحلافها وهم: بنو أسد وزهرة وتيم في المسجد عند الكعبة، ثم غمس القوم أيديهم فيها، وتعاقدوا وتعاقدت بنو عبد الدار وحلفاؤها حلفًا آخر فسموا الأحلاف بذلك.
قوله صلى الله عليه وسلم: المؤمنون يد على من سواهم يجير عليهم أدناهم، ويرد عليهم أقصاهم، تقدم الكلام عليه في كتاب القصاص، قوله: وترد سراياهم على قعيدتهم، السرايا: جمع السرية، وهي قطعة من العسكر بعدد لهم.
والقعيدة: الفئة المتأخرة عن السرية التي خرجت السرية منها، ومعناه أن أمير الجيش يبعث السرية، وهو خارج إلى بلاد العدو، فإذا غنموا شيئًا كان بينهم وبين الجيش عامة لأنهم ردا لهم، قوله: لا جلب إلى آخره، تقدم في باب الزكاة.
- ويروى: "دية المعاهد نصف دية الحر".
قلت: هذا لفظ أبي داود وأخرج الثلاثة معناه كلهم من حديث عمرو بن شعيب عن
(1) أخرجه أبو داود (4583)(4531)(1591)، وابن ماجه (2685) وإسناده حسن.
أبيه عن جده يرفعه. (1)
2639 -
قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في دية الخطأ: عشرين بنت مخاض، وعشرين ابن مخاض ذكورًا، وعشرين بنت لبون، وعشرين جذعة، وعشرين حقة.
والصحيح أنه موقوف على ابن مسعود وخِشْف مجهول.
قلت: رواه الأربعة هنا من حديث خشف بن مالك عن ابن مسعود واللفظ للترمذي، وقال: لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه، وقد روي عن عبد الله موقوفًا. (2)
قال الخطابي (3): وخشف بن مالك مجهول لا يعرف إلا بهذا الحديث، وقال الدارقطني: هذا حديث ضعيف، غير ثابت عند أهل المعرفة بالحديث، وبسط الكلام في ذلك، وفي سنده أيضًا الحجاج بن أرطأة، والحجاج غير محتج به. (4)
وخشف: بكسر الخاء وسكون الشين المعجمتين وبالفاء.
2640 -
ويروى: أن النبي صلى الله عليه وسلم وَدَى قتيل خيبر بمائةٍ من إبل الصدقة وليس في أسنان إبل الصدقة ابن مخاض، إنما فيها ابن لبون.
قلت: رواه الشيخان في القسامة من حديث سهل بن أبي حثمة. (5)
وإنما أتى به الشيخ في الحسان استطرادًا، ونبه به على ضعف حديث خشف الذي قبله.
(1) أخرجه أبو داود (4583)، والترمذي (1413)، وابن ماجه (2644)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
(2)
أخرجه أبو داود (4545)، والترمذي (13869)، والنسائي (8/ 439)، وابن ماجه (2631)، والعلل للدارقطني (5/ 49)، والسنن (3/ 174) وخشف بن مالك الطائي ترجم له الحافظ في التقريب وقال:(1724) وثقه النسائي، وانظر منهج النسائي (2/ 757 رقم 396).
(3)
معالم السنن (4/ 22).
(4)
انظر: مختصر سنن أبي داود (6/ 350 - 351)، وكذلك البيهقي في السنن (8/ 76)، = = وميزان الاعتدال (1/ 653)، وتهذيب الكمال (8/ 249).
(5)
أخرجه البخاري (6898)، ومسلم (1669).
قوله: وليس في أسنان إبل الصدقة ابن مخاض إنما فيها ابن اللبون.
قلت: ما قاله المصنف صحيح وبسبب ذلك لم تأخذ جماعة من العلماء بحديث خشف عن ابن مسعود مع ما بيناه من ضعفه والله أعلم.
2641 -
كانت قيمة الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثماني مائة دينار أو ثمانية آلاف درهم، ودية أهل الكتاب -يومئذ- النصف من دية المسلم، قال: فكان كذلك حتى استخلف عمر، فقام خطيبًا، فقال: إن الإبل فد غلت، ففرضها عمر: على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق اثني عشر ألفًا، وعلى أهل البقر مائتي بقرة، وعلى أهل الشاة ألفي شاة، وعلى أهل الحلل مائتي حلة، قال: وترك دية أهل الكتاب لم يرفعها.
قلت. رواه أبو داود هنا من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. (1)
قوله: قيمة الدية، قال المنذري (2): يريد قيمة الإبل التي هي الأصل في الدية، وقومها على أهل القرى لعزة الإبل عندهم، فبلغت الدية في زمانه من الذهب ثمان مائة دينار، ومن الورق ثمانية آلاف درهم، فجرى الأمر بذلك إلى أن كان عمر، وعزت الإبل في زمانه فبلغ قيمتها من الذهب ألف دينار ومن الورق اثنى عشر ألفًا، وعلى هذا بنى الشافعي قوله في دية العمد، فأوجب فيها الإبل وأن لا يصار إلى البقر إلا عند إعواز الإبل، فإذا أعوزت كان فيها قيمتها ما بلغت، ولم يعتبر قيمة عمر لأنها قيمة تعديل في ذلك الوقت، والقيم تزيد وتنقص، وهذا على قوله الجديد، وقال في القديم بقيمة عمر، وهو اثنى عشر ألف درهم أو ألف دينار، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك في الورق وسيأتي من حديث ابن عباس.
(1) أخرجه أبو داود (4542) وإسناده حسن، انظر: الإرواء (2247).
(2)
ورد في المخطوط "المنذري". وعندما راجعت مختصر السنن للمنذري فوجدت بأنه كلام الخطابي، انظر معالم السنن (4/ 22 - 23)، ومختصر السنن (6/ 347).
2642 -
عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه جعل الدية اثني عشر ألفًا".
قلت: رواه الأربعة والدارمي من حديث ابن عباس مرفوعًا ورواه أبو داود والترمذي أيضًا مرسلًا من حديث عكرمة، قال الترمذي: ولا نعلم أحدًا يذكر في هذا الحديث عن ابن عباس غير محمد بن مسلم الطائفي وقد أخرج له البخاري في المتابعات، ومسلم في الاستشهاد، وقال ابن معين: ثقة، وقال مرة: إذا حدث من حفظه يخطيء، وإذا حدث من كتابه: فليس به بأس، وضعفه أحمد بن حنبل. (1)
2643 -
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوّم دية الخطأ على أهل القرى أربع مائة دينار، أو عدلها من الورِق، ويقومها على أثمان الأبل، فإذا غلت رفع في قيمتها، وإذا هاجت رخص نقص من قيمتها، وبلغت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين أربعمائة دينار إلى ثمانمائة دينار، وعدلها من الورق ثمانية آلاف درهم، قال: وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل البقر مائتي بقرة، وعلى أهل الشاة ألفي شاة.
قلت: رواه أبو داود في الديات مطولًا والنسائي فيه وابن ماجه (2) فيه من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده يرفعه، وفي سندهم محمد بن راشد وثقه غير واحد وتكلم فيه غير واحد.
وهاجت رخص: قال ابن الأثير "في جامع الأصول"(3). يقال هاج الفحل إذا طلب الضراب، وذلك مما يهز له فحينئذ يقل ثمنه لذلك.
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن العقل ميراث بين ورثة القتيل، وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن
(1) أخرجه أبو داود (4546)، والترمذي (1388)، والنسائي (8/ 44)، وابن ماجه (2632)، والدارمي (2/ 192). ومحمد بن مسلم الطائفي ترجم له الحافظ في التقريب:(6333)، وقال: صدوق يخطىء من حفظه، وانظر مختصر السنن للمنذري (6/ 352).
(2)
أخرجه أبو داود (4564)، والنسائي (8/ 42 - 43)، وابن ماجه (2630)، وفي إسناده محمد بن راشد ترجم له الحافظ في التقريب (5912)، وقال: صدوق يهم ورمي بالقدر.
(3)
انظر جامع الأصول (4/ 427).
عقل المرأة بين عصبتها، ولا يرث القاتل شيئًا".
قلت: رواه أبو داود (1) وهو قطعة من الحديث قبله.
قوله صلى الله عليه وسلم: وعقل المرأة بين عصباتها. قال الحافظ عبد العظيم المنذري (2): معناه أن العصبة يتحملون عقلها كما يتحملون عن الرجل وأنا ليست كالعبد الذي لا تتحمل العاقلة جنايته، وإنما هي في رقبته انتهى كلامه.
وقال بعضهم: يمكن أن يكون معناه: أن المرأة المقتولة ديتها تركة بين ورثتها كسائر ما تركته لهم، قال: وهذا يناسب تتمة الحديث، وهو قوله:"لا يرث القاتل شيئًا" فعلى ما قاله هذا القائل، المراد من المرأة هي المقتولة، وعلى ما قاله الحافظ عبد العظيم المراد بها القاتلة، وإنما عدل الحافظ عما قاله هذا القائل لأن في بعض طرق هذا الحديث زيادة "وإن قتلت فعقلها بين ورثتها" فلو فسر بالأول بما فسره هذا القائل اتحدت الجملتان فلذلك جعلها في الجملة الأولى القاتلة.
2644 -
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عقل شبه العمد مغلّظ، مثل عقل العمد، ولا يقتل صاحبه".
قلت: رواه أبو داود هنا من حديث عمرو بن شعيب. (3)
وهذا التغليظ في شبه العمد، هو في الثلث خاصة، ولما قال عليه السلام: هذا أوهم أن شبه العمد عقله مثل عقل العمد، في جواز الاقتصاص من القاتل، دفع هذا الوهم بقوله: ولا يقتل صاحبه، أي ولا يقتل القاتل في شبه العمد، الذي هو صاحبه إلى صاحب شبه العمد سماه صاحبه: لأن القتل صدر منه.
(1) أخرجه أبو داود (4564).
(2)
هكذا في المخطوط، والصواب أنه كلام الخطابي كما في معالم السنن (4/ 28)، وانظر: كذلك مختصر سنن أبي داود للمنذري (6/ 363).
(3)
أخرجه أبو داود (4565).
2645 -
قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في العين القائمة السّادّة لمكانها: بثلث الدية.
قلت: رواه أبو داود والنسائي هنا من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (1) وزاد النسائي: "في اليد الشلاء إذا قطعت، ثلث ديتها، وفي السن السوداء إذا نزعت، ثلث الدية".
قيل إن ثلث الدية على معنى الحكومة، وأن حكومتها بلغت حين القضاء كذلك، وذهب إسحاق بن راهويه إلى أن فيها ثلث الدية على معنى العقل، وهو أحد الروايتين عن أحمد. (2)
2646 -
قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنين بغرة: عبد، أو أمة، أو فرس، أو بغل.
قلت: رواه أبو داود هنا وقال: روى هذا الحديث حماد بن سلمة وخالد بن عبد الله عن محمد بن عمرو، ولم يذكر: الفرس والبغل انتهى، ورواه الترمذي وابن ماجه (3) وليس في حديثهما: الفرس والبغل، وقال الترمذي: حسن.
قوله: وقيل: الفرس والبغل، وهم من الراوي.
القائل لذلك هو: أبو سليمان الخطابي (4) وقال: يقال إن عيسى بن يونس قد وهم فيه، وهو يغلط أحيانًا فيما يرويه، قال البيهقي (5): ذكر الفرس والبغل فيه غير محفوظ، وروي من وجه آخر ضعيف مرسل.
2647 -
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من تطبب ولم يُعلم منه طب، فهو ضامن".
(1) أخرجه أبو داود (4567)، والنسائي (8/ 55)، وانظر: الإرواء (2293).
(2)
هذا كلام الخطابي في معالم السنن (4/ 29)، وانظر مختصر المنذري (6/ 364)، وشرح السنة للبغوي (10/ 201).
(3)
أخرجه أبو داود (4579)، والترمذي (1410).
(4)
انظر معالم السنن للخطابي (4/ 33).
(5)
انظر معرفة السنن (12/ 165)، وتكملته: وهو من تفسير طاووس، وانظر كذلك السنن الكبرى (8/ 115).
قلت: رواه أبو داود والنسائي متصلًا ومنقطعًا، وابن ماجه هنا من حديث عمرو بن شعيب (1) وقال أبو داود هذا لم يروه إلا الوليد يعني ابن مسلم لا ندري هو صحيح أم لا؟.
قال الخطابي (2): لا أعلم خلافًا في أن المعالج إذا تعدى فتلف المريض كان ضامنًا، والمتعاطي علمًا أو عملًا لا يعرفه متعد، فإذا تولد من فعله التلف ضمن الدية وسقط عنه القود لأنه لا يستبد بذلك دون إذن المريض، وجناية الطبيب في قول عامة الفقهاء على عاقلته، وقال ابن المنذر: أجمع عوام أهل العلم على أن الطبيب إذا لم يتعمد لم يضمن، والله أعلم.
2648 -
أن غلامًا لأناس فقراء قطع أذن غلام لأناس أغنياء، فأتى أهلُه النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنا أناس فقراء فلم يجعل عليهم شيئًا.
قلت: رواه أبو داود هنا والنسائي في القود من حديث عمران، وسند الحديث رجال مسلم. (3)
ومعنى الحديث أن الغلام الجاني كان حرًّا، وجنايته وعاقلته فقراء، ويشبه أن يكون الغلام المجني عليه أيضًا حرًّا، لأنه لو كان عبدًا لم يكن لاعتذار أهله بالفقر معنى، لأن العاقلة لا تحمل عبدًا ولا اعترافًا، والعبد جنايته في رقبته حكاه الخطابي. (4)
(1) أخرجه أبو داود (4586)، والنسائي (8/ 52 - 53)، وابن ماجه (3466)، وقال الدارقطني (4/ 216) لم يسنده عن ابن جريج غير الوليد بن مسلم وغيره يرويه عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب مرسلًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، وانظر: مختصر المنذري (6/ 379).
(2)
معالم السنن (4/ 35).
(3)
أخرجه أبو داود (4590)، والنسائي (8/ 25 - 26).
(4)
انظر: معالم السنن (4/ 37).